أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - أحد بلا ساعة يد














المزيد.....

أحد بلا ساعة يد


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1811 - 2007 / 1 / 30 - 11:08
المحور: الادب والفن
    



هكذا تصفع عيني الورقة الجديدة من الرّوزنامة المعلّقة على الجدار، هذه الرّوزنامة التي كانت من عداد أولى قراءاتي الطفليّة، حين لم يكن في بيتي ما خلا الكتب السميكة لوالدي المغفور له، وهي تمضي في دوّامة النّحو، والصرف، والشريعة، والتفسير، والحديث، بل والمنطق، ونتف من التاريخ، وشذرات شعريّة من بينها دواوين لإبن الفارض وإبن عربي والجزريّ والخانيّ ورابعة العدوية، هذه الكتب التي ستصبح خميرة مكتبتي التي ستكبر، وستضم كتباً مارقة، لايرضى عنها والدي، وأخرى لايرضى عنها أولو الأمر، لدرجة أن لي الآن كتباً معتقلة لدى إحدى الجهات غير المختصة ، بعضها لايمكنني التعويض عنه، واأسفاه.!
- اليوم الأحد.!
الأحد إلا نكهته السالفة والرّسائل ميّتة الحبر لصديقتي.
الأحد ببقايا أجراس كنائسه وصلوات أهلي الآثوريين والسريان والأرمن.
ـ اليوم الأحد...!
***
غمّة داكنة بادية في الأعماق، اضطراب بيّن، يفضيان إلى شبه اختناق داخلي أصمّ، إزاء كلّ صباح أحد, جديد, منذ أن تضاعفت عطلتنا الأسبوعية المجيدة, واستطالت على غير عاداتها كي تحتلّ رقعة أقرب يوم تال، بعد الجمعة، على طريق التأورب, في قضايا القشرة, بعيداً عن الفوضى في الجوهر اللائق بالرّوح, ولعلّ مبعث هذه الغمّة, وذلك الاضطراب يعود إلى أنّني سأكون في مواجهة يوم عمل جديد, بل أسبوع عمل جديد, حيث سأقرض عقوبة فرضت عليّ منذ إلقائي قصيدة شعرية في خيمة عزاء صديقي الشيخ معشوق الخزنوي, مع زملاء آخرين, تمادوا إلى درجة إلقاء كلمات تبين خصال الرّاحل, وعبقريته الموؤدة ظلماً على أيدي قتلته!.
- اليوم الأحد
- الأحد الصّرف
إنّه الأحد الفاتن على قدم واحد...!.
أحد بروائح من لغات كثيرة
أحد في أكثر من جهة في الخريطة..!
أحد في "بقجة" الرماد
يكتب نعوته..!
***
ها أنا ذا أنهض منذ السادسة صباحاً، كي أدلق الماء على وجهي، أسمع "جقجقته"، وأمشّط شعري بأصابعي، مردداً أغنية وحيدة حفظتها لمحمد شيخو، لأحتسي الشاي الأخضر الذي دعتني صديقتي مزكين كي أدمنه، منذ أن أدمنتها، وأغدو من جمهرة أسراه، وأخرج لاهثاً لألحق بمركبة نقل المدرسين الحديثين، والمغضوب عليهم، والضّالين، ممن يتناثرون على طريق قامشلو- تربسبي، أحمل دفتر تحضيري الذي فيه شرح غير لائق لبيت شعري:
إذا بلغ الفطام لنا صبيّ تخرّ له الجبابر ساجدينا.!
على ضوء ثمان وعشرين سنة، لاأقول: عاماً، من العمل في مجال التدريس، هذه المهنة المقدّسة التي كانت حلمي الأول، حلمي الوحيد، وقد تحقّق لي، لألاقي منذ إحدى وعشرين سنةً المزيد من العنت، والتضييق على خناقي، بسببها، وكأنّني أحمل لوثةً هالكةً، وهو ما دعا أولي الأمر لأن يقصوني عمّن أحبّ من تلاميذ وطلاب، من خلال قرارات جائرة، مدبّرة ضدّي، وهو ما يدعوني لأفكّر - "مكرهاً" أخوكم لابطل - في الصيف المقبل بطلاق هذه المهنة الأثيرة لديّ، بعد أن دفعت على دروبها أجمل سنوات عمري، ونالت دروس القواعد، والبلاغة والعروض، من ظهري، فقصمته، أو كادت، كي أغدو بلا معجزة شخصية، بل نصف عاجز، بأحلام هائلة، لاحدود لها..!.
- اليوم الأحد الفصيح
مجرّد أحد – هنا - اسماً
أحد لايشبه الآحاد
أحد من وقت قليل
أحد لاتكتب فيه قصيدة
أحد لاترتكب فيه قبلة
أحد مطيع
أحد شرس
أحد شاعر
أحد يا ويلاه.!
***
أحد كأنّه لايعرفني..!
***
بضع صفحات من رواية لم تنته
صورة مدهشة في قصيدة لم تكتب
وجوه أصدقاء صفوة
صوت أنثى عارم من بعيد
اعتذارات مكرورة من تقصير مزمن
كشكول يعجّ بالخطط الفاشلة
تأوهات جريحة
اكتشاف متأخّر، بعد حوالي ربع قرن من رحلة مع تلميذ غادر، وممثل مصاب بلوثة الفصام، يلهيني بكلامه العسليّ على أنّني أبوه الروحي، أبوه تماماً، ومعلّمه، بعد أن اطمأننت واهماً بأنّني قد أنقذته من لوثة حليبه الأوّل، ليواصل صعوده الوهميّ على جثث سواه، منصرفاً إلى مؤامراته المتقنة، موجهاً بوصلة نمائمه في خريطة خاصة، راكلاً خميرة القصيد، والملح، والخبز والعشرة..!
تبّاً للثعلب الماكر
تباً له... وتب...!
***
اليوم الأحد
أحد مكربن
أحد مكهرب
أحد منحور
استهلالة الأسبوع
لا مفتاحه.... أحد..!
أحد بساعاته الأربع والعشرين
أحد بلا ساعة يد
أحد بساعاته التي لاتسع
أحد يقود جنازة أسبوع لم يمت
أحد لاهدنة فيه للحلم
أحد في ثياب العمل لا "بيجامة" النوم
أحد جديد
أحد من خديعة ماسيّة
أحد لاذع مرير
أحد لاصديقة لي فيه
لا قصيدة لي فيه
لا صديق
أحد ـ صدأ
أحد قامشلو
أحد صدى
أحد أصغر من أحد
أحد أكبر من أحد
أحد من خيانات وخيبات
أحد من أصدقاء جدد رائعين
وصديقات فاكهات
أحد من بريد متكوّم
أحد من أحلام لاتتحقّق
أحد من عيون لاتكلّ
أحد لاعطلة لي فيه
***
أحد لايشبه أحداً..!.

