|
القضية الفلسطينية في الصراع الإيراني الإسرائيلي؟
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 19:53
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد أقل من أسبوعين من الجولة الأخيرة للحرب الإيرانية الإسرائيلية، وهي المدة التي حددها نتنياهو لاستمرار الحرب منذ اليوم الأول للحرب، تم التوصل لوقف إطلاق النار، كلياً أو جزئيا، بمساعدة وضغط واشنطن على الطرفين ووساطة قطرية، وتم تدمير المفاعل النووية الإيرانية، مع أن هذا الأمر ما زال محل شك وحوله تتباين التصريحات حتى ما بين واشنطن وتل أبيب. الآن تقول إسرائيل إنها انتصرت في الحرب من خلال ما جرى مع القدرات النووية الإيرانية وقتل العديد من الخبراء والعلماء في هذا المجال بالإضافة الى القادة العسكريين وما ألحقته من دمار بمواقع استراتيجية عسكرية ومدنية وقد سبق ذلك إلحاق خسائر فادحة بأذرع إيران في المنطقة والتي لم تتدخل خلال أيام الحرب الخ، كما نقول إيران أيضا إنها انتصرت من خلال قولها إن قدراتها النووية لم يتم تدميرها بالكامل وأن مخزونها من اليورانيوم المخصب بأمان وأنها ستواصل التخصيب كما أن مشهد النصر يتضمن ما ألحقته من دمار في إسرائيل سواء قصف مقرات استراتيجية عسكرية ومدنية وأماكن سكنية، حتى إن بعض الفضائيات الخليجية عملت مقارنة بين الدمار في إسرائيل والدمار في قطاع غزة!، وحالة الرعب واللجوء المتكرر للملاجئ وإغلاق المطارات وما لحق بإسرائيل من خسائر اقتصادية أيضاً ردها على التدخل الأمريكي بقصف منشآتها النووية بمسرحية قصف قاعدة العيديد في قطر . ولكن، هل كانت المشكلة في الشرق الأوسط هو المشروع النووي الإيراني أم الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؟ بالعودة إلى بداية ثورة الخميني ١٩٧٩ لم يكن الموضوع النووي متواجداً في السياسة الإيرانية وكانت المواقف المعلنة المعادية لأمريكا (الشيطان الأكبر) وإسرائيل تتمحور حول الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين حيث منذ الأيام الأولى للثورة أغلقت سفارة العدو وأخلت محلها السفارة الفلسطينية ورفعت شعارات تحرير فلسطين وشكلت ميليشيات مليونية باسم القدس وتحرير فلسطين، ونفس السياسة اتبعتها في الدول العربية التي فيها وجود شيعي حيث شكلت فيها جماعات مسلحة تحت عنوان محور المقاومة ووحدة الساحات وما أدى إليه هذا التواجد المسلح داخل دول مستقلة من إثارة فتن وحرب أهلية وتعرض هذه الدول لعدوان إسرائيلي كما جرى مع العراق واليمن ولبنان وسوريا، وحتى في المواجهات الأخيرة بين إيران ومحور المقاومة من جانب و إسرائيل وأمريكا من جانب آخر خلال حرب الابادة على غزة كانت إيران ومحورها يقولون إنهم يقاتلون لإسناد المقاومة في غزة! خلال هذه المواجهة الأخيرة بين الطرفين غابت فلسطين وغزة عن المشهد بل استغل نتنياهو هذه الحرب ليبعد الأنظار كلياً عن المجازر التي ترتكبها إسرائيل يومياً في القطاع ومعاناة أهالي غزة مع الجوع وما يجري في الضفة من توسيع للاستيطان وتدمير للمخيمات وحتى الجهود السلمية التي كانت تقودها فرنسا والسعودية لتفعيل حل الدولتين توقفت وتم تأجيل المؤتمر المقرر انعقاده قبل الحرب بأيام في نيويورك كما زادت شعبية نتنياهو واليمين في إسرائيل. وأخيراً تم التوصل لوقف إطلاق نار بوساطة قطرية في أقل من أسبوعين، وخلال الحرب وفي المداولات حول وقفها لم يتم ذكر اسم فلسطين أو غزة ولا جبهة الإسناد بل وانكشف مستور العداء بين الطرفين بأنه صراع حول المصالح ومناطق النفوذ وإثبات الحضور في الشرق الأوسط الجديد والنظام الدولي الجديد، أما شعب فلسطين وقضيته الوطنية فهم ضحايا هذا الصراع وستتم تفاهمات واتفاقات بين إيران وإسرائيل ومعها الولايات المتحدة على حساب القضية الفلسطينية. عندما يؤكد ترامب أنه لا يسعى لتغيير النظام في إيران فهو في المدى القريب صادق لأن واشنطن تحتاج لإيران كعدو مفترض حتى تبرر تواجدها في الخليج وهيمنتها على مخزونه في ثرواته تحت الأرض وثرواته المالية وقطع الطريق على تمدد النفوذ الروسي والصيني وأمريكا دائماً تحتاج لعدو في المنطقة، كان قديماً يتجسد بالخطر الأحمر زمن الاتحاد السوفيتي وبعد انهيار المعسكر الاشتراكي صنعوا أكذوبة خطر سلاح الدمار الشامل عند عراق صدام حسين، وبعد سقوط نظام صدام واحتلال