|
الدولة التي ترقص على السُّلِّم!2/4
ياسين المصري
الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 02:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ملحوظة: في المقال السابق ورد خطأ تاريخي قام بتصحيحه الأستاذ مجدى سامى زكى Magdi Sami Zaki، له مني كل الشكر والتقدير والاحترام. *** الصاغ أنور السادات إن أسوأ ما تتعرض له المجتمعات البشرية هو ممارسة السياسة المؤدلجة، أي التي تجري تحت غطاء ايديولوجي سياسي أو ديني أو الإثنين معًا، الأمر الذي يؤدي لا محالة إلى انحدار البلاد وانحطاط العباد. فمع اغتصاب العسكر للسلطة في مصر، وتوفر الجهل والخوف والعجز، وقدر كبير من الغرور والنرجسية لديهم، أصبحت السياسة التي باستطاعتهم ممارستها تجاه مجتمع مغيَّب ومغلوب على أمره، مجرد شعارات سياسية ذات طبيعة دينية، خطب رنانة وقدرات معدومة وغدر متوفر وخيانة حاضرة!، إذ أنَّ الديانة الإسلاموية المسيَّسة في جوهرها، كانت حاضرة باستمرار في كافة مهامهم السياسية التي لم تكن سوى ردود أفعال طائشة، ومن هنا حدث خلل لكافة الضوابط المادية والمعنوية في المجتمع، مما أدى إلى ضعف الدولة وانحدارها.
الحقيقة أنَّ الفعل الوحيد الذي أقدم عليه الصاغ أنور السادات، وكان لصالح البلاد هو إنهاء الحروب العبثية مع دولة إسرائيل، لإدراكه أنه من المستحيل الفوز عليها، مع وقوف أمريكا بجانبها قلبا وقالبا، شن عليها في يوم السبت 6 أكتوبر 1973 حربا محدودة ومحسوبة العواقب، ومتفق عليها سلفا مع القوى الفاعلة لاسترداد جزء من احساس المصريين بالكرامة المفقودة منذ هزيمة البكباشي عبد الناصر عام 1067، فحقق من خلالها نصرا مبدئيا، ومن ثم لقبَّه المنافقون ببطل المتناقضين: ”الحرب والسلام“، فيما عدا ذلك اتبع أسوأ سياسة شهدتها مصر ودفع حياته ثمنا لها!، رغم أنه كان، وعلى العكس من سلفه، لصيقًا بالسياسة أكثر منه بالعسكرية فهو لم يمكث في الجيش إلا حتى رتبة صاغ (رائد)، وبعدها تمرَّس في مناصب سياسية وصحفية لنحو عشرين عامًا حتى صار تلقائيا رئيسًا لمصر، وحتى الفترة القصيرة نسبيًا التي قضاها في الجيش كان يمارس خلالها السياسة من خلال عضويته في عدد من التنظيمات السياسية ومنها تنظيم الإخوان المتأسلمين كما تخللتها فترة هروب من الجيش بل وطرده منه. وقد استغل معرفته السياسية فيما بعد لإزاحة خصومه وتوطيد مركزه، ليكون هو المسيطر الأوحد، بدَعْم قوي من رجال الأزهر والجماعات الإسلاموية وكافة الإرهابيين!. من خصائص العسكر أنه لا يروق لهم العمل العام إلا في الظلام الدامس وبعيدا عن الشفافية، ولا يثقون في بعضهم البعض، ويتربصون دائما ببعضهم البعض، وعند الضرورة يغتالون بعضهم بعضًا، وأنهم أوغاد بالفعل أمام رونق السلطة في بلد متخلف، لذلك توجد دائما شبهات في اشتراك السادات بصورة ما في اغتيال عبد الناصر، وأيضا تورُّط مبارك في اغتيال السادات. إنَّ شخصية السادات تظل غامضة إلى حد كبير، لذلك تكون مثيرة للخيال والجدل حول روايات لا نهاية لها عن حياته، فقد كات أُلْعُبَانًا ريفيا ماكرًا ومداورًا، ولكن بنفس الغباء المتوفر بكثرة لدي العسكر بوجه عام. بدأ حُكمه بأضافة لقب ”محمد“ إلى