أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - همسات نقدية مع نص -منزلنا- للكاتبة مريانا أمين














المزيد.....

همسات نقدية مع نص -منزلنا- للكاتبة مريانا أمين


زياد جيوسي
كاتب واعلامي


الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


بقلم: زياد جيوسي
المكان يسكننا قبل أن نسكنه، والمنزل يظل رمزًا للوطن الذي نعشقه، مهما ابتعدنا عنه. في نص الكاتبة مريانا أمين، نقف أمام نص يعكس تجربة نثرية شاعرية، تنبض ببعد روحي يتمازج فيه الرمز بالحنين مع الوطن، ويتداخل فيه الخاص بالعام، والعاطفة الفردية بالانتماء الجمعي. النص يعكس تألقًا وجدانيًا نابضًا بحب الوطن، حيث تنسج الكاتبة خيوط الحنين من خلال لغة مشحونة بالعاطفة والتصوير الرمزي.
مريانا أمين، التي تعيش وتعمل في شمال فرنسا، تنتمي إلى الجنوب اللبناني، ذاك الجنوب الذي يعانق شمال فلسطين المحتلة. لبنان هو الوطن، والجنوب، وجبل عامل تحديدًا، هو القلب والمنزل، وهو موطن الأسرة وذاكرة الطفولة. من هنا، يتجلى الحنين كقوة داخلية تواجه بها الكاتبة اغترابها، في وطن آخر لا يشبه وطنها، وإن لم تذكره صراحة، إلا أن النص يشي به ضمنًا.
المنزل في جبل عامل، كما تصفه الكاتبة، ليس مجرد مكان للإقامة، بل منبع للدفء، ورمز للأصالة، وحاضنة للرغبة بالعودة والاستقرار. إنه وطن مصغّر يحتضن الذكريات والأهل والأصحاب. كل ما في هذا البيت يشدها إليه، وكل ما فيه له نكهة أخرى مختلفة، بدءًا من فنجان القهوة الصباحي بين الأشجار والزهور، وحتى استقباله للضيوف بـ"أريجه وألوانه". الجنوب هنا لا يظهر كمجرد بقعة جغرافية، بل ككينونة روحية، وجبل عامل ليس مجرد جبل، بل حامل لهوية، ولبنان ليس مجرد وطن، بل بيت معنوي للذات.
تستند الكاتبة في بنائها الفني إلى الاستعارة والرمزية، فترسم لوحات حية مستمدة من الطبيعة فتستخدم منها "الزهور، العصافير، الأشجار، الفراشات"، حيث نجد "الزهور متدلية عشقا بعفوية" ونشاهد "العصافير ترقص بين أهل الدار"، فتمنحها بعدًا إنسانيًا وروحيًا. نقرأ مثلًا: "الأشجار تسجد، ثم تقيم الدعاء"، فيتحول المشهد الطبيعي إلى مشهد طقسي مقدّس، حيث تتماهى الطبيعة مع الإنسان في روحانية خاشعة. وتقول عن العصافير: "وجودنا يشعرها بالأمان، بالاطمئنان"، لتغدو العصافير شركاء في لحظة البيت "فأعشاشها تتدلى بين الغصون"، يحلّقون لا فرارًا بل مشاركة في الفرح والألفة.
ولعلّ أبرز ما يميز النص هو رهافة العاطفة والتعبير، كما في قولها: "حتى الحب في قلوبنا، عفوي بلا شروط"، أو حين تقول: "منزلنا، في جبل عامل، يشبه ربيعًا دائمًا"، و"نفتح قلوبنا كما تفتح الزهرة قلبها لنحلة عاشقة". هذا الحب غير المشروط "عفوي بلا شروط، حتى آخر الحدود"، الممتد بين العقل والقلب، حيث تقول: "هو أفضل حب، بين العقل والقلب"، يمنح النص إشراقًا وجدانيًا خاصًا.
النص زاخر بالصور البلاغية من استعارات وتشبيهات وكنايات ورموز، تُضفي عليه طابعًا شعريًا عميقًا. كقولها: "أشتاقكم كشوق النحلة للزهور"، أو: "تغدو أحاديثنا، مشغولة من عسل، وبخور الجنوب"، وهي صور تمزج بين الحواس والوجدان والروح، لتُجسد الانتماء الروحي العميق بين الإنسان ومحيطه الطبيعي، مؤكدة على البيت كرمز لذاكرة المكان وتأكيد على الهوية الوطنية بلغة شاعرية رقيقة.
ومع ذلك، فإن التكرار اللافت لبعض العبارات، كـ"منزلنا في جبل عامل"، ورغم مساهمته في تحقيق وحدة النص وإيقاعه الداخلي، قد أضفى نوعًا من الرتابة، بسبب غياب التصعيد إلى الذروة الشعورية، فالنص يسير على وتيرة سردية واحدة تقريبًا، من دون تصاعد ملحوظ في البناء العاطفي أو الانتقال إلى نقطة ذروة تُتبع بخاتمة تنفتح على تأمل أوسع، و كان بالإمكان تعزيز الحبكة عبر خلق لحظة انفعالية عالية، تُكسب النص عمقًا إنسانيًا أكبر، وتمنحه بُعدًا شعوريًا أكثر تكثيفًا.
في النهاية، يظل النص قطعة وجدانية تنبض بحب الوطن، وتحتفي بالمنزل كرمز للمكان والهوية والانتماء، بلغة رقيقة وصور شاعرية نابضة، تلامس وجدان القارئ، وتحاكي ذاكرة مشتركة للمنفى والحنين.
"عمَّان 12/5/2025"
منزلنا
مريانا امين

