زياد جيوسي
كاتب واعلامي
الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 23:28
المحور:
الادب والفن
عبارة قصيرة لم تتجاوز سبع كلمات، لكنها من حيث الجنس الأدبي تُصنف ضمن إطار القصة القصيرة جدًا، إذ جاءت مكثفة في كلماتها، واسعة في معناها، رفيعة في مستواها البلاغي، فهي تعبّر عن شعور بالألم العاطفي، ولكن بأسلوبٍ يحمل روح الشعر، ويستند إلى أُسس القصة القصيرة جدًا، معتمدًا على الاستعارة، والتباين، والتوازي، والتقابل في لوحتين مرسومتين بالكلمات.
فصاحبة العبارات في هذه القصة أرادت من الآخر أن تكون له قصيدة، مستخدمة استعارة جميلة وشاعرية، باحت من خلالها برغبتها العميقة، لكنها أُصيبت بخيبة أمل. ومن الواضح في السياق أن الآخر شاعر، لكنه لم يستطع أن يلتقط اللحظة ويحافظ على "قافية" القصيدة، ولم يرقَ إلى مستوى الإبداع الذي يخاطبه، فخسر القصيدة، وخسر الحب، وخسر المرأة التي أرادت أن تكون قصيدته.
الصور واللوحات في هذا النص متميزة وجميلة للغاية، وليس ذلك غريبًا على كاتبة تحمل درجات علمية عليا في اللغة العربية. فقد استخدمت الاستعارة والرمزية ببراعة في نصها القصير، وجعلت المتحدثة تعبّر عن رغبتها في أن تكون قصيدة شعر، وهو ما يمنح العلاقة العاطفية بُعدًا روحيًا وجماليًا ساميًا.
فالقصيدة جنس أدبي عميق وجميل، يحمل بين سطوره القوة والمعنى، غير أن الشاعر لم يدرك ما كانت تحمله هذه العلاقة من سمو وبهاء، فأضاعها كما يضيع الشاعر قافية في قصيدة رائعة، فأعدم القصيدة نفسها.
ترى لو حافظ الشاعر في قصيدته على القافية التي تعني الالتزام والجمال والوزن، وبرمزية للنهاية الأجمل للحب، ألم كان سيحظى بحب وعلاقة عاطفية قوية ومثالية كما قصيدة من معلقات الشعر؟ لكنه أضاع القافية وخسر الحب، وهي لم تنل الا الحسرة والشعور بالألم والفقد، فالحب نحياه ولا نكتبه الا تعبير عن حبنا، فالحب مثل الشعر مرآة لمشاعر انسانية تسكننا، وليس مجرد كلمات نبوح بها أو نكتبها، مشاعر تحتاج روح وقلب شاعر وليس مجرد ناظم للشعر.
“عمَّان 3/6/2025”
#زياد_جيوسي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