أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بن حلمي حاليم - الأمم المتحدة اسما مضللا عن دول غير متحدة ولن تتحد لمصلحة المظلومين















المزيد.....


الأمم المتحدة اسما مضللا عن دول غير متحدة ولن تتحد لمصلحة المظلومين


بن حلمي حاليم

الحوار المتمدن-العدد: 7842 - 2023 / 12 / 31 - 20:38
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى المنتصرة في الحرب الامبريالية العالمية الأولى سنوات 1914 1918 قسمت مناطق القارات بينها ولمصلحتها، وحددت لكل منطقة مهامها وخدمتها للقوى الجديدة التي أفرزتها الحرب المدمرة في العقد الثاني من القرن الماضي.
ومن اجل حماية أنظمتها طورت الصناعة في مجالات العسكرية والأسلحة والاستخبارات، وأجهزت التجسس والمراقبة، وسخرت جل مكاسب الأمم لذلك، ضد مصالح شعوب العالم، واتحدت على استعمار أراضي الأمم، والاستيطان فيها ونهب ثرواتها.
لقد قاد كل من : النظام الرأسمالي المتحد، والنظام البيروقراطي الذي سيطر على الثورة العمالية التي أسست "الاتحاد السوفياتي" أمم العالم إلى مهلكة ثانية بعد مرور نحو 20 سنة على الأولى؛ ولماذا حدث ذلك؟ وفي البحث عن الجواب، سيتضح أن كل الهيئات التي تنشئها القوى الامبريالية مثل عصبة الأمم وغيرها، مدعية أنها من اجل ضمان حقوق الأمم والشعوب، فهي مضللة وخادعة وغير ممكنة تحت سيطرة الأنظمة الرأسمالية.
فبعد مرور نحو 10 سنوات على تأسيس "عصبة الأمم" من طرف الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى، اهتز قلب هذا النظام بأزمة اقتصادية وساحت مع كل الجسم؛ ففي 24 تشرين الأول 1929 تزعزع هذا النظام الذي ادعى انه سيضمن الحياة الرغدة للبشر، وكانت حقا أزمة تاريخية، فلم تحصل له منذ أوج صعوده، وبعد الحرب الامبريالية العالمية الأولى، ظهرت بقوة وزلزلت احد أركانه.
فقد توجه قسم واسع من سكان الولايات المتحدة الأمريكية صوب " وول ستريت" من اجل التخلص من الأسهم المالية التي طمحوا بتوظيفها بالنظام الرأسمالي لمدة 10 سنوات بعد تلك الحرب المدمرة، وووصلت للبورصة أسهم كثيرة جدا بيوم واحد، مما اظهر إفلاس ركن أساسي بالنظام الرأسمالي العالمي.
وفي 29 تشرين الأول بعد مرور اقل من أسبوع انتشرت في العالم الرأسمالي الذي أفرزته الحرب، والمهيمن على الأمم والشعوب عسكريا وماليا؛ وهو النظام الذي سحق حركات التحرر الوطني للبلدان التي سعت وكافحت من اجل استقلالها الوطني وبناء نظامها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي بكل حرية.

الأمم والشعوب دفعوا تكاليف الكساد العظيم للنظام الرأسمالي

لقد سلكت الدول الرأسمالية و"عصبة الأمم" طريق الهلاك بعد معاهدة " فرساي" وتقسيم العالم، فقد دفعت بأغلبية سكان الأرياف والفلاحين الصغار جدا الذين نجوا من الموت المحقق بسبب العسكرة والأوبئة إلى النزوح نحو المدن، وصاروا يد عاملة بأقل كلفة وأجور زهيدة، جعلتهم – ن، بروليتاريا في القطاعات الصناعية الرأسمالية والأعمال الشاقة في المناجم وشق الطرق الوعرة بكل مكان.
