أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير حمود الشامي - العدالة الدستورية ليست عدالة معصوبة العينين، والرقابة الدستورية ليست عملية حسابية أو آلية














المزيد.....

العدالة الدستورية ليست عدالة معصوبة العينين، والرقابة الدستورية ليست عملية حسابية أو آلية


منير حمود الشامي
(Munir Alshami)


الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 08:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من أراد أن يدرك معنى القضاء الدستوري ومجاله، ويحيط بفلسفته ومقاله، فليعلم أنه قضاءٌ لا تُعصب فيه العيون عن المتغيرات، ولا تُغلق فيه الأذهان عن التحولات، بل هو قضاءٌ يُبصر الواقع بميزان العقل، ويتفاعل مع المستقبل بروح النص لا حرف النقل، يتعامل مع الدستور لا كوثيقة جامدة تُقيد، بل كمرجعية تقدمية تتجدد وتتعدد، تُواكب الأحداث وتُعانق المتطلبات، وتُحاكي التطورات وتُجسد المقاصد والثوابت، فهو قضاء اجتهادٍ لا جمود، وتأصيلٍ لا جحود، وتفعيلٍ للمبادئ لا تقييدٍ للحدود. وفي هذا الكلام والقصد عبرت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 7 لسنة 16 ق دستورية لسنة 1997 ما نصه: " ... إن النصوص الدستورية لا يجوز تفسيرها باعتبارها حلاً نهائياً ودائماً ...، جاوز الزمان حقائقها، فلا يكون تبنيها والإصرار عليها، ثم فرضها بآلية عمياء إلا حرثاً في البحر، بل يتعين فهمها على ضوء قيم أعلى غايتها تحرير المواطن سياسياً واقتصادياً...، وإن قهر النصوص الدستورية لإخضاعها لفلسفة بذاتها، يُعارض تطويعها لأفاق جديدة تريد الجماعة بلوغها، فلا يكون الدستور كافلاً لها بل حائلاً دون ضمانها...، ((فالدستور وثيقة تقدمية)) لا تصد عن التطور آفاقه الرحبة، فلا يكون نسيجها إلا تناغماً مع روح العصر، وما يكون كافلاً للتقدم في مرحلة بذاتها، يكون حرياً بالإتباع بما لا يناقض احكاماً تضمنها الدستور". والقول بوجوب التزام المحكمة الدستورية بحرفية النصوص دون النظر إلى مقاصدها وروحها، إنما هو قولٌ يُفضي في حقيقته إلى تعطيل وظيفتها التفسيرية، وإهدار دورها في صون النصوص الدستورية من الجمود والانغلاق. ذلك أن الدستور، بحكم طبيعته، لا يُصاغ على نحو تفصيلي، وإنما يُعهد إلى المحكمة بمهمة الكشف عن دلالاته الكامنة وتطوير مضامينه بما يتلاءم مع تطور الواقع المجتمعي والسياسي. ومن ثم فإن اقتصار المحكمة على التفسير الحرفي، دون اعتبار للأبعاد الموضوعية للنصوص يُعد إلغاءً لدورها الحيوي كحارس للقيم الدستورية وضامن للتوازن بين سلطات الدولة، وفي هذا تقول المحكمة العليا الامريكية في حكمها بالقضية Missouri v. Holland: " ...أنه عندما نتعامل مع بعض الالفاظ التي هي في الأساس قانون تأسيسي مثل دستور الولايات المتحدة الامريكية، يجب علينا أن ندرك أن تلك الألفاظ قد تجلب كائناً جديداً إلى الحياة غير ذلك الذي جلبته من قبل واضعوها الأوائل، لقد استغرق الأمر قرنًا وتكلف خليفتهم الكثير من العرق والدم حتى وصلوا لمرحلة كتابة الدستور، الذي ولد كائناً اسمه الامة. هذا الكائن قد طرأ عليه كثير من المتغيرات وهو بطبيعته عرضه للتطور والتغيير، ومن ثم فالقضايا التي تعرض على هذه المحكمة لابد وأن يتم النظر فيها وفقاً لخبرات القضاة المتراكمة وفي ضوء تجربتهم". وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن المحكمة الاتحادية العليا، ومنذ نشأتها، لم تكن بمنأى عن موجات من النقد، سواء من قبل رجال القانون أو من أطراف سياسية متعددة. ولا تثريب على رجال الفقه إن هم تناولوا أعمال المحكمة بالنقد الموضوعي، فذلك يُعد من صميم دورهم في البناء القانوني، بل إن هذا النقد – متى التزم المنهج العلمي القويم – يمثل ركيزة أساسية لتصويب المسار وإضفاء مزيد من الانضباط على الاجتهاد القضائي. إلا أن ما يؤخذ في بعض الحالات، أن النقد قد انحرف عن جادة البحث العلمي الرصين، واتخذ طابعاً هجومياً يخلو من الأسس الدستورية والقانونية السليمة، متجاوزاً بذلك مقتضيات الحيدة والموضوعية، لينتقل إلى وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ومواقع إلكترونية لا تنتمي إلى الأوساط العلمية أو المتخصصة. وقد أدى هذا النهج إلى خلطٍ مضرٍ بين الرأي الفني المؤسس على قواعد الفقه الدستوري، وبين الآراء العامة التي قد تتأثر بالظرف السياسي أو المزاج الشعبي، مما أفضى إلى اضطراب في الرأي العام، وألقى بظلال سلبية على مكانة المحكمة وهيبتها، التي ينبغي صونها كأحد أعمدة النظام الدستوري. وكان الأحرى بمن أراد تقديم الرأي العلمي أن يعرضه في المجلات القانونية المتخصصة والدوريات العلمية المحكمة أو المؤلفات الرصينة، حتى يظل الخطاب موجهاً إلى أهل الاختصاص، ويُحفظ للمحكمة ما تستحقه من توقير دون أن يُغلق الباب أمام النقد البنّاء المستنير.



