|
ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية والتنظيم لإتمام مهامها النهائية
بن حلمي حاليم
الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 21:20
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية والتنظيم لإتمام مهامها النهائية
يعد الشعب الليبي من الذين كافحوا بصبر وشجاعة ضد الاحتلال المتعدد والفاشية، وكشف من خلال مقاومته أضاليل الحضارة الغربية والمدنية الأوروبية التي مثلتها ايطاليا ثم بريطانيا وفرنسا بحماية من الولايات المتحدة الأمريكية؛ فمنذ قرون والصراع محتد بين قوى شمال البحر الأبيض المتوسط حول السيطرة على الليبيين وبلادهم وقد تم ذلك لفترة طويلة لتركيا في عهد الإمبراطورية العثمانية إلى نهاية الحرب العالمية الامبريالية الأول 1914 – 1918. وقد انصهرت حضارة الضفتين في ليبيا بين الليبيين عرب وبربر/امازيغ والتركيين تحت الثقافة الدينية الإسلامية لعدة قرون قبل تطور الرأسمالية الصناعية والمالية في العالم؛ حقبة زمنية ظلت تركيا تنهب ثروات الليبيين وتبني بلدها بينما اغلب سكان كل ليبيا تقريبا عانوا الفقر والحرمان والتجهيل والأمية باستثناء زمرة قليلة من الأغنياء المتعاونين معها ويمثلون سلطاتها بالبلد. تمتد ليبيا على مساحة شاسعة جدا، تبلغ نحو 1.759540 كيلومتر مربع، اغلبها بالصحراء الكبرى، مما جعل السكان يتمركزون بالمناطق الساحلية على البحر الأبيض المتوسط، وفي بعض المناطق بوسط البلد والقريبة من الساحل؛ وتقع بمنطقة حدودية مهمة، البحر المتوسط من الشمال، ومصر من الشرق، والسودان من الجنوب الشرقي، والنيجر والتشاد من الجنوب، وتونس والجزائر من الغرب. بلغ عدد سكان ليبيا حاليا نحو8.617.000 نسمة[ ثمانية ملايين وستمائة وسبعة عشر نسمة](1) ومعروف أن الأنظمة الرأسمالية والبرجوازية توظف كل شيء من اجل ضمان سيطرتها على الشعوب وسرقة ثرواتها واستغلال شبابها في الإنتاج والتجنيد منها: الثقافة الدينية من مختلف الملل والمذاهب، ولذلك تصرف الملايير لتشييد المعابد والاديرة والكنائس والمساجد بكل مكان على الأرض بغاية تربية الأطفال دون سن العاشرة على الخضوع التام للحكام والسلطة والأسرة البطريركية والتمسك الشديد بان الأوضاع الاجتماعية والفوارق الطبقية نتيجة تفضيل مسبق من قوى غيبية بين الناس. هذه الثقافة واللغة والتربية الدينية استفادة منها بعض الحركات التحررية ضد الاستعمار الأجنبي، لكنها طمست قضية الظلم الاجتماعي وحاربت المساواة بين الجنسين وفصل الدين عن الدولة وعن المدرسة والتعليم العلمي والعصري، وعن السياسة والحكم والعدالة والقوانين، ورسخت الملكية الخاصة والإرث في عقول البشر، وبذلك وفرت للاستعمار وسائل وإيديولوجية للاستمرار بالنهب والسرقة من خلال حلفائه وخدام مصالحه بكل تفاني بعدما انهزمت حركات التحرر الوطني والبرجوازية الوطنية التي قادته وتزعمته. لقد خلقت ظروف سابقة وقديمة عدة مصاعب أمام الشعب الليبي، فمنذ احتلال الجزائر سنة 1830 من طرف فرنسا إلى مؤتمر برلين في 1884-1885 واللصوص الامبرياليين ينهبون ثروات المنطقة، فقد قسموا البلدان بينهم، وسيطروا عليها وشيدوا فيها طرق وسكك حديدية وموانئ على السواحل البحرية ورسموا خرائطها وحدودها السياسية لفائدة الاستيطان والاستعمار.
الاستعمار والاستغلال والاستبداد إلى متى؟
لقد واجه الليبيين كل أصناف الظلم وقاوموه بكل الوسائل وببسالة كبيرة وكشفوا أضاليل وأكاذيب الحضارة الغربية الرأسمالية للدول الأوروبية التي أنتجت الفاشية من صلبها، لقد تنافست على بلدهم عدة دول امبريالية منذ قرن ونصف، وليس اليوم بعد ثورتهم - ن في 17 فبراير 2011 على اشد ديكتاتور حكم بلدهم، واسقطوا نظامه بالكامل، فقد كلفهم حياتهم-ن، واجهوا السلاح الفتاك منذ الانطلاقة الأولى لانتفاضتهم، وصمدوا ضد الرصاص الحي بدون خوف، وساروا حتى النهاية من اجل حريتهم واستقلالهم واقتسام ثرواتهم بينهم وبينهن وبناء دولتهم التي تمثلهم حقيقة. إن كنه الرأسماليين والامبرياليين والاستعماريين هو الاستغلال والنهب وقتل سكان البلدان التي تقاومهم بشتى الوسائل وأصناف الأسلحة، وسجلات التاريخ تشهد على الإبادات الجماعية للسكان بكل بلد كافح ضد الاستعمار واللصوص الامبرياليين. إن كل من يردد بان الاستعمار طور الشعوب، وأنجز بنيات تحتية ومشاريع وبنيات هندسية جميلة، وساهم في تطوير السكان من حياة التخلف إلى ثقافة الحضارة فهو يعد بوق للعدو، يخدم مصالحه بفوائد وعن وعي أو بجهل وغير وعي، إن حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار نظامها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مسألة مبدئية، وما يعيشه الشعب الليبي حاليا أسبابه الاستعمار المباشر وغير المباشر؛ العسكري والإداري والمالي القديم والجديد. ولا تستطيع أوروبا الرأسمالية الامبريالية الاستعمارية أن تدافع عن جرائمها في افريقيا، ولا يمكن اعتبار وحشية وهمجية دولها في ليبيا بأنها حضارة أوروبية، فقد قتلت هذه الحضارة التي أنجبت الفاشية الايطالية وزعيمها بينتو موسوليني نحو 150000 ليبي مدني غير مسلح. ففي 1878 أعدت الامبريالية لتقسيم بلدان الشعوب بينها وتشجعت ايطاليا وطمعت في ليبيا، وأثناء الإرهاصات الأولى للحرب العالمية الامبريالية الثانية احتلتها عام 1911 بعدما اندلعت الحرب بينها مع تركيا الإمبراطورية العثمانية الإسلامية، ولما انتهت الحرب بينهما وتوقيع اتفاق عام 1912 صممت ايطاليا خريطة سياسية وجغرافية جديدة لليبيا تهدف إلى تفكيك وحدتها التي دامت لقرون. فقد قسمت الامبريالية ليبيا إلى ثلاثة أقاليم: طرابلس عاصمتها طرابلس وبرقة وعاصمتها بنغازي، وفزان وعاصمتها سبها؛ فتصدى الليبيين- ات لهذه السياسات الاستعمارية بتنظيم كفاح/جهاد شعبي. وفعلا فشلت عملية تقسيم الليبيين ووطنهم-ن بعد معارك طويلة ومستمرة مما دفع الاستعمار الايطالي الفاشي للسيطرة على البلد ووضعه تحت إدارة عسكرية ومدنية واحدة عام 1934؛ ولما انهزمت ايطاليا ودول المحور في الحرب العالمية الثانية 1942 وزعت دول التحالف المنتصر ليبيا بينها واستعمرتها بصورة مباشرة، وكانت برقة ومصراتة وطرابلس تحت الاحتلال البريطاني عام 1943، واحتلت فرنسا فزان بالسنة نفسها لقربها من التشاد التي تسيطر عليها، واستمرت عمليات الإدارة والترتيبات السياسية للأوضاع في ليبيا من 1947 إلى 1951، وحصلت الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الاحتلال على إنشاء قاعدة عسكرية بمطار طرابلس " وايليس الجوية" لكن الامبريالية تدير شؤون البلدان ومصير الشعوب حسب اتفاقيات بينها، منها: العلني الدبلوماسي واغلبها سرية تحكمها مصالح اقتصادية وعسكرية، يطلق عليه " القانون الدولي" الذي تصوغه وتصادق عليه وتنفذه بالقوة، وبذلك ظلت ايطاليا تدير البلد نظرا للوضع الإداري والتدبير اليومي للشؤون المحلية إلى عام 1947 تحت إشراف دول التحالف المنتصرة في الحرب الهمجية؛ فالعمل بنظام " فيدرالي" كان من الصعب تنفيذه على الواقع الحقيقي للبلد وهو مخطط سياسي امبريالي؛ وواجه عدة مشاكل منها: التدبير المالي، واختصاصات حكومات الولايات الثلاث واختصاص الحكومة المركزية، ولذلك صيغ الدستور على هذه الأوضاع فيما بعد.
ثقافة الشعوب ولغاتهم توحدهم ضد الأعداء
من الضروري دائما العودة إلى التطورات التاريخية لربط الأحداث للمساعدة على الفهم بصورة جيدة؛ لقد شكلت التربية الدينية الإسلامية قسم كبير من ثقافة زعماء ليبيين في مقدمتهم بطل التحرر الوطني عمر المختار الذي تربى بشرق ليبيا بمنطقة برقة بالجبل الأخضر، وقد تكونت شخصيته بمحيطه وكسب احترام وتقدير من خلال سلوكه وتعامله مع البنيات الاجتماعية القبلية لتدبير شؤون المجالات والخلافات، وقد رشحه سلوكه لكي ينسج علاقات واسعة بالبلد وبذلك نال ثقة السكان والسلطات التقليدية وتحمل عدة مهام بهذه البنيات الاجتماعية مما جعلهم يختاروه زعيما لكفاحهم المسلح /الجهاد ضد العدو الغازي والاستعماري. وقد خاض الليبيين كفاحا /جهادا مسلحا لأزيد من 20 سنة ضد الاستعمار الايطالي، ولما تمكن الفاشيين من الحكم في ايطاليا سنة 1922 طمعوا أكثر بالسيطرة التامة على ليبيا، وإنهاء الكفاح التحرري الوطني فيها، ومهما كان الأمر فان الإرادة القوية للتحرر الوطني والكفاح الشعبي الليبي استطاع تحقيق بعض الانتصارات على العدو الاستعماري الايطالي بإمكانيات متواضعة وبسيطة جداً وأساليب حربية محلية شعبية، أشهرها معركة الرحيبة سنة 1927. وبعد ذلك انطلق البطش الاستعماري الشديد ضد السكان المدنيين وسلسلة القمع والاعتقالات والإعدامات في حق قادة الكفاح المسلح والمقاومة بكل الوسائل والتعاون مع الثوار /المجاهدين، وقد خلقت الحضارة الأوروبية الرأسمالية والامبريالية والسلطات الفاشية الايطالية محاكم متنقلة تجري بالفضاء المفتوح والهواء الطلق لتنفيذ أحكامها الجائرة وجرائمها الاستعمارية ضد الليبيين، وقد صادرت أملاك الناس وسلمتها للفاشيين الايطاليين.
