المرصد العالمي لمراقبة الاحتلال الرسالة الأولى

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 544 - 2003 / 7 / 22 - 23:20
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديموقراطي العراقي :
20/9/2003
المرصد العالمي لمراقبة الاحتلال الرسالة الأولى

كتبت السيدة ميديا بنجامين من بغـــداد  :

إن المرصد العالمي لمراقبة الاحتلال في بغداد يجهد في تجميع معلومات معتمدة على أرض الواقع حول فعاليات الاحتلال و الشركات الأمريكية. و سيدعم المرصد المنظمات العراقية المستقلة ، كما سيعمل على احتضان الزوار الدوليين الذين يعملون على دعم الجهود العراقية المستقلة لإنهاء الاحتلال و إعادة بناء بلدهم.
و لكن علينا و قبل كل شيء أن نستقر هنا، و لقد أدركنا من نشاطنا في بغداد ، بأن الوضع يتدهور و بسرعة سواء للعراقيين أو للقوات الأمريكية.
و أول لقاء لنا مع القوات الأمريكية تحقق عند عبورنا إلى الحدود العراقية من الأردن، حيث تقدم منا جنديان بوجوه حمراء  ( لا يتجاوز عمرهما ألـ 18 سنة ) فرحين بلقاء أناس من الناطقين بالإنكليزية.
كانت الساعة  9 صباحا و النهار بدأ يعلن عن سخونته الشديدة، و هؤلاء الجنود الفتية المساكين ،أحدهم من كنساس و الآخر من أركنساس ، يتصببون عرقا و هم في أحذيتهم العسكرية و خوذهم الثقيلة و ستراتهم الواقية و بنادقهم الآلية.
ونحن بانتظار ختم جوازاتنا تحدثنا مع دزينة من هؤلاء الجنود ، هم لا يعرفون لغة و لا ثقافة المنطقة ، و أجسادهم غير قابلة للتكيف مع ضربات الجو الحار الذي تتعدى درجة حرارته 120 فهرنهايت في الظل. كانوا مرضى من تناول الوجبات العسكرية العديمة الطعم ، أحدهم قال " أعطى كل شيء من أجل  وجبة طعام حقيقية. )
كانوا في أغلبهم أولاد يحلمون بصديقاتهم و عوائلهم و بمكان مكيف الهواء ووجبة هامبوركرز، كل ما كانوا يريدونه هو العودة إلى بيوتهم.
( لم نعد نطيق الانتظار ) هذه الجملة قالها جندي من ويسكونسن.
لقد جاءوا ليخوضوا الحرب و الآن وجدوا أنفسهم يحرسون نقاط عبور حدودية ، و يبحثون عن بضائع مسروقة و جوازات سفر مزورة.
و في الوقت الذي كانوا فيه لطيفين معنا كانوا قساة مع العراقيين، كانوا ينبحون بالأوامر على العراقيين باللغة الإنكليزية و بحركات أياديهم  ( قف! ضع سيارتك جانبا! اخرج! قف في الصف! )
العراقيون الواقفون في الصف لختم جوازاتهم كان يبدو عليهم التعب و الجوع وكذلك الغضب لرؤيتهم لحدودهم يسيطر عليها هؤلاء الأولاد ذوي الـ 18سنة عمرا و يتبخترون حولهم ببنادقهم و دباباتهم .. لقد كان المشهد مذهلا للعراقيين معيدا لهم ذكريات الاستعمار البريطاني  .
قد تكون أسلحة الأمريكان عصرية و لكن الاحتلال هو ذاته القديم.
بمجرد رؤية المشهد الحدودي تستطيع أن تشم رائحة المشـــاكل.
غادرنا الحدود المتوترة في طريقنا إلى بغداد عبر ما اسماه سائقنا  ( أرض علي بابا ) ، الطريق السريع هو جنة اللصوص . بعد 11 ساعة وبسرعة 120 ميل في الساعة وصلنا بغداد سالمين بعد أن مررنا بآثار الحرب، هياكل دبابات و باصات نقل مقلوبة و حشوات قذائف و بيوت مهجورة.
في فندقنا ( شقق الأندلس  ) و الذي أقمنا فيه سابقا في مطلع العام ، استقبلنا طاقم الفندق بفرح و ترحاب  و لقد سعدنا أن نراهم جميعا سالمين. و لقد أخبرونا قصص مرعبة عاشوها أثناء الغزو. بيت مدير الفندق دمره القصف ، و عدة صحفيين قتلوا برصاص الأمريكان في الفندق المقابل. و عندما سألناهم عن أهم مشاكلهم الحالية ، قالوا لا أمن و لا كهرباء.
عدم وجود الأمن كان بسبب الاضطراب و الفوضى التي سببها الغزو، و عدم وجود حكومة أو إدارة ، قصار الملعب مفتوحا للصوص علي بابا الذين سرقوا ودمروا كل المباني الحكومية، و الآن يقتحمون المحلات و البيوت و ينتزعون السيارات من أصحابها .
قصص عن اختطاف و اغتصاب فتيات ، مما جعل النساء يفضلن البقاء في البيوت..
صوت الرصاص يسمع من مختلف جهات المدينة ليلياً .
و بنفس القدر فان نقص الكهرباء يضغط على الناس، فالغاز الذي يغذي محطات توليد الطاقة تم قصفه أثناء الحرب. و اللصوص و المخربون  سرقوا الأسلاك الكهربائية. و الحر الخانق يزيد الطين بلة. بلا تكييف أو مراوح فأن العمل و النوم مأساة .