إسمه، وحرص على أن تظهر (زبيبة) على جبهته كعلامة للصلاة والتقوى المزيفة (قام بإزالتها في وقت لاحق)، ولقب نفسه بـ”الرئيس المؤمن“، و”رب العائلة“، وراح يتحدث عن ”أخلاق القرية“، تمهيدا لاتخاذ رقصات عشوائية في الاتجاه المخالف تماما لسلفه، ويضمن في نفس الوقت وقوف الإسلامويين إلى جانبه. تراجع عن كافة الإجراءات التي اتخذها البكباشي، وألغى اشتراكيته، ومن ثم قلب الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلاد مرة أخرى رأسا على عقب، بداية بشعار (ثورة التصحيح)، التي تم الإعلان عنها في 15 مايو 1971، وهي مجرد عملية، كان الهدف منها هو التخلص من أتباع عبد الناصر، ثم راح يرقص على وهم (الانفتاح الاقتصادي)، وقال جملته المدمرة: « اللي ما يغتنيش في عصري، مش حيغتني أبدا»، فكان انفتاحه بلاءً ليس له نظير، وكان أحد أهم الأوهام والتقلبات التي ساهمت بفاعلية في ازدياد أعداد اللصوص والدجالين وقطاع الطرق بإسم الدين، فعجلوا بوصول البلاد إلى الحضيض. يقول رئيس بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل: « تأتي المشاكل من تراكم الهفوات”، وهذا القول ينطبق تماما على السياسة التي اتبعها السادات وكانت جميعها تقريبا من الهوات التي يصعب إصلاحها، فقد إضطر السادات إلى اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية، تطبيقا لمبادئ الرأسمالية الغربية، مما تسبب في حدوث تحولات اجتماعية راديكالية إلى بجانب قراراته السياسية، فتسببت تلك القرارات في المزيد من إضعاف الطبقة الوسطى بشكل أساسي وزيادة في شريحة الطبقة الفقيرة مع ظهور فئات ضيقة مستفيدة ورجال أعمال استفادت من هذه القرارات وعرفت وقتها بـ"القطط السمان"، عمد السادات إلى تخريب عقول المصريين في مهمة مدفوعة الأجر من مملكة آل سعود وبإشراف وأوامر من المخابرات الأمريكية... فجعل مهنة الدين تزدهر في مصر، وتفوق أرباحها تجارة المخدرات والسلاح والدعارة ويسارع إلى ممارستها الكثير من الأفاقين والكذابين والمنافقين واللصوص والدجالين والقوادين من المشايخ المحترفين والهواة على حد سواء... شجع على ظهور حركات إسلاموية عديدة، كانت مقموعة في عهد عبد الناصر، اعتقادا منه بأن الإسلامويين متحفظون اجتماعيًا، فأطلق أيديهم، ومنحهم استقلالًا ثقافيا واجتماعيا بهدف الوقوف بجانبه، ودعمه سياسيا. استمر في ترسيخ تأميم الإسلاموية ورجالها ومؤسساتها ومساجدها وجمعياتها، رغم مشاركته في عضوية ما سميت بمحكمة الثورة في عهد البكباشي، والتي قمعت الإخوان المتأسلمين وأعدمت بعضهم. لقد صاحب الاعتلاء التلقائي للسلطة من قبل الصاغ أنور السادات شيوع نغمة الاستهانة به والتقليل من قدْرِه مقارنة بسلفه، فلم يكد يقضي على خصومه داخل هيكل السلطة، حتى تحرك الناصريون والماركسيون بفاعلية ضده في الجامعات والتجمعات، وكان عليه وهو يُعِد البلاد لحرب صورية متفق عليها مسبقا، أن يواجههم بأسلوبٍ سياسيٍ أكثر منه بوليسي. فشجع الجماعات الإسلاموية التي كان نشاطها يتصاعد في البلاد، كي تتصدى لأولئك اليساريين. وتوجه نشاطها نحوهم، ومن ثم ينشغل الطرفان بمواجهة بعضهما البعض. أفرج عن الإخوان المتأسلمين وغيرهم