أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - الإصلاح الجبائي مجرد حلقة من حلقات السياسات الاقتصادية المنتهجة















المزيد.....

الإصلاح الجبائي مجرد حلقة من حلقات السياسات الاقتصادية المنتهجة


عبد السلام أديب

الحوار المتمدن-العدد: 1816 - 2007 / 2 / 4 - 11:33
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


ألقت الصحفية فيروز بنعزيز في أسبوعية المستقل سؤالا على عبد السلام أديب حول طبيعة النظام الضريبي في المغرب منذ الاصلاح الجبائي لسنة 1984، والتقييم الممكن صياغته حول هذا الاصلاح، وقد صدر هذا الحوار في العدد 907 بتاريخ 2 فبراير 2007.
سؤال: انخرط المغرب في مسلسل إصلاح نظامه الضريبي منذ 1984. ما هو تقييمكم لحصيلة مجموع هاته الإصلاحات؟ هل كانت مقنعة بالنظر للمدة التي استغرقتها؟
جواب: نحن حاليا في مرحلة ما أسمته السلطات الجبائية بالجيل الثاني من الاصلاح الجبائي، وهذا يعني أن الاصلاح الجبائي لسنة 1984 تعتبره هذه السلطات بمثابة الجيل الأول، فإذا كان هذا الجيل قد انطلق مع سياسات التقويم الهيكلي المفروضة من طرف المؤسسات المالية الدولية سنة 1983، فيمكن اعتبار الجيل الثاني قد انطلق مع تأسيس منظمة التجارة الدولية سنة 1994 ومع ابرام اتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي والشروع عمليا في تفكيك الرسوم الجمركية.
فباعتبار الضريبة أداة سياسية بامتياز تستعملها الطبقة الحاكمة لخدمة أهدافها السياسية والاقتصادية، فقد كان لزاما عليها أن تكيف هذه الأداة مع التوجهات السياسية والاقتصادية المملاة عليها من طرف الدوائر المالية الدولية، لذلك فإن تحليل توجهات الاصلاح الجبائي لا يمكن عزله عن تحليل التوجه العام للسياسات المعتمدة في المغرب منذ بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين.
فسياسات التقويم الهيكلي كما شرعت في تطبيقها المؤسسات المالية الدولية في عدد من الدول النامية الخاضعة للمنظومة الرأسمالية منذ أواسط عقد السبعينات والتي تتوخى في نفس الوقت تدبير الأزمة الهيكلية للنظام الرأسمالي الذي كان يعيش آنذاك حالة فريدة تتسم بتراكم ما يعرف بالبيترودولار واليورودولار وهو تراكم رأسمالي هائل لا تقابله منافذ كافية للاستثمار في البلدان الرأسمالية لذلك كان من اللازم على الرأسمال أن يجد منافذ جديدة للاستثمار ومواصلة مراكمة الأرباح وإلا ستعرف تلك الأموال المكدسة تبخيسا فجائيا يمكنه أن يقود نحو حالة شبيهة بأزمة 1929 وهو ما يهدد بالفعل بانهيار محتوم للمنظومة الرأسمالية.
إن حل هذه الأزمة يكمن في فتح اقتصاديات الدول حديثة الاستقلال أمام رؤوس الأموال الفائضة ومن هنا قامت استراتيجية غزو هذه الاقتصاديات عبر إغراقها بالقروض ذات الفوائد الزهيدة وبالتالي جعلها رهينة تدفقات رؤوس الأموال الخارجية الشيء الذي يعمق أزمة مديونيتها ويحدث اختلالات عميقة في موازين أداءاتها الخارجية ويجعلها مضطرة إلى مساندة المؤسسات المالية الدولية التي تجد فرصة سانحة لإملاء توجهات اقتصادية واجتماعية وجبائية تتوافق تماما مع غزو رؤوس الأموال الأجنبية وهيمنة الامبريالية على مختلف المقدرات الاقتصادية لبلدان العالم الثالث.
ان تفكيك القطاع العمومي والخوصصة يتم في الغالب لصالح رأس المال الدولي عبر ما يسمى بجلب الاستثمارات الأجنبية الخاصة. ومن أجل اغراء رؤوس الأموال بالإستثمار يجب اعفائها كليا أو جزئيا عبر ما يسمى بالحوافز الجبائية، فالجيل الأول من الاصلاح الجبائي جاء أساسا لتقليص الضرائب على رؤوس الأموال المتدفقة وعلى الرأسمال المحلي، وبما أن ذلك سيحدث تراجعا خطيرا في المداخيل الضريبية فلا بد من تعويض هذه المداخيل عبر رفع معدلات الضرائب على الإنفاق وعلى ذوي الدخل المحدود. من هنا يمكن رصد ملامح الجيل الأول من الاصلاح الجبائي، فهو يقلص من معدلات الضريبة على الشركات التي استقرت في 35 % ويقلص من معدلات الضريبة على القيمة المضافة المفروضة على السلع الكمالية ويحابي الأرباح المهنية والعقارية والفلاحين الكبار، وفي المقابل تتم الزيادة في المعدلات المفروضة على الشرائح الدنيا من الضرائب على الدخل، وإخضاع العديد من المواد والخدمات الأساسية التي كانت معفية لمعدلات الضريبة على القيمة المضافة، مع الشروع في تقليص المعدلات العليا للرسوم الجمركية.
لكن السياسات الاقتصادية والاجتماعية الطبقية والمملاة من الدوائر المالية الدولية المعتمدة منذ بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين، كانت لها انعكاسات جد وخيمة على الجماهير الشعبية وعلى الطبقة الوسطى التي انحدر مستواها المعيشي لكي تلتحق بالطبقات المسحوقة. وقد كان لذلك أكبر تأثير على طلب الأسر وعلى قدرتها الشرائية، وبالتالي على انتشار الكساد وتراجع أداء المركبات الاقتصادية المحلية التي لم تعد قادرة على منافسة السلع الأجنبية. كما استمر العجز التجاري والتدفق العكسي لرؤوس الأموال سواء عبر سداد المديونية الخارجية أو تحويلات أرباح المستثمرين الأجانب أم عبر تهريب رؤوس أموال البرجوازية المغربية نحو الأبناك الأجنبية.
وبموازاة الأزمة الاقتصادية ظلت المالية العامة حبيسة توجهاتها والتزامات المغرب اتجاه اتفاقيات التجارة الدولية واتفاقيات التبادل الحر التي تطالبها بالتحرير النهائي للحواجز الجمركية وتخفيض نسب الضرائب على رؤوس الأموال، كما لو أن هذه الحلول ستكون سحرية وتعيد للاقتصاد الوطني حيويته ونظارته. لكن النتائج الاقتصادية والتجارية تتزايد تدهورا فمنذ ابرام اتفاقيات الشراكة مع عدد من الدول تراجعت الصادرات المغربية وتعمق العجز التجاري نحو هذه الدول رغم الاستغلال المفرط للطبقة العاملة المغربية ذات الأجور الهشة والذي يتم خارج أي تطبيق لمدونة الشغل التراجعية أصلا.
وأمام الأزمة المالية التي كرستها هذه السياسات ذات التوجه الخارجي كان لزاما البحث عن وسائل جديدة لتعوض خسارة المداخيل الجبائية التي يتم التخلي عنها وتعويض الأرباح التي لم تحققها البرجوازية المحلية. من هنا نشأة خلفية خلفية ما يسمى بالجيل الثاني من الاصلاح الجبائي والذي يتوخى من جهة رفع المعدلات الضريبية على المواد والخدمات الأساسية وتعميمها على المواد والخدمات التي لم تكن خاضعة للضريبة ومن جهة أخرى خفض معدل الضريبة على الشركات نحو 28 وربما نحو 20 % لزيادة هامش أرباحها. وكأجراء مكمل يتم اعتماد فلسفة تحرير الأسعار لمماثة الأسعار المحلية مع الأسعار الدولية وهو ما يعني رفع جميع الأسعار ما عدا سعر العمل المأجور الذي تعمل الدولة على الابقاء عليه مجمدا. ويعتبر رفع أسعار السلع والخدمات بمثابة ضرائب غير مباشرة على ذوي الدخل المحدود والمحرومين من العمل فبينما يزيد من تعاستهم فإنه يرفع من حجم الأرباح لدى مالكي رؤوس الأموال.
كخلاصة فإن ما يسمى بالإصلاح الجبائي هو مجرد حلقة من حلقات السياسات الاقتصادية والاجتماعية والمالية الطبقية المملاة من طرف الإمبريالية عبر المؤسسات المالية الدولية والتي تكرس المزيد من التهميش والإفقار واستمرار دائرة التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتبعية السياسية.