فصار أغلبية سكان الولايات المتحدة الأمريكية بروليتاريين، وراكم الرأسماليين على أتعابهم- ن، أموال كثيرة، وبدءوا ينظمون الصفقات والمضاربات وكسب المزيد من الأرباح على حساب الكادحين والكادحات، ووظفوها بالأسهم وجر المجتمع إلى سياساتهم الرأسمالية، واستعملوا الإعلانات الواسعة والحملات الدعائية للنظام الرأسمالي الذي سيخلق " الازدهار لكل الناس".
وهكذا استطاعت الإيديولوجية الرأسمالية والامبريالية أن تخدع الناس بإمكانهم- ن، امتلاك البيوت الفاخرة والسيارات...الخ، وقد نزلت للأسواق الأمريكية ملايين السيارات التي أنتجتها البروليتاريا من ساعات كدحها بالأجور الزهيدة، ونشطت الأموال بالمصارف وفتحت أبوابها لمن يريد القروض، وبذلك رهنت حياة الناس بسياستها للنظام الرأسمالي، فبلغت نسبة نمو سوق الأسهم رقم مرتفع جدا، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى يوم الهزة الكبرى في 29 تشرين الأول 1929، وطيلة هذه الفترة كانت الرأسمالية تغرق الأسواق بالمنتجات المتنوعة بما فيها الغذائية.
فالشركات الرأسمالية الصناعية الكبرى تبحث عن المزيد من الأرباح، وليس " ازدهار الناس" كما تدعي الدول التي ساهمت في إتلاف ما لا يعد من المنتجات التي كان محتفظ بها في آماكن مخصصة لهذا الغرض، بعضها تم إحراقه، وأخر رموه في المحيطات، وذلك من اجل الحفاظ على قيمة الأسعار، وهذا يعد تدبيرا للنظام الرأسمالي، وبنيويا في تكوينه ضد الإفلاس المحقق.
وهكذا تذهب المنتجات الغذائية إلى الضياع والإخفاء والإتلاف بينما أغلبية سكان العالم يتضورون جوعا، ويتألمون من شدته، ومنهم من مات بسببه، وهذا في الحقيقة هو جزء ظاهر من " الازدهار" الذي ادعى النظام الرأسمالي انه سيجعل الناس يتمتعون به؛ أليست هذه جرائم ضد الإنسانية؟ فقد انتشرت البطالة واسعة النطاق والأكثر جماهيرية بين الشباب والشابات الذين واللواتي نزحوا مع أسرهم نحو المدن، وظهرت بيوت السكن في أحياء القذراة والأوساخ والأمراض المعدية وكل الآفات، لقد كانت أحياء مكتظة بالسكان ومحرومة من كل شروط الحياة الإنسانية على هامش المدن الكبرى بالدول الرأسمالية.
الدول الصناعية الكبرى دمروا قسم من العالم وقتلوا الملايين من البشر

لقد افرز النظام الرأسمالي أنظمة وحركات سياسية يمينية ودينية عنصرية، وبذلك تعمقت الأزمة بين الأمم، وزادت بعد تشكيل التحالفات المقدسة ضد التوجهات الاشتراكية والحركات الثورية المرتبطة بقضايا الطبقة العاملة والطبقات الكادحة التي سحقتها الدول الرأسمالية والطبقات البرجوازية، فالاستغلال المفرط، والطمع في ثروات الشعوب بالسلاح عمل أساسي في السياسات الرأسمالية، مما أدى إلى نشوب حرب امبريالية عالمية ثانية في أوائل أيلول 1939 في أوروبا واتفق على إيقافها في 1945، وبذلك تكون هذه القارة ساحة الحروب المدمرة؛ لكن الحروب لم تنتهي، بل اندلعت في عدة أماكن في العالم؛ وهل توقفت وانتهت حروب الرأسماليين والامبرياليين بعد سنة 1945؟
مرت ثانية تشكلت مجموعتان: مجموعة " دول الحلفاء" ومجموعة " دول المحور" وكلاهما من الرأسماليين والعسكريين والامبرياليين، ووسعوا الحرب على مساحات شاسعة من العالم، وشارك في نيرانها نحو 100 مليون نفر، وشملت نحو 30 دولة، ووظف فيها كل شيء: الاقتصاد والصناعة والعلم، والجيش والإعلام، والإيديولوجية والدين، ودفعت البروليتاريا ثمن الهلاك بعد مرور 20 سنة ، وكان أبناء الكادحين – ات ، حطبا لنار الرأسماليين، والامبرياليين؛ الأجداد والآباء والأبناء، جيل تلو الآخر.