من السجون وأتاح لهم الفرصة للعمل بشكلٍ فعلي في المجتمع دون أي اعترافٍ رسمي أو وجودٍ قانوني، وكان ذلك كله في إطار شيءٍ من الترتيبات السياسية مع قادتهم ومع الأزهر الغير شريف بالمرة. الثابت أن كثيرًا من الحقائق التاريخية لا تبقى خافية إلى الأبد، خصوصا في منطقة تابعة للآخرين ولا تصنع تاريخها بنفسها، ولا يمكنها التحكم بشكل فعال في الأحداث الجارية فيها. من تلك الحقائق ما كشفه الأمير محمد بن سلمان“ الحاكم الفعلي لمملكة آل سعود لجريدة ”الواشنطن پوست“ الأمريكية فى 22 مارس 2018، من أن الصحوة الإسلاموية المزعومة من قبل السلفيين، ونشر السعودية للوهابية، في الدول المتأسلمة خاصة في مصر، لم تكن لوجه الله، ولكنها كانت استجابة لمطلب أمريكي وتوظيفا للإسلاموية لخدمة المصالح الأمريكية، بمساعدة فعلية وأساسية من السادات.!!!، وقال ”بن سلمان“ إن هذا كان نتيجة لصفقة سياسية أبرمتها أمريكا مع كل من السعودية ومصر وباكستان، لتسويق الفكر الدينى المتشدد بهدف خدمة المعركة ضد الاتحاد السوفيتي الملحد...!! وقد علقت الواشنطن بوست على هذه الفضيحة بالقول :« لقد تأكد الآن أن نشر الوهابية لم يكن سوى أداة من أدوات الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي، وأن كل هذه المصاحف وتلك المساجد وأغطية الرؤوس والذقون والجلاليب القصيرة... إلخ، كل هذا لم يكن فى الحقيقة سوى مكياج وأزياء تنكرية واكسسوارات للدور المطلوب تمثيلة فى فيلم الحرب الباردة..!!، وأن الشعوب الإسلامية كانت ألعوبة ساذجة فى لعبة سياسية قذرة ليس لها علاقة بالإسلام..!!». https://nournews.ir/ar/news/118474/تصريحات-بن-سلمان-تكشف-فضيحة-كبيرة-عن-مساعدة-امريكا-للوهابية من المعروف أن سياسة أمريكا الخارجية منذ انتصارها مع الحلفاء في الحرب العالمية الثانية قائمة على خلق المشاكل والحروب في المناطق الهشة سياسيا واجتماعيا، بهدف الاستفادة منها وتعزيز نفوذها في العالم. وفي منطقة الشرق الأوسط، حيث يتوفر لدي حكامها قدر كبير من الغباء والجهل والخوف على مناصبهم وعجزهم التام عن أي عمل سياسي جاد، يسهل لها تعبئتهم لتنفيذ مخططاتها، كما انها تدرك جيدا مدى الهوس الديني المسيطر على الشعوب المتأسلمة بوجه عام. في هذا الإطار صدرت فى 27 ديسمبر 1979 عن مجلس الأمن القومي الأمريكي خطة جهنمية بعنوان ”الجهاد في أفغانستان ضد الإلحاد“ كتبها ”زبغنيو بريجنسكي“ مستشار الرئيس ”جيمى كارتر“ لشؤون الأمن القومي آنذاك، وعلى الفور بدأ بريجنسكي جولة فى الشرق الأوسط لإقناع قادة الدول الإسلاموية بخطته... بدأ جولته بزيارة سرية للقاهرة فى 3 يناير 1980 حيث قابل ”أنور السادات“، ثم قابل ”الملك خالد“ فى جدة بالسعودية فى 4 يناير، ثم قابل الرئيس ”ضياء الحق“ فى إسلام أباد بباكستان فى 5 يناير.. البرفسور جون إسبوسيتو (John Esposito) أستاذ في الشئون الدولية بجامعة جورج تاون في كتابه المناقض للحقيقة « الحرب غير المقدسة، الارهاب بإسم الاسلام»، فهي حرب مقدسة وإرهاب إسلامي أصيل ، قال في ص31: « دعا (بريجنسكي) هذه الدول للقيام بدور قيادي فى الحرب ضد الاتحاد السوفيتي "الملحد" الذى غزا دولة إسلامية، وكان يحمل معه خطة تفصيلية حدد فيها بدقة دور كل دولة فى تلك الحرب، فهناك مثلا من يقوم بالتمويل المالي، وهناك من يقوم بالتعبئة وتدريب المقاتلين... إلخ، والعجيب أن اليهودي بريجنسكي كان يتحدث وكأنه أحد صحابة رسول الله الغيورين على الإسلام!!