أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرزاق دحنون - رسالة ابن عمي إلى كارل ماركس














المزيد.....

رسالة ابن عمي إلى كارل ماركس


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 15:26
المحور: الارشيف الماركسي
    


ستجد صورته هُنا وهُناك: على حائط حديقة في مدينة إزمير المُطلّة على شاطئ بحر إيجة، أو على جدار زقاق ضيق مبلّط بالحجر في نيودلهي، أو على عامود رخام أبيض في برلين. هو يعيش بيننا، لا نستطيع انكار ذلك مهما حاولنا، هو معنا، ننادمه في أحيان، وننساه في أحيان أخرى، ولكنه يعود، وهذه العودة ننتظرها دائماً. ولو تأملتَ في عدد من الكُتب والدراسات التي صدرت وتصدر تباعاً بمختلف لُغات العالم وأخذتَ عيّنات من كتبه، على سبيل المثال: رأس المال، البيان الشيوعي، الثامن عشر من برومير - لويس بونابرت، نقد برنامج غوتا، مخطوطات ماركس عام 1844، رسائله مع رفيق دربه فريدريك أنجلز، سيرة حياته، أشعاره، نعم، كتب كارل ماركس شعراً في شبابه، والتي يتمُّ تناولها من قبل أعداد متزايدة من الناس، لتأكدتَ بأنه بيننا لا يجلس على مقعد الغياب. من هنا تذكّرتُ ابن عمي "محمد دحنون" ورسالته العابرة للقارات، والتي نشرها في صحيفة بيروتية في لبنان، وهذه منادمة لطيفة على كل حال.

في ظني، محاولة جعل ماركس يتحدث لغة حديثة شعبية وبسيطة ومفهومة للجميع ليست مهمة مستحيلة، وأجرؤ على القول بأن المتسول الذي يقف على أرصفة المدن المكتظة بالناس المتخمين ويطالب بحقه: من مال الله، يفهم - على بساطته وأميته - ما أراده ماركس من ماركسيته أفضل منا نحن الذين ندعي فهم ماركس ونظريته. فأنت تستطيع الآن أن تعكف على قراءة ماركس، وستكون سعيداً إذا فهمته. ولو عدت إلى الارهاصات الأولى لتكوّن المنهج الماركسي في التفكير ستجد أمامك كتيب (مبادئ الشيوعية) الذي ألفه فريدريك أنجلز في نوفمبر/تشرين الثاني من عام1847 كصيغة أولى لتعريف الشيوعية. وهي صيغة جميلة في أسئلة وأجوبة. يطرح أنجلز السؤال ثم يجيب. عرض هذه الصيغة على رفيق دربه فكانت أول وثيقة واضحة المعالم عن المفهوم الجديد للعالم الذي تبلور في عقل الشابّين. تمّت صياغة شكل البيان ونُشر تحت عنوان (البيان الشيوعي) بصيغته المعروفة لأول مرة في طبعة خاصة باللغة الألمانية في لندن في شهر فبراير/شباط من عام 1848. كان كارل ماركس في الثلاثين وفريدريك أنجلز في الثامنة والعشرين من العمر.

في الرابع عشر من شهر مارس/آذار من عام 1883 وعلى الساعة الثالثة إلا ربع ظهراً توقف قلب ماركس عن الخفقان، فانضم حشد إلى جازته، حشد صغير مؤلف من أحد عشر شخصاً، بمن فيهم موظف الدفن، متجهين إلى مثواه الأخير، والذي حمل أشهر عباراته والتي نقشت على لوحة القبر: الفلاسفة فسروا العالم بطرق مختلفة، ولكن المسألة تكمن في تغييره. ماركس حكيم بأشواق شرقية، عمل على تغيير العالم، لكنه أمضى الشطر الأكبر من حياته هارباً من الشرطة، ومن الدائنين، وحول عمله الأهم، يقول: لم يكتب أحد هذا الكم من الكتابة عن المال، وهو لا يملك إلا قليلاً جداً من المال. وحاصل بيع كتاب “رأس المال” لن يكفي لتسديد ثمن التبغ الذي دخنته وأنا أكتبه.

وأختم برسالة ابن عمي:

(بدايةً، أودّّ أن أقول لك إنّني ضحكت كثيراً حين قالوا إنّك عدت. سألت: من أين؟ بالطبع، لم يخطر في بالي جواباً ميتافيزيقياً. تركتهم، البعض كان سعيداً بـعودتك والبعض الآخر كان قلقاً من تلك العودة. بالنسبة إليّ، لم أشاهدك تغادر كي أصدق أمر عودتك المزعومة. ليس في الأمر استخفاف ببصر الآخرين ولا ببصيرتهم، كلّ ما في الأمر أنّني لم ألتق بآخر من أمثالك كان قادراً أن يقنعني مثلك. في الحقيقة، عليّ أن أكون صادقاً معك. فإضافة إليك، هنالك آخرون تمكّنوا من إقناعي بهذا القدر أو ذاك. وعلى رغم بقائك الأوّل في هذه المسألة، إلّا أنني كنت أودّ أن أعرّفك إليهم.

