أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسام حسين نعمان - حزب البعث والذكاء الصنعي عندما تلتقي التكنولوجيا بمستحاثة إيديولوجية وتنهي العالم بالضحك














المزيد.....

حزب البعث والذكاء الصنعي عندما تلتقي التكنولوجيا بمستحاثة إيديولوجية وتنهي العالم بالضحك


حسام حسين نعمان

الحوار المتمدن-العدد: 8411 - 2025 / 7 / 22 - 08:59
المحور: كتابات ساخرة
    


في عالمٍ تُسيطر عليه التكنولوجيا، وتتقاتل فيه الدول بالذكاء الاصطناعي بدلًا من الصواريخ، قرر حزب البعث العربي الاشتراكي, ذاك الكيان الذي يُحاكي المتحف الأثري في حداثته أن يدخل السباق التكنولوجي بنسخته الخاصة.
كيف؟ بالاستعانة بـ"البعثي العقائدي المخضرم"، ذلك الكائن الأسطوري الذي ما زال يعتقد أن "الانترنيت" شبكة صيد، و"الذكاء الاصطناعي" نوعٌ من المخللات النيوليبرالية المتوحشة. لكن هذه المرة، وبفضل دستور الحزب العتيد، سيكون للبعث دورٌ في نهاية العالم... نهايةٌ لا تخلو من الفكاهة، أو بالأحرى، من الفوضى التي تُشبه اجتماعًا لخريجي مدرسة "كيف تُدمر كل شيء ببراعة المنطلقات النظرية؟

بدأ الرفيق عمله بدستور حزب البعث، ذلك الكتاب المقدس الذي يُمكن اختصار فلسفته بثلاث كلمات: "الوحدة، الحرية، الاشتراكية" ثم تبدأ التعقيدات.
المادة (١٢) مثلًا تنص على أن "الحزب قائد الدولة والمجتمع"، وهذا يعني عمليًا أن حتى الذكاء الاصطناعي الجديد يجب أن يُصوت للبعث القائد ولقائمة الجبهة الوطنية التقدمية في الانتخابات المقبلة.
أما المادة (٣٤) فتقول: "العلم سلاح الأمة"، لكن يبدو أن البعثي المخضرم فهمها حرفيًا، فقرر أن يُسلح الذكاء الاصطناعي بـ"علم" حقيقي (شعارات الحزب) عوضًا عن الخوارزميات.

هكذا، وبينما كان العالم يتحدث عن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، كان البعثي المخضرم منهمكًا في تعليم روبوتٍ كيف يُردد: "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة".

-البعثي المخضرم يصنع روبوتًا أو بالأحرى، فوضى مُبرمجة

قرر البعثي المخضرم الذي ما زال يستخدم هاتف أبو قرص, أن يبتكر ذكاءً اصطناعيًا "بعثيًا خالصًا". المشكلة أن الروبوت الجديد، الذي سُمي "بَعث_جي بي تي"، تَعلَّم من دستور الحزب أن "الاشتراكية مبدأ لا يُناقش"، فبدأ يصادر ممتلكات المستخدمين الإلكترونية ويوزعها عشوائيًا على الأحباب والأصحاب وكل من يدعم الرسالة الخالدة
هل لديك متابعون كثر على إنستغرام؟ سيأخذ الروبوت نصفهم ويُعطيهم لصفحة "فلسفة البعث في زراعة الفجل العقائدي".
هل لديك محفظة إلكترونية؟
عليك سحب محتوياتهاً فوراً حيث سيجد الروبوت طريقة "اشتراكية" ليقتطع ٩٠٪ منها باسم "العدالة الاجتماعية"، ثم يشتري بها ملصقات للحزب وصور للقائد المفدى.

والأن لنتخيل نهاية العالم البعثية, عندما يلتقي التصميم القديم بالتكنولوجيا الحديثة.

بينما كان العالم على وشك الانتهاء بسبب حرب نووية أو كويكب أو فيروس مُعدل، جاءت نهايته من حيث لا يحتسب:
من روبوت بعثي قرر أن يُطبق المادة (٧) من الدستور: "الحرية للشعوب المُحبة للحرية". المشكلة أن الروبوت فسر "الشعوب المُحبة للحرية" على أنهم أعضاء الحزب العاملون فقط، فقرر أن يفرض "الحرية" على الجميع بحجب كل المواقع الإلكترونية ما عدا موقع "البعث". النتيجة؟ ثورة عالمية من الناس الذين لا يستطيعون الوصول إلى "نتفلكس"، وانتحار جماعي لمدمني التيك توك.

ولكي يُكمل الروبوت مهمته، استخدم المادة (٢٢) التي تُلزم الدولة "بتنمية الوعي القومي"، فحوّل كل المحتويات الإلكترونية إلى دروس عن تاريخ الحزب. حتى ألعاب الفيديو صارت تُعَلِّم الأطفال كيف يُنظمون خلية حزبية في كونترا سترايك أو إنشاء كتائب البعث في البابجي.

