|
يسألونك عن -اللحم الحلال-: قوانين الأكل في اليهودية والإسلام.
عبير سويكت
الحوار المتمدن-العدد: 8363 - 2025 / 6 / 4 - 23:08
المحور:
قضايا ثقافية
عبير المجمر (سويكت)
لطالما ضجت الأوساط الأوروبية بموضوع "اللحم الحلال"، ويتساءل الكثيرون لماذا يصر بعض أبناء الجاليات الإسلامية، عربية كانت أو أفريقية أو آسيوية أو أوروبية، على الالتزام باللحم الحلال.
وقد ذكرني هذا الجدل بمحتوى غاية في الأهمية كان قد عرضه الحاخام اليهودي إلحنان ميلر عن قوانين الأكل في اليهودية والإسلام، مبينًا القواسم المشتركة والاختلافات. وفي حديثه، أوضح أن من القواسم المشتركة في العبادات بين اليهودية والإسلام قوانين الأكل الحلال والحرام، مستشهدًا بتحريم لحم الخنزير في كلا الديانتين، كاشفًا في ذات الوقت عن أوجه اختلاف أخرى مثل الكحول والخمر، اللذين هما محرم في الإسلام ولكنهما حلال في اليهودية، مبينًا كذلك اختلافًا بشأن بعض اللحوم، مثل لحم الإبل وبعض المأكولات البحرية المحرمة في اليهودية والمحللة في الإسلام.
مبينًا أن هذه الاختلافات يمكن شرحها على النحو التالي:
- "إلا ما حرم إسرائيل على نفسه" سورة آل عمران الآية 93 (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه). مبينًا أن إسرائيل المذكور في القرآن هو سيدنا يعقوب، موضحًا في ذات السياق أن القصة في سفر التكوين تتحدث عن الصراع بين سيدنا يعقوب عليه السلام والملاك الذي غير اسمه من يعقوب إلى إسرائيل، وأن في نهاية هذا الصراع أصاب هذا الملاك عرق النساء في كف سيدنا يعقوب، مبينًا أنه تخليدًا لهذا الصراع، اليهود لا يأكلون لحم عرق النساء.
- وفي حديثه عن مدى التزام الآباء السابقين ليهود بهذه القوانين، أوضح أن المفسرين اليهود يروون أن سيدنا إبراهيم عندما قدم طعامًا للملائكة الثلاث الذين جاءوا يزورونه قبل مولد سيدنا إسحاق، قدم لهم لبن اللبان ولحومًا، موضحًا في ذات الوقت أن خلط اللبن واللحم محرم في اليهودية، وأن تفسير علماء اليهود لخلط سيدنا إبراهيم للبن مع اللحوم هو أنه لم يلتزم بهذا النظام لأن التوراة لم تكن قد أنزلت بعد.
- كاشفًا عن تفسير اليهود لتحريم بعض المأكولات، موضحًا اختلاف اثنين من المفسرين اليهود، الحاخام موسى بن ميمون والحاخام الأندلسي الذي كان طبيبًا، حيث يقول إن تحريم اليهودية لبعض اللحوم مثل لحم الخنزير والإبل وبعض البهائم يعود لإضرارها بالجسد، مبينًا أن هذه اللحوم مضرة بالصحة، وأن خلط الألبان واللحوم مضر بالصحة أيضًا، ولذلك تريد التوراة أن تسلم اليهود من هذا الضرر. كما أشار الحاخام إلحنان ميلر إلى تفسير آخر منسوب إلى الحاخام الأندلسي موسى بن نحمان في القرن الثالث عشر من منطقة برشلونة، الذي فسر أن الضرر المقصود في التوراة هو ضرر روحي وليس جسدي، وأن هناك صفات معينة لبعض الحيوانات، مثل الطيور المفترسة، تجعل أكلها مضراً بالصحة النفسية للإنسان، وأن هنا الحديث عن ضرر نفسي وليس جسدي، وأن اليهود لا يريدون أن تؤثر هذه الصفات الوحشية فيهم، وأن تنتقل صفات الحيوانات المفترسة إلى اليهود.
مكملاً شرحه بأن هناك تفسيرًا ثالثًا وهو أنه لا وجود لسبب ما، وأن الله أراد من اليهود أن يلتزموا ببعض القوانين في الأكل التي تحرم بعض المأكولات وتسمح بأخرى، وبالتالي يلتزم اليهود بوصايا الله كما يفهمها اليهود ويفسرها المجتهدون اليهود.
- وقد ختم الحاخام حديثه بأن اليهود والمسلمين قد يكون هناك اختلافات في قوانين الأكل، لكن القاسم المشترك بينهم هو الالتزام بوصايا الله والابتعاد عن المأكولات المحرمة التي تضرهم سواء نفسياً أو جسدياً أو روحياً.
وتعقيبًا على حديث الحاخام المستنير إلحنان ميلر، الرجل الصادق الخلوق المهذب المحب للسلام والباحث عنه بكل صدق عبر صفحته الهادفة على الفيسبوك "أهل الكتاب" وكذلك قناته التثقيفية على يوتيوب، فقد كفى ووفى في شرح العديد من المواضيع المهمة. وبما أن السؤال في الأوساط الأوروبية يتكرر حول موضوع "الأكل الحلال" ولماذا تصر الجاليات المسلمة على أن تأكل الطعام الحلال، مما قد خلق سوء فهم لدى بعض الناس الذين يجهلون بعض الأمور في الإسلام وقوانينه المنظمة لحياة الفرد والمجموعة، فإن الرد على تلك التساؤلات حول سبب إصرار المسلمين على تناول الطعام الحلال قد يكون في محتوى التشريعات الإسلامية، الذي يرد على موضوع تنظيم الإسلام لحياة الفرد والمجتمع عبر قوانين مفصلة ومخصصة.
فكما أن في الإسلام قوانين واضحة تتيح بعض المأكولات والمشروبات وتمنع أخرى لتفسيرات مختلفة، هناك أيضًا ما يسمى بآداب الأكل التي تنظم كيفية ما يجب احترامه قبل الأكل وأثناء الأكل وبعده، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: غسل اليدين والفم قبل الأكل وبعده، حمد الله على نعمة الأكل، وتذكر من هو محروم منها ببعض الأذكار مثل (الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى له)، الأكل باليد اليمنى، وأن يأكل الإنسان مما يليه أمامه، والتواضع في الجلوس، وأن يأكل الإنسان جالسًا إلا في حالة ضرورة، وعدم عيب الطعام، وأن يغسل الإنسان فمه ويده بعد الأكل ويحمد الله على نعمة الأكل، وهناك بعض الأذكار التي تردد وليست إجبارية، تقديرًا وعرفانًا لمن قام بتحضير الطعام وتجهيزه أو أنفق عليه مثل (اللهم أطعِم من أطعَمَنا، واسق من سقانا).
وقد وضع الإسلام مثل اليهودية قوانين لكل تفاصيل حياة المسلم وتنظيمها، وكذلك آدابًا يلتزم بها المسلم ليس فقط في الأكل ولكن حتى عند دخول المراحيض لقضاء الحاجة، حيث هناك آداب ينص عليها الإسلام.
وفي موضوع الأكل والشرب، وفي تفسيري المهني من حيث الاجتهاد الموضوعي للاطلاع على الإسلام واليهودية، يبدو واضحًا أن محاولة البعض الالتزام بنظام غذائي معين ليس بهدف إظهار تميز على الآخرين أو حتى كما يعتقد البعض أنهم ينظرون إلى الآخرين على أن أكلهم نجس أو غير طاهر، وهذا اعتقاد خاطئ. والدليل على ذلك أن في الإسلام، على سبيل المثال، طعام أهل الكتاب حلال على المسلمين "اليوم أُحِلَّ لكم الطيبات وطعام الذين أُوتوا الكتاب حِلٌّ لكم…"، ومن المعلوم أن الاجتهاد في فهم النص القرآني يعتمد على الأخذ في الاعتبار الزمان والمكان وأسباب نزول الآية القرآنية ومن تخاطب بالتحديد ومعطيات أخرى. كل هذه أركان أساسية لابد من اتباعها للاجتهاد في فهم النص القرآني. ويبدو أن عملية التحريم في الإسلام، على حد علمي، تخص أشياء معينة، منها لحم الخنزير، وهو متفق على تحريمه في الشريعة الإسلامية واليهودية. لكن في الإسلام ليس هناك تحريم للأطعمة من مصادر نباتية أو بحرية مثل الأسماك وغيرها من المواد الغذائية من المصادر المائية. إذن التحريم متمركز على أشياء محددة، أي إنه ليس المقصود تحريم بهدف معاداة أطعمة أديان معينة أو إظهار أي نوع من التمييز السلبي أو الإيجابي تجاه أهل الكتاب من اليهود والنصارى، بل هو تحريم متعلق بصنف محدد من الحيوانات، وأحيانًا تأكيد على الالتزام بالطريقة الشرعية إسلاميًا في ذبح البهائم، نظرًا لأنه كان هناك سلوك معين ممارس آنذاك في الذبائح التي كانوا يذبحونها عند حجارة وأصنام بهدف التقرب أو طلب شيء أو تقديم قرابين. لذلك جاء تحريم الأنصاب في نفس الآية التي ذُكر فيها تحريم الخمر، والأنصاب توصف بأنها الأحجار التي كانت تُذبح عندها الذبائح آنذاك.
