أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - ما الذي توفره خوارزميات الذكاء الاصطناعي..؟ من حوارنا -كأن الذكاء الاصطناعي هو الكأس المقدسة-، مع الرقيق رزكار عقراوي – بؤرة ضوء – الحلقة الرابعة.















المزيد.....

ما الذي توفره خوارزميات الذكاء الاصطناعي..؟ من حوارنا -كأن الذكاء الاصطناعي هو الكأس المقدسة-، مع الرقيق رزكار عقراوي – بؤرة ضوء – الحلقة الرابعة.


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 8365 - 2025 / 6 / 6 - 23:51
المحور: مقابلات و حوارات
    


إن سيادة عصر الخوارزميات الفائقة، بوتيرة ربما تكون أعظم من الأحاديث الثقافية التي تسيدت عصر السرديات الفكرية الكبرى، فالذكاء الاصطناعي ليس مدرسة فلسفية يناصرها بعض ويعاديها بعض آخر تبعًا لتوجهات آيديولوجية أو فكرية محددة، بل هو تطبيقات مؤثرة صرنا نتعامل معها يوميًا -شئنا أم لم نشأ- وعلى أوسع نطاقات الأطياف البشرية والجندرية..لكن:

ماذا يمكن أن توفره خوارزميات الذكاء الاصطناعي من تحليل البيانات المعلوماتية للسياسيين حول المشاعر العامة والاتجاهات الديموغرافية وفعالية السياسات المقترحة أو المعتمدة؟