#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنسيقيات الدفاع عن الطبقات المسحوقة
- سياسة الميزانية والهجوم على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- سنة الإجهاز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بامتياز
- الاحتجاجات على ارتفاع الأسعار تعم جميع مناطق المغرب في ذكرى ...
- ارتفاع الأسعار والسياسات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب
- رهانات اقتصادية مخزنية فاشلة وانتفاضات جماهيرية عارمة عبر ال ...
- الطبقات المسحوقة تنتفظ على الاستغلال والتفقير
- أية مصداقية للإنتخابات الجماعية في المغرب؟
- ملتقى الرباط الوطني لتنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار
- موقفنا
- تحسين القدرة الشرائية للمواطنين يتطلب مراجعة شاملة للسياسة ا ...
- خلفيات حركة مناهضة ارتفاع الأسعار في المغرب
- الحرب الأمريكية الصهيونية على لبنان ودروس المقاومة
- احتجاجا على تسليع خدمات مياه الشرب والانارة
- مأزق أنظمة التقاعد في المغرب
- احتجاجا على ارتفاع الأسعار
- اختلالات زمن العولمة
- اقامة الديموقراطية في المغرب من وجهة نظر حقوقية
- المبادرات السياسية للمطالبة بدستور ديموقراطي
- المخزن يدجن الطبقة السياسية المغربية


المزيد.....




- دراسة تحدد سلعة التصدير الرئيسية من الهند إلى روسيا
- شركة تعدين روسية عملاقة تنقل بعض إنتاجها إلى الصين
- شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة
- اشتريه وأنت مغمض وعلى ضمنتي!!.. مواصفات ومميزات هاتفRealme ...
- صعود أسعار النفط بعد بيانات مخزونات الخام الأمريكية
- وظائف جانبية لكسب المال من المنزل في عام 2024
- بلينكن يحث الصين على توفير فرص متكافئة للشركات الأميركية
- أرباح بنك الإمارات دبي الوطني ترتفع 12% في الربع الأول
- ألمانيا ترفع توقعاتها للنمو بشكل طفيف في 2024
- مشروع قطري-جزائري لإنتاج الحليب في الجزائر بـ3.5 مليار دولار ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد السلام أديب - الإصلاح الجبائي مجرد حلقة من حلقات السياسات الاقتصادية المنتهجة