 بلا ثلاجات يفسد الطعام .
 بلا كهرباء مضخات الماء لا تعمل .
بلا كهرباء لا يمكن ضخ الوقود إلى السيارات .
بلا كهرباء لا تعمل الإشارات المرورية، الشوارع تختنق و المرور فوضى .
 بلا كهرباء الشوارع مظلمة و اللصوص أحرار.
الشكوى من انقطاع الكهرباء و عدم الأمن سمعناها تتكرر و تتكرر حيثما ذهبنا.
المشكلة الأخرى كانت البطالة .. لا أعمال .. و فقدان مئات الآلاف من الموظفين و العسكريين لأعمالهم، و المحظوظ الذي لديه عمل فأن أجوره لا تستحق الذكر مقارنة بارتفاع الأسعار.
أن الحقيقة الإيجابية ، هو أن سقوط صدام و نظامه قد أسعد  العراقيين . وقد قابلنا أناسا فقدوا أفرادا من عوائلهم ، عذبوا و قتلوا من قبل النظام السابق و لأول مرة يستطيع هؤلاء الناس الإعلان عن أحزانهم و يطالبون بتحقيق العدالة.
كما قابلنا عراقيين منفيين من عشرات السنين ، أصبحوا قادرين على العودة إلى ديارهم.
و الآن فقط يكتشف العراقيون أشكالا من الحرية من مثل حرية الكلام و التجمع و التضامن.
لقد رافقنا عمال فندق فلسطين في إضرابهم عن العمل و نجاحهم في طرد المدير العام المتسلط من منصبه.
سرنا مع النساء عضوات منظمة أنشأت حديثا في مسيرة للدفاع عن حقوقهن و فرض رأيهن على الحكومة القادمة.
و رأينا الطلبة الشباب الذين كانوا محرومين من الاطلاع على المعلومات الخارجية ، صاروا يقتصدون في صرفياتهم لتوفير المبالغ من أجل زيارة مقاهي الانترنيت.
و لكن و رغم هذه الإيجابيات فإن معظم الناس الذين نقابلهم يقولون بأن حياتهم في ظل صدام حسين كانت افضل من الآن. على الأقل كان هناك نظام ، كان هناك وظائف و رواتب ، كهرباء و ماء. سابقا كانت النساء لا يخفن السير في الشوارع . و الكثير من العراقيين يتساءل  كيف يمكن أن تكون أمريكا قادرة على إدارة الحرب و تعجز عن إعادة النظام و البناء !
كل يوم يمر تفقد فيه الولايات المتحدة بعضا من أرضيتها في العراق.
يوميــا تتعرض القوات الأمريكية لمعدل 13 هجومـا ، و يقل يوميا مستوى التعاطف من العراقيين تجاه الجنود الأمريكان الذين يتعرضون لهذه الهجمات.
لقد أصبحت كلمات " حـريـــة " و  "تحرير " عبارة عن نكتة ممجوجة .
التقينا بكهلين يعملان بالصرافة. و سألونا من أين نحن فأجبناهم بأننا من الولايات المتحدة ، فقال أحدهم ( نحن نحب أمريكا ) ،، فسألناهم  و هل تحبون هؤلاء الجنود الأمريكان  . و أشرنا إلى الجنود المنتشرين ببنادقهم الآلية و الجالسين على دباباتهم من حولنا .. فأجاب كلاهما : لقد ذهب صدام و هذا أمر جيد  و على الجنود أن يذهبوا أيضا ، فالكثير من العراقيين لا يحبونهم...
كما قالا : إن الأمور إن لم تتحسن بسرعة فأن شهرين إلى ستة أشهر ستجعل لا فقط أتباع صدام أو الشيعة المتطرفين و لكن جميع الشعب العراقي يخرج لمقاتلة الأمريكان.
و قال أحدهم... نحن لدينا  تسعة آلاف سنة من الحضارة  و انتم لديكم مائتين منها ، اخرجوا ، نحن قادرون على تقرير مستقبلنا.
العراقيون مندهشون كيف إن أمريكا التي تصنع قنابل ذكية تصيب أهدافها من ارتفاع  ثلاثين ألف قدم و تعجز عن توفير الكهرباء وتنشيط الاقتصاد.
بعضهم مقتنع بأن أمريكا تتعمد ذلك و تريد تدمير كل شيء حتى تأتي و  تبني العراق على طريقتها و البعض الآخر يعتقد إن ذلك دليل العجز و الوقاحة و الغباء الأمريكي .
في إحدى زياراتنا ذهبنا إلى موقع تمثال صدام الشهير الذي تم إسقاطه و أعيد عرض مشهد الإسقاط مرارا و تكرارا في محطات التلفزيون الأمريكية ، فوجدنا محل التمثال نصبا جديدا من أعمال فنان شاب عراقي . و لكن الملفت للنظر إن شخصا ما قد كتب على قاعدة النصب و بلغة إنكليزية ركيكة و بلون احمر صارخ ((  كل شيء قد تم ، عودوا إلى دياركم )) . 

أن عدم وجود بديل يجعل العراقيين يحتملون بقاء الأمريكان لبعض الوقت ،، و لكن و مع دقات الساعة يتضاءل صبرهم.

ميديا بينجامين ( مؤسسة كلوبال اكسجينج  )

لمزيد من المعلومات عن المرصد الدولي لمراقبة الاحتلال
يرجى زيارة الموقع :
www.occupationwatch.org

ترجم الرسالة  إلى العربية  المكتب الإعلامي للتيار الوطني الديمقراطي العراقي

#المكتب_الإعلامي_للتيار_الوطني_الديموقراطي_العراقي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل