أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - صالون العدل














المزيد.....

صالون العدل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 11:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



“يا عبادي إنّي حرّمتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم مُحرّمًا، فلا تظالموا"، هكذا يتكلم اللهُ تعالى في حديث قدسي مهيب، مُحرِّمًا الظلمَ عن ذاته العليّة، قبل تحريمه علينا نحن العباد! وهذا أمرٌ عجيب! فهو الخالقُ العظيم، الذي لا يُلزمه شيء، ولا يحكمه قيدٌ، ولا يقيّده قانونٌ، ولا يُسأل عمّا يفعل. حاشاه أن يطالُه التحريم، وأنّى يُحرّم شيئًا على نفسه؛ إلا شيءٌ لا تستقيمُ معه الألوهةُ. لهذا من أسمائه الحُسنى: "العدل"، لا: "العادل". فهو العدلُ في ذاته وإطلاقه وجوهره ومآلات قدره، في أزله وفي أبده. منذ قصَّ عليَّ أبي هذا الحديثَ في طفولتي المندهشة، وقد صار بيني وبين الظلم عداءٌ شخصي، واشتعل هوسي بفكرة "العدل"؛ وتكوّن داخلي ما يشبه القَسَمُ الخفيّ بأن أُمرّر كلَّ شيء عبر هذا الميزان الدقيق: هل في هذا الموقف عدلٌ؟ هل في هذي الكلمة ظلمٌ؟ هل في هذا القانون انحيازٌ؟ هل في هذا الصمت خيانةٌ لفكرة العدل؟
لهذا كانت سعادتي بانضمامي إلى الهيئة العليا لـ"حزب العدل"، الذي أراه تجسيدًا حيًّا للقيم العُليا التي آمنتُ بها ونذرتُ عمري للانتصار لها، والمناداة بها؛ ومن خيوطها نسجتُ مقالاتي وكتبي ومواقفي. الكرامة، العدالة، المواطَنه، والرهان على التعليم والثقافة والفن كأدوات للتحضر والرقي. وهل أجمل من أن أجد مظلةً سياسية تتقاطع مع ضميري الوطني والفكري؟! كان هذا أشبه بلقاء الحُلم بالواقع، وتحرُّر الكلمة من ساحة الورق الصامتة إلى نبض الحياة.
انضممتُ إلى "حزب العدل" بعد سنوات من المراقبة الصامتة، بحثًا عن صوتٍ لا يهادن في الحق، ولا ينزلق في الشعبوية، بل يراهن على الوعي والضمير اليقظ. وعليه، كان انضمامي للحزب فعلًا أخلاقيًّا قبل أن يكون قرارًا سياسيًّا. ولعلَّ كلَّ ما كتبتُه طوال سنواتي من مقالات وكتب، وما قلتُه من شِعر ومحاضرات، كان تمهيدًا طبيعيًّا لهذي اللحظة.
وتضاعفت سعادتي حين استضاف "حزب العدل" أولى أمسيات صالوني الثقافي الشهري بعد توقف قسري دام لسنوات، بفعل جائحة كورونا وما أعقبها من انشغالات ومآسٍ. فكانت تلك العودة أشبه بولادة ثانية، واستعادة لقيمة الثقافة والحوار في زمن الإنهاك العام. استمر صالوني الشهري سنواتٍ خمسًا قبل الجائحة، مستضيفًا رموز الوطن الفكرية والفنية والسياسية. ثم توقّف مع الجائحة، كما توقّف نبضُ كثير من مساحات الجمال في العالم. لكن القلب ظلّ نابضًا بالحُلم، ينتظر اللحظة المناسبة ليعود، لا بنفس النغمة، بل بنُضجٍ أشهى، وحكمةٍ أوسع. واليوم يعود من بوابة “العدل”، الاسم والمعنى. ليرحّب بكل مَن آمن بقدرة القلم على التغيير، وبأن العدل أشرف القيم وأسماها.
في أولى جلسات الصالون، استضاف النائبُ "عبد المنعم إمام" رئيسُ الحزب، السفيرَ "مجدي عامر"، الدبلوماسي المثقف، الذي فتح ملفات عديدة من دهاليز السياسة الخارجية، كاشفًا الكثير مما يُقال همسًا خلف الجدران. تحدث عن توازنات القوى، وعن موقع مصر من الإقليم المتشابك، وعن تحولات المشهد الدولي، وطرح رؤى مهمة حول مستقبل العلاقات الإقليمية، في ضوء الصراعات الراهنة، وتأثيرها على منطقتنا.
