|
ألخطاب السياسي وجوهره القومي والوطني والديني والطبقي
محمد نفاع
الحوار المتمدن-العدد: 1816 - 2007 / 2 / 4 - 11:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الخطاب السياسي حاجة تتطلبها المعركة، وهو عنصر منها، فلأي خطاب نصبو!! تقول الفلسفة المادية ان الكلمة هي الغلاف المادي للفكرة، وبقدر ما تكون الفكرة واضحة وناضجة يجري التعبير عنها بصراحة وطلاقة وبلا تأتأة، وقد يكون في هذه الكلمات الاخيرة الكثير من الصحة ان لم تنوجد هنالك معوّقات ومنغّصات لفظية، وقد يجري بعض التشويه والتعديل لهذا السبب او ذاك. والخطاب السياسي مسؤولية هامة ورسالة، ويجب ان يعكس موقفا، الا اذا ناقض القول العمل وهذا يحدث ايضا، والخطاب السياسي حاجة تتطلبها المعركة، وهو عنصر منها، فلأي خطاب نصبو!! ليس من السهل ملاحقة واستيعاب ما يدلق وما يبث في هذا الخضم الاعلامي المعلوماتي، قد لا نختلف ان واقع الانسانية يزداد سوءا بالنسبة الى الغالبية الساحقة من البشر خاصة في آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية، ولكن ايضا في اوروبا وامريكا الشمالية، فليس معظم الناس اغنياء هناك، فقد كدست الرأسمالية والاحتكارات الارباح الطائلة ولا تزال عن طريق الاستغلال، وجزء من هذه الاموال جاء ليرفع نسبيا مستوى معيشة شعوب هذه النظم بالمجمل، لكن التقاطب يزداد بين الغالبية الساحقة والاقلية الساحقة، ولكن لنحاول حصر هذه المادة في العالم العربي، فما هو جوهر الخطاب السياسي السائد وما هو المطلوب!! إستمعت بعمق الى خطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مساء الاحد الفائت، وهو خطاب مضمّخ بالمسؤولية ويشير بصدق وصراحة الى العدو الاساسي للشعب اللبناني قاطبة، يشير الى اسرائيل وامريكا وهذا هو رأينا ايضا. ويرفض في الوقت نفسه اية محاولة ومصيدة للتقسيم والاقتتال بين السنّة والشيعة، وهذا مثل يحتذى فعلا، وتوجه بنداء حار الى حزبه والى الشيعة بشكل خاص، بعدم الانجرار وراء الاستفزازات من قبل الآخرين وتعمق جدا في هذا التوجه والنداء، وهذا موقف مسؤول ومشرّف. الامر الذي اوقفني هو المقارنة بين الخطاب الوطني والقومي والديني، قل المد والانتماء الوطني والقومي والديني ومن الاشمل والمجند اكثر برأيه. ليس من السهل النقاش كما يبدو في المجال الديني والمد الديني ليس فقط بسبب حساسية الموضوع بل كذلك بسبب تعقيده، واذا قلنا اننا نحترم القيم الدينية واخلاقياتها ونحترم ايمان الناس والمقدسات فان هذه ليست ضريبة كلامية، وقد اشار احد آباء الماركسية اننا لسنا مؤسسة لنشر الالحاد. انا لست متدينا ابدا، انا عَلماني وسأظل. في الواقع اللبناني اكنّ كل الاحترام لدور المقاومة ضد العدوان الاسرائيلي والامريكي الاجرامي والمدمر، كان هنالك صمود مشرّف ورد مشرّف يجب ان يكون مثلا يحتذى في كل مكان. ان استهداف حزب الله من قبل اسرائيل وامريكا واتهامه بالارهاب لم يكن من منطلقات دينية، ولم يكن استهدافه لأنه حزب ديني بل بسبب موقفه الوطني ضد اعداء لبنان، ولا اريد ان احلل هذا التفصيل او ذاك في المواقف والممارسة، بل آخذ الموقف العام والنسيج العام