وهكذا بدأ القصف الاستراتيجي، وقتل السكان المدنيين، الأطفال والنساء والمسنين، وبلغ ضحايا حرب الرأسماليين نحو 80 مليون قتيل، وما لا يعد من المعطوبين والمصابين بالعاهات المستديمة والأمراض العقلية والنفسية، إضافة إلى رمي قنبلتين ذريتين على مدينتي : نغازاكي وهيروشيما في اليابان من طرف الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت اكبر جريمة في تاريخ التطور الصناعي الحاصل بين يد وسلطة الرأسماليين، فقد دمروا قسم من الشعب الياباني، وبقيت أثارها البيولوجية والنفسية مستمرة إلى اليوم، وبذلك وارهبوا بقية الدول.

الرأسمالية الصناعية والامبريالية افرزوا أنظمة فاشية

من سيقرر حجم خسائر لازالت تابعاتها مستمرة إلى اليوم؟ ومن سيعوض لمن؟ فالسابقون من الرأسماليين والامبرياليين خلفوا للأجيال مصائب وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وبيئة وثقافية كبرى، وزاد عمقها بشدة الرأسماليين الحاليين.
فقد دخل الاتحاد السوفياتي هذه الحرب تحت نظام بيروقراطي، الذي اختلف حول تصنيفه أقسام من الماركسيين، وسقط فيها نحو 27 مليون قتيل سوفييتي، أما الخسائر المادية التي أنتجتها الطبقة العاملة، فهي لا تعد ولا تحصى؛ وإذا احتسب الإنسان كل خسائر منتصف القرن الماضي مع قيمتها اليوم، وعدد الضحايا من البشر، سيصاب بالدوران، والدوخة بالرأس، لقد كانت جرائم فظيعة ارتكبها الرأسماليين والامبرياليين والنظام البيروقراطي والديكتاتوري بالاتحاد السوفياتي ضد الإنسانية، لقد دمرت المدن والأرياف والمصانع والمعامل والحقول، وتلوثت الأراضي...الخ.
وكانت البيروقراطية السوفيتية نظمت عمليات الاغتيال السياسي لمن يخلق لها مشاكل؛ وقبل اندلاع نيران الحرب قامت بالتصفية الجسدية لأهم الثوريين الماركسيين في البلد، الذين واللواتي كانوا في المعارك ضد الثورة المضادة وجيوش القيصر الروسي، ففي أواخر كانون الثاني 1937 نظم حكم جوزيف ستالين في العاصمة موسكو محاكمات صورية لمنحها صبغة قانونية بتهم زائفة على من رافقوا فلاديمير لينين وليون تروتسكي وغيرهما طيلة المعارك النظرية والعملية من اجل استلام السلطة، وبناء النظام الاشتراكية في البلد والعالم كله؛ اشتهرت تلك التصفيات الكبرى تحت اسم " محاكمات موسكو" من آب / أغسطس 1936 إلى آذار 1938؛ وبذلك يكون تقسيم بولندا مع النظام النازي الحاكم في ألمانيا وخوض الحرب العالمية الثانية تم بعد التصفية لجل أعضاء اللجنة المركزية، والمكتب السياسي للحزب، وكثير من الأطر، والمكافحين -ات الذين نجحوا في تحقيق النصر أوائل الثورة أثناء الحرب العالمية الأولى، وفي أواخر آب / أغسطس 1940 نظمت البيروقراطية والديكتاتورية تصفية جسدية لليون تروتسكي في المكسيك؛ بهذه التصفيات وغيرها من الأعمال والتدخلات قدمت البيروقراطية بزعامة جوزيف ستالين خدمات جد مهمة للرأسمالية والامبريالية، وكان أفضل عمل تحقق لهم ، ولم يكونوا يحلمون به.

