أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزات رزق - هل بتنا في عصر ما قبل الدولة؟















المزيد.....

هل بتنا في عصر ما قبل الدولة؟


فوزات رزق

الحوار المتمدن-العدد: 8390 - 2025 / 7 / 1 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي ما زلنا ندعو في جميع المكونات السورية للانخراط في جسم الدولة السورية كي يكون جميع السوريين جزءاً من العملية السياسية يشتركون في بناء الدولة، ويشترطون شروطهم لإنجاز الدولة المدنية؛ فإن السلطة الحالية لم تقم من ناحيتها بأية مبادرة حسن نية لإشعار جميع السوريين أنهم خرجوا من نفق السلطة الأسدية إلى الفضاء الرحب الذي يكشف عن منطق الدولة التي يتساوى فيها الجميع أمام القانون بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والعرقية التي كان يجري العمل بها في زمن ما قبل الدولة. وإن سؤال المواطن السوري من قبل جهاز الأمن العام أو أية جهة رسمية عن دينه ومذهبه وإثنيته لهو انتقاص صريح من وطنية هذا المواطن.
وإذا عدنا إلى أصل كلمة الدولة في اللغة العربية فقد جاءت من التداول، والتداول له معنيان الأول تداول الأمر أي انتقاله من فئة إلى فئة كتداول السلطة بين الأحزاب في النظم الديمقراطية. والثاني التداول في الأمر بمعنى التشاور. وهو يؤول في معناه العام إلى تداول السلطة بمفهومه الديمقراطي.
وفي ممارسات السلطة الانتقالية الحالية نجد أنها بعيدة عن منطق الدولة. فما زالت هيئة تحرير الشام هي المهيمنة على مفاصل السلطة. فالحكومة الأولى التي تشكلت برئاسة محمد البشير كانت من لون واحد، فالذين كانوا يتبوؤون مفاصل السلطة في إدلب انتقلوا إلى استلام مفاصل السلطة في سورية دون مراعاة اختلاف ظروف الانتقال من حيّز محدود "محافظة إدلب" إلى فضاء أرحب "الجغرافية السورية".
وقد حاول الذين اعتادوا أن يصفقوا للسلطة القادمة مهما كان توجهها، حاولوا تبرير حصر المهام الحكومية في هيئة تحرير الشام في مرحلة تشكيل أول حكومة للانسجام بين أعضاء الحكومة الجديدة كونهم ذوي رؤى واحدة. ومع أن هذه التبرير يفتقر إلى الإقناع إلا أن السوريين تجاوزوا هذه الخطوة، وأملوا أن تتجاوز هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع مسألة احتكار السلطة في المرحلة الانتقالية، كما جرى عبر العقود السابقة من حكم آل الأسد. بيد أن الحكومة التالية التي تشكلت بعد ما سمي بـ :"مؤتمر النصر" على مبدا النظام الرئاسي الذي يتولّى فيه رئيس الجمهورية رئاسة الحكومة، فقد كان إشراك المكونات السورية الأخرى في هذه الحكومة على شكل ديكور. وبقيت الوزارات السيادية في يد هيئة تحرير الشام.
وليت الأمر اقتصر على مسألة احتكار السلطة. فبغض النظر عن المؤتمر الوطني الذي لم يكن إلّا صورة عن تشكيل الحكومة من حيث كونه "ديكوراً" لإشراك الشعب السوري برسم سياسة الدولة، والذي لم تستغرق مناقشة رسم سياسة بلد خرجت من الحطام إلّا ساعتين أو ثلاث، أشبه ما تكون بالمؤتمرات القطرية التي كانت تعقد في عهد الأسد على طريقة "على عينك يا تاجر"؛ فبغض النظر عن ذلك جاء الإعلان الدستوري مخيباً للآمال من حيث تكريس حصر جميع السلطات بيد رئيس الجمهورية، وإن القول إن ما جاء في الإعلان الدستوري ليس هو الدستور الذي يحكم سورية في المستقبل؛ إلا أنه يعبر إلان عن مبادئ للدستور القادم.
والأكثر من ذلك فإن الشعب السوري لم يشعر أنه خرج من سلة الأسد، كل ما في الأمر أن ثمة تبادل أدوار. فعناصر الأمن العام بتصرفاتهم الفوقية لا يقلون عنجهية عن ممارسة أجهزة الأسد الأمنية. والحواجز التي نصبتها السلطة الحالية لا تقل سطوة وابتزازاً عن حواجز الفرقة الرابعة، وأحد هذه الحواجز هو حاجز المسمية على طريق دمشق السويداء الذي تتولى ابتزاز المسافرين العابرين ذهاباً وإيابا.
أن تصنيف المواطنين السوريين على أساس العرق والدين من قبل قوى الأمن العام لهو نذير خطر لتكريس مسألة في غاية الخطورة تتجلى في ترتيب المواطنين السوريين وفق انتماءاتهم الدينية والعرقية إلى مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية وثالثة. فمجرد سؤال المواطن السوري على الحواجز الأمنية أو في أية مساءلة: ما هو انتماؤك الديني أو العرقي، فهو كفيل بتكريس ترقيم المواطنة. والتدرج في هذا الترقيم ليس باعتبار الولاء فحسب، بل باعتبار الانتماء الديني أو المذهبي أو العرقي.

