أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل عيسى - التراجيدية الجنبلاطيّة بين عقارب دمشق والجُبن الوطنيّ العام















المزيد.....

التراجيدية الجنبلاطيّة بين عقارب دمشق والجُبن الوطنيّ العام


خليل عيسى

الحوار المتمدن-العدد: 8424 - 2025 / 8 / 4 - 04:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحد أكبر الخاسرين في لبنان نتيجة هزيمة النظام السوري في السويداء اليوم هو وليد جنبلاط. لقد وضع هذا الاخير نفسه في المركب السوري من اللحظة الأولى وعليه، مع كل فيديو يُنشر للارتكابات التي حصلت من قبل ميليشيات النظام السوري ضدّ أهل السويداء، سيطاله دفع الثمن من رصيده السياسي قبل غيره. لكنّ انهيار "زعامة" جنبلاط وانخفاض رمزيتها التاريخيةّ عند الدروز لن تحدث على وجه السرعة، فهو في نهاية الامر زعيم لبنانيّ وأكثر من يحيط به هم دروزٌ لبنانيون وليسوا سوريين وكذلك لأنّ الزعامة في بلاد الارز تُبنى مقابل خدمات ووظائف وتعيينات، وقد كدّست المؤسسّة الجنبلاطيّة الكثير منها طوال العقود الماضية. لكن لا مفرّ من القول أنّ شرخًا تاريخيا وعميقا حدث في خريطة الزعامات الدرزيّة بعد الهجوم على السويداء. ولن يكون هذا بسبب مواقف وئام وهّاب، فالاخير لا يبحث سوى عن دور جديد له بعد ذهاب عرّابه المباشر نظام الاسد محاولًا من خلال تقلّباته أن يُنسي الدروز قبل غيرعن تاريخه الثقيل مثل وقوفه مع "حزب الله" حين هجم هذا الاخيرعلى الجبل في غزوة 7 أيّار.
إنّما عنينا هنا أنّ زعامة درزيّة عربية جديّة، منافسة للجنبلاطية إديولوجيا اليوم هي صعود الشيخ حكمت الهجري، إذ تضرب المقولات الجنبلاطيّة التقليدية، مثل كلمة "العروبة" التي حين يقولها جنبلاط يعني بها التموضع مع أو ضد نظام سوري محدّد، حسب الظروف، ويرفدها دوما بمقولة أنّ إسرائيل "تريد أن تقسّم البلاد العربية". صعود زعامة الهجري يحدث اليوم في ظروف تفتيتيّة نابذة، لكنّها تأسيسيّة وفي تأسيسيّتها هذه تشبهه الى حدّ بعيد مِفصَل توحيد سوريا خلال عشرينيّات القرن العشرين. الفرق هو أنّ تأسيسيّة الراهن يجعل من الهجري رأس حربة الحفاظ على الدروز في سوريا مقابل نظام إسلاموي في دمشق عنيف للغاية لا يعدو كونه مشروع حروب أهليّة مستمرّة. في المقابل وعلى عكس اليوم، لم تكن دولة إسرائيل الديموقراطيّة حيث للمواطنين الدروز حصّة مباشرة في القرار السياسي المحاذية لجبل العرب موجودة عام 1927 حين كانّ سلطان باشا الأطرش محاطًا حينذاك بزعماء سوريين رؤيويّين مثل إبراهيم هنانو وصالح العلي تخطّوا مثله انتماءات جماعاتهم الاهلية المناطقيّة-الطائفيّة لمواجهة إرادة الاحتلال الفرنسي بتقسيم سوريا الى أربعة دول. لكن في الحالتين كان ثمّة هجوم عسكري على الدروز بقصد الإبادة. فالميليشيات الجهادية التي هجمت على السويداء تعاملت مع السكّان بأساليب تشبه أسوأ ممارسات الاحتلال الفرنسي بدءا من قصف المدنيين وصولا الى قصّ شوارب العجائز بقصد الإهانة، الا أنّه في مقابل وضوح انتقاء شرعية الاحتلال الفرنسي كوجود أجنبي، هناك شرعيّة إديولوجيّة لنظام سوري جديد "عربي مسلم سنّي" يعتبر نفسه بذا أنّه يمثّل الوطنيّة السوريّة الوحيدة الممكنة، وفي ذلك يحافظ الشرع على تقليد أسديّ عريق يستعين بالطائفيّة والدمّ سلاحا.
