عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)
الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 16:12
المحور:
القضية الفلسطينية
من أبلغ ما قال الداهية هنري كيسنجر ان " لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا " وهي نظرية لا زالت قائمة حتى يومنا هذا وهو على ما يبدو اليوم الفارق في تاريخ المنطقة فقد وصلت سوريا الى منتهاها وبالتالي صار سلامهم حسب تقديراتهم ممكنا الا العائق الاخطر وهو مصر والمقاومة الفلسطينية واسهل الطرق للتخلص من اخطر عائقين هم دفعهم للصراع بيني ينتهي بخروج مصر كليا من مشهدية الحرب المحتملة أو حتى المتخيلة يوما.
الاحتلال سعى طويلا لهذا اليوم ان تقف المقاومة الفلسطينية وبالتالي الشعب الفلسطيني ومصر وبالتالي الشعب المصري في مواجهة تقود الى فقدان الثقة وانعدام الدافعية القومية او الوطنية حتى لدى الشعب المصري او ان يقود ذلك الى انقسامات اخطر في الداخل المصري فمصر لا زالت تشكل الاخطر الاكبر على الاحتلال وهي لذلك تسعى جاهدة للتخلص منها اولا بإبعادها عن اي دور محتمل في القضية الفلسطينية وثانيا تفتيتها ان امكن ذلك وقد تكون القضية الفلسطينية والصراع مع فلسطين المقدمة التي تنتظرها امريكا والاحتلال فلا احد منهم يريد الابقاء على مصر على حالها.
حرب في ليبيا تمتد خيوطها الى العمق المصري وحرب في السودان تمشي مع مياه النيل وسد في اثيوبيا تدرك الولايات المتحدة واسرائيل ان القدرة على استخدامه لتعطيش مصر ارضا وشعبا ممكن والسعي لإقامة قناة بن غوريون لتجفيف مصدر دخل قومي لمصر كقناة السويس ويبقى الاخطر ترحيل القضية الفلسطينية بما تبقى من ناسها مع بقعة صغيرة من ارضها " رفح او اكبر بقليل " لتصبح وجعا مصريا دائما فهل نقع نحن في الفخ ونوقع مصر معنا ام تقع مصر في الفخ وتوقعنا معها هذا السؤال برهن الاجابة من الطرفين معا لا من الاعداء الراغبين بذلك جدا
بعد ان تمكن الاحتلال من اشغال العالم بالإغاثة والصفقة ولم تعد المقتلة الأسوأ في التاريخ هي العنوان ووجد الاحتلال بمساعدة الولايات المتحدة مدخلا لحال اسوأ بتأسيس منظمة غزة الاجرامية بغطاء امريكي والتي حولتها الى مصائد للموت لا للإغاثة باتت فكرة المخرج الذي اعد سلفا هي الكمين الاخطر الموجه ضد مصر والمقاومة الفلسطينية وكل القضية الوطنية الفلسطينية.
يجري الحديث علنا الان عن المدينة الانسانية في رفح التي يبدو انها بدأت تستقبل من لا خيار لهم للهروب من الجوع وبالتالي لم يكن التطهير العرقي بالشمال صدفة ولا اجبار الناس على الانتقال من الشمال الى الجنوب الى الوسط ثم حشرهم في اماكن محدودة الا تمهيدا للسيطرة التامة على رفح ووضع المدنيين الفلسطينيين امام ثلاث خيارات
الموت جوعا
لعبة الحظ بالذهاب الى مصائد الموت للحصول على الغذاء
الانتقال الى منطقة امنة جديدة وهي رفح بغطاء المدينة الانسانية
عندها سيصبح الخيار الامن حلا وهو ما سيجعل الاحتلال امام العالم الان بانه لا يقوم بالعمليات العسكرية الا في المناطق التي غادرها المدنيين وهو ما يروج له على ان كل من بقي في الوسط والشمال هم افراد حماس والجهاد وسائر الفصائل وبالتالي يسهل على الاحتلال قتل كل جسم متحرك هناك بعد ان لا يصبح مضطرا الى مواجهات خاسرة له مع المقاومة حسب تطورات عمليات المقاومة المتصاعدة.