أنجبت الرأسمالية من أيام الحرب العالمية الأولى، وبعدها، تيارات وأفكار جنينية للحركات العنصرية والوطنية المتشددة والعصابات المنظمة الإجرامية، وظهرت في ألمانيا المنهزمة بقوة، واستطاعت السيطرة على البلد بعد سحق الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين غير الثابتين على امر، وخلقت سجالا واسعا حول الظاهرة والوضع بأوروبا.
لقد استفادت الحركات العنصرية والوطنيين المتشددين والحركات الدينية من إسقاط الأنظمة الملكية والأنظمة الرجعية الوراثية القديمة، وتأسيس الجمهوريات، وأشكال الحكم البورجوازي الحديثة، وهذا الأمر هو الذي ساهم بخلق هامش الديمقراطية البورجوازية، وانتهزته مجموعات عنصرية وأسست "حزب العمال الألماني الاشتراكي القومي" في ظروف الأزمات الرأسمالية الكبرى، نتيجة الحرب العالمية الأولى سنوات 1914 و1918على الساحة الأوروبية، والكساد الكبير وانهيار البورصة بالولايات المتحدة الأمريكية في 1929، وهما من أهم المناطق الصناعية في العالم، وقد أدت الرأسمالية إلى التضخم الذي لا يطاق، والبطالة الواسعة الانتشار.
هذه الظروف وغيرها هي التي دفعت بالمؤسسات العسكرية والبورجوازية والرأسماليين الصناعيين والإعلاميين المتفرغين والمحترفين إلى الانضمام والانخراط في حزب العمال الألماني الاشتراكي القومي" وفي 1932 ظهرت " النازية" بالمعركة الانتخابية بقوة في ألمانيا، وفي 30 كانون الثاني 1933 أصبح زعيمها أدولف هتلر رئيسا للوزراء/ مستشار.
وبذلك حسمت مسالة الحكم بقولة " من ليس معنا فهو ضدنا" ويجب نسفه نسفا؛ وقد فعلوا ذلك ،وقاموا بالحظر الشامل للأحزاب، والسيطرة على جهاز الدولة الرأسمالية، ووظفوا كل مؤسساتها لتطبيق النظام العنصري؛ واجتهدوا وأبدعوا في توظيف التعليم بكل مستوياته والصحافة والإعلام وبالأخص السمعي – البصري، ونظموا حملات الدعاية الواسعة للإيديولوجية الرجعية العنصرية، وشكلوا أجهزة المخابرات والتجسس، وأسسوا تنظيمات تقوم بالإرهاب، والاغتيالات السياسية، وهكذا خنقوا الأنفاس، بجهاز " الجستابو" وشيدوا أماكن الاعتقالات للمعارضين –ات.
وبهذا الصنف من الأنظمة أرادوا السيطرة على قسم كبير من أوروبا، بعدما تحكموا بصورة نهائية في ألمانيا في ظرف خمس سنوات تقريبا؛ وقاموا بغزو بلد النمسا في 12 آذار 1938تحت شعار " انشلوس" بتحضيرات مسبقة سرية لذلك مع من يناصر " النازية" وفي أوائل تشرين الأول 1938 احتلوا تشيكوسلوفاكيا، وأصبحت تحت حكمهم، وفي 1 أيلول 1939 غزوا بولونيا/ بولندا.
عرف هذا الاعتداء العدواني باسم " حملة سبتمبر" و " حملة بولندا" فقد حسمت بمدة شهر، وهو عدوان تم من طرف النظام النازي الذي حكم ألمانيا بزعامة أدولف هتلر من جهة، والنظام البيروقراطي بزعامة جوزيف ستالين الذي حكم الاتحاد السوفياتي من جهة، كما ذكرت في ثنايا النص.
