أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - في ذكرى ميلاد مؤسس الصهيونية الماركسية















المزيد.....

في ذكرى ميلاد مؤسس الصهيونية الماركسية


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 8392 - 2025 / 7 / 3 - 13:54
المحور: القضية الفلسطينية
    


في مثل هذا اليوم 3 يوليو من عام 1881م ولدت شخصية مجهولة لحد كبير في الثفافة العربية، رغم ما لعبته هذه الشخصية من تأثير متعدد وواسع للغاية في المشهد العربي الراهن، وهي شخصية المفكر الروسي اليهودي "بيير دوف بيرخوف" الذي قام بتأسيس تيار "الصهيونية الماركسية"، الذي كان عمود الخيمة الحقيقي الذي رفع قواعد المشروع الصهيوني ووضعه بثبات على أرض الواقع.
توفي بيير بيرخوف عام 1917 بعد حياة قصيرة ولكن حافلة للغاية؛ بدأ حياته في روسيا القيصرية بوصفه من النخبة اليهودية التي ساهمت في العمل التنظيمي للجماعات الماركسية في تلك الفترة، رافعا شعارات "الأممية الشيوعية" ودولة عمالية عالمية، قبل أن يتحول تماما إلى التوجه القومي ويطور نظرية في القومية المادية اليهودية، ويتبنى المشروع الصهيوني على أساس مادي طبقي ماركسي، ويؤسس الحزب الذي سيصبح الأب التاريخي لما يعرف اليوم بـ"اليسار الصهيوني" وهو حزب "بوعلى زيون" (عمال صهيون".
ولقد تناولت هذا التيار الأيديولوجي وتمثلاته الأدبية والثقافية في دراسة نشرت في كتاب بعنوان: "خرافة التقدمية في الأدب الإسرائيلي: نقد أسطورة الاحتلال التقدمي" في طبعتين الأولى عام 2012 والثانية عام 2014م، سعيت فيها من خلال منهج الدرس الثقافي للبحث عن القيم الثقافية المركزية الحاكمة لهذا التيار، ولم أقع في فخ فلسفة الدرس الثقافي الغربي التي كانت تبحث عن علاقات المتون والهوامش في مواضيعها، وتنتصر للمواقف الهامشية على حساب المتن...
بينما قمت في دراستي بتطبيق فلسفة أخرى لمنهج الدرس الثقافي تعتمد على الكشف عن منظومات القيم المختلفة، ووضعها في مواجهة القيم الإنسانية العليا التي تقوم على: العدل والحرية والحق بشكل أساسي؛ مخالفا التوجه الرائح عربيا الذي يعتبر اليسار الصهيوني هامشا أو أقلية توصف فقط بالتمرد والرفض والاحتجاج والتعاطف مع العرب، ومدققا في الجذور الثقافية والفكرية التي نبع منها.
وهو ما أوصلني لكشف "المسكوت عنه" في أيديولوجيا "الصهيونية الماركسية"، والنسق الفكري المشوه الحاكم لها، باعتبارها كانت التيار المركزي الذي حمل "الصهيونية" بكل قوة ووضعها على الأرض بشكل مبكر للغاية، وقبله –وقبل جهده في تنظيم الهجرات المبكرة لفلسطين- كانت الصهيونية مجرد فكرة حائرة في أروقة السياسة الأوربية.
إذ أن هذا التيار هو الذي نظم البناء السياسي والنقابي والحزبي والعسكري للمستوطنات الصهيونية، وليس اليمين الديني كما يعتقد الكثير من الباحثين العرب، عندما تحول من مفهوم "الأممية الشيوعية" العالمية إلى "الصهيونية الماركسية" القومية، لأقدم نقدا ثقافيا جوهريا لأيديولوجيا الصهيونية الماركسية وتطبيقها السياسي في فلسطين المحتلة، والدور الكامن والمركزي لحزب "بوعلي زيون" (عمال صهيون) الذي أسس له بيرخوف، ثم تحولات الحزب وانشقاقاته التنظيمية التي تعد هي الأساس الحقيقي لما يسمى بـ"اليسار الصهيوني" وكذلك دوره في استقطاب اليسار الفلسطيني وإنشائه، والتمردات التي قام بها اليسار الفلسطيني انشقاقا على مشروع الدولة العمالية المشتركة بين العرب الفلسطينين ويهود أوربا وروسيا الغزاة، وصولا إلى ذرورة التمرد على المشروع الأممي للصهيونية الماركسية؛ عندما قال محمود درويش "سجل انا عربي" بعدما كان عضوا في أحد تنظيمات اليسار الصهيوني.