كمين رفح اذن موجه اولا الى المقاومة بحيث يسعى الى الفصل بينها وبين ناسها بعد ان بات يشيع ويروج الى انه يرغب بوقف اطلاق النار ووحدها حماس من لا تريد ذلك فهو لأول مرة منذ السابع من اكتوبر
يتحدث كثيرا عن الاتفاق
لا يسحب وفده من الدوحة طوال ثلاث اسابيع
يفاوض بالعلن بشكل متوصل ويؤكد على رغبته بوقف اطلاق النار 60 يوما دون الاشارة الى التفاصيل
يقول بنيامين نتنياهو في اكثر من مرة اذا القت حماس سلاحها اليوم تتوقف الحرب اليوم وهو يستخدم كلمة القاء السلاح في الاعلام لا سحبه ولا تسليمه ولا نزعه مما يعني للمتلقي ان حماس لا تريد ولا ترغب بوقف المقتلة هذا الى جنب ان هناك من بات يروج الى ان حماس ونتنياهو لهم نفس المصلحة في هذه الحرب وهي السلطة بل ان اخطرهم قال ان الحرب هذه مصلحة مشتركة لنتنياهو وحماس وقد حذرت منذ بداية الحرب طويلا من الابقاء على صيغة ان هذه الحرب مصلحة شخصية لنتنياهو لا اهدافا اصيلة للاحتلال.
كمين رفح ايضا موجه ضد مصر والدول العربية التي في حال تمكن جيش الاحتلال من حشر 600 – 700 الف فلسطيني او اكثر في اقل مساحة ممكنة ( جنوب محور ميراج ) اي بين الحدود المصرية ومحور ميراج ستجد نفسها مصر في مواجهة شعب باسره بلا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا ايواء وعامين بلا مدارس ولا جامعات ولا مستشفيات حقيقية وهنا ستعتبر اسرائيل نفسها في حل من مسئوليات المحتل وتلتفت هي الى من تبقى في شمال ووسط القطاع وتلقي بالعبء على مصر ومعها الدول العربية الغنية ( قطر السعودية الامارات ) وستصبح مصر المطالبة بتقديم الحلول بما في ذلك نقل المرضى والجرحى وذويهم للعلاج في مصر والخارج وسيكون ذلك مطلبا دوليا وبنفس الوقت تهجيرا حقيقيا وعلى يد مصر والعرب لا على يد امريكا والاحتلال كما قد يجد البعض نفسه مسوقا لذلك بمصلحة ام بغباء.
الاحتلال اولا وبريطانيا سابقا ومن ثم الولايات المتحدة الان جادة جدا في السطو على غزة منذ حرب عام النكبة وهي تسعى الى ذلك عبر عديد الوسائل:
- سرقة 200 كم من اراضي غزة عام 1950 عبر اتفاقية العوجا بعد ان كانت مساحة القطاع 562كم
- محاولة آيزنهاور بتدويل غزة بعد انذاره الشهير عام 1956 واجبار اسرائيل على الانسحاب من غزة وسيناء آنذاك هي التي تتواصل اليوم بالسطو المطلق على غزة والامساك بعنق مصر التي ظلت تعتبر صمام امان لاستقرار المنطقة لأسباب عديدة وبالتالي فان اضعافها او اخضاعها او توريطها يعتبر واحدا من الاهداف الامريكية في المنطقة والعالم الى جانب الدول التي تم ذكرها وفي هذا السياق يأتي تجميع الفلسطينيين في رفح ثم تركهم عبئا على مصر وعروبتها وجيشها وعمقها القومي امنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا فسيصبح العالم لائما او مطالبا لمصر وتخرج دولة الاحتلال من دائرة الاتهام بعد ان تغلق الطوق على معسكر الاعتقال النازي الذي يسعى اليه ضحايا النازية انفسهم فيبدو انهم لا يعرفون تنفيذ الا الاعمال القذرة كما قال عنهم حفيد هتلر مستشار المانيا.
- تأسيس شركة قناة بن غوريون الامريكية الاسرائيلية عام 1962
- الخطة المعلنة ان شرط اقامة القناة السطو على غزة او معظمها
- احداث 7 اكتوبر اثبتت ان اسرائيل نمر من ورق وهي بحاجة الى قاعدة امريكية لحمايتها
- امريكا تستفيد من حاجة اسرائيل للحماية واضطرارها للسكوت عن رغبة امريكا
- رغبة امريكا تنبع من موقع غزة الاستراتيجي عالميا فهي تربط افريقيا بآسيا وتعتبر واجهة مطلة على اوروبا المتوسطية – فرنسا, ايطاليا, اسبانيا, اليونان ومعهم تركيا الى جانب دول المغرب العربي
- رغبة امريكا بإشعال العالم بالحروب وخصوصا دوله الغنية والقوية مما يجعلها بحاجة لغرفة عمليات قريبة لا يملكها احد سواها مما يجعلها غير مضطرة لمجاملة بعض الدول والعربية الغنية منها خصوصا ( السعودية, قطر , الامارات )
- رغبة امريكا بالتخلص من الدول الوطنية الوظيفية واخضاعها لها بالكامل تمهيدا للوصول الى عالم امريكي تسيطر فيه امبريالية المعرفة وسلاحها الاكثر فتكا في العالم بعد ان تتخلص من ترسانات السلاح القديم عبر استهلاكه من قبل الدول المتحاربة ( انشأت الحرب على روسيا من خلال اوكرانيا ثم حولتها الى حرب اوروبية واجبرت اوروبا الى اقتطاع 3% زيادة من موازناتها العامة لشراء السلاح من امريكا وارساله الى اوكرانيا بعد ان حولت كل ما قدمته ادارة بايدن لأوكرانيا الى ديون وتمكنت من عقد صفقة المعادن.