والحقُّ أن ما منح الجلسة تفردَها هو الجمهور النوعي، سواءً من القامات الفكرية الكبيرة، أو الشباب الواعد. جمهورٌ حضر لا ليُنصت وحسب، بل ليُثري النقاش بأسئلته العميقة وتعليقاته الوازنة. تحوّل اللقاءُ إلى جلسة عصف ذهني، اختلط فيها الدبلوماسية بالأدب، السياسيُّ بالحلم، الأملُ بالواقع. وكأن الوطن كان جالسًا بكامله في"قاعة ١٩١٩"، تأملوا الاسم!، التي تحفلُ جدرانُها بصور رموز مصر الوطنية الخالدة داخل مقرّ الحزب بالتجمع الخامس. وكان الصالون يتنفس فكرًا، ويتحدث بلغة المستقبل.
لم يكن الحديثُ مكرورًا أو كلاشيًّا، ولم تكن الأسئلة تقليدية. طرح الحضورُ أسئلة عن الدور الغائب للنخبة، عن القوى الناعمة وقدرتها على التغيير، وعن آليات استعادة مصر لمكانتها الحضارية والثقافية الرفيعة في زمن التكتلات الكبرى، والتربص العمدي بها من الداخل والخارج. بعض المداخلات كانت رؤى وآمالا وأفكارًا نيّرة تليق بجمهوريتنا الجديدة التي نزهو بها ونحلم. وهذا هو جوهر الصالون كما تخيلته دائمًا: فضاء حرٌّ للعقول المتوثبة، وميناء للأفكار المشرقة التي تبني، وتقاوم معاول الهدم المتربصة بالوطن.
الصالونات الثقافية ليست مجرد فعل ثقافي، بل جزء من مشروع أكبر لتكريس العقل كقيمة عليا، وإعادة الاعتبار للثقافة كضرورة وطنية، لا كترف ورفاه. وما "حزب العدل" إلا شريكٌ في هذا المشروع، وأرضٌ خصبة لحلمه النبيل.
سأظلُّ أردد أن الثقافةَ صنوُ النهوض، وأن وطنًا دون قوى ناعمة مثل جسد بلا روح. الفكرُ والثقافةُ هما الضميرُ الذي يصبو إلى جوهر العدل. وهذا هو المنشودُ الذي أصبو إليه في صالوني الثقافي، وفي الحزب الذي أفخرُ بانتمائي إليه.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر
- عيني ترى… لا شيءَ اسمُه: -العمى-
- “صبحي- … فارسًا يكشفُ المستور
- في -عيد الأب-… أقدّمُ لكم أبي
- هجرةُ النساء في ...”ليلة العيد-
- يرشقون نوافذَ القطارات! مِقصلةُ الفرص الجميلة!
- -سميحة أيوب- … عِناقٌ أخير
- مباركٌ شعبي مصر
- رسالة إلى -مصر الخير-…. -المتوحّدون- وحيدون!
- -فرير الخرنفش- … يستثمرون في الشمس
- “دقّة قديمة-… عزفٌ على أوتار الهُويّة المصرية
- عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!
- -الحُبُّ- يسقطُ …. في أرض السلام و-الحب-!!!
- مدارسُ الراهبات
- أطفالُ غزة… الرصاصةُ الرحيمة …. والموتُ جوعًا!!
- هنا بيروت: التعدديةُ ثراءٌ ... لا إقصاء
- الأوقافُ والأزهرُ في وداع البابا -فرنسيس-
- “صلاح دياب-… عاشَ ليحكي
- -فرحًا مع الفرحين- … عيد قيامة مجيد


المزيد.....




- “ثبتها على جهازك خلال ثواني” تردد قناة طيور الجنة 2025 الجدي ...
- كيف ضخّم كتاب -مدينة القدس زمن الحروب الصليبية- الوجود اليهو ...
- الجهاد الإسلامي: إبادة غزة لن تمر دون انعكاسات على المنطقة ا ...
- تغيير مسمى مكتب الشؤون الفلسطينية إلى التواصل مع الجمهور.. ...
- المتحدث باسم حركة فتح: تصور اليوم التالي للحرب بغزة أصبح خطة ...
- المؤتمر اليهودي المناهض للصهيونية يدعو إلى طرد إسرائيل من ال ...
- التصوف بالحبشة.. جذور روحية نسجت هوية الإسلام في إثيوبيا
- ماليزيون يطالبون حكومتهم بعدم قبول سفير أميركي يهاجم الإسلام ...
- من هو حكمت الهجري الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز؟
- نتنياهو أبلغ بابا الفاتيكان بقرب التوصل لاتفاق لإطلاق الأسرى ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - صالون العدل