وهذا يبن الاتفاق على تقسيم أراضي بولندا بينهما مسبقا، وقد تم ذلك بإبرام اتفاقية أواخر آب/ أغسطس 1939، وقد دافع البولونيين –ات عن بلدهم، ووطنهم بشراسة، وقد قتل منهم الآلاف، وسقط في الأسر تحت يد الأعداء الآلاف كذلك، والتجأت القوات البحرية البولونية إلى بريطانيا.
إن النظام الرأسمالي، والقوى الامبريالية لم تحل المشاكل والأزمات والقضايا الكبرى بعد نهاية حربهم المدمرة سنوات 1914 و1918، وإنشاء " عصبة الأمم" ومعاهدة " فرساي" وتقسيم خرائط العالم الجغرافية – السياسية، ولم تمر سوى عشرين سنة حتى تفجرت عصبتهم التي تمثلهم، ولا تمثل كل الأمم كما ادعوا، إنها " عصبة الدول الامبريالية" وليست عصبة الأمم التي سقطت تحت هيمنت الاستعمار والاستيطان والتبعية.
فقد حاول البولونيين تفادي هذا الاعتداء مسبقا ووقعوا اتفاقيات " سلام" مع كل من ألمانيا ثم الاتحاد السوفياتي، لكن هذه الاتفاقيات ومثلها، لم تنفع بشيء، فقد وقع نظامي كل من : هتلر وستالين اتفاق" سلام" بينهما حول عدم الاعتداء على بعضهما، مما دفعهما إلى الاعتداء على بولندا وتوزيع أراضيها وسكانها تحت جبروت القوة؛ بمبررات عهود بائدة تجاوزتها الأحداث والتطورات المادية التاريخية.
وانهارت كل الاتفاقيات" السلام" و" الهدنة" و" حسن الجيرة" وانهارت مع ذلك عصبة الدول الامبريالية، واندلعت بين من أسسوها الحرب العالمية الثانية.
فقد أنتج النظام الرأسمالي والامبريالي الحركات " الفاشية"و" الشوفينية"و" العصابات الإجرامية" و" الصهيونية" وحافظ على العادات والتقاليد القديمة، وقد برزت في ايطاليا إحدى منتجاته، ونظمت عملها، وتقوت، وجعلت الدوتشي بينيتو موسولوني زعيما لها، وتحالفت مع " النازيين" في ألمانيا، لمناهضة الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين والحركات النسائية التقدمية وكل حركات التحرر الوطني في العالم، وانضمت إليهم حركة مماثلة في اليابان وشكلوا حلف رأسمالي امبريالي عسكري عالمي.
ففي أوج التطور الصناعي نمت وتطورت " الفاشية" في ايطاليا في رحم النظام الرأسمالي بفترة نهاية الحرب العالمية الامبريالية الأولى، وتشكيل " عصبة الأمم" ومعاهدة " فرساي" وتقسيم العالم وأراضي الأمم والشعوب التي لم تتغلغل فيها الرأسمالية بعد، بحيث لم يحصل الرأسماليين الايطاليين على نصيب كبير بالقسمة، وقد استغلوا العصابات المسلحة " الميليشيات" التي ترتدي قمصان باللون الأسود للتمييز عن الآخرين، بزعامة موسولوني، وقاموا بهجمات عنيفة على المنظمات العمالية والنقابات وتشتيت كل التجمعات والتظاهرات ضد الاستغلال، وقدموا بذلك خدمة عظيمة للطبقات البورجوازية، ولذلك ظلت الرأسمالية توظف مثل هذه الحركات العنصرية ضد نقيضها الاشتراكي الثوري والديمقراطي العلماني (أللائكي)، وانظم إليهما عدد من الرأسماليين الايطاليين وشجعوهم على ذلك، وسيطروا على أجزاء كبيرة من البلد بتعاون من أقسام من الجيش والشرطة.