هذا كلّه لم يفت الارجح على وليد جنبلاط أسير تاريخ زعامته اللبنانية الحديثة وعلاقتها المفصليّة مع من يجلس في قصر الشعب في سوريا، بدءا من حافظ الأسد الذي إغتال أبيه، وبعدها بشّار الاسد وصولا الى الشرع. لكن في الحقيقة لا يمكن كذلك لوم جنبلاط بشكل كامل على تموضعه، فهو حتى لو أخطأ في هرولته المبكرة جدا نحو دمشق، لا شكّ أنّه يعتبر أنّه كان يعتبر أنّه يقوم بالخطوة الضرورية، كما يراها هو، لحماية دروز لبنان، وليحافظ على زعامته لهم بطبيعة الحال. وهو يقوم بهذا في ظلّ الفراغ الزعاماتي "السنّي" الذي كان سعد الحريري يملأوه في يوم من الايام. يعني هذا ما يعنيه أيضا حماية دروز لبنان ضدّ تطرّف المزاج "السنيّ" العام الحاصل اليوم نتيجة سياسات النظام السوري الاسلاموي الجديد، مما يجعله، محكومًا، من وجهة نظر جنبلاط مجدّدا، بالمشي في ركاب السلطة الدمشقية، لانّ التمايز اللبناني السنّي عن دمشق حاليا مفقود أو هو لم يتبلور بعد. بهذا المعنى فإنّ تموقع وليد جنبلاط على الأرجح هو أيضا نتيجة الفراغ الوطني "السنّي" أكثر مما هو نتيجة تفضيلات شخصيّة لرئيس حزب "تقدّمي" و"إشتراكي".
لكنّ أكثر ما يمكن أن يُنتَقد عليه وليد جنبلاط عليه إنّما هو فظاظة تعبيراته خلال ظهوره المتكرّر على القنوات الفضائية في مهاجمته الشيخ حكمت الهجري شخصيّا ومساهمته في تمتين سرديّة إعلامية دعائيّة مُهيمنة تحاول وصف ما يحصل كما لو أنّ جميع أهل المدينة ما هم إّلّا ميليشيا تأتمر بأوامر من الهجريّ بينما الحقيقة هي أنّ الدروز هناك يدافعون عن وجودهم أمام عملية إبادة عرقيّة، وموضوع الهجري نفسه بينهم صار تفصيلا ثانويّا. كذلك إستعمل وليد جنبلاط تعابير من نوع "الدولة السورية" و"الامن العام" وتباكى على التلفاز على تدمير وزارة الأركان في دمشق في نهاية المقابلة وهو أمر كان بالغنى عنه فبدا مستفزّا لكثير من السوريين واللبنانيين الدروز في حين كان أهل السويداء يتمّ الالقاء بهم من الشرفات وتُقطع رقابهم، حتى أنّ البعض استقال من الحزب الاشتراكي علنا جراء ذلك.
لكن هل كان يمكن للبِك أن يكون غير ذلك؟ بمعنى آخر، ألم يكن عليه محتوما إتّخاذ هكذا موقف بسبب خياراته المتسرّعة فجر سقوط الاسد؟ وبتعبير آخر كذلك، هل يمكنه أن يقنع السلطة في دمشق أنّ تحالفها معه في لبنان مفيد في عزّ أكبر خسارة عكسريّة وسياسية تتعرّض إليه، دون أن يلجأ الى هذه الفظاظة في التعبير وهو في النهاية ليس باستطاعته أن يبيعها الا "الكلام"؟ لا ريب أن وليد جنبلاط يعرف تماما ما كان يحدث ويفهم أنّه يلعب مع عقارب دمشق وسموم تركيا ودعم غربي وإحاطة عربيّة لها، لكنّه أيضا يلعب في ملعب زعاماتي لبناني مقفر. وهذا أمر يجب التذكير به. فزعامة برّي "الشيعيّة" حليف جنبلاط الدائم محاصرة ومشغولة بلملمة أوضاع طائفة منكوبة بعد هزيمة "حزب الله". أما الزعامة "المسيحيّة" فمُنقسمة بين زعامة جعجع التي أكثر ما يشغلها حاليا هو التنافس مع زعامة باسيل، والتي حين حدث تفجير كنيسة مار الياس في دمشق، داغفعت، على نسق جنبلاط اليوم، عن النظام السوري لائمة التفجير إياه على فانتازيا "فلول إيران" مع أنّ تنظيم "سرايا السنّة" أعلن مسؤوليته عنها وهو لا يزال يهدّد المسيحيين في سوريا ولبنان. وأخيرا هناك الفراغ الزعاماتي "السنّي" الوطني الحاصل وهو الأخطر. لهذا فإنّ ما يفعله وليد جنبلاط يلام عليه الجبن الوطني العام، نتيجة الخيارات الدولية الاميركية والتركيّة والايرانية وأيضا العربيّة التي يفترض بها أن تساعد على إيجاد تمايز لبناني "سنّي" عن دمشق، بقدر ما يلام وليد "بِك" على ما يفعله حصرا.