يجيبنا الرفيق رزكار مشكورًا:
توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحالية امكانيات تحليلية متقدمة يمكن ان تشكل أداة فعالة لدي السياسيين بشكل عام، ولكن هنا اود التركيز على القوى والتنظيمات اليسارية، حيث يمكن ان يوظف ضمن مشروع تحرري يساري يواجه الهيمنة الرأسمالية بوسائل تقنية جديدة متطورة. حيث ان هذه الأدوات قادرة على استخراج الاتجاهات والمشاعر العامة وانماط التفكير حول السياسات المختلفة، وتحليل التكوينات الديموغرافية، وقياس فعالية البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية لقوى اليسار، مما من الممكن ان يمنحهم أدوات معرفية دقيقة لتطوير سياسات واقعية ومرتبطة بحاجات شغيلات وشغيلة اليد والفكر. ولكن هذه الامكانيات يجب ان تعامل بشكل حذر ودقيق ومدروس وبرقابة وتدقيق بشري، حيث بشكل عام انها غير محايدة، لأنها في جوهرها نتاج سياق رأسمالي، ومرتبطة بمنطق السوق والهيمنة، والتجميع اللامحدود للبيانات، وتحليلها وفق خوارزميات تخدم مصالح رأس المال والدول الكبرى. بالنسبة للسياسيين والسياسيات في قوى اليسار، لا ينبغي ان يكون استخدام هذه الأدوات استسلاما للمنطق الرأسمالي وانبهارا تقنيا، وانما يجب ان يكون توظيفا علميا مدروسا، يقترن دائما بوعي طبقي، ورقابة بشرية صارمة.
ان تحليل المشاعر والوعي الجماهيري واتجاهات الرأي العام عبر الذكاء الاصطناعي من الممكن ان يستخدم لفهم الحاجات العميقة التي يعاني منها شغيلات وشغيلة اليد والفكر، وربطها برؤية تغييرية تقدمية جذرية بآفاق اشتراكية. ان قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل البيانات النصوص والصور والأصوات من الممكن ان تتيح قراءة دقيقة لمزاج الجماهير، ومواقفها من القضايا الطبقية الجوهرية، هذه القدرة يمكن ان تتحول الى أداة تحريض وتنظيم إذا ما وظفت ضمن برامج وأساليب سياسية وتنظيمية تستند الى بناء وتعزيز الوعي الطبقي، وتستهدف استنهاض القوة الكامنة في الطبقات الكادحة. من الممكن ان يتيح الذكاء الاصطناعي لليسار أدوات لفهم كيفية تفاعل هذه الطبقات مع قضايا مثل التفاوت الطبقي، الاستبداد والاستغلال، القمع، البطالة، الفقر، التغير المناخي، الخصخصة، والعنصرية وغيرها. لكنه لا يجب ان يتحول الى بديل عن التنظيم السياسي الحي على الارض او الارتباط بالميدان وبين الجماهير، بل يجب ان يستخدم هذه الأدوات لدعم النضال الميداني وتطوير دور قوى اليسار وتعزيز سياساته، دون ان يحل محل النضال الرئيسي على الارض. فالتحليل مهما بلغ من الدقة لا يمكن ان يحل محل ارادة الجماهير المنظمة والعمل بينها، ولا يمكن له ان ينتج فعلا ثوريا دون سياق نضالي حقيقي.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي ان يساعد التنظيمات اليسارية في التخطيط الدقيق للحملات والنشاطات الجماهيرية، وتحديد اللحظات والمناطق الأكثر مناسبة لتكثيف التحركات، بناء على تحليل بيانات واقعية لا افتراضات ذاتية. ويمكن استخدامه ايضا لتقييم أثر النشاطات بعد تنفيذها والاستفادة من التغذية العكسية، مما يساعد على تطوير أدوات التحشيد والتواصل مع الجماهير بطريقة أكثر فاعلية واستجابة للحاجات الملموسة وتجاوز الاخطاء والنواقص. لكن هذا الاستخدام يفترض وضوحا في الأهداف السياسية، ومساءلة ومتابعة جماعية وتدقيق عميق ومستمر لكل ما تنتجه الخوارزميات.
ويمكن ايضا ان يستخدم الذكاء الاصطناعي لفضح البنى الخطابية المهيمنة للرأسمالية والدول الاستبدادية، ومواجهة خطابهم السياسي والفكري والاعلامي من خلال منصات اعلامية متطورة وتفاعلية ومن خلالها تقديم بدائل اشتراكية قائمة على مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية وتعزيز العلاقة مع الجماهير. هنا يمكن لليسار ان يستخدم الأدوات والأسلحة نفسها التي طوّرها النظام الرأسمالي من اجل ضبط الجماهير وتعزيز هيمنته، لتفكيك هذا الضبط ومواجهته، وتطوير قدراته وقدرات الجماهير ونضالها.
لكن هذا الاستخدام يظل محفوفا بالمخاطر، اذ ان خوارزميات الذكاء الاصطناعي الحالية قادرة ايضا على تعزيز الانقسامات الداخلية بين قوي اليسار وتشتيت واضعاف نضالها وسياساتها، وانتاج صور زائفة عن الواقع، خصوصا إذا استخدمت بشكل غير نقدي وبدون دراسة وتدقيق. وقد تسهم في ترسيخ الافكار الرأسمالية بشكل غير مباشر وتدريجي وناعم، سواء عبر التوصيات، او التصنيفات، او انتاج انماط تحليلية ذو تأثيرات سلبية على اليسار وسياساته. لذلك لا بد من بناء قدرات سياسية- تقنية متطورة داخل التنظيمات اليسارية، لضمان ان يكون استخدام هذه الأدوات خاضعا للوعي الجماعي العلمي ويتم الاستفادة منها كدور استشاري بدلا من الخضوع الكامل لها.
كما ان اي استخدام يساري لهذه الأدوات لا يمكن ان يكون فعالا ما لم يرفق بحماية ودقة امنية صارمة، تضمن عدم تسرب المعلومات التنظيمية والشخصية، وحماية النشاط التنظيمي من الاختراق والتجسس، او التلاعب، او الابتزاز. وهذا يتطلب رفض الاعتماد على تطبيقات مغلقة المصدر خاضعة للشركات الرأسمالية الكبرى او لأجهزة الدولة، والاتجاه بدلا من ذلك عالميا نحو تطوير أدوات ذكاء اصطناعي مستقلة، مفتوحة المصدر، ومرتبطة بقيم الانسانية، والمساواة والعدالة الاجتماعية وتحفظ خصوصيات وبيانات المستخدمين والمستخدمات دون اساءة الاستفادة منها.
ان تغذية خوارزميات الذكاء الاصطناعي بالمحتوى اليساري والتقدمي، من بيانات، وخطابات، ودراسات، وتحليلات، تساهم في خلق تمثيل أفضل لقضايا شغيلات وشغيلة اليد والفكر داخل البيئة الرقمية، حيث تعيد هذه التطبيقات استخدام مدخلات المستخدمين والمستخدمات، ومن الممكن ان تحد من تغول الخطاب الرأسمالي المهيمن في المجال الرقمي. وهو نضال رقمي ومهمة سياسية وثقافية لا تقل اهمية عن تنظيم الاضرابات او التظاهر، لأنها تشكل حاليا أحد وجوه الصراع الطبقي في المجال المعرفي الرقمي.