وفي آب / أغسطس 1922استطاعوا القضاء على إضرابا عاما دعت إليه أحزاب يسارية واشتراكية، ولما تقوت الفاشية، طمعت في استلام السلطة؛ ونظموا مسيرات صوب العاصمة روما، وقد وظف الملك فكتور ايمانويل الثالث هذه الحركة "الفاشية" الصاعدة بقوة، وزعيمها موسولوني في تدبير الظرفية السياسية لايطاليا بعد الحرب العالمية الأولى، مثل ما تفعل كل الأنظمة الرأسمالية في العالم، وطلب منه تولي رئاسة الحكومة في 29 تشرين الأول 1922؛ وكانت هذه مهمة سعى إليها الرأسماليين الايطاليين والحركة" الفاشية"، وكان تحالف سياسي ضد الشيوعيين والاشتراكيين والديمقراطيين في ايطاليا.
أرادت الطبقات البورجوازية الايطالية المتحالفة مع " الفاشية" أن تحقق ما لم يقدر عليه ملوك ايطاليا، ففي 5 كانون الأول 1935 قاموا بغزو الحبشة / إثيوبيا لاحتلالها، انطلاقا من اريتريا، وقد استعملوا مواد خطيرة جدا من اجل ذلك تمثلت بالسلاح " الكيماوي" وقد حسموا به الحرب لصالحهم في آذار1936، وضموها إلى مملكة ايطاليا.
هذا الاحتلال الامبريالي للفاشية الايطالية، واستعمال السلاح الكيماوي ضد شعب الحبشة/ إثيوبيا التي كانت تحت حكم " الإمبراطور" والمجرم هيلا سيلاسي الأول، خلق سجالا واسعا بين الديمقراطيين والماركسيين حول مع من يستوجب الوقوف والمساندة؟ وكان فعلاً نقاشا مهماً؛ ففي مثل هذه الأحداث والمحطات التاريخية تحسم عدة أمور مصيرية في الفكر والمعرفة والسياسة والإيديولوجية.
أعلنت الفاشية الايطالية إن البحر الأبيض المتوسط مجالها الحيوي ويجب السيطرة عليه، وان ليبيا جزء من أراضيها، وبذلك ربطت تحالفات مع الامبرياليين، واستعملت كل الأسلحة ضد الشعب الليبي، والمذابح والإرهاب لإخضاعه لكن الليبيين كافحوا ببسالة من اجل سيادتهم ووطنهم-ن، وأعدم النظام الفاشي زعيم الكفاح المسلح عمر المختار في 1931.
أنتجت الرأسمالية والامبريالية كذلك في جنوب أوروبا والبحر الأبيض المتوسط نظام حكم فرانشيسكو فرانكو في اسبانيا، أطلق عليه "الفرانكوية" وهو نظام للحركة" الفاشية" وقد نظم حملات واسعة ضد الشيوعيين واللاسلطويين تحت شعار "الحرب الأكثر قداسة" وساندته بذلك كل المؤسسات الرسمية الدينية والحركات السياسية الدينية من جميع المذاهب، واستطاع بذلك سحق الثورة الاجتماعية في اسبانيا، وقد استفادت الطبقات البرجوازية والرأسمالية من هذه الحركة الفاشية بقيادة قسم واسع من الجيش، وقد استغلت الفلاحين المعدمين من سكان المناطق التي احتلتها اسبانيا في المغرب الأقصى، وأمريكا اللاتينية، وجندتهم رديفا من " المرتزقة" بحربها المقدسة بتشجيع من الطبقات الرجعية بالمغرب والنظام السلطاني فيها، وكان بتلك الفترة محمد بن يوسف، الذي سيصبح الملك محمد الخامس، ولم تترك الفاشية مدينتي مليلية وسبتة للمغرب الأقصى، ولا زالت تحتلهما وتعدهما اسبانيتين، هل كان هذا الاحتلال سيستمر لو نجحت الثورة الاسبانية؟
وقد قاد الديكتاتور فرانكو تحالف سياسي يميني رجعي، وهي" الجبهة القومية الاسبانية" ودعمتها ايطاليا وألمانيا واليابان، بينما البيروقراطية السوفياتية بزعامة جوزيف ستالين دعمت " الجبهة الشعبية" وهي تحالف برجوازي وطني.
ففي 17 و18 تموز 1936 فشل قسم من القوات المسلحة الاسبانية في تنظيم انقلاب على السلطة، ضد الحكومة الجمهورية الثانية، وقد استمرت الحرب الأهلية الاسبانية إلى أوائل نيسان 1939، وقد ساند هذا الانقلاب العسكري نظامي كل من : موسولوني الفاشي بايطاليا والنازي الهتلري بألمانيا.
وكانت حرب شرسة قدسوها لأنها ضد اليساريين والشيوعيين والاشتراكيين واللاسلطويين، والديمقراطيين، وضد المنظمات العمالية والفلاحية وضد حقوق القوميات المضطهدة، وقد أسقطت الثورة الاسبانية النظام الملكي لحكم الفونصو الثالث عشر، ورحل إلى المنفى، ورغم الثورة الشعبية العارمة والحرب الأهلية الواسعة، فانه لم يتنازل عن رمزية الحكم، وعرش مملكة اسبانيا؛ وقد أعادها المجرم فرانكو، والطبقات الرأسمالية واليمين الرجعي إلى حكم اسبانيا سنة 1975، ولم يعترف بمغربية مدينتي مليلية وسبتة، وقد كرس احتلالهما.
وهكذا تم تحالف الملكيين والرجعيين والكاثوليك والجيش بحربهم ضد الجمهوريين بقيادة فرانكو؛ وقد نجحوا في تحقيق أهدافهم أثناء الحرب العالمية الثانية.
الرأسماليين والامبرياليين أسسوا هيئات للسيطرة على الأمم
فقد عجزت عصبة الدول التي أسستها الأنظمة الرأسمالية والامبريالية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى سنوات 1914 و1918 عن العمل، وكانوا أطلقوا عليها " عصبة الأمم" أي أمم يقصدون؟ فقد توقفت جل أنشطتها أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت الأمانة العامة في سويسرا، وموظفين في مكاتب ببريطانيا، والولايات المتحدة؛ ومن يومها أصبح لكل من: جنيف وواشنطن ولندن مكانا خاصا في العالم.
وفي 24 تشرين الأول 1945 ظهر ميثاق " الأمم المتحدة" في ظرف لا زالت بعض الأجهزة ومكاتب في" عصبة الأمم" تنشط، وفي نيسان 1946 اجتمعت 35 دولة من أصل 46 في جنيف بسويسرا، واتفقوا رسميا على حل" عصبة الأمم" ففي كل حروب الرأسماليين والامبرياليين يحصل انتصار لبعض التحالفات، والانهزام للأخرى، والمنتصر يؤسس مواثيق تخدم مصالحه، والمنهزم لا يقبلها، ولكنه مجبر على الخضوع لها، وهكذا تظل الحروب والنزاعات مستمرة وتهدد البشرية، وإذا لم تتسلم البروليتاريا تسيير شؤون الناس، فلن تنتهي جرائم الرأسماليين والامبرياليين واحتلالهم لأراضي الأمم والشعوب، ونهب ثرواتها.
الم يبين ميثاق التأسيس، أن 9 دول رأسمالية امبريالية لم تحضر، ولم تساهم بحل العصبة؟ واعتبر بعضهم أنها لم تفشل، وان المبادئ التي تأسست عليها لم تكن ناقصة، لكن الدول والحكومات تركوها، وأهملوها، وهذا الرأي عبر عنه مندوب فرنسا جوزيف بول بونكر، يومذاك.
وفي أيلول 1946 أعلن ونستون تشرشل رئيس وزراء المملكة المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية : " لم تفشل العصبة بسبب مبادئها أو مفاهيمها، لقد فشلت لأن تلك المبادئ تخلت عنها الدول التي أوجدتها، لأن حكوماتها كانت تخشى مواجهة الحقائق، والتصرف فيما بقى من الوقت ..."
