حميد بوعمال
الحوار المتمدن-العدد: 8406 - 2025 / 7 / 17 - 16:52
المحور:
سيرة ذاتية
...وإن كان ذلك البيت الخشبي قد علّمني الدفء رغم البرد، والرضا رغم القلة، فإن الأيام كانت تُدبّر أمرًا آخر.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، لكنه كان يحملني نحو الحلم، رغم وعورته.
كبرنا و كبر معنا الحلم، وكأنّ ضيق البيت لم يعد يتّسع لأحلامنا الصغيرة التي بدأت تشتاق لأفق أوسع. بدأت أرى العالم بعينٍ مختلفة…المدرسة صارت أكثر من مجرد مكان للدروس. والبادية، رغم سكونها الجميل بدأت تشعرني بشيء من الوحدة الخفية… كأنها تهمس: "الرحلة بدأت، يا فتى".
كنت أستيقظ باكراً على صياح الديكة، كأنها تحاول أن تسبق أفكاري إلى النور. أجلس على العتبة الخشبية للبراكة، أراقب ضوء الشمس وهو يتسلّل بخجل بين أعمدة التبن، وأتساءل: هل ينتظرني شيء هناك خلف هذا الصمت الطويل... ؟
في قلبي كانت تدور أسئلة كثيرة لا تجد جواباً، لكنني كنت أعرف أنني لا أنتمي تمامًا إلى السكون، أن في داخلي شيئًا يريد أن يتحرّك، أن يكتشف، أن يخرج من بين أسوار البساطة ليطرق أبوابًا جديدة. لم أكن أكره البادية، بل كنت أحبها كمن يحب حضن أمه، لكنني كنت أعلم أنني لن أستطيع البقاء إلى الأبد.
كان أبي يقول: "الرجل لا يُقاس بمكانه، بل بخطواته"، وكان صدى كلماته يرافقني كلما حملت محفظتي المدرسية ومشيت بين الحقول في طريقي إلى المدرسة. هناك، وسط الضحكات والدفاتر والطباشير، بدأت أكتشف من أكون. لم أعد ذلك الطفل الذي يخجل من قراءة درسٍ أمام زملائه، بل صرت أرفع رأسي، أُجيب بثقة، وأحلم أكثر....
#حميد_بوعمال (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