قوانين الرأسماليين الاستعماريين وأحكامهم ضد الشعوب دائما ظالمة
الحضارة الرأسمالية والامبريالية تنفذ حكم الإعدام على شيخ عمره ثلاثة وسبعون سنة وفي حالة صحية متعبة، فقد قامت سلطة هذا النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي بإعدام شيخ عليل يوم 16 سبتمبر / أيلول 1931، ولكي ترهب الناس والمكافحين ضدها وتزرع الرعب فيهم وتقضي على إرادتهم؛ فقد نهجت أسلوب القرون الوسطى والهمجية والوحشية مغلفة بمحاكمة شكلية، وأصدرت حكم بالإعدام شنقا، ونفذت جريمتها الكبرى والبشعة على بطل التحرر الوطني وزعيم الكفاح المسلح/الجهاد أمام أزيد من عشرين الف ليبي وليبية، ذلك بعدما أجبرت القبائل على مشاهدة عمر المختار يشنق بصورة علنية في صباح صيفي؛ وهل قضت القوى الاستعمارية على الكفاح الليبي بهذه العملية الإجرامية ؟ هل أخافت الناس؟ فبالعكس فقد أججت المقاومة ضدها واستمرت وجعلت من بطل التحرر الوطني عمر المختار رمز خالد وحاضر في كل شبر من ارض ليبيا والأمة العربية والقوميات الأخرى الموجودة عبر قرون بهذه الجغرافية الشاسعة التي اضطهدها الاستعمار ثم الأنظمة السياسية التي خلفته؛ إن محاولات إجهاض فكرة كفاح الشعوب ضد الظلم والاستعمار والاستغلال والطغيان غير ممكنة نهائيا، ولن تتحقق لأي قوة مهما كان جبروتها، فإن إرادة الشعوب لا تقهر أبدا، وعلى هذا المسار استجابت الإرادة الليبية وشعبها المكافح لقولة زعيم التحرر الوطني عمر المختار: " نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت، وهذه ليست النهاية، بل سيكون عليكم محاربة الجيل القادم والأجيال المتتالية، أما انا فإن عمري سيكون أطول من أعمار من شنقوني علانية" وهذا ما حصل فعلا.
الحرب العالمية الامبريالية الثانية 1938- 1945 والخرائط السياسية الجديدة ضد الشعوب
بعدما قادت الرأسمالية والامبريالية العالم إلى حروب مدمرة وتسببت في موت ملايين البشر عسكريين ومدنيين وتخريب منتجات كثيرة، بين الرأسماليين الديمقراطيين البرجوازيين والرأسماليين الفاشيين والبيروقراطيين الذين سيطروا على الدولة في الاتحاد السوفيتي التي شكلتها الثورة العمالية في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1917، لقد خاضت هذه الأنظمة حروب طاحنة، وفي النهاية اتفقت بعدها على رسم خرائط وحدود سياسية وخلق مجالات حيوية للمنتصرين فيها. انهزمت ايطاليا التي حكمها النظام الفاشي، لكن الرأسماليين الايطاليين استطاعوا أن يستمروا في السيطرة على المستعمرات ومنها: ليبيا، وفي صيف سنة 1947 وقعت معاهدة الصلح بين ايطاليا ودول الحلفاء، وبموجبها تصرفت الدول الامبريالية في الشؤون الليبية والإدارة فمن سنة 1943 إلى 1951 تم الإشراف الاستعماري لكل من منطقة برقة ومركزها بنغازي من طرف الامبريالية البريطانية، أما منطقة فزان غدامس بالجنوب وضعت تحت إدارة الامبريالية الفرنسية والإدارة العسكرية موظفة الإداريين الايطاليين يدبرون شؤونها ماليا واقتصاديا وسياسيا، وصمم لها علم خاص ونشيد؛ وكانت منطقة طرابلس الغرب خاضعة لسياسة التدبير الاستعماري والحكم الذاتي تحت سيطرة الإدارة الايطالية من 1927 إلى 1934 وبعد هزيمة هذه الأخيرة أصبح الإقليم تحت سيطرة السلطات البريطانية الاستعمارية، وهذا كله تحت رؤية ومصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي ساهمت في تحرير أوروبا من الفاشية والنازية ثم ضخت الأموال في إعادة البناء والإعمار بعد الحروب الطاحنة.
القوى العالمية الجديدة بعد الحرب الامبريالية الثانية شكلت كيانات سياسية رجعية واستبدادية
فالولايات المتحدة الأمريكية واتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية قوتان لهما مصالح حيوية في كل بقاع العالم، ولذلك كان تقاسمهم على المجالات والمضايق والممرات والموانئ الكبرى شديد ومتفق عليه فيما بينهما، وقد رسموا خرائط وحدود سياسية لمناطق النفوذ، وشيدت جدران وقسمت أمم وقوميات وشعوب، وبالسياسات نفسها جعلت ليبيا لم تخرج من هذه الحسابات الرأسمالية والامبريالية والاستعمارية. هذه المنافسة جعلت مصير الليبيين بين مخططات ومصالح الامبرياليين نظرا لهزيمة حركة التحرر الوطني التي تزعمها عمر المختار ووضعية البلد الشاسع وقلة السكان والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الخاصة التي عاشتها ليبيا في تلك الظروف حيث البنيات الاجتماعية القبلية ما قبل الرأسمالية الصناعية، ولذلك تم وضع حالة ليبيا على هيئة الأمم المتحدة حديثة التأسيس في صيف سنة 1948 وبداية مناقشته في ربيع 1949، وكل الترتيبات العلنية والخفية حول مصير الشعب الليبي وبلده خضعت لمصالح الرأسمالية الاستعمارية والامبريالية والقوى العالمية الجديدة، وبذلك تم التصويت لصالح استقلالها غير التام والتبعي. في هذه الظروف تم وضع دستور أسس للدولة الحديثة الليبية عبر جمعية وطنية ضمت ممثلين عن الأقاليم الثلاثة، وعينت هيئة الأمم المتحدة مفوضا خاص يمثلها لمساعدة الليبيين على صياغة وانجاز الدستور وتشكيل حكومة ما يوصف : تكنوقراطية " مستقلة" تدير فترة تأسيس الدولة؛ وفي الحقيقة عمن هي مستقلة؟ وما دور مثل هذا الصنف من الحكومات في فترات الأزمات السياسية؟ وما غايتها في المحطات التاريخية الانتقالية؟ ولماذا تتشكل في الأيام القليلة لتأسيس الدول والأنظمة السياسية والتحضير للانتقال من وضع أول إلى وضع ثاني جديد؟ لأنها لحظة زمنية ثوانيها مهمة جداً جداً؛ ولهذا يستوجب فهم هذه المحطات الجوهرية في تاريخ كفاح الشعوب، لأنه عندما تنهزم القوى الثورية والحركات الوطنية التحررية تصبح الساحة مفتوحة للعملاء وأعوان الاستعمار لفعل ما يشاءون بالاتفاق مع الامبريالية. وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 1951 أعلن عن استقلال ليبيا بعدما اعتمد من الجمعية الوطنية قرار الدستور بشكل النظام السياسي [ المملكة الليبية المتحدة] نظام ملكي دستوري وراثي؛ وأعلن ادريس السنوسي: " عن استقلال ليبيا رسميا " وهو الشخص الذي اتفق عليه ذوي النفوذ واعيان القبائل والمستفيدين من الاستعمار والقوى الامبريالية لكي يكون على رأس السلطة بصفة ملك، وبذلك يؤسسون لنظام ملكي رجعي لكي يضمن مصالح الرأسمالية والامبريالية في ليبيا والمنطقة، ولهذا يتضح أن الرأسمالية الاستعمارية لم ولن تكن في تحديث الشعوب التي استعمرتها بقوة السلاح، ولم ولن تخلق مؤسسات تقدمية في مصلحتها، فان تأسيس دولة حديثة تحت سلطة نظام عتيق وراثي يتناقض مع الديمقراطية الكلاسيكية، الديمقراطية البرجوازية التي تعتمد على : النظام الجمهوري وحق الشعوب والقوميات المضطهدة في تقرير المصير، والعلمانية وفصل الدين عن الدولة والسياسة وعن التعليم العلمي والأدبي الرسمي، و فرض المساواة بين الجنسين وفصل السلطات : التشريعية والقضائية والتنفيذية، وحرية الإعلام والصحافة وتأسيس الأحزاب والمنظمات العمالية وحرية التعبير...، فالمنتصرين في الحرب العالمية الامبريالية الثانية قسموا البلدان كما أرادوا وشكلوا أنظمة سياسية تخدم ديمومة مصالحهم وشيدوا مشاريع لفائدتهم لنهب ثروات الشعوب ومنها : ثروات الشعب الليبي طبعا، فبعدما كافح بطل التحرير عمر المختار ضد الاستعمار الأجنبي واستشهد في ميدان الكفاح/الجهاد التحرري، و بعدما انهزمت المقاومة المسلحة الليبية تم وضع البساط المحمي بالسلاح لإدريس السنوسي الذي كان في مصر لكي يكون ملكا على الليبيين بعد سلسلة من الترتيبات والاتفاقيات السرية والعلنية؛ ومحاولات لطمس مجد عمر المختار وكفاحه ومحاولات لاجتثاث أنصاره من ليبيا. إن كل من يحن إلى عهد النظام السياسي الوراثي الرجعي بنية صادقة مخلصة نظرا لما حصل بعده فانه يجهل تماما الكفاح التحرري ومعارك الصراع الطبقي والنضال السياسي والإيديولوجي بين الأفكار التقدمية حقيقة صوب السنين القادمة والتطور الإنساني مستقبلا مع نقيضها الذي تحمله الأفكار الرجعية إلى القرون الوسطى. وكل من يحن إليها عن قصد ونشاط سياسي فانه يخدم مصالح الرأسماليين والامبرياليين والقوى الرجعية، وبذلك يكون من الأعداء الطبقيين للفقراء والكادحين-ات والمعدمين.