ومن هنا تظهر فائدة هذه الهيئات الدولية التي تنشئيها الدول الصناعية الكبرى والرأسمالية والامبريالية، ولذلك لم توجد علاقة رسمية للأمم المتحدة مع " عصبة الأمم " وقد تم نقل بعض الأصول والمكاسب المادية والممتلكات التي حصلت في عهد"العصبة الأمم" منها : مقر العصبة في جنيف، وقصر الأمم، ومهام كثيرة منها : حماية اللاجئين، والصحة العالمية والتعاون والتنمية.
وهل تطورت الهيئات الدولية تحت سيطرة القوى الرأسمالية والامبريالية؟ هل يوجد اختلاف بينهما حول مهام عصبة الأمم التي تأسست بعد الحرب العالمية الأولى 1914 و1918 و " الأمم المتحدة" التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية 1939 و1945؟
إن الرأسمالية والامبريالية لن تؤسس هيئات لمصلحة المظلومين، ولن تحقق العدل والسلام في العالم، لأنها انبثقت من حربين ظالمتين تسببتا للدمار والخراب للبشر، ومن ينتظر ذلك فهو في غيبوبة أو يريد مسك السراب، ولن يحصل السلام ويتحقق العدل مع قتلة الأطفال والنساء والمسنين
فمن هاتين الحربين تقوت الحركة الصهيونية، وأسست بعد نهاية الحرب الثانية كيان قومي عنصري، معتمد على تراث ديني لليهود، وقررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وخلق دولتين على ارض فلسطين، وكان ذلك تحت قوتين كبيرتين أفرزتهما الحرب العالمية الامبريالية الثانية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفياتي، وبعد تفكك هذه الأخيرة ظهر حساب أخر؛ وهل بذلك وجدت حلا للقضية؟ هل سياسة تأسيس الدول في البلدان على أسس عرقية ودينية سياسة سليمة وصائبة؟ هل طمس وإخفاء الصراع الطبقي بهذه الإيديولوجية على الأجيال القادمة ستطول مدته؟ فمن حق الناس أن يحلموا بوضع أخر غير هذا، ويعملوا من اجله



#بن_حلمي_حاليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية والامبريالية قادتا البشر للهلاك وتهدد الكوكب بالد ...
- فلسطين لن تحل قضيتها إلا الثورة
- المغرب تطبيعا علنيا مع العدو وبعث معونات إلى الفلسطينيين
- فلسطين تقاوم أفظع احتلال في التاريخ ببسالة وصمود
- فلسطين بدون سلاح متطور تقاوم الحصار والقصف الصهيوني المساند ...
- فلسطين كافحت وتكافح ضد الامبريالية
- يحتضن المغرب قمة صندوق النقد العالمي والبنك العالمي، مفتخر ب ...
- صممت الامبريالية الجديدة خريطة سياسية وفعلتها لسحق البشر
- ليبيا مأساة وفواجع
- مراكش الدقة الرأسمالية إيقاعات يكشف عنها زلزال سبتمبر/ ايلول ...
- مراكش
- بريكس تكتل سياسي واقتصادي تقوده الامبريالية الجديدة
- الثورة العربية سنة 2011 زلزلت المنطقة ونزعت القشرة عن النواة
- معأناة الافارقة في قارتهم وقارتهن
- لبنان الشعب العظيم وبيروت الصامدة ضد الأعداء من كل الأصناف
- فلسطين بعد صفقة القرن وجائحته
- الجزائر، شعب يناضل ببسالة من اجل استكمال استقلاله وسيادته ال ...
- العراق ، من بغداد إلى بيروت الثورة لن تموت
- لبنان، الثورة تهدم القديم وتؤسس للجديد
- لبنان، ثورة 17 تشرين الأول تحفر قبر الطائفية السياسية ودولته ...


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - بن حلمي حاليم - الأمم المتحدة اسما مضللا عن دول غير متحدة ولن تتحد لمصلحة المظلومين