لقد قامت أيديولوجيا الصهيونية الماركسية عند بيرخوف على قراءة مادية طبقية لتاريخ اليهود، وصراعهم بين الأمم التي عاشوا وسطها، حيث اعتبر بيرخوف أن اليهود مثلوا طبقة عليا نافست المجتمعات تلك على أدوار اقتصادية عليا، فتسبب هذا الصراع الطبقي وبنيته في العداء المستمر تجاههم وطردهم من تلك الأمم...
وفسر بيرخوف المشكلة بأن البنية الطبقية لليهود مشوهة ومعكوسة تتمثل في قاعدة ضخمة من المهنيين والتجار وأهل المال، ورأس صغيرة من العمال أو الفلاحين، ووضع الحل الماركسي الطبقي من وجهة نظره بأن يتم تصحيح البناء الطبقي لليهود في دولة خاصة بهم، لتعمل قاعدتها الضخمة في الزراعة والصناعة، ويكون رأسها الصغير نخبة سلطوية حزبية ومالية ومهنية مثلها مثل أي مجتمع، واختار بيرخوف فلسطين لتكون وطنا للصهيونية الماركسية بالاستناد لما أسماه الوجود التاريخي لليهود هناك!
على المستوى التطبيقي لتنفيذ أيديولوجيا الصهيونية الماركسية؛ قدم بيرخوف تصورا لدولة "احتلال تقدمي" سوف تحتل فلسطين، وتقوم بعملية "تنوير" لنخب محلية فلسطينية واستقطابها وتنظيم وعيها حزبيا، تحت عنوان "دولة عمالية مشتركة" بين عمال العرب وعمال اليهود الغزاة المهاجرين من روسيا ومن كل دول العالم.
وانقسم المشروع السياسي لدولة "الاحتلال التقدمي" التي نظَّر لها بيرخوف إلى مرحلتين؛ المرحلة الأولى بناء الدولة العمالية المشتركة بين يهود روسيا وأوربا وبين عرب فلسطين عبر النخب المحلية التي سيتم فرزهم وتنظيم وعيهم بتلك الدولة المشتركة بين العرب ويهود روسيا وأوربا. والمرحلة الثانية هي المشاركة في النضال الأممي العالمي لبناء دولة العمال الماركسية العالمية.
واللافت أنه قد قدم فلاديمير لينين دعما لمشروع "الاحتلال التقدمي" لأرض فلسطين، في اجتماعات الأممية الشيوعية الدولية (الكومينترن)، عندما طلب من ورثة بيرخوف (بعد وفاته) بعض الإجراءات الحزبية التي تتعلق إجمالا بالوزن النسبي للنخب المحلية العربية التي تم فرزها واستقطابها وتنظيم وعيها. أصيب تيار الصهيوينة الماركسية بصدمته الوجودية الكبرى (بعد ان أسس المشروع عمليا ونظمه على أرض الواقع) في عام 1947م مع قرار تقسيم فلسطين بين العرب وبين اليهود الغزاة (ثم فظائع حرب 1948 وإرهابها العنصري)، لأنه يضرب تصور بيرخوف عن دولة عمالية مشتركة لـ"احتلال تقدمي"، وتشتت التيار بعد ذلك بين من حاولوا الاستمرار في العمل السياسي وفق المتاح وتقديم وجهة نظر سياسية تحن إلى الماضي وتتفاعل مع قضايا العرب، وبين من تحولوا إلى فكرة "الصهيونية العدمية" واليأس من مستقبل الدولة وتوقع انهيارها الوجودي الكبير (الأبوكاليبسي أو الذي يشبه نهاية العام ويوم القيمامة)، لأنها قامت على استلاب الحق الوجودي للشعب العربي والفلسطيني.
وهذا النقد الثقافي الجذري الذي قدمته لمشروع بيرخوف عن الصهيونية الماركسية وتمثلاتها الأدبية، يشبه تماما النقد الثقافي الذي قدمته لجان بول سارتر عن مشروع "الصهيونية الوجودية"، تلخصت فكرتي في نقد "الصهيونية الماركسية" في نقد فكرة التمركز حول الذات اليهودية وسياقها الخاص في أوربا، وإهمال حق الآخر العربي الفلسطيني في تقرير المصير والاختيار بين "الاحتلال التقدمي" أو رفضه! واعتبار العرب شعبا أقل تقدما على المستوى التقني بما يجعله مادة سهلة لتنظيم الوعي والاستقطاب استنادا للطبيعة النفسية للبشر، وتفجير التناقضات في الوعي الجمعي لإنشاء تمددات تقبل بفكرة "الاحتلال التقدمي" وتستند إلى تأخر الذات العربية وواقعها الحضاري...
وأشرت كذلك إلى السبب الذاتي الذي دفع بيرخوف إلى التحول من "الماركسية الأممية" إلى "الصهيونية الماركسية" والذي يتمثل في ازمة الاضطهاد ليهود روسيا فيما عرف بـ"مذابح البوجرم" بعد الاشتباه في ضلوع يهودي في محاولة اغتيال قيصر روسيا.