بمنزلنا
في جبل عامل
الحجارة مرصوصة بعفوية
الزهور متدليّة عشقاً بعفوية
حتى الحبّ في قلوبنا
عفويٌّ بلا شروط
حتى آخر الحدود
هو أفضل حبّ
بين العقل والقلب.
بمنزلنا
في جبل عامل
العصافير ترقص بين أهل الدار
تغرد ليل نهار
لا تخاف على حياتها
فاعشاشها تتدلى بين الغصون
ووجودنا يشعرها بالأمان
بالاطمئنان
بمنزلنا
في جبل عامل
الأشجار تسجد
ثم تقيم الدعاء
لتغدو احاديثنا
مشغولة من عسل
وبخور الجنوب
منزلنا
في جبل عامل
يشبه ربيع دائم
يستقبل الضيوف
بأريجه والوانه
كما يستقبل الفراشات
وكما تفتح الزهرة قلبها
لنحلة عاشقة.



#زياد_جيوسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غرائبية وتاريخ وحنين في رواية كويت بغداد عمَّان
- همسات مع -جناج الحرية- للشاعرة: رفعة يونس
- قراءة نقدية في سَفر بلا عنوان
- همسات مع -قصة عشق- للكاتبة مريانا أمين
- قراءة في ديوان ما يشبه الحلم للشاعر عيسى حماد
- عناق المكان والسرد في رواية ظلال الغياب
- إضاءة حول كتاب -سينما المهرجانات العالمية والعربية في عمَّان ...
- تنهدات مع نص -تنهيدة- للشاعرة رفعة يونس
- همسات مع المشاعر والأحاسيس في صدى الصرخات
- رواية قط بئر السبع بين الصمود والرمزية
- ياسمينات باسمة .. للكاتب الأديب زياد جيوسي
- تحليق في رواية رؤوس هشة
- مع الرسالة 31 لقمر عبد الرحمن
- تحليق في ديوان فلسطين في أناشيد محمد نصيف
- همسات مع نص/ جذوة الحرب/ للشاعرة رفعة يونس
- اضاءة على كتاب حكم العدالة
- مجتمع ووطن وفكر في دروب حائرة
- إضاءة على كتاب كلام وخطا
- عقل وقلب ومشاعر أنثى في ربع قرن
- مقاعد الانتظار في لجوء ستان


المزيد.....




- شقيقة سعاد حسني: حليم تزوج -السندريلا- رسميا بوجود الشهود وم ...
- الفنان جورج وسوف.. حقيقة خبر الوفاة الذي صدم جمهوره!
- السياسة قبل الرواية والشعر في الدورة الـ66 لمعرض بيروت للكتا ...
- أسرة العندليب تنشر خطابا بخط يد -حبيبته- الشهيرة للرد على شا ...
- مسئولون عسكريون إسرائيليون: حسمنا المعركة في غزة ويجب ترجمة ...
- بعد أول محادثات مباشرة بينهما منذ 2022.. أوكرانيا وروسيا تكش ...
- -رسوماتها إبرة تخيط جراح غزة-.. مقتل الفنانة الفلسطينية إلها ...
- في سابقة تاريخية.. CNN تعرض مسرحية لجورج كلوني في بث مباشر م ...
- “مفيش زن وعياط من تاني” اضبط فورا تردد قناة طيور الجنة 2025 ...
- بيبر يكشف حقيقة تعرضه لاعتداء جنسي من طرف ديدي حين كان مراهق ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زياد جيوسي - همسات نقدية مع نص -منزلنا- للكاتبة مريانا أمين