#خليل_عيسى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكي لا تُحقّق سياسة -شتم البدو- الخارجية مآربها
- الغاشم والغشيم وما بينهما
- من يتكلّم بإسم هذه المدينة؟
- بشير والسيّد والصندوق
- عن تفاهة العنف اللاثوري في الانتفاضة
- الثورة ليست مجرّد ثأر
- ملاحظات على انتقاد المصارف مقابل تبرئة السلطة السياسية من مس ...
- أمّ الفقير تصيح: فلتسقط السلطة الوبائيّة
- مجيء العقاب وسُبُل الخلاص في زمن الوباء
- لا ما نُحبَط، لا ما نُحبَط: استعادة المبادرة الثوريّة
- أين اختفى شعار «كلّن يعني كلّن»؟
- رحلة الوعي المزدوج
- الخارج والداخل في ثورة تشرين
- طرابلس أو الوطنية اللبنانية الجديدة
- إنقلاب خميني وفكر ياسين الحافظ بعد أربعين عاماً
- في دعوة رياض الترك إلى انطلاقة ثورية جديدة
- حول تبرير الخطف عند نخبة الإسلام السياسي الحاكم
- إيران والوصفة السلفادورية في العراق
- بورجوازية حزب الله و-السلسلة-
- سقوط القمّة العربيّة الإيراني


المزيد.....




- فرنسا ترحل طالبة من غزة إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات - ...
- الشرطة الإسرائيلية تقمع مظاهرة بتل أبيب تطالب بصفقة تبادل
- الاحتلال يقتحم مقر شبكة الجزيرة برام الله ويمدد إغلاقه
- تقرير: الاحتلال يعتقل 18 ألف فلسطيني بالضفة منذ طوفان الأقصى ...
- استمرار فعاليات التضامن مع غزة في ألمانيا
- جامعة بجنوب أفريقيا تطلق مشروعا لحماية وحيد القرن من الصيد ا ...
- توترات بين الأطراف المسلّحة بإقليم تيغراي الإثيوبي
- ما دلالات تصاعد الأحداث المتزامن في السويداء والشمال السوري؟ ...
- نقاط انتظار المساعدات.. كمائن قتل للمجوعين في غزة
- قادة أجهزة أمنيون سابقون بإسرائيل: إنجازاتنا محدودة وحرب غزة ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خليل عيسى - التراجيدية الجنبلاطيّة بين عقارب دمشق والجُبن الوطنيّ العام