أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - حول العبودية القديمة وعبودية العمل المأجور (1-3)















المزيد.....

حول العبودية القديمة وعبودية العمل المأجور (1-3)


محمود محمد ياسين
(Mahmoud Yassin)


الحوار المتمدن-العدد: 8369 - 2025 / 6 / 10 - 02:55
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


اهذا المقال يتكون من ثلاثة اجزاء وهى كما يلى :
1- العبودية كفئة اقتصادية.
2- ارث العبودية وتداعياته الماثلة في العالم.
3- العبودية غير المباشرة في العالم المعاصر.
العبودية كفئة اقتصادية
ان العبودية في هيئتها القديمة ( chattel slavery) اختفت تماما ولم يعد لها وجود في العالم. واذا كان هذا الاختفاء تدعمه مجرد الملاحظة الامبريقية (empirical observation) لأحوال المجتمعات البشرية في عالم اليوم؛ فمن الناحية النظرية، فان منطق الضرورة الاقتصادية (economic necessity) يكمن وراء المصير الذى آل اليه نظام العبودية. ففي العبودية فان قوة العمل ليست سلعة لان الرقيق المملوك لسيد الارقاء لا يتصرف في قوة عمله بحرية، ونتيجة للنزاع العنيف بين الارقاء واسيادهم بالإضافة لصعوبة الحصول على الارقاء وثورات العبيد خسر هذا النظام مكانته في السلسلة التراتبية للأنظمة الاجتماعية/الاقتصادية لتحل محله الاقطاعية حيث لا يبيع الفلاح القن (serf) قوة عمله، بل يستعملها للإنتاج لصالح الإقطاعي مقابل انتاج احتياجاته المعيشية الأساسية من خلال السماح له بامتلاك وسائل الإنتاج الضرورة لهذا الغرض. واستمرت الاقطاعية الى ان انهارت في نهاية الامر تحت ضربات الرأسمالية التي حولت المنتج المباشر الى عامل مجرد من امتلاك وسائل الإنتاج يعتمد في حياته على بيع قوة عمله للرأسمالي المالك لوسائل الإنتاج والسلع التي ينتجها العمل الماجور.

ان العبودية لا تفهم الا بوضعها في سياقها الاجتماعي التاريخي، فهي نظام للسيطرة فرضته الضرورة الاقتصادية (economic necessity). وهذا التحليل الذى يعتبر العبودية علاقة أو فئة اقتصادية (economic category) من شانه توضيح أن العبودية ليست مجرد فظائع أخلاقية ولكنها نظام هيمنة اقتصادية متأصل في نفس المنطق الذي يدعم العمل المأجور ولكن في أكثر أشكاله تطرفا ووحشية. والرائد في تأكيد صحة وجدوى تحليل العبودية باعتبارها فئة اقتصادية تاريخية هو كارل ماركس الذى كتب في مؤلفه (Grundrisse 1858) قائلا في تفسيرها ” لا أقصد العبودية غير المباشرة، عبودية العمل المأجور، بل أعني العبودية المباشرة، عبودية السود في سورينام والبرازيل وفي المناطق الجنوبية من أمريكا الشمالية ........ بدون العبودية لن يكون هناك قطن، وبدون قطن لن تكون هناك صناعة حديثة. إن العبودية هي التي أعطت قيمة للمستعمرات، والمستعمرات هي التي خلقت التجارة العالمية، والتجارة العالمية هي الشرط الضروري لصناعة الآلات على نطاق واسع. وبالتالي، قبل تجارة الرقيق، كانت المستعمرات ترسل عددا قليلا جدا من المنتجات إلى العالم القديم، ولم يتغير وجه العالم بشكل ملحوظ. ولذلك فإن العبودية هي فئة اقتصادية ذات أهمية قصوى. بدون العبودية، فان أمريكا الشمالية ، الأمة الأكثر تقدما، كانت ستتحول إلى دولة أبوية. فقط امسح أمريكا الشمالية من الخريطة وستحصل على الفوضى والاضمحلال الكامل للتجارة والحضارة الحديثة. ....... نظرا لكونها فئة اقتصادية، فقد كانت العبودية موجودة في جميع الدول منذ بداية العالم. كل ما حققته الدول الحديثة هو إخفاء العبودية في الداخل وتصديرها علنا إلى العالم الجديد“. (ماركس يشير هنا الى الحقيقة التاريخية وهى أن التجارة التي نشأت عقب اكتشاف العالم الجديد "الأمريكتين: أمريكا الشمالية والجنوبية" هي احد أهم العوامل الرئيسة التي ساعدت في انتصار وتوطيد نظام الإنتاج الرأسمالي على الاقطاع.