، وقد نجح فى إقناع الزعماء العرب بالموافقة على مشروعة والتحمس له دون قيد أو شرط..!!» ويقول ” إسبوسيتو“ إن لقاء السادات مع بريجنسكي استمر 3 ساعات ونصف، ركز خلالها بريجنسكي على أن كلا من ”الأزهر والإخوان المتأسلمين“ سيكون لهما دورا كبيراً في الحرب ضد السوفييت، وشرح بريجنسكي أن أهمية دور الأزهر ترجع لكونه المرجعية المقبولة من المتأسلمين، بالإضافة إلى أن كبار قيادات الجهاد في أفغانستان هم من خريجي كليات الأزهر وتربطهم به علاقات وثيقة (مثال ذلك برهان الدين ربانى، وعبد رسول سياف)...وأضاف بريجنسكي أن دور الإخوان المتأسلمين ربما يكون أكثر أهمية من دور الأزهر، خصوصا أن لهم فروعا تابعة لهم في معظم الدول الإسلاموية، بالإضافة إلى أن أكبر القيادات فى أفغانستان ينتمون إلى جماعة الإخوان (مثل القيادى الشهير عبد الله عزام)... وشدد بريجنسكي على ضرورة التنسيق بين الأزهر والإخوان، وطلب من السادات أن يقوم بمهمة توحيد الجهود المشتركة لهما، وفسر بريجنسكي ذلك باعتبار أن السادات يملك سلطانا على الأزهر، ولأنه من جهة أخرى تربطه علاقات طيبة بقيادات الإخوان.. فكان من السهل جدا إقناع «الرئيس المؤمن» بخدمة المشروع الأميركي الجديد، فالرجل قد أسلم زمامه تماماً « لصديقه الحميم» كارتر، منذ أن قبل بمعاهدة «كامب ديفيد»، اوكذلك تجييشه لرجال الازهر والإخوان المتأسلمين، وبالفعل قام هذا الثالوث الأحمق (السادات والأزهر والإخوان) بالدور المرسوم له كما حدده بريجنسكي تماماً.. وبدأ تنفيذ المخطط بتصريح للسادات قال فيه :«إن العالم لا ينبغي أن يكتفي بإصدار بيانات الإدانة للإتحاد السوفيتي ، ولكن لابد من إتخاذ إجراءات عملية».. وفي 1979/12/30 نشرت الأهرام فتوى مفتي الجمهورية ”الشيخ جاد الحق علي جاد الحق“ بدعوة متأسلمي العالم لمساندة الثوار الأفغان... وبعد سنتين فقط أصدر السادات قرارا بتعيينه شيخا للأزهر.. أما بالنسبة لجماعة الإخوان المتأسلمين، فقد كانوا عند حسن ظن بريجنسكي بهم وأدوا دورا فاق ما كان مطلوباً منهم!!.. ففى الجامعات المصرية أشعل طلبة الإخوان حماس الطلاب وأقاموا المؤتمرات والندوات، ونظموا حملات لجمع التبرعات بالمال والدم... ومن ناحية أخرى وبتكليف من مرشد الجماعة ”حامد أبو النصر“ مكث القيادي الإخواني ”د. كمال الهلباوي“ مدة 6 سنوات متنقلاً بين أفغانستان وباكستان لمتابعة تنفيذ أوامر وتعليمات الجماعة، وبالإضافة لذلك قامت لجنة الإغاثة التابعة لنقابة الأطباء المصرية بقيادة ”عبد المنعم أبو الفتوح“ بتسفير كثير من الأطباء إلى أفغانستان، وأيضا جمعت مبالغ ضخمة للمساهمة في تدريب المقاتلين وتزويدهم بالسلاح والأدوية والسلع الغذائية... https://iraqtoday.com/news/67461/تفاصيل-خطيرة-عن-دور-بريجنسكي-في-نشر-الوهابية-على-لسان-محمد-بن-سلمان ركب السادات موجة “التديّن الشعبي”، في لحظات بحثٍه عن “الزّعامة