وما زالت التقارير الصحفية تتحدث عن ممارسات ترتقي إلى مستوى التطهير العرقي الذي مارسته فصائل تنتمي إلى الائتلاف الفصائلي الذي يشكل السلطة السورية الخالية في كل من الساحل السوري وصحنايا وأشرفية صحنايا وجرمانا وقرية الصورة في ريف السويداء الشمالي، وما تلا ذلك من ممارسات في قرى جبل الشيخ، دون أن تقوم السلطة بمحاسبة المتورطين بالانتهاكات، بل وتقوم بعض الجهات الموالية بإنكارها، والتغطية عليها. وما يزال المواطنون السوريون ينتظرون نتائج التحقيق في انتهاكات الساحل حيث تتحدث التقارير عما يزيد عن 1500 ضحية فيما يرتفع هذا العدد إلى ما فوق الألفين في تقارير أخرى، وغابت نهائياً التقارير التي تحدثت عن ضحايا مجازر الأشرفية وصحنايا وجرمانا والصورة الكبيرة في ريف السويداء.
وفي هذا المجال لا بد من الوقوف عند ظاهرة التشبيح التي ظهرت من جديد بما لا تقل خطراً عما كان يفعله شريف شحاذة ورفيق لطف إضافة إلى أبرز الإعلاميين ومراسلي ووكالات الأنباء والقنوات التلفزيونية والإعلاميين الحربيين والمذيعين الموالين للنظام الساقط في الحقبة الأسدية.
فقد برزت جوقة من المطبلين الجدد إن كان على مستوى الإعلام في الإخبارية السورية الجديدة، أو المحللين الذين تستضيفهم القنوات التلفزيونية ليقفوا جنوداً بواسل يدافعون عن السلطة الجديدة بكل ما يملكون من فصاحة، دون امتلاك أدنى حد من المصداقية والحيادية التي يتميز بها الإعلامي أو المحلل السياسي النزيه عن غيره من المأجور. ولست الآن بصدد تسمية هؤلاء الذين يطالعوننا كل يوم بتحليلاتهم ومساندتهم للسلطة الحالية على مبدأ أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. ودون أن يتقيدوا بقول الرسول الكريم ـ وهم المؤمنون ـ حين أوضح عليه السلام في حديثه الشريف نصرة الظالم: " تحجزه، وتمنعه من الظلم، فذاك نصره".
إن المباركة التي حصل عليها الرئيس الانتقالي أحمد الشرع من القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية. والإقليمية وعلى رأسها تركيا، والعربية وعلى راسها دول الخليج، والتي أعطت شرعية لأحمد الشرع، إن هذه المباركة تحتاج إلى مباركة القوى المحلية التي قد يكون الرئيس أحمد الشرع أحوج إليها قبل أية قوى أخرى. فما زالت سورية تتقاسمها الأهواء دون أن تستطيع السلطة الانتقالية، أو سلطة الأمر الواقع كما اصطلح السوريون على تسميتها، أن تقنع جميع المكونات السورية أنها منهم وإليهم. إذ ما يزال منطق الفصائل هو الذي يحكم العلاقة بين المكونات السورية والسلطة الحالية. دون أن يدرك السيد أحمد الشرع أن ترتيب البيت الداخلي أهم بمئة مرة من تأمين غطاء خارجي للسلطة الحالية عربياً كان أو إقليمياً أو دولياً، وأنه لا يحك جلده غير ظفره، فمهما حاول الآخرون منح الثقة للسلطة، تبقى ثقة الشعب هي الأساس. وإن أزمة الثقة بين الحاكم والمحكوم هي العامل المؤدي إلى عدم الاستقرار، إن لم نقل إلى الدمار وانهيار السلطة.
وأخطر ما يواجه سلطة الشرع الحالية هو سلطة المشايخ في كل وزارة ومؤسسة. فللشيخ في هذه المؤسسة أو تلك الكلمة الفصل للحفاظ على الخط العام الشرعي الذي اتخذته السلطة منهجاً لها. ما يذكرنا بالموظفين الأمنيين والبعثيين في عهد الأسد الذين يضبطون إيقاع المؤسسات ودوائر الدولة على نغمات السلطة الحاكمة.