وهي الفكرة نفسها التي رصدتها في مشروع سارتر لـ"الصهيونية الوجودية"، بعدما شهدته فرنسا في الحرب العالمية الثانية تحت نظام الحكومة الموالية للنازية الألمانية، من وقائع مطاردة واضطهاد ليهود فرنسا، بما جعل سارتر تأثرا بأزمته الذاتية في فرنسا يرى في مشروع احتلال فلسطين التحرر الوجودي ليهود اوربا والعالم، أو "الصهيونية الوجودية" الكبرى.
وحقيقة تبدو القراءة الثقافية النقدية العربية لعلاقة الغرب بالتمثلات الصهيونية وأديولوجياتها؛ قاصرة معرفيا وغير قوية وغير متحررة من التناقضات المعرفية والترويج المفرط لمفاهيم مرتبكة ومشوهة، ظهرت لخدمة التناقضات الأوربية وأزماتها الوجودية، ولابد من تطور مدرسة معرفية عربية جديدة في الدرس الثقافي العربي المقارن، والاهتمام بتحليل الجذور للنماذج المعرفية المختلفة السائدة إقليميا وعالميا.
ليكون ذلك هو الأساس العلمي الرصين لبناء المستقبل، وطرح نماذج بديلة حقيقية لنهضة الذات العربية المتصالحة مع كافة مكونات "مستودع هويتها"، بعيدا عن المحاصصات الهوياتية إرث المسألة الأوربية، ومتلازماتها الثقافية.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرق الأوسط الجديد: النووي والوزن النسبي ولماذا ضَربتْ إسرا ...
- زيارة ترامب إعلان غير رسمي للشرق الأوسط الجديد
- الجماعة المصرية: جدل الأمن القومي والمشترك الجيوثقافي العام
- زيارة ماكرون: أوربا ترد على ترامب في ملف فلسطين
- مصر وجدل الاستراتيجية والمعرفة: الدروس الجيوثقافية لمآلات حر ...
- الحداثة الأبدية قراءة نقدية مقارنة للمشروع الغربي
- مصر والاستراتيجية زيرو: تدافع الموانع والممكنات
- هل خسرت المقاومة أم تخاذلت الحاضنة العربية الإسلامية!
- السودان ومصر: إلى أين، سيصل كل منا على حده!
- النمط العسكري للاحتلال: التصعيد ثم التوزان واحتمال اشتعال ال ...
- حروب اليوم وعالم الغد: بين الجيوحضاري والجيوسياسي والجيوثقاف ...
- دور الإسناد الجيوثقافي في الحضور المصري بالصومال
- استراتيجية الأمل: أي تجديد من أجل التجديد الثقافي العربي!
- الوعي الجيوثقافي و دور الدبلوماسية الثقافية في رفد الدبلوماس ...
- الثقافة بوصفها مشتركا مجتمعيا عند التحولات التاريخية
- فوق صفيح ساخن: بيانان ثلاثيان ومذبحة ورد منتظر
- استجابات استراتيجية نتانياهو البديلة: مصر وتركيا وإيران
- استرتيجية للنأي عن الاستقطاب.. أم ديبلوماسية جيوثقافية مصرية ...
- سيكولوجية الإنكار: معركة رفح العسكرية ونهاية مرحلة كامب دافي ...
- مصر والمستقبل: بين الوظيفية الإقليمية والقطبية الجيوثقافية


المزيد.....




- أمريكا: هبوط اضطراري لطائرة بملعب غولف.. ومصادرة كوكايين بقي ...
- سوريا.. عشائر الجنوب تعلق على بيان الرئيس أحمد الشرع
- سوريا.. أحمد الشرع يعلق على أفعال بعض الدروز في السويداء وال ...
- سوريا: الرئاسة تعلن وقف إطلاق نار -فوري- في السويداء وتدعو ك ...
- الشرع: سوريا ليست ميدانا لمشاريع الانفصال
- فريدريش ميرتس ..لماذا يشكر إسرائيل على قيامها بـ-أعمال قذرة- ...
- الاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة ويجبر فلسطينيين على هدم منازل ...
- لماذا لا تُصنّع هواتف -آيفون- في أميركا؟
- قوات العشائر السورية تدخل عددا من البلدات في محافظة السويداء ...
- القنبلة التي قد تعيد تفجير الصراع بإقليم تيغراي الإثيوبي


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - حاتم الجوهرى - في ذكرى ميلاد مؤسس الصهيونية الماركسية