وهو المقاومة والصمود في وجه الغازي والمحتل وافشال المخطط الاسرائيلي الامريكي بحق هذا البلد كجزء من شرق اوسط مستهدف، وهذا الامر من الاهمية بمكان، هنالك نظم عربية اسلامية ليس فقط انها لم تتضامن مع المقاومة بل كانت في صف الاعداء بهذا الشكل او ذاك، وهنالك نظم معادية للامبريالية الامريكية وقفت مع الشعب اللبناني والمقاومة وهي ليست عربية ولا اسلامية، لا شيعية ولا سنية مثل فنزويلا او كوبا وغيرها. وهل الاصطفاف في المعارضة والحكومة في لبنان هو على اساس ديني!! الواقع يقول غير ذلك، والسيد نصرالله اشار الى ذلك عندما اشار الى ان المعارضة فيها المسلمون السنّة والشيعة وفيها المسيحيون وفيها الدروز، وكذلك في القوى التي تطلق على نفسها قوى 14 آذار. لا يجب الاستهانة ابدا بمدى وقوة تأثير العامل الديني والموجود منذ حقب بعيدة ولا يزال، ولكن هل العامل الديني هو الحاسم!! فكيف تحارب بلدان عربيان اسلاميان هما العراق وايران؟؟ وكيف اصطفت دول عربية اسلامية عديدة مع امريكا ضد العراق في حرب القصاص الاولى!! وهل الحرب العالمية الاولى والثانية كانتا على اساس ديني؟؟ وهل مقاومة الحزب الشيوعي اللبناني وغيره من القوى والاحزاب العلمانية هي على اساس ديني؟؟ في عالم اليوم وبمصيدة وشرَك من القوى الامبريالية يجري التقسيم والتفتيت ليس فقط على اساس قومي، وانما على اساس طائفي ومذهبي وخلق دويلات على هذه القاعدة. لماذا لا نقول مثلا ان الخطاب السياسي في الوطن الواحد يجب ان يكون خطابا وطنيا مثل لبنان؟ اعتمادا على القول المجرب: الدين لله والوطن للجميع!! فهذا اولا لا يمس بشعور احد، وهو طرح عادل وطني لمصلحة الجميع، لكن هذا الطرح الوطني لا يمكن ان يكون كافيا وشافيا ان لم يتميز بمعايير ومقاييس مصالح الوطن الحقيقية؟ فهل الرأسمالي والاحتكاري تهمه مصلحة الوطن اكثر مما تهمه ارباحه؟ ولماذا هذه الاستثمارات العربية لدى اعداء العرب؟؟ ولماذا ينقل الرأسماليون مصالحهم ومصانعهم الى خارج وطنهم لأن الربح هناك اكثر؟؟ لا توجد هنالك وطنية مجردة دون مضمون طبقي اجتماعي تقدمي. يكثر النقاش حول القومية والانتماء القومي، فما هي قيمة "القومية" ان لم تكن ذات مضمون واع تقدمي؟؟ القومية العربية والحضارة العربية والتراث واللغة والثقافة والفن والاقتصاد والبترول كله مستهدف من قبل العولمة والاحتكارات والنظام العالمي الجديد وامريكا، فكيف يكون هنالك حزب قومي متعاون وصديق وحليف لهذه الامبريالية؟ وما قيمة هذا الانتماء!! ان المزايدات في الخانة القومية المجردة، دون ان يكون لهؤلاء المزاودين موقف معادٍ وعلى اساس طبقي اممي اجتماعي ضد اعداء قوميتهم لا تخدم القومية ابدا بل تجعل منها شعارا خاليا من المضمون وتتآكل باستمرار. كم من نظام رجعي قومي عربي قح رفض ويرفض التعامل معنا نحن وهو يقف في صف الاستعمار وتقام القواعد الامريكية على ارضه!! احيانا بحجة امميتنا واحيانا بحجة الحادنا، فمن يعمل اكثر لمصلحة القومية والناس والثقافة واللغة والحضارة والحرية والتحرر "إلحادنا" ام "إيمانهم"!! وكيف حارب هؤلاء الوجود السوفييتي في افغانستان وحكومته التقدمية ويسكتون عن الاحتلال الامريكي لافغانستان والعراق!! وكيف يظلون اصدقاء للولايات المتحدة التي تدعم اسرائيل في مختلف المجالات منذ قيامها وحتى اليوم، وعلى حساب الارض العربية والحقوق العربية؟ فأي نفع لانتمائهم القومي". وهل نسمع في فضائيات تلك النظم خطابا ذا مضمون طبقي!! وهل لا تصرف معظم الطاقات والميزانيات هناك على التسالي والشكليات والهامشيات "والموضوعية البائخة" والتعددية "السمجة" والمهنية العارية المشلحة!! طبعا مع تفاوت معين وبدون تعميم تام، لكن هذا هو الواقع، وهذه هي النتائج، تجد هنالك عرضا وتصويرا للواقع، اما الخلاصة واما الهدف فمفقود، هنالك قصص قصيرة او روايات تترك للقارئ ان يصل الى النتيجة، فهل هذا دور الاعلام القومي!! الا يجب ان يكون عنصرا حيا فعالا من عناصر المعركة في فلسطين ولبنان والعراق والصومال وافغانستان. ان الخطاب السياسي المطلوب اليوم وعلى كل ساحة ومنها ساحتنا المحلية هنا، ليس فقط ان يكون مطعّما ببعض الملح الطبقية والاجتماعية، بل يجب ان يكون مبنيا على اساس متين لا يتزعزع على اساس طبقي واممي تقدمي انساني، هذا الجانب باهت وضعيف في خطابنا السياسي، عليه ان يكون علمانيا بكل معنى الكلمة، وأمميا وطبقيا بمنطلقه وجوهره وهدفه، هكذا يكون في خدمة الجمهور الواسع وهذا ما يخدم القومية والعلمانيين والمتدينين وابناء كافة الطوائف والمذاهب وهذا هو المطلوب.
#محمد_نفاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مأساة الشرق الأوسط بين الأسباب الجوهرية والثانوية
-
لحشد كل الطاقات والجهود الفلسطينية ضد الأعداء وليس ضد الأبنا
...
-
ألاصيل والدّخيل في الحزب الشيوعي
-
تزييف التاريخ وسرقة المواقف ضد الشيوعيين
-
ألثوابت الأساسية للحزب الشيوعي
-
ليُرفع عاليًا صوتُ اليسار العربي ضد الإجرام الإسرائيلي الأمر
...
-
ألفكر الماركسي موقف وممارسة وليس شعارا للتلويح
-
المجلس القطري للحزب الشيوعي الاسرائيلي صعوبات، آفاق وتطلعات
-
تجمعات قومية، يسارية سياسيا ومعادية للشيوعيين
-
اختتام اعمال لقاء أثينا للأحزاب الشيوعية والعمالية
-
دفاعا عن صدّام ضد الأمريكان
-
نقاش مع انجلز وماركس حول المجتمع البشري ومملكتي النحل والنمل
-
الدكتاتورية قتل للوطنية وضرورة النقد الذاتي قبل الهزيمة
-
كيف تكون شيوعياً جيداً
المزيد.....
-
مصر.. بدء تطبيق التوقيت الشتوي.. وبرلمانية: طالبنا الحكومة ب
...
-
نتنياهو يهدد.. لن تملك إيران سلاحا نوويا
-
سقوط مسيرة -مجهولة- في الأردن.. ومصدر عسكري يعلق
-
الهند تضيء ملايين المصابيح الطينية في احتفالات -ديوالي- المق
...
-
المغرب يعتقل الناشط الحقوقي فؤاد عبد المومني
-
استطلاع: أغلبية الألمان يرغبون في إجراء انتخابات مبكرة
-
المنفي: الاستفتاء الشعبي على قوانين الانتخابات يكسر الجمود و
...
-
بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي..
...
-
الحرس الثوري الإيراني: رد طهران على العدوان الإسرائيلي حتمي
...
-
الخارجية الإيرانية تستدعي القائم بالأعمال الألماني بسبب إغلا
...
المزيد.....
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
المزيد.....
|