بقي أن نسأل عن دور المثقفين والسياسيين في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها. وأن كنا لا ندعو إلى حمل السلاح في وجه السلطة الحالية لتقويم اعوجاجها، فهذا آخر ما يفكر به من يحلم ببناء سورية الجديدة. ولكن ثمة وسائل أخرى هي البديل الحقيقي عن الاقتتال وذلك بالتنادي لعقد مؤتمر وطني على غرار مؤتمر حمص 1953 أثناء استيلاء الزعيم أديب الشيشكلي على الحكم في سورية، والذي أنقذ سورية في ذلك الوقت من مرحلة الانقلابات والعودة إلى الدستور. إن عقد مثل هذا المؤتمر من شانه أن ينتزع دوره لتصحيح المسار، ويضع القطار السوري على السكة الصحيحة للانتقال من مرحلة الفصائلية التي تعيشها سورية إلى مرحلة بناء الدولة التي عبر عنها أحمد الشرع حينما أعلن الانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة بناء الدولة، لكنه مع الأسف لم يتقدم خطوة في واحدة في هذا المجال.
ولعلها دعوة لجميع المشتغلين بالشأن السياسي السوري للعمل على عقد مثل هذا المؤتمر الذي يمكن أن يطلق عليه مؤتمر الخلاص الوطني لتفجير طاقات السوريين جميعاً، والعودة بسورية إلى عهدها الديمقراطي في فترة قصيرة من خمسينيات القرن الماضي.



#فوزات_رزق (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إسرائيل تستهدف مقر رئاسة الأركان في دمشق وتحذر من مغبة مواصل ...
- إسرائيل تستهدف محيط مقر الأركان العامة في دمشق وتحذر من -ضرب ...
- هل ينبغي لزيلينسكي أن يستهدف موسكو.. بماذا أجاب ترامب؟
- مصور بلغاري يُطلق مشروعًا بصريًّا مبتكرًا: صالون تجميل تحت ا ...
- 20% من الذكور الإسرائيليين تعرضوا لاعتداء جنسي في صغرهم وبيئ ...
- ثوران بركان في آيسلندا يؤدي لإخلاء المناطق القريبة من منتجع ...
- حماية الهوية الشخصية من التزييف: قوانين تتسابق مع الذكاء الا ...
- -لماذا تتدخّل إسرائيل في سوريا؟- - صحيفة بريطانية
- السويداء ـ تجدد الاشتباكات وإسرائيل تطلب من النظام السوري - ...
- فرنسا: هل تستطيع الحكومة تمرير مشروع الموازنة؟


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فوزات رزق - هل بتنا في عصر ما قبل الدولة؟