شتاء قامشلو، 2007



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة إلى محيي الدين شيخ آلي:
- ما أشبه الطعنة بالطعنة : في ذكرى الشهيدين الكرديين كما ل أحم ...
- كرد سوريا : صقور وحمائم..!
- ثلاث قصص طويلة جداً
- إعلان دمشق بعد عام من انطلاقته
- إعدام الاستبداد: رسائل تصل سريعاً....!
- سليم بركات يكتب بالكردية...!
- حوار مع الشاعر إبراهيم اليوسف: المرأة جزء رئيس في الفضاء الش ...
- أما آن الأوان لملف الإحصاء الجائر أن يطوى
- مهن ممتهنة
- المثقف الكردي قابضاً على الجمر
- حين يكون المثقف الكردي بين نارين
- خمس وأربعون دقيقة كردية في قصر الضيافة الدمشقي
- العدوان الإسرائيلي على لبنان : دعوة إلى قراءة صائبة ومنصفة.. ...
- محمد غانم - وأسرار الرقم - - 6
- الشيخ معشوق الخزنوي : الصورة اللأخيرة
- سهيل قوطرش وداعاً
- الوجه الآخر للاعتقال السياسي
- كي تصنع وردة ربيعاً
- في رثاء موقع أنترنيتي سوري


المزيد.....




- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه
- في مثل هذا اليوم بدأت بي بي سي بثّها الإذاعي من غرفة صغيرة ف ...
- معالم الكويت.. صروح تمزج روح الحداثة وعبق التاريخ
- أبرز إطلالات المشاهير في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ...
- أسماء جلال تتألّق بفستان طوني ورد في عرض فيلم -السلّم والثعب ...
- BBC تقدم اعتذرا لترامب بشأن تعديل خطابه في الفيلم الوثائقي
- مغني الـ-راب- الذي صار عمدة نيويورك.. كيف صنعت الموسيقى نجاح ...
- أسرة أم كلثوم تتحرك قانونيا بعد إعلان فرقة إسرائيلية إحياء ت ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - أحد بلا ساعة يد