توفيق التونجي
الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 16:51
المحور:
قضايا ثقافية
الآية الكريمة "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"
دائما الكتابة راكبا سفينة فولاذية تطفو فوق السحاب لذيذة ويزداد طعمها لذة الصبايا ممن يقمن بالخدمة على متن الطائرة إذ ان هناك سياسة محصورة بشركات الخطوط الجوية تختار فيها كل جميلة وأنيقة وحلو الكلام من الجنس اللطيف (المضيفات). وهن بطبيعة الحال ممن يجدن اللغة الإنكليزية بطلاقة. كالعادة اجد نفسي في هذا المرتفع في الجو بين السحاب البيض في طائرة الخطوط الجوية الإسكندنافية العريقة وبطاقم اقل ما يمكن وصفه بالرائع خدمة وجمالا. الشاي والقهوة والماء تقدم للمسافرين بالمجان والثلاثة سهلة على معدتي و روحي.
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم | الآية 61 من سورة الأنفال
التسامح في التعامل بين الناس صفة سلوكية إنسانية راقية ومن ثم حضارية رغم ان بعض الشعوب يعتبروه نقصا إلى درجة المذلة لكن هذا النوع من السلوك يدل على عقلانية الشخص نفسه وطبعا ثقته بنفسه . لان الغضب والشراسة واستخدام العنف الشديد في التعامل يدل على الجفاء والتكبر والغطرسة وربما هو سلوك انعكاسي لخوف الشخص فيلعب دور الأسد وكنا في القرية لا نخاف الكلاب التي تعوي بل تلك الصامتة الساكنه. الممثل القدير يلعب الدورين وفجا ظهر امامي صورة للمثل المصري الراحل محمود المليجي الذي احبه المشاهدين في السينما والتلفزيون من العراق إلى المغرب وقد قرأت وماهرا بان من اصول كوردية وهذا ليس بغريب بين اهل مصرلان العديد من اقطاب الفن والأدب والسياسة هم من اصول كوردية وقد تلتقي بتكية لاحد الصالحين او خانقاه واسما لشخصية غريبة على البيئة ذو الثقافة العربية وهذا طبيعي فذاك علىً جبل المقطم احد أجمل قلاع الشرق بناها او على الأقل بدأ ببناءة صلاح الدين الأيوبي وهنا اود ذكر شيئ من التاريخ المنصف لهذه الشخصية التي أصبحت عند البعض جدلية ويقذف بسوء النعوت. قائد الجيش ليس بالضرورة ان ينتصر في كل المعارك والحرب ايام وهذا لا ينتقص من شخصيته واذا كان حليما يعفوا عند المقدرة فهذا يعني الحكمة والروية في الحكم واذا كان جادا في التغير ومعاقبة المخطئ فان ذلك لا يعيبه إذا كان حازما فهو من صفات رجال السلطة والحكم وقمتي في احدى قصور الأندلس قليل الكلام يمر بسلام والعكس كذلك. لكن هذا الرجل القائد الأيوبي له ما له وعليه ما عليه لكنه ترك إرثا يتفاخر به الشعوب الإسلامية جيلا بعد جيل وحتى الشعوب الأوربية يكنون له بالاحترام فالناشز هو الناقد دوما والسلبي وهذا الاستثناء يؤكد القاعدة العامة ولا ينفيه. يكفيه دخوله البيت المقدس فاتحا حتى بعد عدد من المعارك بين الفر والكر كما هي الحروب وفاتحا يعفوا عن الرعية مهما كانت عقائدهم وانتمائهم الديني وحتى عن هؤلاء الذين حاربوه.
حين يحكم المحروسة يبني للمصرين مدينة على شكل قلعة مفخرة العمارة في القاهرة. ومن ثم قام محمد على باشا باني مصر الحديثة ببناء الجامع المرمر الشهير باسمه كذلك وعلى غرار جوامع الاستانة، جامع السلطان احمد من الناحية المعمارية والزخارف والنقوش من الداخل .
قد أكون حدت عن مسار الطريق الذي بدأته في حديثي عن التسامح لكن هؤلاء الذين اذكرهم لم يكونوا حتى من العرب بل من قوميات أخرى جاءوا ابناء الدولة محررين ولم يكونوا محتلين. وإذن لا زلت في عين الموضوع لكن كلا لا زلت أريد ان أحدثكم عن عبقرية المليجي في الدور الإجرامي وعكسه وقد تتساءل، قارئي الكريم ما القصد بالعكس فكلكم عرفتموه في أدواره الإجرامية فأقول بانه أفضل من شخص شخصية الفلاح المصري مع عبد الوارث عسر وفي فلم الارض رغم وجود اراء مختلفة في الموضوع.
المليجي انقلب فجاة على جميع ادوار الشر ليقدم شخصية الفلاح الأقرب إلى قلوب الناس وبذلك ترك اثرا خالدا في أ لسينما العربية.
الطائرة لا تزال تسبح بين الغيوم وارى من الشباك احد أجمل عواصم اوربا ولم أتمكن من مشاهدة هذه المدينة بهذا الشكل لأنها مساحتها شاسعة إلى درجة كبيرة ويتوسطها برج حديدي لم يستسيغه مواطنية عند بناءة مع افتتاح معرض باريس الدولي والبرج من ابتكار العبقري ايڤل. لقد خرج ابناء كومونة باريس مطالبين بهدمً هذا الصرح الحديدي القبيح في احد الايام. واليوم هذا البرج الحديدي بالذات يجلب لهم ثروة وطنية لم يحلموا بها قط. رب ضارة، نافعة. هذه المدينة وجامعتها الشهيرة سوربون قدم اجل الخدمات للثقافة العربية ومنها تخرج المتنورون الذين كانوا بأفكارهم التسامحية منارا للعقول في عموم الشرق وكان عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في الريادية. وسارع آخرون بنفس الخطى امثال اراكون والجابري والطرابيشي وأبو زيد وفودة وشحرور وهادي العلوي وحتى نجيب محفوظ في رواياته وآخرون كثيرون . وكان النفس يتمنى ان تكون آراء هؤلاء تتدحرج عبر الزمن في المجتمعات الشرقية كتلك الكرة الثلجية تكبر وتكبر حين تتدحرج من القمة جامعا معها كل الشوائب في طريقة لينير العقل الشرقي وليتغير ويخرج القوم من تلك الدوامة والدورة المغلقة التي تعيد نفسها جيلا بعد جيل مرتبطة بالماضي المطلق دون اي محاولة لكسر الجمود والتفكير بعقلية إنسان القرن الواحد والعشرون دون اي مساس ب (ثوابت الأمة الخالدة ) والنص المقدس وتركه كميراث وكهوية يفتخر الناس جميعا بالانتماء اليه ابد الآبدين.
لكننا يجب ان نستمر بحياتنا بشروط العصر والزمان اي نستخدم التقنية الحديثة من طائرات و مراكب فضائية ونجرع الدواء والعلاج الشافي ونستخدم الآلات والأجهزة الحديثة ونرتقي بفكرنا لإنتاج الجديد مع احترام القديم كجزء من التاريخ ولنتسامح أمام المتناقض والغريب المخالف ولنتفاهم معهم وكل يحترم رأي الأخر حتى لو كان نقيضه، قال تعالى.
"وجادلهم بالتي هي أحسن"
كنت في حوارشيق مع صديق عزيز واعترفت له باني لا اعرف من الموسيقى سوى تذوقي لسماع أغنية معينة لسيدة الطرب العربي (ام كلثوم ) ومن شعر امير الشعراء احمد شوقي وتلحين العبقري السنباطي وهذا حدود معرفتي الموسيقية كمتذوق للطرب الشرقي اما حيثيات اللحن من المقامات والجمل الموسيقية فليس شأني فأنا اسكر وأسبح في عالم خيالي سماوي خارج الكون وما وراء الطبيعة المحسوسة ، يكفيني انا ذلك فأنا سعيد حين اردد معها؛
"وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا"
لكن المؤسف ان جميع محاولات التنوير ولحد يومنا هذا باتت بالفشل وعدنا كأننا ندور في دائرة مغلقة كلما ارتقينا عدنا إلى المربع الأول مع كل محاولة للخروج من الظلام يمكننا اعتبارها (زوبعة في فنجان) .
التسامح قارئ الكريم يبدأ بمد اليد للمصافحة المقابل وبذلك نمحو الحدود والحواجز بيننا ولنقول للمقابل أنا بشر مثلي مثلك ومسالم ولا تخف وتجزع وهذه مبادرة للسلام يفتح الأفق إلى السموات العلى وتسمو بالبشرية إلى درجات راقية من التعامل الإنساني والحضاري وهذا يحصل حينً نعلن ونقر بالسلام ونترك جميع أنواع الاستعداد للحرب والدمار ونشر الضغينةً ، العداوة والبغضاء وتذكير الناس بالمواجع في كل مناسبة أقول مع الكبير عمر الخيام:
يا عالمَ الأسرار عِلمَ اليَقين
وكاشِفَ الضُرِّ عن البائسين
يا قابل الأعذار عُدْنا إلى
ظِلِّكَ فاقْبَلْ تَوبَةَ التائبين
الأندلس
على متن طائرة الخطوط الجوية الإسكندنافيه.
٢٠٢٥
الصور لا تظهر في الحوار المتمدن
القسم الاول:الحوار المتمدن
توفيق التونجي - الكتابة فوق السحب البيضاء
#توفيق_التونجي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