من الحالات الغريبة في تاريخ العبودية هي نظام العبودية، المشار اليه في المقتطف السابق، الذى انتهجته البرجوازية الأمريكية خلال الفترة الممتدة من القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر، وهى حالة شاذة (anomaly) اقتضتها ظروف تاريخية اجتماعية/ اقتصادية محددة ولا يناقض حدوثها المكانة التاريخية لهذا النظام. فان الجنوب الأمريكي الذى شهد ادخال العبودية لم يكن ينتقل من الإقطاع ولكن البدء من جديد: ادخال نظام العبودية ودمجه مباشرة في التنمية الرأسمالية. ففي مؤلف ال (Grundrisse) نقرأ ”ان امريكا الشمالية لم يتطور فيها المجتمع البرجوازي على أشلاء النظام الإقطاعي، بل تطور من نفسه؛ حيث لا يظهر هذا المجتمع كنتيجة باقية لحركة عمرها قرون، بل كنقطة انطلاق لحركة جديدة. فمن السمات الفريدة لأمريكا هي أن الرأسمالية فيها لم تتطور من الإقطاع كما حدث في أوروبا ،حيث نشأت الرأسمالية من أحشاء العلاقات الإقطاعية ( ملكية الأراضي والنبلاء ، الأقنان الخ). وان المجتمع الأمريكي الذى صار رأسماليا منذ البداية وليس عبر التغلب على الإقطاع، ربط نظام الإنتاج الرأسمالي بأرض طبيعية هائلة لعالم جديد يسوده نشاط اقتصادي يتميز بحرية الحركة التي لم يسمع بمثلها العالم من قبل، وقد تجاوز بكثير كل عمل سابق للإنسان في غزو قوى الطبيعة. وهكذا، كانت هناك حرية هائلة في استغلال الثروة الطبيعية للأرض الجديدة دون قيود التقاليد الإقطاعية.“

وقد كانت العبودية في أمريكا مصممة للإنتاج للسوق العالمي الرأسمالي - وخاصة القطن الذى تحتاجه صناعات النسيج البريطانية. ولأنها في شكلها وجوهرها لم تكن رأسمالية، إلا أن العبودية في أمريكا كانت خاضعة للاحتياجات الرأسمالية حيث أنتجت المزارع القطن للأسواق الرأسمالية. لقد كانت العبودية في أمريكا جزءا لا يتجزأ من دائرة رأسمالية عالمية تتمثل في انتاج القطن لمصانع لمنسوجات في إنجلترا والخدمات المصرفية في الشمال الأمريكي وحركة الشحن من والى أوروبا ، الخ.

وهكذا، فان العبودية في الجنوب الأمريكي لم يتم اللجوء اليها بداية ثم إلغائها لاحقا لاعتبارات ذاتية لا أخلاقية ولكن من خلال الاحتياجات المتغيرة لرأس المال: لجأ اليها راس المال عندما اقتضت الضرورة توسيع زراعة القطن، وعارضها عندما تعارضت مع المصالح الرأسمالية الأوسع عندما شهدت الصناعة الأمريكية صعودا كبيرا في الشمال الأمريكي وبالتالي تعميم نظام الإنتاج الرأسمالي وضرورة وجود العامل غير المقيدة حركته وبيع قوة عمله بحرية. ومعارضة برجوازية الشمال الأمريكي لنظام العبودية هو ما فجر الحرب الاهلية بين الجنوب والشمال في 1861.
--نواصل في الجزء الثاني ونقرأ كيف زُج بإرث العبودية في سياسات الهوية وأثر ذلك على قضايا التغيير.



#محمود_محمد_ياسين (هاشتاغ)       Mahmoud_Yassin#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادعاء نقصان -راس المال- لا أساس له من الصحة
- تعديل دستوري لتعزيز احتكار الجيش السوداني للسلطة
- خطة ترامب الامبريالية لإعادة تقسيم العالم
- ادوارد سعيد : افلاس تفسير الامبريالية بأدوات ثقافية
- الجيش يدمر السودان والمقاومة الشعبية تنقذه
- السودان: جدوى استدعاء ثورة 1924 في ذكراها المئوية(2-2)
- السودان: جدوى استدعاء ثورة 1924 في ذكراها المئوية(1-2)
- حدود العولمة وظاهرة ترامب (2-2)
- حدود العولمة وظاهرة ترامب (1-2)
- في ذكرى أول مايو وواقع حال الثورة في الدول الفقيرة
- مؤتمر باريس لدعم السودان والمقاصد الشريرة للإمارات
- جرائم الجنرال البرهان حاليا وما قبل 23 و21 و19
- ما زال عقل وزير المالية السوداني الأسبق في أذنيه (2-2)
- السودان: غندور وجريمة تدمير العمل النقابي
- الديناميكية السياسية وصعود الجيش للسلطة السياسية واحتكارها ( ...
- السودان: الديناميكية السياسية وصعود الجيش للسلطة السياسية وا ...
- السودان: ما زال عقل وزير المالية الأسبق في أذنيه
- السودان: خطاب البرهان الديماغوجي في الخامس من يناير
- الجيش والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(4-4)
- الجيش السوداني والحرب ضد أشقياء الجنجويد-مقدمة-(3-4)


المزيد.....




- شرطة لوس أنجلوس تعتقل المتظاهرين انتقائيًا وتفشل في تفريق ال ...
- فرنسا.. اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإطلاق سراح نا ...
- حزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة احتجاز الكيان الصهيون ...
- من جنرال إلى خائن... يائير غولان زعيم الحزب الديمقراطي الإسر ...
- الجبهة الشعبية: قرصنة الاحتلال لسفينة “مادلين” جريمة حرب تست ...
- الاحتجاجات العنيفة ضد سياسة الهجرة تنتقل إلى سان فرانسيسكو و ...
- بيان إدانة بشأن اختطاف دعاة السلام على متن سفينة تحالف أسطول ...
- شاهد.. قوات الأمن تستخدم كرات الفلفل ضد المتظاهرين في لوس أن ...
- مواجهات بين متظاهرين والشرطة في لوس أنجلوس في ظل انتشار الحر ...
- كامالا هاريس تنتقد تعامل ترامب مع المتظاهرين في لوس أنجلوس


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمود محمد ياسين - حول العبودية القديمة وعبودية العمل المأجور (1-3)