الخلاصة ان الذكاء الاصطناعي مجال جديد ومهم من مجالات الصراع الطبقي. وعلى اليسار ان يخوض هذا الصراع بوعي وجرأة وبدقة، مستخدما هذه الأدوات لتطوير سياساته لتحليل الواقع وتغييره وفق ما هو ممكن وليس وفق ما هو مطلوب. وأوكد هنا ان التحرر لا ينتج من داخل الخوارزميات، بل من خلال الجماهير الواعية المنظمة، والذكاء الاصطناعي، في أحسن احواله، هو أداة اضافية داعمة وقوية للتغيير الاشتراكي.


انتظروا الحلقة الخامسة من حوارنا "كأن الذكاء الاصطناعي هو الكأس المقدسة"



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص بنكهة التاكسون والهايبون الياباني
- هل يمارس الذكاء الاصطناعي التحيز وفقًا للأيديولوجيات السياسي ...
- ماذا لو أصبح سلاحًا رقميًا من حوارنا -كأن الذكاء الاصطناعي ه ...
- القمع السياسي ومراقبة النشطاء من حوارنا -كأن الذكاء الاصطناع ...
- هايكو مزامير
- قراءة نقدية في نص -أقف على حافة الجسر-، للكاتب حميد كشكولي
- حرية مشلولة
- دع الليل
- مدمنة على الخسارات
- في حضرة الضوء
- طوق
- الاغتسال بآخر الخطايا
- لعنة صوتك مترفة بالوجع
- إلى كريغ، الذي لم يكذب قط.
- ذاكرة أتلفها النسيان
- الواشون كثر
- جذاب بين ياس خضر وطالب القره غولي
- سنوات ضوئية
- خلف المسامات
- لكنة دمي


المزيد.....




- من هو مقداد فتيحة زعيم ميليشيا -لواء درع الساحل- في سوريا؟
- باكستان تحتفل بعيد الأضحى وسط دعوات لنصرة الفلسطينيين في غزة ...
- نافورة روما الشهيرة تتلون بالأحمر تنديدا بصفقات السلاح الإيط ...
- انقطاع شامل للإنترنت لعدة ساعات في كوريا الشمالية
- بلجيكا... طعن أم أوكرانية وابنتها حتى الموت وإضرام النار في ...
- بيروت: إسرائيل تحاول إبقاء لبنان في حالة توتر عسكري دائم وتم ...
- صحيفة: ميرتس كان -كالعريس- خلال لقائه ترامب
- شاب عراقي يشنق نفسه داخل أحد جوامع محافظة ميسان!
- خطوة مفاجئة من إيلون ماسك تجاه ترامب
- تصعيد خطير.. واشنطن تحذر من مرحلة -مدمرة- تنتظر أوكرانيا بعد ...


المزيد.....

- تساؤلات فلسفية حول عام 2024 / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاطمة الفلاحي - ما الذي توفره خوارزميات الذكاء الاصطناعي..؟ من حوارنا -كأن الذكاء الاصطناعي هو الكأس المقدسة-، مع الرقيق رزكار عقراوي – بؤرة ضوء – الحلقة الرابعة.