ممهدات تأسيس الدولة الليبية الحديثة من طرف البرجوازية بتعاون مع الامبريالية
ففي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 1939 عقد بإقامة إدريس السنوسي في الإسكندرية بمصر اجتماع لمجموعة ضيقة من محيط الأمير والمستفيدين من الأوضاع معه بغاية تأسيس جيش منظم تحت تصرف دول التحالف بقيادة بريطانيا المسيطرة على الأوضاع في مصر والسودان المجاورين لليبيا، وخوض الحرب ضد الاستعمار الايطالي ودول المحور. وبعد تطور الحرب العالمية الثانية وشدتها أعلن عن تأسيس الجيش الليبي في 9 أغسطس/آب 1940، تحت اسم أطلقته القوى الرأسمالية الامبريالية البريطانية عليه وهو : " القوة العربية الليبية" لأنها جندت عدد من الشباب غير الليبيين من البلدان المجاورة في تشكيلاته وتحت إدارتها، وقامت باتفاقيات مع الأمير إدريس السنوسي نظرا لما حصل عليه من فترة إمارته على منطقة برقة بالشرق الليبي حول هذه المهمة، وبذلك سانده الملاكين العقاريين الكبار وشيوخ القبائل ذوي النفوذ و التجار الكبار والرأسماليين الجدد الليبيين، وبعد الاتفاق أنجزت معسكرات تدريب بمصر، وعندما خاض معارك ضد دول المحور بالبلدان المغاربية /شمال إفريقيا حمل اسم " جيش التحرير". ولما أعلن عن الاستقلال الناقص لليبيا تحت نظام ملكي رجعي وبداية تأسيس المؤسسات العسكرية ومراكز التكوين والمدارس العسكرية بكل الوحدات والقطاعات البرية والبحرية والجوية، ومؤسسة الشرطة تتطلب الأمر غربلة الجنود بالتدقيق بين الليبيين وغيرهم من الأشقاء بالبلدان المجاورة؛ هذه العملية التنظيمية أفرزت اسم " الجيش السنوسي" نسبة إلى الأمير إدريس، وكان هذا تحت إشراف الاستعمار الامبريالي والعسكري البريطاني(2) في هذه الفترة وظروف بناء نظاما سياسيا جديدا لليبيا تأسست جمعية عمر المختار من طرف مجموعات فكرية وسياسية وثقافية ليبية في أواخر يناير/كانون الثاني 1942، انطلقت أنشطتها الأولى في مصر الشقيقة ثم انتقلت إلى مدينة بنغازي بالوطن المحتل في أوائل ابريل/ نيسان1943، وبدأت نشاطها بفتح فروعها بعدة مناطق في ليبيا؛ ولما ظهرت تطوراتها بالميدان السياسي وعلاقتها بالمواطنين/ات أصدرت السلطات الامبريالية البريطانية من خلال ممثلها في البلد مرسوم بحل الأحزاب والحركات السياسية والثقافية المعارضة لمخططات وبرامج الاستعمار وحلفائه المحليين، وقد استطاعت القوى الاستعمارية أن توظف الإيديولوجية الدينية وانتشار الأمية والفقر المدقع بالأرياف لمصلحة الأمير إدريس السنوسي الذي استغل هو الأخر ذلك لخلق إجماع حوله بدعم من شيوخ القبائل. وفي الفترة نفسها تأسست الجبهة الوطنية البرقاوية من طرف ذوي النفوذ والملاكين وشيوخ القبائل عام 1946 بغية فرض سياسة تخدم مصالحهم بقيادة الأمير ادريس وتمويله ودعمه من اجل مواجهة مجموعات جمعية عمر المختار التي عملت على النضال لاستقلال ليبيا موحدة بنظام سياسي على كل أرضها، ودعا الأمير إدريس السنوسي إلى حلها في 1947. وفي الفترة نفسها تأسست رابطة الشباب الليبي من طرف حاشية الأميرادريس الضيقة جداً بغاية استقطاب نشطاء سياسيين ومثقفين واطر تقنية وخريجي الجامعات والمتمدرسين-ات خصوصا أعضاء جمعية عمر المختار، وقد شهدت نقاشات واسعة بين أنصار النظام الجمهوري والنظام الملكي وبين أنصار سلطات الأقاليم الواسعة والحكم الذاتي وأنصار النظام السياسي الوحدوي لكل ليبيا؛ في السياق ذاته تأسس مؤتمر وطني برقاوي بغاية جمع جل الجمعيات والحركات السياسية خلف سياسة الأمير ادريس السنوسي وقد عارضت جمعية عمر المختار هذه المناورات السياسية ولم تنظم لهذه الجوقة الأميرية السنوسية الرجعية، وعملت بما استطاعت على وحدة ليبيا واستقلالها الحقيقي. تأسس نادي أدبي ثقافي في طرابلس الغرب وانبثق عنه الحزب الوطني عام 1944 بصورة سرية من طرف البرجوازية المدينية بزعامة احمد الفقيه حسن، وتم الاعتراف بنشاطه عام 1946، وفي السنة نفسها تأسس حزب الجبهة الوطنية المتحدة من طرف البرجوازية بمنطقة طرابلس ونواحيها بزعامة سالم المنتصر، وبعد عدة نقاشات في هذه الأوساط ظهرت الميول الجمهورية والملكية بين المثقفين الليبيين-ات وحصلت بعض الانشقاقات والاصطفافات ونتيجة لذلك نشأت عدة تصورات سياسية ومجموعات تنظيمية منها : حزب الكتلة الوطنية وحزب الاتحاد الطرابلسي المصري، وحزب العمال الذي تأسس في صيف 1947 للدفاع عن الامير ادريس السنوسي ونظامه السياسي الرجعي تزعمه بشير بنحمزة، وليس دفاعا عن البروليتاريا الليبية، وتأسس حزب الأحرار، وتأسس حزب الاستقلال في 1948 من طرف عناصر من الجبهة الوطنية تزعمه سالم المنتصر. ففي هذه الفترة تأسست هيئة تحرير ليبيا واشتغلت بصورة تنظيم حزبي، في مارس/ آذار 1947 في القاهرة وأيدتها جامعة الدول العربية حديثة التأسيس هي الأخرى بعد الحرب العالمية الثانية، تزعمها بشير السعداوي ونشطت من اجل استقلال ليبيا، وفي مايو /أيار 1949 تأسس حزب المؤتمر الوطني الطرابلسي بعد الاندماج بين الحزب الوطني والجبهة الوطنية المتحدة بزعامة بشير السعداوي. يعد بشير السعداوي من الأطر الإدارية في الإمبراطورية العثمانية في بداية القرن العشرين 1904، واحد إدارييها في ليبيا وطرابلس، وبفضل تكوينه الديني الإسلامي السني ولغته العربية استطاع أن يشتغل في عدة مناطق تحت السلطات التركية وبذلك اكتسب خبرة إدارية عالية، وظل يميني رجعي في توجهاته السياسية، ولما غزت الامبريالية الايطالية ليبيا في 1911 برز على الساحة السياسية التحررية الوطنية الليبية؛ ثم تطور نشاطه حتى أصبح من احد خدام مصلحة النظام السعودي ومستشار ملكي في نظامه السياسي الحديث، بعدما برز بوسط المؤتمرات الإسلامية العالمية التي تجمع عدة قوميات، وهذا ما جعله يدافع عن الامير ادريس السنوسي ضمن العمل السياسي للحركة الوطنية البرجوازية الليبية؛ ونشط منذ احتلال ليبيا ضد الاستعمار وساهم في تأسيس عدة هيئات وأحزاب ومؤتمرات من اجل ذلك، لكن بعد الإعلان عن استقلال ليبيا في 1951 وإنشاء الحاشية الملكية الضيقة جداً تم الاستغناء عن خدماته بصورة نهائية وإبعاده ونفيه عن بلده ليبيا أواخر فبراير/ شباط 1952. ونشط كذلك الشاعر ابراهيم الاسطي الذي عمل عدة مهن منها كاتبا بالمحكمة ثم قاضي بمحكمة درنة، ثم عضو بمجلس الأوقاف بالمدينة نفسها، وبعد ذلك سافر إلى مصر وسوريا وفلسطين، ثم التحق بجيش التحرير الليبي في مصر، وعمل بمكتب الاستعلامات تحت الإدارة الاستعمارية البريطانية، وعمل بسلك القضاء ثم نشط في جمعية عمر المختار وترأس فرعها بمدينة درنة وتعرض بسبب ذلك للإقالة من عمله؛ ولما تطورت الوقائع وتعمقت الأحداث أسس الأمير ادريس السنوسي الجبهة البرقاوية بغاية جعلها الهيئة الوحيدة للنشاط السياسي بقضية الاستقلال محليا وإقليميا ودوليا، هذه العملية خلقت عدة خلافات مع نشطاء وزعماء جمعية عمر المختار ومن بينهم : ابراهيم الاسطي عمر الذي قام بتدبير الخلافات حسب رؤية الأمير ادريس السنوسي، و" مصلحة البلاد" وبعد ذلك شارك في انتخابات البرلمان في ولاية برقة وحصل على مقعد مدينة درنة لكنه سيتوفى في أواخر صيف 1950 نتيجة غرق بإحدى شواطئ درنة.
حكومات متتالية لمصلحة الملك والرأسماليين في الدولة الليبية الحديثة والامبرياليين
محمود المنتصر تربى في أسرة من الأعيان ذوي النفوذ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بمدينة طرابلس أسرة رأسمالية مما وفر له شروط الدراسة بكلية الاقتصاد في روما، وبذلك ربط علاقة مع ادريس السنوسي هناك منذ 1921 بعدما اعترفت سلطات الاحتلال الايطالي بإدريس السنوسي امير على منطقة برقة؛ وقد شغل محمود المنتصر عدة مناصب إدارية منها: مديرا لأوقاف طرابلس من 1936 حتى 1939، ومديرا للمدرسة الإسلامية العليا بالمدينة نفسها، ثم مدرسة الفنون والصنائع؛ ولما اشتدت الحرب العالمية الامبريالية فر إلى مصر، وفي سنة 1944 رجع إلى ليبيا، وكانت الحركة الوطنية البرجوازية الليبية تنشط ضمن أحزاب وهيئات تنظيمية منها: جمعية عمر المختار ابرز قادتها خليل الكوفي 1943؛ الحزب الوطني وكان ابرز قادته احمد الفقيه حسن 1944، والجبهة الوطنية المتحدة ابرز قادتها سالم المنتصر 1946، وحزب الكتلة الوطنية التي تزعمها الأخوين علي الفقيه حسن واحمد الفقيه حسن بمعية المجموعة المنشقة عن الحزب الوطني، والجبهة الوطنية ابرز قادتها ادريس السنوسي 1946 الذي سيعين ملك على الليبيين والليبيات، وحزب المؤتمر الوطني ابرز قادته بشير السعداوي 1949. هذا النشاط السياسي لقسم من الأطر الليبيين الذين ساعدتهم الظروف للدراسة والتعلم في تلك الفترة، فقد بدأ حراكهم السياسي عندما انهزمت دول المحور والأنظمة الفاشية ومنهم ايطاليا الاستعمارية وتقسيم العالم بين دول التحالف، وبذلك سيطرت بريطانيا وفرنسا على ليبيا تحت إشراف الولايات المتحدة الأمريكية، وقد سمحت بريطانيا لليبيين بهذا الهامش من الحرية والعمل السياسي الحزبي تحت المراقبة وفي حدود ضيقة جداً ومتحكم فيها طبعا حسب الديمقراطية البرجوازية والاستعمار والامبريالية، وبذلك تأسست الجمعيات والنوادي والأحزاب...الخ. في هذه الأجواء نشط محمود المنتصر وانضم للجبهة الوطنية المتحدة، ثم هيئة تحرير ليبيا، لكن الوضع الذي عاشه البلد في ظروف القسمة الامبريالية العالمية ومصالح الرأسماليين المحليين والأجانب وكذلك الأعيان وذوي النفوذ في المناطق والقبائل، عقدت الأمور وصعبتها كثيرا حول شكل النظام السياسي الجديد لليبيا بعد الاستعمار المباشر العسكري والإداري والمدني، بالأخص مصالح ايطاليا المنهزمة في هذه القسمة؛ وقام محمود المنتصر بدور في هذا التأسيس للدولة الحديثة في ليبيا لمصلحة الرأسماليين المحليين والامبرياليين الأجانب. ولهذا يمكن أن أقول بأنه احد ابرز مؤسسي النظام السياسي الملكي الرجعي في ليبيا نظرا لعلاقتهما القديمة من ايطاليا والاتفاق حول مصالح البرجوازية الليبية [ طرابلس – برقة] والامبريالية الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ثم ايطاليا المنهزمة في الحرب والتي تعتبر بأنها مؤسسة أرضية الدولة الحديثة في ليبيا. تقلد محمود المنتصر عدة مناصب مهمة في الدولة الليبية الحديثة أثناء التأسيس" المملكة الليبية المتحدة" منها: عضو بالجمعية الوطنية، رئاسة أول حكومة مؤقتة في الفترة مابين أواخر مارس/آذار حتى أواخر ديسمبر/ كانون الأول 1951، وهي الحكومة التي تسلمت السلطات من بريطانيا وفرنسا؛ وبقربه من الملك ادريس السنوسي كلفه هذا الأخير برئاسة أول حكومة بعد الاتفاقيات على شكل الاستقلال ثم وزيرا لخارجيتها من 24 ديسمبر/كانون الاول1951 إلى 18 فبراير/ شباط 1954، اتخذت حكومته تنفيذا لقرارات الملك عدة إجراءات قمعية في حق المعارضة وضد الأحزاب السياسية الليبية، وقامت بإبعاد الزعيم الوطني الليبي بشير السعداوي عن بلده ووطنه في 22 فبراير/ شباط 1952 كما ذكرت. وفي 1953 انضمت ليبيا لجامعة الدول العربية وبعد ذلك شغل منصب سفير لليبيا في بريطانيا من 1954 إلى1957، ثم مستشار ملكي سنة 1954، و سفيرا لليبيا في ايطاليا، ووزيرا مفوضا باليونان، وسفيرا في يوغسلافيا سنة 1960، وفي يناير/كانون الثاني 1964 كلفه الملك ادريس السنوسي رئيسا للحكومة إلى مارس/آذار 1965، وبعد ذلك قربه الملك إليه أكثر ليصبح رئيسا لديوانه؛ وكان من الحاشية الضيقة المتحكمة بمصير البلد. وفي أواخر عام 1969 بعد نجاح الانقلاب العسكري وإسقاط النظام الملكي وتأسيس الجمهورية الليبية تم اعتقال محمود المنتصر وسجن وأعلن عن وفاته في السجن عام 1970. محمود المنتصر اشتغل مع صهر الأمير سليمان القرمانلي وكانت علاقة وطيدة بين العائلتين، وقد سخط عليه اغلب الليبيين وأقسام من المهتمين بالبلدان العربية المجاورة بعدة أسباب متعلقة بالاتفاقيات مع الامبريالية وخدمت مصالحها في ليبيا، منها: التوقيع على اتفاقيات القواعد العسكرية الأجنبية: البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية، وبالأخص التيارات السياسية القومية المنتسبة لتوجهات جمال عبد الناصر. (3) (4)(5) أعلن ادريس السنوسي الذي اعترفت به ايطاليا الفاشية أميرا عن استقلال برقة في 1 يونيو/حزيران 1949، وكلف هذا الأخير محمد الساقزلي رئاسة حكومة ولاية برقة في مارس/اذار1950، كان ذلك بعد فترة وجيزة لحكومة ترأسها عمر باشا الكيخيا؛ ومع تطور الأمور حتى 24 ديسمبر/ كانون الأول 1951 وتشكيل المملكة المتحدة الليبية تحول منصب محمد الساقزلي من رئيس وزراء برقة إلى حاكم برقة، وتم ذلك إلى مايو/أيار 1952، ثم عينه الملك في ما بعد وزيرا للمعارف في حكومة المملكة المتحدة الليبية، وفي سبتمبر/ ايلول1953 عينه رئيسا لديوانه؛ وفي فبراير/ شباط 1954 كلفه بتشكيل حكومة ليبية. فقد ظلت الأزمة السياسية الليبية للبرجوازية الوطنية المتمسكة بالنظام الملكي باتفاق مع القوى الامبريالية مستمرة وعميقة، مما دفع المحكمة العليا الليبية إلى إصدار قرار يبطل الأمر الملكي الصادر في 19 يناير/ كانون الثاني 1954 القاضي بحل المجلس التشريعي لولاية طرابلس. قرار المحكمة العليا هذا احتجت عليه البرجوازية الليبية الملكية والمستفيدين من الأوضاع وحاولوا تنظيم احتجاجات على أساس أن المحكمة العليا يجب أن تخضع للقرارات الملكية، لكن الأزمة السياسية أدت إلى استقالة محمد الساقزلي، وكان ابرز متزعمي هذه الاحتجاجات الصادق المنتصر الذي كان يشغل منصب واليا على مدينة طرابلس. شغل الساقزلي عدة مناصب أساسية، رئيس وزراء، ووزير خارجية، ورئيس وزراء إمارة برقة، ووالي برقة، ووزير عدل في إمارة برقة. ففي 7 ابريل / نيسان بالسنة نفسها حصلت خلافات سياسية بين أقسام البرجوازية الوطنية الليبية، فوالي طرابلس يريد تنظيم الانتخابات مستعملا التظاهر ضد قرار المحكمة العليا بينما رئيس الحكومة محمد السنوسي الساقزلي يريد إيقافها، أما الملك ادريس السنوسي اختار استقالة رئيس الحكومة؛ وفي أواخر ديسمبر/ كانون الأول 1962 سيتولى منصب والي برقة، وظل يشغله حتى تم إلغاء النظام الاتحادي في 26 ابريل /نيسان1963. محمد السنوسي الساقزلي من أبناء أعيان مدينة بنغازي تعلم ودرس تحت نظام الإمبراطورية العثمانية والسياسات التركية في ليبيا.
أقسام وطنية ليبية برجوازية تريد نظام جمهوري تم قمعها بشدة
لقد ارتبط قسم واسع ومحترم بالنضال الوطني الليبي الجمهوري وبرموز الكفاح التحرري البطولي مثل عمر المختار والكثيرين من صنفه، لكن الدولة الليبية حديثة التأسيس عملت كل ما في وسعها لقمعهم وحرمانهم من النشاط السياسي المباشر وحقهم في تأسيس الأحزاب والنضال من اجل السلطة وتنفيذ القرارات المصيرية للبلد، هذا القمع والحرمان والاعتقال في مناسبات كثيرة دفع عدد منهم بالاشتغال السياسي من خلال الجمعيات والنوادي والمنتديات منها: جمعية عمر المختار في بنغازي وغيرها، التي تم حلها ومنع نشاطها في يوليو/ تموز 1951 واعتقال بعض أعضائها وسجنهم في فترة حكومة محمد السنوسي الساقزلي. في هذه المعارك تشكلت الجمعية الوطنية الليبية التي تعد هيئة تأسيسية تألفت من ممثلين عن الأقاليم الثلاثة التالية : فزان وبرقة وطرابلس، صاغت دستور الدولة الحديثة وأقرت العمل به في 1951.(6) وفي السياق ذاته قدم ادريان بلت منفذ السياسات الامبريالية خطة لهيئة الأمم المتحدة بقضية ليبيا وأقرت بتنفيذها، تتضمن : انتخاب مجالس محلية بكل من : فزان وبرقة وطرابلس في يونيو/حزيران 1950- اختيار اللجنة التحضيرية لأعمال الجمعية الوطنية التأسيسية في وقت لا يتجاوز شهر يوليو/ تموز من السنة نفسها، عرفت هذه اللجنة لدى الليبيين ب" لجنة الواحد والعشرون"- انتخاب الجمعية الوطنية التأسيسية وعقدها لاجتماع قبل نهاية 1950 في فصل الخريف، عرفت ب" لجنة الستون"- تشكيل حكومة مؤقتة من طرف الجمعية الوطنية التأسيسية في بداية عام 1951، وإقرارها للوثيقة الدستورية خلال السنة نفسها؛ إعلان الاستقلال وتشكيل حكومة وطنية قبل حلول شهر يناير/ كانون الثاني 1952 بالموعد المحدد والمقرر من هيئة الأمم المتحدة باعتباره الحد الأقصى للإعلان. عقدت الجمعية الوطنية التأسيسية أول اجتماعاتها في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1950 بحضور[لجنة الستون] وعدد من الأشخاص المنتسبين للحركة الوطنية البرجوازية الليبية وممثلي الإدارتين الامبرياليتين البريطانية والفرنسية ومندوب هيئة الأمم المتحدة ادريان بلت وأعضاء مجلس الأمم المتحدة المتعلق بقضية ليبيا. أقرت الجمعية الوطنية التأسيسية شكل الدولة الحديثة ومبايعة الأميرمحمد ادريس السنوسي ملكا على الدولة الليبية الجديدة، وطرحت عدة خلافات سياسية حول صلاحيات واختصاصات الملك الدستورية وعاصمة المملكة الليبية والعلم الوطني والعملة وطبيعة النقد والجيش والشرطة ...الخ. وأعلن الملك من مدينة بنغازي استقلال ليبيا.(7) محمد الساقزلي ربط علاقته بإدريس السنوسي منذ عقود وتوطدت أثناء حكومة مدينة اجدابيا عام 1917 والاتفاقيات مع الاستعمار الامبريالي الايطالي؛ عندما أصبح ادريس السنوسي اميرا شكل حكومة أطلق عليها " حكومة اجدابيا" وهي مدينة صغيرة تاريخية تقع بمنطقة الواحات شرق البلد، وتطل على ساحل البحر المتوسط وتبعد عن بنغازي بنحو 148 كيلومترا وعن طرابلس بنحو 900 كيلومترا، جعلها إدريس السنوسي عاصمة إمارته لأنها قريبة من برقة، وباعتبارها منطقة عبور أساسية لتجارة القوافل، وبذلك شكلت مكان جمع عدد من أعيان القبائل المساندة ماديا ومعنويا للحركة الدينية والسياسية للسنوسية بينما أهم المناطق كانت تحت سيطرة الاستعمار الايطالي باتفاق مع الإمارة والحكومة طبعا؛ وهي الفترة التي عانى فيها أغلبية الليبيين والليبيات من الجوع والعراء وشدة الحرمان وأصناف الأمراض المعدية الفتاكة الكثير، ففي هذه الأوضاع رسمت الرأسمالية والامبريالية الايطالية والبريطانية الخريطة السياسية لليبيا وأشرفت على صيغة القانون الأسمى وأسس الدولة الحديثة التي تصلح لخدمتهم،[ الدساتير والقوانين، التعليم والمدرسة ، الجيش والمعسكرات ، الاتصالات والبريد... ](8)
دامت حكومة اجدابيا نحو خمس سنوات، من 1917 حتى 1922، ترسخت فيها الإيديولوجية الدينية للحركة السنوسية من خلال انتشار الكتاتيب لتعليم الأطفال على ذلك المنهج بينما أبناء الأعيان وشيوخ القبائل والتجار الكبار وذوي النفوذ درسوا في مدارس الايطاليين والبريطانيين داخل ليبيا وخارجها وبذلك أصبحوا زمرة مثقفة تسيطر على الإدارات وأجهزة الدولة الجديدة. ففي هذه الظروف السياسية وطد محمد الساقزلي نشاطه السياسي مع ادريس السنوسي، وواجه خصومه بقوة، لكن قضية حل المجلس التشريعي شكلت خلافا بينهم. تشكلت حكومة مصطفى بن حليم الذي تربى في أسرة من العائلات التي مارست التجارة منذ زمن طويل درس في كلية سان مارك الفرنسية ثم تخرج في كلية الهندسة بالإسكندرية عام 1946 وبعد ذلك وظف خبرته ورأسمال أسرته ليصبح رأسمالي ليبي، ورب عمل وصاحب عدة شركات كبرى في الدولة الحديثة منها: شركة للصابون ومواد مهمة في الصناعات، بلغ إنتاجها نحو 90 في المائة، وسيطرت على السوق الليبية، وشركة الغازات الليبية وشركة أنابيب البلاستيك، وشركات متخصصة في حفر أبار النفط، ثم طور عمله إلى الرأسمال المالي، وأسس مصرف شمال افريقيا، واشرف على إدارته بنفسه. وفي 1 سبتمبر/ ايلول1969 انتقل للعمل بدول الخليج بعدما صادر الضباط الأحرار الوحدويون أملاكه؛ وأتم مصطفى بن حليم حياته في المملكة العربية السعودية. ففي أوائل عام 1950 دعاه الأمير ادريس السنوسي إلى مقابلته في بنغازي للمساهمة في بناء الدولة الحديثة، وشغل منصب وزير للأشغال العامة والموصلات في يونيو/ حزيران 1950 في حكومة برقة برئاسة محمد السنوسي الساقزلي؛ وقام بمهام منها: مشاريع البنية التحتية، الطرق و الكهرباء والماء، وفي 12 ابريل /نيسان 1954 كلفه الملك بتشكيل حكومة وشغلها حتى استقال في مايو/ أيار 1957، وبعد ذلك عينه الملك مستشارا خاصا له، ثم سفيرا لليبيا في فرنسا 1958 و1960. (9)
تشكلت حكومة عبد المجيد كعبار بعد حكومة مصطفى بن حليم، وقد شغل كعبار عدة مناصب في الدولة الحديثة الليبية في فترات 1957 و1969 منها: وزير خارجية ورئيس حكومة في 1960، وفي فترة حكومته حدثت قضية مشروع إنشاء طريق يربط بين ولاية فزان بالساحل الليبي، وقامت حولها ضجة كبيرة بسبب صفقتها وتولية شركة لصاحبها الرأسمالي عبد الله عابد السنوسي الذي يعد من المجموعة الضيقة المحيطة بالملك والمستفيدة من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في البلد بمراكمة الأرباح الضخمة، هذا ما جعل قسم من الحركة الوطنية البرجوازية تشن حملة على صفقة الطريق المشبوهة تلك، وبأنها شكلت فسادا ماليا مكشوف، وعقد على أثرها اجتماعا استثنائي لمجلس النواب بمرسوم ملكي لمناقشة الموضوع، وصدر عنه قرار بسحب الثقة من حكومة عبد المجيد كعبار، وتشكلت حول القضية لجان تحقيق. تشكلت حكومة محمد عثمان الصيد الذي شغل منصب رئيس وزراء ليبيا من أكتوبر/ تشرين الأول 1960 حتى مارس /آذار 1963 وفي فترة حكومته تم إلغاء نظام الحكم الاتحادي الفيدرالي، وبذلك يعد من ابرز المنفذين لعملية الإلغاء، وهو من المساهمين في بناء الدولة الحديثة الليبية فقد شغل عدة مناصب مهمة منها : وزير الصحة من 1951 حتى فبراير/ شباط 1954، ثم مرة ثانية من ابريل / نيسان 1954 إلى 1958؛ وشغل وزير الاقتصاد في 1960 لمدة قصيرة، ووزير المالية في السنة نفسها، وبعد ذلك شغل منصب رئاسة الحكومة 1960؛ ففي فترة حكومته تم كذلك تعديل الدستور الليبي لمركزة الإدارة بدل التدبير الإداري للولايات الثلاث [ برقة – طرابلس – فزان] في إطار اتحاد حكم ذاتي، وتعديل قوانين متعلقة بالثروات الطبيعية والنفط بدل القسمة التي كانت تمنح نسبة 30 في المائة لكل ولاية من صادراتها و70 في المائة تخصص بالتساوي لجميع الولايات مما أدى إلى مداخل مهمة لفائدة الحكومة المركزية خصوصا بعد اكتشاف النفط وبداية تصدريه، وهذه النقطة فيها نقاش مهم لا يتسع المجال لتفاصيلها.