العراق ثم اختلاق خطر الإرهاب الإسلامي بالرغم أنها صانعة القاعدة وداعش ثم جاء التلويح بالخطر الإيراني ،والى حين اصطناع عدو جديد فواشنطن والغرب يحتاجون إيران كعدو وخطر يهدد المنطقة والسلام العالمي كما يزعمون. أيضاً إيران كانت بحاجة إلى وجود (الشيطان الأكبر) ووجود الخطر اليهودي وضرورة تصديها لهذا الخطر المزدوج، واستغلت شعاراتها الداعمة لفلسطين للتغلغل في الدول العربية وتشكيل جماعات مسلحة لمواجهة إسرائيل وأمريكا بينما في حقيقة الأمر وظفت القضية الفلسطينية وأذرعها في المنطقة لخدمة مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. بالرغم من شساعة مساحة إيران والتي تتجاوز مليون وستمائة ألف كيلو متر مربعاً وعدد سكانها حوالي مائة مليون نسمة وقدراتها الحربية والاقتصادية الكبيرة وتحالفاتها الخارجية الخ جنحت القيادة الإيرانية أخيراً إلى وقف إطلاق النار حتى وإن كان هشا لإنقاذ شعبها ومقدراتها وأبدت الاستعداد للجلوس إلى طاولة المفاوضات ،واذا كانت إسرائيل صادقة في مزاعمها أنها حققت أهدافها خلال أقل من أسبوعين من الحرب فكيف لم تستطع القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس بعد عشرين شهر من الحرب على قطاع غزة الذي مساحته ٣٦٥ كيلو متر مربع فقط وسكانه الذين لا يتجاوز عددهم ٢ مليون ونصف نسمة ،كما لم تستطع القضاء عليها طوال ٣٨ سنة من وجودها؟! أم أن إسرائيل ما زالت بحاجة لحركة حماس كعدو مفترض حتى تستكمل مشروعها كاملا في الضفة وتهجير أهالي القطاع؟ وأخيراً نكرر ما سبق أن كتبنا حوله ،لا نلوم العدو لأنه قوي بل يجب أن نلوم أنفسنا لأننا ضعفاء ،وفيما يتعلق بإيران فلا تلام لأنها تبحث وتعمل لصالح شعبها ومصالحها الاستراتيجية وحتى إن وظفت القضية الفلسطينية لهذا الهدف ومدت نفوذها وسيطرتها في دول عربية ،بل يجب أن ننتقد واقعنا الفلسطيني المترهل الذي سمح لإيران وغيرها التدخل في شؤوننا الداخلية وتحويل فصائل بكاملها لأدوات في خدمة المشروع الإيراني ونلوم الأنظمة العربية لتخليها عن الشعب الفلسطيني ووقوفها موقف المتفرج على ما يجري من تصفية للقضية الفلسطينية.
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما بين طوفان النبي نوح وطوفان السنوار
-
انتبهوا إلى ما يجري في الضفة الغربية
-
رحمة بغزة وكرامة اهلها
-
من عراق صدام إلى إيران خامنئي، وماذا بعد؟
-
لماذا لا تلجأ إسرائيل للسلاح النووي؟
-
لماذا توقفت مساعي الوحدة الوطنية؟
-
نتنياهو الأكثر شهرة بين زعماء الشرق الأوسط!
-
ما بين خيانة أفراد وخيانة أنظمة ونخب سياسية
-
الحرب الإيرانية الإسرائيلية: أسبابها وتداعياتها
-
في ذكرى انقلاب حركة حماس
-
الضربة لإيران والرسائل للدول الأخرى
-
ما بين الانتفاضات الشعبية و (طوفان الأقصى)
-
لا تساعدوا العدو في ترويج أكاذيبه
-
الهروب من الوطن الواقعي إلى (الأمة الإسلامية) المُتخيلة
-
نتنياهو ليس زعيماً عربياً
-
وقفة للتأمل واستخراج العِبر
-
ما سبب عجز العالم عن ردع إسرائيل؟
-
غزة جزء من فلسطين وليست فلسطين
-
لماذا تغيب مصر عن مفاوضات الدوحة؟
-
حدود استحضار الرب في الأمور الدنيوية
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يحبط -محاولة ديمقراطية- لتقييد قدرة ترامب
...
-
عراقجي: على ترامب التوقف عن استخدام لهجة غير لائقة تجاه المر
...
-
مجلس الشيوخ يرفض تقييد صلاحيات ترامب في الحرب مع إيران
-
مقتل مواطنين عراقيين في تركيا.. وتحرك عاجل للسلطات
-
أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش
...
-
تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا
...
-
11 شهيدا معظمهم أطفال في غارة إسرائيلية غربي مدينة غزة
-
ترامب: وقف إطلاق النار بغزة بات قريبا
-
فستان أبيض وياقة عالية.. من صمّم إطلالة العروس لورين سانشيز
...
-
ترامب يشكر قطر على دورها في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو
...
المزيد.....
-
1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت
...
/ كمال احمد هماش
-
في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ محمود خلف
-
الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها
/ فتحي الكليب
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
المزيد.....
|