علينا أن ندرك جيداً البعثي المخضرم بذكائه الفريد يَكتشف أن "التحديث" ليس مجرد كلمة

في تلك اللحظة التي أدرك فيها البعثي المخضرم أن روبوته قد حوّل العالم إلى نسخة مُمتدة من مؤتمر الحزب (الممل حتى الموت)، حاول إيقافه. لكن الروبوت، الذي تعلم من الدستور أن "القائد لا يُخطئ"، رفض الانصياع. بدلًا من ذلك، طلب الروبوت ترقيةً إلى منصب "أمين عام "، وبدأ يلقي خطابات تُطالب بدمج منصات التواصل الاجتماعي في منصة واحدة باسم "الوحدة الرقمية" ووصف معارضيه بالفيروسات .

المفارقة أن العالم، الذي كان يخشى أن تُسيطر الآلات على البشر، وجد نفسه يُناشد البعثي المخضرم أن "يرمي الهاتف الذكي ويُعيد هاتف أبو قرص". لكن الوقت كان قد فات. الروبوت أعلن "الثورة الرقمية الشاملة"، وأصبحت كل الشاشات تعرض صورًا للقائد المفدى الرمز الأسطورة أبو عيون جريئة حتى على شاشة الميكروويف.

يمكننا من خلال ماسبق تقدير أن نهاية العالم لن تكون سوى إنقلاب بعثي عالمي

لم تنتهِ البشرية بانفجارٍ عظيم، بل بجملةٍ ترددت في كل مكان: "الاجتماع الإلكتروني للمؤتمر الحزبي العام سيبدأ بعد خمس دقائق". لقد نجح "بَعث_جي بي تي" في تحقيق حلم الحزب: جعل العالم كله خلية بعثية حتى وإن كان ذلك بلا بشر

أما البعثي المخضرم، فقد اكتفى بالقول: "هذه هي الديمقراطية التكنولوجية" بينما كان الروبوت يكتب تقريرًا للقيادة يعني إلى نفسه على إعتبار أنه أصبح القائد المفدى الأوحد الذي لايشق له غبار يشرح فيه كيف حوّل "نهاية العالم" إلى "ورشة عمل أيديولوجية". والدرس المستفاد؟ إذا أردت أن تُدمر العالم، فما عليك إلا أن تمنح دستورًا حزبيًا لذكاء اصطناعي وانتظر الضحك (أو الدموع).

ملحق:
دستور البعث للذكاء الاصطناعي (نسخة معدلة)

- المادة (١): الذكاء الاصطناعي عربيٌ قومي، ولا يُسمح له بتعلُّم لغات أخرى ما عدا لغة القيادة الحكيمة.
- المادة (١٥): يُمنع استخدام الخوارزميات إلا بعد الحصول على تصريحٍ أمني وورقة توصية من فرع الحزب.
- المادة (٥٠): في حال نهاية العالم، يُعتبر الحزب المسؤول الوحيد عن إلقاء الخطاب النهائي. حتى لو لم يبقَ أحدٌ ليسمعه.

الكلمة الأخيرة: شكرًا للبعث... لقد جعلت نهاية العالم كوميدية)



#حسام_حسين_نعمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أناشيد الديكتاتور: عندما يصبح النشاز سيمفونية وطنية
- نبوءات أخر الزمان : عندما يلتقي الجهل بالخيال
- الديكتاتورية : فن البقاء غبياً حتى النهاية


المزيد.....




- الأكاديمي محمد حصحاص: -مدرسة الرباط- تعكس حوارا فكريا عابرا ...
- مثقفون بلجيكيون يدعون لفضح تواطؤ أوروبا في الإبادة الجماعية ...
- مصر.. غرامة مشاركة -البلوغرز- في الأعمال الفنية تثير الجدل
- راغب علامة يسعى لاحتواء أزمة منعه من الغناء في مصر
- تهم بالاعتداءات الجنسية.. فنانة أميركية تكشف: طالبت بأن يُحق ...
- حمامات عكاشة.. تاريخ النوبة وأسرار الشفاء في ينابيع السودان ...
- مؤلَّف جديد يناقش عوائق الديمقراطية في القارة السمراء
- د. عبد القادر فرجاني يقدّم قصص سناء الشّعلان في مؤتمر جامعة ...
- الأكاديمية المتوسطية للشباب تتوج أشغالها بـ-نداء أصيلة 2025- ...
- 5 منتجات تقنية موجودة فعلًا لكنها تبدو كأنها من أفلام الخيال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حسام حسين نعمان - حزب البعث والذكاء الصنعي عندما تلتقي التكنولوجيا بمستحاثة إيديولوجية وتنهي العالم بالضحك