لا شيء منفصل في هذا العالم ووحدها الامبريالية القادمة من تتقن التخطيط والتنفيذ بينما يتخبط الجميع بحثا عم وسيلة للأمان الخاص فتسكت الصين عن ما يجري لروسيا وتتحفز الهند وباكستان للانقضاض على بعضهم ودول بحر الصين الجنوبي تواصل البحث عن فرصة وبالتالي هذا هو عالم هيروشيما ونكازاكي الذي اتى بالولايات المتحدة الى الواجهة في لحظة ضعف الجميع وهو ما ترغب بالوصول اليه هذه الايام ولكن على مستوى العالم بدءا من الشرق الاوسط ومحيطه وبذا تجعل من دول وازنة في المنطقة ( تركيا مصر السعودية ايران " هدفا قادما لها كل عبر حالته فتمنح فرصة لسوريا وتركيا بصمت الاكراد بينما لا تفعل ذلك مع كردستان ايران الذين لم يختبروا بعد لكن تسليم ثلاثين قطعة سلاح لأكراد تركيا في سليمانية العراق لا يعني ابدا نزع سلاح احد.
لم تكن عودة المقامر المقاول ترامب للحكم نجاحا لقائد بل اتيانا بمغامر ليفعل ما يفعل ثم يتم التخلص منه ولو بانتهاء ولايته وهو ايضا ما يجري مع الفاسد نتنياهو والممثل الهزلي زيلينسكي وغيرهم الكثير فاذا لم يجري الانتباه الى الكمين الذي يجري الاعداد له في رفح انه لن يبقى على حدود مصر فقط وعلى اوروبا ان تتذكر كيف ورطتها الولايات المتحدة في حرب لا قبل لها بها مع روسيا عبر اوكرانيا ثم اجبرتها بدفع 3% من ناتج اوروربا الكلي ثمن سلاح من الولايات المتحدة يذهب الى اوكرانيا ضد روسيا وهو ما سيجعل اوروبا تغرق في حرب لا يبدو نهاية لها وتعيدها صاغرة لطلب الحماية من امريكا كما كان حالها بعد الحرب العالمية الثانية.
ان الانجازات السياسية العظيمة التي جاءت معمدة بدم كل اهل غزة اولا وكل ابناء المقاومة العظيمة والباسلة من كتائب القسام وسرايا القدس وكتائب الاقصى وابو علي مصطفى وعمر القاسم وكتائب الأنصار وكتائب المجاهدين وكتائب الشهيد عبد القادر الحسيني وكتائب الشهيد جهاد جبريل وجيش العاصفة ومجموعات الشهيد أيمن جودة وكل الشعب الفلسطيني يمكن ان تتبخر بل وان تصبح وبالا على فلسطين والمنطقة ان تمكن الاعداء من دفعنا لمواجهات بينية فلسطينية - عربية او فلسطينية – اسلامية وامعنت في تكريس خلافات وصراعات مذهبية او عرقية او جهوية في منطقتنا وعالمنا ولن يكون ذلك ممكنا ان لم يكن الفلسطينيون جزءا منه وبالتالي فان بيد الفلسطينيين المفتاحين معا للعالم العربي والاسلامي اما السلام بينهم او الصراع القاتل الذي لا ينتهي.
ان اسوا حدث في تاريخ قضيتنا ما جرى من تظاهر للفلسطينيين في تل ابيب وهم يحملون علم الاحتلال ويهتفون ضد مصر ولو حاولت اسرائيل وامريكا الاتيان بمثل هذه الجائزة لما تمكنت ابدا ان تجد فلسطينيين على ارضها يحملون مصر ما يجري في غزة اي غباء هذا ؟؟؟ " هل يكفي هذا الاستغراب كسؤال ؟؟؟"
#عدنان_الصباح (هاشتاغ)
ADNAN_ALSABBAH#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