السياسية” ليكون مثل سلفه، وتأييد الغالبية المسلمة له، فاختار لُقِّب “الرّئيس المؤمن”، بُغية إصباغ صفة ولي الأمر أو رب العائلة على نفسه، في محاولةٍ منه لضمان تحالف القوى الإسلاموية بشتى توجهاتها مع نظامه القائم على فكرة دولة “العلم والإيمان”، والتي التقطها دكتور الأمراض الصدرية مصطفى محمود وجعل منها برنامجا تليفيزيونيا تافها، يلوي فيه العلم الحقيقي لويا دينيا إسلامويا! توجد تفسيرات عديدة تحاول أن تحدد سبب ظهور الدعاة الجدد بكثرة في تلك الآونة، أحدها يذهب إلى أن النظام السياسي كان بحاجة لطرح نمط جديد من الدعاة الجماهيريين يسحبون البساط من تحت أقدام الجماعات الراديكالية العنيفة من ناحية ويشوهون صور اليساريين والأقباط من ناحية أخرى. وهناك أيضًا التفسير الذي يقول أن الأثرياء كانوا بحاجة إلى رجل دين يحلل الثروة ويؤكد لهم أنهم يمكنهم أن ينالوا الدنيا والآخرة إذا اتبعوا خطوات معينة، بغض النظر عن طرق جمع ثروتهم. منذ ذلك الوقت بدأ مخطط وهبنة وأخونة مصر وفرض الهوية الصحراوية المتخلفة بديلا عن الهوية المصرية المتحضرة، ورافق ذلك ازدياد الهوس الديني بشكل منقطع النظير، مما ضرب المجتمع في مقتل!. ودفعه نحو حالة من الجنون العقائدي لم يشهدها من قبل، وكان من أشد مؤيدي هذا المخطط المدمر شيخ الأزهر آنذاك عبدالحليم محمود ورجل الأعمال عثمان أحمد عثمان وعدد من الإعلاميين، على رأسهم المذيع أحمد فراج الذى جلب من مملكة آل سعود الشيخ متولي الشعراوي ليكون رأس حربة لهذا المشروع المدمِّر. وقد إستبسل بعض المحافظين فى خدمة هذا المشروع وكان أهمهم محافظ أسيوط محمد عثمان الذى وضع خطة معادية لليساريين وللأقباط، ونالت إعجاب الصاغ انور السادات، وكانت تقوم على بناء أكبر عدد من المعاهد الأزهرية في ربوع البلاد، والإيعاز لطلابها بالتصادم مع الطلبة اليساريين والأقباط. وقد أقر محمد عثمان في حوار أجراه معه عبد الستار الطويلة نشر في العدد 2432 لمجلة روز اليوسف بتاريخ 20 يناير 1975 انه شكل الجماعات الإسلاموية في الجامعات بأوامر من السادات، وبصفتة امين عام الاتحاد الاشتراكي باسيوط مسقط راسة، سُمِح له بتحويل أموال الاتحاد لتمويل الجيل الجديد من شباب الجماعات الاسلاموية، حتي انه طبع المنشورات وأجَّر السيارات واشترى الجنازير من أموال الاتحاد الاشتراكي. وعقد المؤتمرات في الجامعات المصرية التي كانت تستضيف رموز الإخوان"التلمساني ومشهور وعمر عبدالرحمن لمهاجمة اليساريين والناصريين والأقباط المصريين. وهكذا بدأت في مصر مرحلة جديدة من الاقتتال والعنف المتبادل بين الطلبة وعمليات إرهاب الطالبات وتحجيبهن واضطهاد الأقباط، وحل نزاعاتهم الطائفية مع المتأسلمين من خلال المجالس العرفية المشبوهة، ومن ثم تهجيرهم من أماكن ولادتهم لأول مرة في تاريخ مصر!