محمد عثمان الصيد وطد العلاقة مع ملك المغرب الحسن الثاني وقضى سنوات طويلة في المنفى بمدينة الرباط عاصمة المملكة المغربية، وفي 31 ديسمبر/كانون الاول2007 توفى في المدينة نفسها. تشكلت حكومة محي الدين فكيني الذي شغل رئاسة الوزراء ووزير الخارجية بالوقت نفسه من 1963 حتى 1964 وهو من منطقة طرابلس في الغرب من أسرة مقاومة ضد الاستعمار الايطالي انتقلت إلى منطقة فزان بجنوب البلد؛ ففي عهده تحققت بعض الأمور منها: إلغاء العمل بالنظام الاتحادي وتطبيق النظام السياسي المركزي، وتحضير خطة خماسية وتنفيذها [1963 /1968] واجراء تعديلات دستورية. ففي هذه الفترة برزت عدة مشاكل، ففي يناير/ كانون الثاني 1964 انفجرت احتجاجات في مدينة بنغازي قادتها بعض التيارات السياسية بوسط الحركة التلاميذية والطلابية على خلفية تنظيم القمة العربية بالقاهرة، وبروز شخصية الزعيم جمال عبد الناصر والتيارات السياسية العربية المساندة له وعدم مشاركة ليبيا بهذه القمة على مستوى عالي، ومقاطعتها من طرف الملك ادريس السنوسي؛ رغم أن محي الدين فكيني حضرها، وردت الحكومة والدولة الحديثة على المظاهرات بالقمع الشرس، واستعمل العنف الشديد، وأطلق النظام السياسي النار على المتظاهرين/ات، مما تسبب في استشهاد بعضهم، ونتجت عنه أزمة سياسية في ليبيا الجديدة دفعت محي الدين فكيني بإعلان معاقبة المجرمين الذين أطلقوا النار، ومن أمر بذلك لكن قائد قوات الأمن محمود بوقويطين لم يقبل ذلك نهائيا ودافع بشراسة عن ضباطه، وحصلت الأزمة السياسية بين فكيني وبوقويطين وادريس السنوسي، فلم يقيل الملك قائد القوات حسبما طلب فكيني وبذلك قدم هذا الأخير استقالته. تشكلت حكومة حسين مازق من 1965 حتى 1967، وسبق له أن شغل عدة مناصب سياسية بالدولة الليبية الحديثة، وهو من أسرة ذات شهرة واسعة بين الأعيان وشيوخ القبائل بمنطقة برقة، لكنها انتقلت إلى بنغازي بداية القرن العشرين؛ درس وتعلم في المدارس الاستعمارية الايطالية مما سمح له رفقة بعض الأعيان وشيوخ القبائل وذوي النفوذ بزيارة ايطاليا لمقابلة بينيتو موسولوني الفاشي هناك؛ وهي الفترة والتاريخ الذي أعلن فيه هذا الأخير الحرب على دول الحلفاء في 10 يونيو/حزيران 1940،وبعد الحروب الطاحنة واستسلام دول المحور رتبت الأمور السياسية لمغادرة الاستعمار المباشر العسكري الايطالي من ليبيا عام 1943 واستمرت الاتفاقيات والمعاهدات العلنية والمخفية بين القوى الامبريالية والأعيان وشيوخ القبائل والبرجوازية الوطنية والاتفاق على عودة الأمير ادريس السنوسي عام 1946 وأثناءها التقى بحسن مازق وقربه من حاشيته الضيقة جداً من اجل تأسيس الدولة الليبية الحديثة، ولما تشكلت حكومة برقة شغل حسين مازق منصب وزير للمعارف والداخلية وبعد ذلك شغل منصب واليا على ولاية برقة؛ شهدت فترة ولايته هذه أزمة سياسية نتيجة التصفية الجسدية لأحد أهم ركائز ادريس السنوسي يتعلق الأمر بابراهيم الشلحي الذي اغتاله ابن عم ادريس السنوسي، وكانت جريمة فظيعة بوسط عائلة حاكمة متشابكة، ولما حكم بالإعدام على المجرم، توسعت الاتهامات إلى محيط منفذ الجريمة، وخلقت معاقبته مشاكل، وبذلك تأزمت العلاقات ودفعت إلى استقالة حسين مازق من منصب ولي برقة في أكتوبر/ تشرين الأول 1961؛ تولى حسين مازق منصب وزير الخارجية في حكومة محمود المنتصر، وحصلت مشاكل في عهده نتيجة الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية والقومية منها: هزيمة الدول العربية أمام الكيان الصهيوني /اسرائيل في 7 يونيو /حزيران 1967، مما تسبب في الهجوم الشعبي على السفارات البريطانية والأمريكية ببعض البلدان العربية منهم الشعب الليبي. السماح لليبيين اليهود بالرحيل والالتحاق بالكيان الصهيوني، وفي أواخر يونيو/حزيران 1967 أقاله الملك ادريس السنوسي من منصب رئيس الوزراء؛ وبعد نجاح الانقلاب العسكري في 1 سبتمبر/ أيلول 1969 حكم على حسن مازق بعشر سنوات سجنا لكنه قضى نصفها تقريبا بعدما غادره في 1974؛ شغل حسين مازق عدة مناصب منها: رئيس وزراء ليبيا من مارس/آذار 1965 حتى يوليو/ تموز1967، وزير الخارجية من يناير/ كانون الثاني 1964 حتى مارس /آذار 1965، والي برقة من مايو / أيار 1952 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 1961، وزير الزراعة والغابات في إمارة برقة من 1949 حتى 1950، ثم وزير الداخلية والمعارف بنفس الإمارة من 1950 الى 1951.
تشكلت حكومة عبد القادر البدري عام 1967، وهو من منطقة بضواحي بنغازي، درس بالتعليم التقليدي الذي يغلب عليه الأسلوب الديني في ليبيا، وطور نشاطه الزراعي والتجاري في هذه الفترة ثم شهد نشاطه السياسي بعد انتخابه في مجلس النواب بحكومة برقة عام 1950 وفيما بعد دام انتخابه نائبا عن دائرة الابيار بالانتخابات البرلمانية، وشغل منصب وزير الزراعة في حكومة كعبار، وبعد ذلك شغل مناصب أخرى منها: وزارة الصحة في حكومة محمد عثمان الصيد، والاقتصاد والصناعة في حكومة حسين مازق، ثم منصب وزير الإسكان والأملاك الحكومية؛ وكانت هذه المناصب بالفترات التالية: وزير الزراعة لفترة قصيرة في 1960، وزير الاقتصاد من 16 أكتوبر/تشرين الأول 1960 حتى 3 مايو/ أيار 1961، وزير الصحة في أكتوبر/ تشرين الأول 1961، وزير الصناعة من 1964 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 1965 ومن هذا التاريخ شغل منصب وزير الإسكان والأملاك الحكومية حتى يوليو / تموز 1967، ثم منصب رئيس وزراء ليبيا لفتر قصيرة بدأت من 1 يوليو/تموز1967 وانتهت في25 أكتوبر/ تشرين الأول من السنة نفسها.
حكومات ملكية برجوازية متتالية لاجتثاث كل أصناف المعارضة
ففي يوليو 1967 انهزمت الأنظمة السياسية العربية التي تزعمت الحرب مع إسرائيل شر هزيمة وأطلقت عليها بعض الأقسام من البرجوازية الصغيرة والتيارات الإصلاحية التي تزعمت القومية العربية وصف " الانتكاسة" وقد ظلت هذه الأنظمة ترفع شعار القومية العربية وبناءها وتوحيدها من منظور تقدمي ضد الأنظمة الملكية والسلطانية والأمراء وكل القوى الرجعية، والعمل السياسي والعسكري المنظم من اجل تحرير فلسطين والشعب العربي من الاحتلال الصهيوني المدعوم بصورة واضحة من القوى الامبريالية العالمية. هذه الفترة عملت الدولة الحديثة الليبية والملك ادريس السنوسي وكل حكوماته المتتالية على نسف كل معارضة تتزعم شعارات قومية عربية أما الأفكار الشيوعية والماركسية والليبرالية السياسية والتيارات الوطنية الجذرية العلمانية المناقضة لحركات الإسلام السياسي اليميني الرجعي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والدفاع عن نظام الحكم الجمهوري فيستحيل بروزها ونشرها بصورة علنية وبارزة؛ ولذلك تم العمل ضد كل التنظيمات والتيارات السياسية العلنية والسرية بعلة حماية " امن الدولة" وعدم السماح بنشر الأفكار " الهدامة" التي تهدد " استقرار البلد" و"عقيدة الأمة...الخ.
تشكلت حكومة عبد الحميد البكوش الذي تخرج في كلية الحقوق بالقاهرة وكان من أعضاء مجلس النواب الليبي، شغل عدة مناصب حكومية منها: وزير للعدل في يناير/ كانون الثاني 1964 لفترة قصيرة ومنصب رئيس وزراء من 25 أكتوبر/ تشرين الأول 1967 إلى 4 سبتمبر/ ايلول1968؛ في فترته عام 1968: بعد اكتشاف النفط تم إنشاء بمعية الكويت والسعودية منظمة الدول العربية المصدرة للنفط [ اوابك] لتنسيق الإنتاج والتكرير والتسويق- ووقعت ليبيا على معاهدة عدم الانتشار النووي؛ ودار كلام كثير حول اقتراحه على الملك لمنصب رئاسة الحكومة من طرف اريك دي كاندول المستشار القانوني لشركة [شل للبترول] والمفوض للمقيم العام للحكومة البريطانية في مدينة برقة تحت الإدارة العسكرية الاستعمارية التي أسهمت كثيرا في تأسيس النظام الملكي في ليبيا، فحكومة عبد الحميد البكوش الشاب المحامي البرجوازي المدافع عن النظام الملكي والرأسمالية رحبت بها الامبريالية البريطانية والأمريكية، لكنه قدم استقالته من رئاسة الوزراء وتم تعينه سفيرا ليبيا في فرنسا إلى لحظة الانقلاب العسكري في 1 سبتمبر/ أيلول 1969، وتم اعتقاله وسجن وفرضت عليه الإقامة الجبرية إلى سنة 1977 وغادر البلد لاجئا في مصر وأسس مع مجموعة" منظمة تحرير ليبيا" عام 1982 بحماية من النظام المصري في عهد الرئيس أنور السادات. عبد الحميد البكوش عمل مستشارا قانونيا لشركة[ برتش بتروليوم] البريطانية وكان مع أطرها أثناء الزيارة إلى إمارة ابوظبي عام 1961، والالتقاء بحاكم الإمارة؛ رفع البكوش شعار" ليبيا أولا" وخلق وضعا سياسيا بغاية فصل ليبيا عن سياسة المد القومي العربي؛ وفي 2 مايو/ أيار 2007 توفى في ابوظبي بالامارات العربية المتحدة. تشكلت حكومة ونيس محمد القذافي الذي شغل عدة مناصب في جهاز الدولة الحديثة وإداراتها، ومناصب وزارية منها: وزير الخارجية من يناير/ كانون الثاني 1962 إلى مارس/آذار 1963، وزير الداخلية من مارس/آذار 1963 إلى يناير/كانون الثاني 1964، وزير التنمية والتخطيط من أكتوبر/ تشرين الأول 1965 إلى يناير/ كانون الثاني 1968، وشغل منصب وزير الإسكان بصورة مؤقتة من صيف 1967 إلى أوائل 1968، وبعد ذلك شغل منصب رئاسة الوزراء من أوائل سبتمبر/ أيلول 1968 حتى 31 أغسطس /آب 1969، بعد الانقلاب العسكري حكم عليه بالسجن لمدة قصيرة وأفرج عنه وقضى معظم حياته في ليبيا وتوفى في سويسرا على اثر أزمة قلبية ودفن في بنغازي.
الانقلاب العسكري واستمرار الاستبداد والقمع الشديد
ضمن كل الظروف التي سردنا بعضها جعلت قسم من الليبيين يهتم بالسياسة ويسعى إلى تغيير الأوضاع في بلده، وفي سياق ذلك شكلت مجموعة من الشباب الليبي تنظيمات وانوية وحلقات سياسية، التحق بعضها بالقوات المسلحة الليبية وأسسوا [ تنظيم الضباط الوحدويون الأحرار] تزعمها العقيد معمر القذافي، وقاموا بتنظيم عملية عسكرية انقلابية وسيطروا على السلطة في البلد في 1 سبتمبر/ أيلول 1969،وأطلقوا عليها [ ثورة فاتح سبتمبر] وساندتها الجماهير الشعبية والقوى الطامحة في التغيير الجذري في ليبيا في أيامها وأسابيعها وشهورها الأولى نتيجة ما عانوه من جوع وظلم اجتماعي في عهد النظام الملكي الرجعي، كان ذلك قبل حصول الطامة العظيمة والمصيبة الكبرى. كان الضباط الوحدويون الأحرار شباب في مراتب عسكرية بسيطة وذوي تكوين عسكري متواضع وبدون خبرة في التنظيم العسكري طويلة تسمح بمراكمة الدراية بالمجال العسكرية بكل مؤسساته وأركانه البرية والبحرية والجوية والاستعلامات، إضافة إلى المستوى الضعيف بعلم وفن السياسة والثقافة والفن في تأسيس النظام السياسي الجمهوري التقدمي على أنقاض النظام السياسي الملكي الرجعي. بعد الانقلاب تم إلغاء الدستور الذي صيغ عام 1951 الذي أجريت عليه عدة تعديلات حسب الظروف والسياقات، وأعلن عن قيام الجمهورية العربية الليبية وأعلن عن إصدار دستور مؤقت للمرحلة الانتقالية بأن[ مجلس قيادة الثورة] هو اعلى سلطة في الجمهورية العربية الليبية؛ هذا الإعلان الدستوري ظل قائما إلى مارس/ آذار1977 ففي هذا التاريخ تم الإعلان عن قيام[سلطة الشعب] و[الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى] وبروز النظرية العالمية الثالثة. كان من بين مبررات الانقلاب العسكري: وجود القواعد العسكرية الأجنبية على الأراضي الليبية، منها قاعدة وايليس الجوية. وهكذا حصل تحول في تاريخ ليبيا الحديثة بعدما نجح عدد صغير من الضباط العسكريين الشباب من رتب متوسطة بالمؤسسة العسكرية في تنفيذ انقلاب عسكري على نظام الحكم الملكي، واستولوا على السلطة؛ فلم تحصل انشقاقات مسلحة بين الانقلابيين ومعارضي العملية مما سهل على المنفذين استلام السلطة بسهولة؛ فقد حدث هذا الأمر في ظروف بعد الهزيمة القاسية ضد الكيان الصهيوني في يونيو/ حزيران 1967، نحو سنتين وشهرين تقريباً، على الهزيمة التي وصفت باعتبارها "نكسة" للتخفيف من أثارها على الأجيال؛ الاف الشهداء والمصابين والأسرى، وتدمير الكثير من العتاد الحربي والعسكري؛ وإجبار أزيد من 400.000 من الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق بقناة السويس على ترك بيوتهم- ن من اجل البقاء على قيد الحياة، وبذلك تعقدت وضعية الشعب الفلسطيني بحياة اللجوء الاضطراري بعدما تركوا وطنهم- ن نتيجة تلك الحرب؛ وفي أواخر حكم الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي توفى في 28 سبتمبر/ايلول1970، أي بنحو سنة وشهر تقريبا.(10) هذه المرحلة وفرت للضباط الشباب العسكريين الانقلابيين في ليبيا مناخ جد مساعد لكي يروجوا خطاب ثوري تقدمي قومي عربي، وأطلقوا على انقلابهم " ثورة فاتح سبتمبر" ووظفوا في البداية إيديولوجية القوميين العرب المساندين لجمال عبد الناصر الذي استولى على السلطة في مصر بواسطة انقلاب عسكري في 23 يوليو/ تموز 1952 وإسقاط نظام ملكي وتأسيس جمهورية مصرية عربية وساندته الجماهير الشعبية وخلق تحول كبير في مصر والبلدان العربية وحركات التحرر الوطني في العالم في ظروف الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. ففي البداية أسس الضباط الليبيين مجلس لقيادة العملية السياسية التي وصفوها بالثورة بغاية إدارة البلد والحكم، وأعلن عن الجمهورية العربية الليبية وحكمها من 1969 حتى 1977، تشكل المجلس وترأسه الملازم أول معمر القذافي الذي سيترقى إلى رتبة عقيد في هذه الظروف الانقلابية من طرف زملائه. وقد حصلت محاولة انقلابية فاشلة على معمر القذافي وجماعته ومحيطه الضيق ومجلس قيادة الانقلاب/الثورة في ديسمبر /كانون الأول 1969 وتم سحق مدبريها بالكامل، كان هذا بعد مرور ثلاثة أشهر تقريبا على السيطرة على الحكم وقادها المقدم حواز ادم وزير الدفاع والمقدم الحاسي موسى وزير الداخلية وقد حاولوا السيطرة على أقسام من معسكرات المنطقة الشرقية للبلد، وقد القي القبض عليهما وسجنهما، وقد توفى حواز في السجن في ظروف غير إنسانية أما الحاسي فقد قضى نحو 20 سنة في السجن وأطلق سراحه وهو في حالة صحية صعبة.
وبعد ما ترسخ الحكم العسكري وتأسست أجهزة الدولة المسيطرة على بلد شاسع وغني وقليل السكان، دخل النظام في سياسات متنوعة مع عدة شبكات دولية ومصالح مختلفة، هذه التطورات شجعت العقيد معمر القذافي ومن يسانده من المجلس على إلغاء النظام الجمهوري" الجمهورية الليبية العربية" سنة 1977 والإعلان عن نظام جديد " الجماهيرية الليبية" ودفن " مجلس قيادة الثورة" نهائيا، وخلق هيئة سياسية جديدة أطلق عليها " الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام". (10) تأسيس الجمهورية الليبية من 1969 إلى1977
فبعد نجاح الانقلاب العسكري تتطلب الأمر بعض ترتيبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية منها : تشكيل حكومة مدنية بعد الانقلاب مباشرة تكون واجهة فقط أما السلطة الفعلية بيد الجيش، وفي 1971 تم تأسيس " الاتحاد الاشتراكي العربي" أي تنظيم سياسي حزبي لجمع الكل تحت سيطرة النظام الجديد، كما هو حاصل في مصر والعراق وسوريا، وبذلك منعت وحظرت كل الأشكال التنظيمية السياسية الحزبية والنقابية والجمعيات الحقوقية والنسائية والشبيبة؛ ووظفت شعارات " مقاومة الاستعمار" وعمل النظام السياسي الجديد على تأميم المصاريف والمؤسسات التجارية وشركات التامين، وإعادة العمل مع شركات النفط، وخلق مشاكل مع الطائفة اليهودية الليبية وطردها إلى إسرائيل، وتطبيق سياسة تعريب شاملة. وقام النظام السياسي الجديد بتطبيق سياسة رجعية : منع الناس من الحريات وفرض عليهم قوانين وتشريعات دينية إسلامية من اجل كسب تعاطف أقسام واسعة من الليبيين المحافظين وشيوخ القبائل وزعماء السنوسية، وفرض على الليبيين الدين الاسلامي والملكية الخاصة : فالملكية الخاصة هي الأهم بالنسبة للرأسماليين المسلمين/ات وغيرهم، وليس" منع الخمور" و"الدعارة" و ترويج الثقافة الجنسية" و" الحانات والخمارات" ...الخ هذا من اجل تجميد الحياة الاجتماعية وإرجاع الطموحات إلى القرون الوسطى.
انعدام الخبرة والوعي السياسي زعزع الانقلابيين العسكريين الليبيين
ففي سنتي 1972 و1973 استقال عضوان من مجلس قيادة الانقلاب، وفي سنة 1975 قاد المحيشي عمر محاولة انقلابية ولما فشلت نجا بروحه وهرب إلى الخارج مفضلا المنفى برفقة ثلاثة ضباط من مجلس القيادة، هذه الأجواء المتوترة دفعت معمر القذافي إلى توسيع دائرة حكمه والانفتاح على آخرين من خارج مجموعة الضباط الوحدويون الأحرار الذين قادوا انقلاب فاتح سبتمر1969. وسبق ان حصلت محاولة انقلابية على نظام الضباط الوحدويون الأحرار من طرف سلالة ادريس السنوسي تزعمها ابن عمه عبد الله عابد السنوسي وهو رأسمالي كبير ورب عدة شركات؛ فمحاولته كانت عبر مخططات وتوجيهاته من العاصمة الايطالية روما في مايو/ آذار 1970 مع بعض الضباط، لكنها فشلت وتم اعتقال شبكتها وسجنهم بينما مخططها عبد الله عابد السنوسي ظل في ايطاليا.