العزيز كارل

أعلم أنّ بداية التسعينيات من القرن المنصرم كانت عصيبة عليك، لم يكن لك إلّا أن تشك في كل شيء، في نفسك ربما، وفي الآخرين حتماً. تعلم أنّني لم أستطع أن أمدّ إليك يد المساعدة في تلك الفترة العصيبة، لأنّني، كما تعلم، كنت مشغولاً في الإعداد لفحص الشهادة الابتدائيّة. أرجو ألّا تزعل منّي، فقد كان مستقبلي على المحك. أعرف أنّك حريص على مستقبلي. وبما أنّي مؤمن حتى العمق بالمثل القائل: "الصديق وقت الضيق"، فقد جنّدت لدعمك، في تلك الفترة، شخصاً أوليه كلّ الثقة الممكنة وآتَمنه على جميع أسراري، دون أن أخبره إياها! صدّقني، إنّه الشخص الذي أختاره للمهمات الصعبة في حياتي، فهو لا يضيّع البوصلة.

بالطبع، لا أقول لك هذا الكلام من باب المنّة أو التفاخر السخيفين، كل ما في الأمر أنّي أودّ أن أؤكد لك أنّي لم أتخلَّ عنك في الأوقات الصعبة. أعلم أنّ هناك بعض الخبثاء ممن همسوا في أذنك بكلام سخيف عن أنّي تخلّيت عنك. أريد أن أقول لك إنّ هؤلاء هم في الحقيقة من أنكروك بالطريقة السهلة نفسها التي من خلالها آمنوا بك. أنا لم أؤمن ولم أنكر، أنا اقتنعت وأغنيت قناعاتي! وأخيراً كارل، أظنّ أنّك تريد أن تعرف من هو ذاك الشخص الذي حدّثتك عنه. إنّه ببساطة أبي. ذلك الشخص شبه الأمّي، الذي يكتب "شكراً" بالنون، ذلك الشخص الشريف الذي لم ينفك يدافع عنك، ويعلن أنّك على حق، في عمله وتعامله. كنت معه ... ونحن معك)



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطبة لم يقلها قس بن ساعدة الإيادي
- هل ما زالت فلسفة ماركس محلّ ثقة؟
- محضر قرابين حي التضامن في العاصمة السورية دمشق
- تأبَّط كتاب هكذا تكلَّم زرادشت
- نظرة في الكون الفسيح
- هل كانت نساء روما القديمة مواطنات؟
- أحد عشر يوماً من تاريخ الثورة السورية
- الشيوعيون والنوم في العسل
- حكايات سورية
- متلازمة البطة العرجاء
- الشّعب معصِّب
- هل كان ألبرت أينشتاين اشتراكياً؟
- السعي لفهم أسرار الكون
- كيف سيغير ترامب العالم؟
- بقايا كلام في جمهوريّات العسكر
- هل تحتاج إلى الدّين كي تكون إنساناً أخلاقيّاً؟
- في التفكير المستقيم والتفكير الأعوج
- اليسار العربي حاطب ليل
- عطس الأسد فخرج السنور من أنفه
- حسيب كيالي يشكو أمره إلى رئيس الجمهورية


المزيد.....




- تضامنا مع الشعوب المناضلة ضد الحرب والاستعمار والديكتاتورية! ...
- بناء حركة عالمية ضد الإبادة الجماعية في فلسطين
- الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع تجدد إدانتنا الق ...
- إسبانيا: بيان حزب النهج الديمقراطي العمالي بشأن الأحداث العن ...
- مورسيا الإسبانية: حادث اعتداء على مسن يشعل مواجهة بين ناشطين ...
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي في دورتها ...
- نعي قائد شيوعي بارز
- اليسار يدفع فرنسا نحو تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرا ...
- تيسير خالد : أيمن عوده .. قائد وطني شجاع
- آلاف المستأجرين يطالبون السيسي بعدم التصديق على القانون وال ...


المزيد.....

- حول أهمية المادية المكافحة / فلاديمير لينين
- مراجعة كتاب (الحزب دائما على حق-تأليف إيدان بيتي) القصة غير ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي ... / أحمد الجوهري
- وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا- ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الثقافة والاشتراكية / ليون تروتسكي
- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - عبدالرزاق دحنون - رسالة ابن عمي إلى كارل ماركس