#منير_حمود_الشامي (هاشتاغ)       Munir_Alshami#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التفسير المتطور للوثيقة الدستورية- قرار إنهاء عضوية السيد مح ...
- رأي بالأمر الولائي للمحكمة الاتحادية العليا في الدعوى المرقم ...
- مدى دستورية قانون واردات البلديات رقم 1 لسنة 2023م
- الالتفات حول تفسيرات القضاء الدستوري وتأثير الرأي العام عليه ...
- هل يحق للمحكمة الاتحادية العليا حل البرلمان في غياب النص الص ...
- جواز الخروج على شرط المصلحة المستمرة في الدعوى الدستورية
- المحكمة الاتحادية العليا ورقابة الملائمة
- هل يحق للمحكمة الاتحادية العليا العدول عن مبادئ أو تفسيرات ل ...
- رأي في انتخاب رئيس جمهورية العراق وفقاً لنص المادة 70 من دست ...
- قراءه بقرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم (159/اتحادية/202 ...


المزيد.....




- علاء مبارك يشعل تفاعلا بفيديوهات لوالده عن دور مصر في دعم غز ...
- -حصار السفارات-: اعتداءات على بعثات دبلوماسية أردنية ومصرية ...
- هل يستطيع مسلسل -عائلة سيمبسون- التنبؤ بالمستقبل؟
- قاع البحر منجم للديدان والرخويات وسط سباق عالمي إلى معادنه
- هايتي: اختطاف تسعة أشخاص من دار للأيتام بينهم مبشرة إيرلندية ...
- أيمن عودة.. نصرة غزة انطلاقا من حيفا
- هل تطيح انقسامات قسد بالاتفاق مع الحكومة السورية؟
- وسائل إعلام: تفاصيل مقتل طالب سعودي طعنا في الرقبة في بريطان ...
- تشيلي: انتشال جثث عمال قضوا بعد انهيار نفق في أكبر منجم نحاس ...
- صدى -يوم الضمير العالمي- دعما لغزة يتردد في البقاع اللبناني ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير حمود الشامي - العدالة الدستورية ليست عدالة معصوبة العينين، والرقابة الدستورية ليست عملية حسابية أو آلية