ففي أغسطس /آب 1975 نظم بعض الضباط محاولة انقلابية على نظام حكم معمر القذافي تزعمها الضابط عمر المحيشي احد قادة الضباط الوحدويون الأحرار وعضو مجلس قيادة الثورة الليبية، بمبرر الدفاع عن دستور الجمهورية الليبية وتم اعتقال المشاركين فيها وغير المشاركين، منهم: الضابطان هوادي بشير والهوني عبد المنعم وسجنهما، وقام نظام معمر بإعدام عدد من الضباط بسبب ذلك مستغل الفرصة وتصفية محيطه من المشكك في ولائهم التام له، لكن عمر المحيشي استطاع الفرار إلى تونس ثم إلى مصر وشكل معارضة ليبية من هناك مستفيد من خلاف أنور السادات مع معمر القذافي، لكن بعد التطبيع العلني واتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل انتقل إلى المملكة المغربية التي لها خلاف مع نظام معمر القذافي بسبب قضية الصحراء الغربية ودعم ليبيا للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب [ بوليساريو] ليستمر في معارضته؛ هذه المحطة لم تكن في صالح عمر المحيشي فقد عقد اتفاق بين القذافي وملك المملكة المغربية الحسن الثاني وحسب روايات متعددة فقد سلمه هذا الأخير إلى نظام معمر القذافي على اثر صفقة متعددة بينهما عام 1983 بعد تضليله عبر طائرة معلن بأنها متوجهة إلى مكان غير ليبيا لكنها عكس ذلك نزلت بمطار طرابلس، وهناك تمت تصفيته حسب عدة روايات من محيط القذافي. (11)(12)
التحولات السياسية الانتهازية للسيطرة على ليبيا
ففي منتصف ابريل / نيسان 1973 أعلن معمر القذافي عن أسلوب جديد لشكل الحكم لديه، نظاما سياسيا للثورة الجماهيرية حسب تصوره، وعمل على هيكلة الدولة على أسسه أطلق عليه " نظرية عالمية ثالثية" وهي خليط من الأفكار التي باعها له عدد من مروجي السياسات والإيديولوجيات التوفيقية والإيمانية مع أفكار ونظريات نقيض بعضها لبعض منها : الجمع بين الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية والليبرالية، بصورة اعتبروها بأنها بعيدة عن هذا الجمع، وأنها تمزج بين الاشتراكية والإسلامية؛ هذا من اجل كسب رضا الجميع. حصل هذا بعدما انهزمت الحركات السياسية القومية للناصريين والبعثيين الذين قاموا باجتثاث التنظيمات الماركسية في المنطقة وبسبب ذلك برزت التيارات الدينية الإسلامية للإخوان المسلمين والتنظيم الدولي لهم، وبالدعم المالي الوفير لهذه الحركات من طرف دول الخليج، وهذه هي الظروف التي جاء فيه " الكتاب الأخضر" ؛ وفي 1975 فقد " مجلس قيادة الثورة" أهميته وظل يدبر شؤونه قلة قليلة جداً . وجاءت آيات الكتاب الأخضر مفصلة تفصيلا محكما: مجتمع بدون طبقات اجتماعية، السكان والمواطنين/ات يديرون شؤونهم بأنفسهم، إصلاحات هيكلية للسياسات الاقتصادية والمالية، وفي 1977 تم خلق لواء وطني ليبي باللون الأخضر بدون أي رموز، وحسب من صمموه بأنه يعبر عن امة الإسلام والعروبة. تشكيل لجان شعبية تفرز مؤسسات الدولة والمجالس المحلية، والشركات والمدارس والجامعات بصورة مباشرة خلافا للأشكال النيابية وأطلق عليه " سلطة الشعب" بدل الانتخابات للمجلس التشريعي في النظام السياسي بالديمقراطية البرجوازية، وهكذا تم منع تشكيل الأحزاب والنقابات بعلة أنها تحرمه بالحديث عن نفسه بصورة مباشرة. وفي المجال الاجتماعي والاقتصادي تم استعمال شعار " شركاء لا أجراء" بدعوة أن النظام الجماهيري ضد الاستغلال والأرباح، قام النظام الليبي بدعاية واسعة للكتاب الأخضر، وبرمج مضمونه في المدارس التعليمية للتلاميذ وترجم إلى عدة لغات من الأموال الليبية من اجل الدعاية فحسب، وكان المركز العالمي لدراسات وأبحاث يعطيه مكانة خاصة لتوزيعه بكل مكان، وقامت الدولة بتسليم نسخه لكل من يزور ليبيا؛ واستغلت الدولة الليبية وظيفة " اللجان الشعبية" للسيطرة على الأوضاع وإزاحة كل من يحمل أفكار مخالفة للسياسات الرسمية للنظام الذي سيطر بصورة تامة على كل الثروات، وأهمها النفط، وضمان سيطرة تامة على جهاز الدولة بينما " اللجان الشعبية" لا تمثل سواء شكل جماهيري شكلي بدون أي فائدة عملية لأغلبية الليبيين والليبيات ولم تقوم بأي منفعة سياسية وحقوقية للعمال والفلاحين الفقراء وكل الكادحين والكادحات والقوميات والطوائف والنساء.
ففي بداية مارس / آذار 1977 ألغت الدولة مجلس قيادة الثورة وحولت ليبيا إلى نظاما سياسيا حمل اسم " الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية " والعمل بصيغة ما أطلق عليه " الديمقراطية المباشرة" المبنية على" المؤتمرات الشعبية" المعتمدة على مؤتمر في كل مجموعة سكنية [ حارة / حي/ حومة] و[ قرية/ مدشر/ بلدة] ومن حق كل البالغين أزيد من ثمانية عشر سنة الانضمام إليه ذكورا وإناثا. وتم تقسيم السكان إلى هيئات وكل واحدة منها تضم عدد معين من القاطنين بالحارة السكنية نفسها ويعقدون " المؤتمرات الشعبية" ثلاثة مرات في السنة، ويناقشون جدول الأعمال، ولكل دورة لها مستوى معين من القضايا [ المحلي والوطني والدولي] ويتم التصويت واختيار الأمناء العامين [شؤون المؤتمرات الشعبية، المرأة، النقابات، الاتحادات المهنية، الروابط الحرفية...] ويتم اختيار[ السلطة التنفيذية وأمين الشؤون الخارجية] فقد وجهت حكومة مجلس قيادة الثورة في السنوات الأولى للسلطة قسم من الميزانية للتعليم والصحة والسكن بصورة مجانية وبدون تكاليف على كاهل الأسر، وارتفع معدل الدخل الوطني للفرد الليبي، لكنها واجهة صعوبات في قضية الإسكان للجميع، لكن حرية التعبير والتنظيم والنشاط السياسي والثقافي ليس لها ثمن، ولا يمكن إسكات الناس بالخدمات الاجتماعية أبدا؛ خلقت السلطة الليبية علاقات خارجية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن العشرين مع الكتلة الشرقية والنظام السياسي في كوبا وخصوصا مع الرئيس فيديل كاسترو، وحزب المؤتمر الوطني الافريقي لجنوب افريقيا ومع نيلسون مانديلا، ومع منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ومع الجيش الجمهوري الايرلندي،ومع الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب ومع مصطفى الوالي السيد. ففي 1978 اندلعت حرب بين ليبيا وجارتها تشاد بسبب التدخل الليبي في الحرب الأهلية في البلد ودعم احد أطرافها من جهة والتدخل الفرنسي في تشاد لدعم الطرف الأخر، ودعمت الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا حسين حبري ضد ليبيا واستفاد وتعاون ملك المغرب الحسن الثاني من ذلك، وكانت هذه أزمة بين تشاد وليبيا خلفتها الحرب الامبريالية العالمية الثانية ومحاولات الرأسماليين الاستعماريين تفتيت المنطقة وستظل هذه المشاكل إذا لم تحقق الشعوب استقلالها الحقيقي عن الاستعمار والتبعية ومخططات الامبريالية؛ وبعدما اتحد التشاديون طردوا القوات الليبية من بلدهم عام1986؛ وقد ربطت السلطات الليبية علاقات مع الامبريالية ومنحت للشركات الرأسمالية التي تعمل بقطاع النفط تحفيز مهم في ليبيا؛ والتطرق إلى سياسة معمر القذافي الانتهازية عديمة المبادئ يحتاج إلى مساحات واسعة جداً.
الثورة الشعبية الليبية الحقيقية والفعلية والمهام الصعبة
ففي 17 فبراير/شباط 2011 أسقطت الثورة الشعبية نظام معمر القذافي، وقدم الشباب الليبي تضحيات جسيمة من اجل انتزاع حريته واستقلاله الحقيقي والتام، واظهر الليبيون والليبيات عن شجاعة لا توصف في مواجهة جبروت النظام وبطشه ووحشيته مما شجع بقية الشعوب الأخرى على مواجهة أنظمة الاستبداد والاستغلال والقهر بالمنطقة، منها: الشعبين السوري واليمني. بعد ذلك تشكل [المجلس الوطني الانتقالي المؤقت الليبي] في 27 فبراير/شباط 2011 من طرف عدة عناصر وأقسام برجوازية بعدة مدن، اتفقت على تدبير الفترة في وقت وجيز لم تمر على اندلاع الثورة إلا عشرة أيام فقط، أرادت من خلالها الحركات الدينية الإسلامية اليمينية الرجعية انتهاز الفرصة بسرعة والسيطرة على تأسيس الدولة بدعم من بعض القوى الإقليمية والعربية والرأسمالية والامبريالية عندما ظهر لها بصورة مؤكدة أن الثوار الليبيين عازمين وعازمات على إنهاء عهد معمر القذافي المجرم مهما كان الثمن؛ وفي مارس /آذار 2011 تم الاتفاق على وزير العدل في نظام القذافي مصطفى عبد الجليل رئيسا للمجلس الوطني الانتقالي المؤقت، وعبد الحفيظ غوقة نائبا له وناطق باسم المجلس الوطني الانتقالي، وفي 31 أكتوبر/ تشرين الأول بالسنة نفسها انتخب المجلس عبد الرحيم الكيب رئيسا للحكومة المؤقتة؛ وفي أواخر يوليو/تموز2011 تمت التصفية الجسدية ليونس عبد الفتاح الذي استقال من منصب وزير داخلية النظام الليبي يوم 21 فبراير/شباط 2011 وعين قائدا على أركان جيش التحرير الوطني الليبي وهو احد الضباط الوحدويون الأحرار الذين قاموا بانقلاب 1 سبتمر1969 وإسقاط النظام الملكي وتأسيس الجمهورية الليبية؛ إن جريمة تصفية عبد الفتاح يونس تقريرا وتنفيذا كان لها ثمنها طبعا أما خلق لجان تحقيق لحظة الحدث ليست سوى أضاليل لإطفاء اللهيب وحصر نيرانه.