، ولعب الشيخ محمد الغزالي دورًا رئيسيًا في هذه المعمعة، وهو الذى أفتى بعد ذلك بقتل المفكر المصري فرج فودة !!!.. يقال إن الشيخ عبد الحليم محمود ذهب إلى أنور السادات وبشره بنصر أكتوبر، قائلا: « أوصيك باتخاذ قرار الحرب لأننا سننتصر، فقد رأيت في المنام النبي محمدا (صلعم) يعبر قناة السويس ومعه عدد من علماء المسلمين وجنود القوات المسلحة يكبرون». استبشر السادات بهذه الرؤيا ويقال إنها كانت ضمن عوامل عدة حسمت قرار حرب أكتوبر عام 1973. وبعد أن اتخذه قرار الحرب، ألقى شيخ الأزهر خطبة من فوق منبر الأزهر قال فيها :«إن حربنا مع إسرائيل هي حرب في سبيل الله وأن الذين يموتون فيها شهداء ولهم الجنة ومن تخلف عنها منافق». في عام 1977 قدم الأزهر مشروعا لتطبيق الشريعة في البرلمان، ووافق عليه السادات والقضاء المصري ممثلا في مجلس الدولة.. وكان ضمن نصوص المشروع، قتل المرتد.. إن خطورة مشروع هكذا ليس فقط في إكراه الناس على التأسلم وقتل المعارضين بدعوى الردة، ولكن في فتنة اجتماعية كبرى تجعل من قتل المخالف في الرأي أسهل من شرب الماء.. ومن المهازل الواردة بالمشروع إلزام المدعي بشهادة متأسلمين اثنين على المتهم لثبوت ردته، مما يعني فتح الباب للقتل على أساس كراهية شخصية، وفتح الباب لقتل مسيحيين أيضا بدعوى ردتهم عن الإسلاموية.. هكذا تكون مجرد شهادة اثنين تزهق روح فورا.. ليس لجريمة ارتكبها، ولكن لمجرد رأي، وهكذا بمجرد أن رفع الصاغ أنور السادات شعار الإسلاموية والإيمان إنطلق الشيوخ دون تردد في تطبيق ما يؤمنون به من أفكار رجعية وكارثية شربت ومازالت تشرب منها مصر الدم والكراهية. لقد اتت هفوات السادات السياسية ثمارها واخرجت نخبة من الإرهابيين الإسلامويين الذين شاركوا في القضاء عليه.
#ياسين_المصري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة ترقص على السلالم وتحتمي بالعمائم! (1-2)
-
الاتجار بالدين الإسلاموي!
-
محمد: شخصية نبوية مفبركة! (2-2)
-
الأزهر في مصر بؤرة للتخلف والانحطاط!
-
محمد: شخصية نبوية مفبركة! (1-2)
-
معضلة المواطن المستقر في بلادنا!
-
لماذا يكره الفرس العربان؟ (2/2)
-
لماذا يكره الفرس العربان؟ (1/2)
-
جنون العظمة من البكباشي إلى المشير
-
فتاوي ”البلاوي“ والهوس الجنسي
-
ابن سلمان وصدمة التغيير
-
العلمانية والضلال الإسلاموي المبين
-
أصل الاستبداد الإسلاموي
-
الغرب و شيزوفرينيا العربان
-
الصنم الذي يتحكَّم حيا وميِّتا!
-
من أين يبدأ تنوير المتأسلمين؟
-
ثقافة ”البهللة والسبهللة“ الدينية!
-
التفضيل بالنفاق في مصر! (2/2)
-
التفضيل بالنفاق في مصر! (1/2)
-
أنا لسْتُ مُدينًا بشيء لوطن مسلوب الإرادة!
المزيد.....
-
أكسيوس: فوز ممداني جعل نبرة كراهية الإسلام عادية في أميركا و
...
-
انتخابات الصوفية بمصر.. تجديد بالقيادة وانتظار لبعث الدور ال
...
-
حاخام يهودي دراغ.. صوت يرتفع دفاعا عن الإنسانية
-
ثبتها حالاً تردد قناة طيور الجنة بيبي على القمر نايل سات وعر
...
-
“تحديث ثمين” تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصناعية بإشار
...
-
شاهد.. مسيرات حاشدة في محافظات يمنية تبارك انتصار الجمهورية
...
-
عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
-
الاحتلال يعتقل شابا من -الأقصى- ويبعد أحد حراس المسجد
-
45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
ما مستقبل المسيحيين في سوريا في ظل السلطة الجديدة؟
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|