و كانت جل دول العالم اعترفت بهذا المجلس في سرعة البرق وبذلك اصدر [الإعلان الدستوري الليبي المؤقت] في أغسطس/آب 2011 بينما الحرب الأهلية والمعارك القتالية المسلحة في كل مكان بالبلد المشلول والمفتوح من كل الجهات مما شجع المجموعات المرتزقة بما فيها تلك التي وظفها نظام معمر القذافي ضد الشعب الليبي الثائر على الالتحاق بالمسلحين تحت رايات مختلفة وباسم إيديولوجيات متعددة من الإسلام السياسي. وفي 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 أعلن عن مقتل معمر القذافي في معركة مسلحة بمنطقة سرت من طرف عصابات [ المجلس الوطني الانتقالي المؤقت الليبي] لكن أعضاء هذا الأخير روجوا للأكاذيب على أن وفاته حصلت نتيجة قتال مسلح وأصيب أثناءها بالرصاص الحي، وقد كشفت عدة أشرطة عرضت على وسائل التواصل الاجتماعي بأن معمر القذافي تم القبض عليه حيا، وفي صحة جيدة لكن مجرمي العصابة اغتالوه وصفوه جسديا مما وضع المجلس الوطني الانتقالي المؤقت الليبي في مأزق سياسي وتنظيمي وقيادي للمسلحين والمسلحات، وتزعمه الثورة الليبية في غياب قيادة ثورية حقيقية، إن الإشراف الحقيقي يتم عبر الاعتقالات والمحاكمات العادلة لكل البشر، وتصفية معمر القذافي رئيس الدولة ودفنه بصورة سرية فتحت النيران من كل الجهات على المسؤولين بالفترة الانتقالية في ليبيا، وقد بينت كل الأحداث بأنهم انتهازيين سعوا إلى السيطرة على جهاز الدولة من فوق وانفصالهم التام عن الأسفل والقواعد الثورية؛ ويوما ما سيكشف عن مكان دفن معمر القذافي. نظمت انتخابات المحلية في فبراير/شباط 2011 وأكتوبر/ تشرين الأول 2012 ثم الانتخابات البلدية الليبية 2011 و2013 وانتخابات المؤتمر الوطني العام في يوليو/تموز2012 وانتهت ولايته في أغسطس /آب 2014، بعد انتخاب مجلس النواب الليبي في يونيو حزيران 2014، وانتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور في فبراير/شباط 2014؛ جرت كل هذه المناورات والالتفاف على المطالب الحقيقية للثورة الليبية التي انحصرت منذ بداية القرن العشرين وانهيار الإمبراطورية العثمانية والحرب العالمية الأولى الامبريالية ثم الحرب العالمية الثانية إلى تأسيس المملكة الليبية ونصب ادريس السنوسي على عرشها، والى سيطرة معمر القذافي على الجمهورية الليبية وإنشاء جهاز الدولة وقطع كل الأنفاس لدى الشعب الليبي. ظلت هذه المحولات السياسية المتكررة تجري فوق الحرب الأهلية والاقتتال وظهرت الصراعات على ثروات ليبيا وموقعها الجغرافي بين الرأسماليين والامبرياليين في العالم وحلفائهم المحليين والإقليميين بدون أدنى تفكير في الشعب الليبي وحياته.
ففي مدينة بنغازي مقر [ الحكومة الليبية] المشكلة من [مجلس النواب ] ومقره مدينة طبرق الذي تم انتخابه عام 2014. وفي مدينة طرابلس مقر [ حكومة الإنقاذ الوطني] يطلق عليها " حكومة فجر ليبيا" من طرف بعض التيارات الإسلامية التي استطاعت السيطرة على هذه الحكومة بدعم من حلفائها وبكل الوسائل، تأسست من طرف [ المؤتمر الوطني العام].
السلطة الفعلية لمن؟
تعددت اللقاءات والاتفاقيات بعدة أماكن في العالم بمختلف الأساليب العلنية وغيرها، وعملت القوى المتحكمة في مصير الشعوب بإرسال الوسائط والأشخاص إلى ليبيا لكن الثورة الليبية العميقة تبحث عن نظرية ثورية وتنظيم جيد وثوري إلى النهاية لحل كل القضايا التي ظلت تتأزم من عقود طويلة. حكومة الإنقاذ الوطني وحكومة الوفاق الوطني إلغاء الاتفاقيات وإنهاء مهام الحكومات واستمرار الاقتتال بكل مكان؛ وفي فبراير/شباط 2021 دعت الأمم المتحدة لعقد اجتماعات أطلق عليها [ منتدى الحوار السياسي الليبي] بين" الحكومة الليبية" في بنغازي التي تقوت بدعم" مجلس النواب"من جهة و"حكومة الوفاق الوطني" من جهة ثانية هاتين الحكومتين اللتين خنقوا الثورة وانتهزوا انهيار نظام معمر القذافي، وربطوا علاقات وطيدة مع الرأسماليين والامبرياليين لنهب ثروات الشعب الليبي، واستفادوا من غياب تنظيم ثوري حقيقي يقود الثورة إلى نهايتها المحتمة. غاية منتدى الحوار السياسي حسب الأمم المتحدة هو الاتفاق على توحيد الحكومتين وطرح مشروع للاستفتاء قبل الانتخابات العامة التي حدد تاريخها من قبل في نهاية عام 2021؛ وفي مارس/آذار 2021 تشكلت "حكومة الوحدة الوطنية الليبية" ترأسها عبد الحميد الدبيبة الرأسمالي ورئيس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار ومؤسس خط سياسي أطلق عليه : " ليبيا المستقبل" هذه العملية السياسية رفضها" مجلس النواب" الليبي وسحب الثقة من عبد الحميد الدبيبة وعين فتحي باشاغا وهو عسكري سابق ثم تاجر كبير ورأسمالي ينشط بقطاع الاستيراد خلفا للدبيبة في رئاسة الحكومة في فبراير/شباط 2022. تأزمت الأوضاع بين البرجوازية الليبية بمختلف إيديولوجياتها وعلاقاتها الخارجية مما زاد عمق حالة الشعب الليبي والطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة، فبدأت أقسام منها تسعى لعملية سياسية تخرجها من الأزمة الطويلة بالاعتماد على المراقبة الدولية طمعا في توحيد القوات المسلحة ووحدة المصرف والمال والتصويت على دستور، وإجراء الانتخابات التشريعية وانتخاب رأس السلطة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. في هذا الوضع المتأزم جداً للبرجوازية الليبية التي استولت على التحدث باسم الثورة الليبية منذ 17 فبراير/شباط 2011، سعت أقسام أخرى من سلالة الأنظمة الاستبدادية والمدعومة من الرأسماليين والامبرياليين إلى الظهور على المشهد الإعلامي بدون حياء وخجل للبحث عن مكان بين الانتهازيين وأعداء الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الفقيرة الليبية؛ الأول: ( محمد الرضا الحسن السنوسي) سلالة الملك إدريس الذي اسقط نظامه بصفة نهائية انقلاب 1 سبتمبر/أيلول 1969 من طرف الشباب الضبط الوحدويون الأحرار وتاسيس النظام الجمهوري، والثاني: (سيف الاسلام القذافي) من سلالة المستبد الكبير معمر القذافي الطاغية الذي قصف شعبه بالنيران والذي أسقطت الثورة الشعبية الليبية في 17 فبراير2011 نظام حكمه بصفة نهائية. فبدون نظرية ثورية وتنظيم محكم لطلائع النضال والكفاح الشعبي الميداني و خلق هيئات محلية شعبية وديمقراطية إلى النهاية مناضلة ومكافحة من اجل السيادة والاستقلال وتقرير المصير الفعلي والكامل على كل ليبيا وحق الليبيين والليبيات في ثروة بلدهم ووطنهم ستظل هذه الأصناف والزمر والعصابات والمرتزقة والانتهازيين التي كانت سبب كل المهالك والمصائب تسعى الى العودة لقهر الليبيين وخدمة مصالح الاستعمار والرأسماليين والامبرياليين وأعداء الشعوب تطمح للسيطرة على ليبيا وقمع شعبها البطل سلالة عمر المختار. عاشت ليبيا حرة ومستقلة إلى الأبد (1)https://lana.gov.ly/post.php?lang=ar&id=281500 (2)https://almusallh.ly/ar/news/5073-2024-08-11-00-19-01 (3)https://www.dohainstitute.org/ar/ResearchAndStudies/Pages/art172.aspx (4)https://alnnas.ly/%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%B6%D8%A7%D8%A1%D9%88%D8%A7-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B9%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7/ (5)https://www.eanlibya.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D8%A2%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%85/ (6)https://lawsociety.ly/source/libyan-national-assembly/ (7)https://jabhastudies.com/category/%d9%82%d8%b6%d8%a7%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae%d9%8a%d8%a9/ (8)https://alwasat.ly/news/opinions/399740?author=1 (9)https://ahmedmansour.com/%D8%AA%D8%B5%D9%86%D9%8A%D9%81/%D8%AD%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%AA-%D9%87%D8%A4%D9%84%D8%A7%D8%A1/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89-%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%A8%D9%86-%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%85/ (10)https://www.palestine-studies.org/ar/node/1635784 (11)https://elbeyan.info/node/6282
#بن_حلمي_حاليم (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا، الإسلام السياسي يهدف للسيطرة الأبدية على جهاز الدولة
-
سوريا صوب تغيير عميق بالمنطقة العربية
-
انتخابات المجالس النيابية والديمقراطية البرجوازية وديكتاتوري
...
-
الإسلام السياسي والعمل من اجل الديمقراطية وانتخاب الجمعية ال
...
-
المجالس النيابية في الدول الرأسمالية وسائل لديمومة سلطة الأغ
...
-
المغرب، رتب لنقل الحكم صوب ترسيخ الاستبداد والعبودية الجديدة
-
تونس، من أين؟ والى أين؟
-
جوليان اسانج كشف عن حقيقة الديمقراطية البرجوازية وحدود حرية
...
-
فرنسا، مناضلي/ات الشعب الفرنسي يتصدون للقوى اليمينية الرجعية
...
-
إيران بلد شاسع وغني والطبقة العاملة فيه مسحوقة
-
إيران دولة دينية تطحن شعبها وتساند على قهر شعوب المنطقة العر
...
-
التضامن الاممي واجب ضد التيارات الرجعية والعنصرية
-
الأمم المتحدة اسما مضللا عن دول غير متحدة ولن تتحد لمصلحة ال
...
-
الرأسمالية والامبريالية قادتا البشر للهلاك وتهدد الكوكب بالد
...
-
فلسطين لن تحل قضيتها إلا الثورة
-
المغرب تطبيعا علنيا مع العدو وبعث معونات إلى الفلسطينيين
-
فلسطين تقاوم أفظع احتلال في التاريخ ببسالة وصمود
-
فلسطين بدون سلاح متطور تقاوم الحصار والقصف الصهيوني المساند
...
-
فلسطين كافحت وتكافح ضد الامبريالية
-
يحتضن المغرب قمة صندوق النقد العالمي والبنك العالمي، مفتخر ب
...
المزيد.....
-
العفو الدولية تطالب نيجيريا بمحاسبة قتلة المتظاهرين
-
ماذا تعرف عن الاشتراكي الأخير في بكين الذي يحارب الديمقراطية
...
-
العدد 615 من جريدة النهج الديمقراطي
-
تـحـيـة وتـهـنـئـة حزب الشعب الفلسطيني في الذكرى الـ 90 لا
...
-
الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين بتل أبيب
-
بيان مشترك.. لفصائل المقاومة الفلسطينية
-
كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي في تأبين الر
...
-
صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 28يوليوز 2025
-
-الشيوخ- الأمريكي يحبط محاولة بيرني ساندرز لمنع بيع الأسلحة
...
-
بلاغ الكتابة التنفيذية للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي
المزيد.....
-
ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا
...
/ بن حلمي حاليم
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|