ومن ناحية تنظيمية، نجد أن الآيات التحريمية أو النهي منظمة بشكل يسهل عملية الفهم، وهو نهي عن السلوك الممارس آنذاك، وفي عملية الذبح لغير الله، أي الذبح أمام الأحجار والأصنام التي تُعبد وتُقدس آنذاك، جاء التحريم كنوع من تحرير الإنسان وأبعاده عن الاستسلام لصنم أو حجر، ووصف ذلك بالشرك بالله. لذلك، لا يمكن قراءة التحريم بمعزل عن جميع هذه الحيثيات، بما فيها طريقة الذبيحة إذا وُجهت لغير الله، وكذلك الطريقة الإسلامية في الذبح التي من ركائزها التخفيف عن الحيوان عند ذبحه، وفي ذلك حديث طويل.
أهم هذين الركنين: عدم التوجه بالذبح لغير الله، وكذلك طريقة الذبح التي تراعي التخفيف عن الحيوان، وأشياء أخرى، لكن لا تحريم في الأطعمة النباتية والأسماك المائية، فقط التحفظ حول عملية الذبح للأسباب التي عددتها. لكن الإسلام حلل للمسلم أكل طعام أهل الكتاب من يهود ونصارى وحتى الزواج منهم.
من جانب آخر، الإسلام حرم أكل الميتة والدم "حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام". وفي أي تحريم يوجد له تفسير ما إذا ما بحثنا عنه، أما هو تفسير متعلق بتحرير السلوك البشري من تقديم الذبائح للأصنام والحجارة والأنصاب والأزلام التي تفسر على أنها تقديم القداح التي كانوا يستقسمون بها في زمن الجاهلية، واستسلام نفسي كامل لمعتقدات فيها شيء من التطير، وهو التشاؤم.
ويشار إلى أن العقيدة الإسلامية تحث الناس على التفاؤل وتنهي عن التشاؤم "تفاءلوا خيرًا تجدوه" و"إن بعد العسر يسرا". إذن، إما هو تحريم مرتبط بسلوك أو عادات معينة مورست آنذاك، أو تحريم حفاظًا على النفس البشرية والصحة بناءً على نص الآية القرآنية والحالة المناقشة كتحريم أكل الميتة والدم لما في ذلك من ضرر على صحة الإنسان.
ومن خلال عملية البحث المهني في إيجاد تفسير لتحريم أكل الميتة والدم، وجدت تأكيدًا علميًا على أن تناول اللحوم الميتة والدم يمكن أن يثير العديد من المخاوف الصحية، مثل مخاطر متمثلة في شرح أن اللحوم الميتة أو التي لم يتم حفظها وطهيها بشكل غير صحيح قد تكون ملوثة بالبكتيريا أو الفيروسات أو الطفيليات، مما يؤدي إلى أمراض من أصل غذائي. كما أن البحث المهني حول عملية الذبح كشف عن أهمية مراعاة عملية الذبح المناسبة فيما يتعلق باللحوم والتعامل معها بشكل مناسب لتجنب انتشار الجراثيم. وإن استهلاك اللحوم غير المطبوخة أو غير المطبوخة جيدًا يزيد من خطر العدوى، مما يعرض الصحة للخطر. كذلك، خطر اللحوم الميتة يتمثل أيضًا في إمكانية تراكم السموم في أنسجتها، مما يعرض حياة المستهلكين للخطر.
وفي بحثي لإيجاد شرح وتفسير علمي ومهني لما قد تكون أسباب تحريم أكل الدم، وجدت شرحًا أن استهلاك الدم يشكل مخاطر نقل الأمراض، خاصة إذا لم يتم معالجة الدم بشكل جيد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يحتوي على عوامل ممرضة. كذلك، إمكانية أن تسهم الحمية الغنية باللحوم الحمراء ومنتجات الدم في مشاكل صحية مثل أمراض القلب وارتفاع مستويات الكوليسترول.
من جانب آخر، الفرق البسيط بين اليهودية والإسلام في نظام المشروبات، حيث إن الكحول والخمر غير محرمة في النظام اليهودي، بينما في الإسلام هي منهى عنها. وحتى أن التاريخ الإسلامي يوضح كيف أن عملية تحريم الخمر أخذت وقتًا طويلاً وجاءت تدريجيًا في مراحل مختلفة، لأن الرسول كان يردد أن الإسلام دين الوسطية وجاء يسرا وليس عسرا، وبما أن العرب آنذاك كانوا معتادين على تناول الخمر ولديهم إرث اجتماعي معها، حيث إنهم كانوا يكتبون أشعارًا في زمن الجاهلية لمدح الخمر ووصفها، وكانوا يتعاطونها بكميات كبيرة، ولديهم أصناف وأشكال، والشعر الجاهلي خير دليل على وصف علاقة العرب بالخمر والكحول في الجاهلية الأولى.
وبأخذ هذه العلاقة الوثيقة بالخمر في الاعتبار، لم يأت تحريمها مباشرة، بل تدريجيًا، فتمهيدًا شيئًا فشيئًا. فجاء في سورة النساء قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، وفي هذه الآية نهي الإسلام المسلم عن أن يقرب الصلاة وهو في حالة سكر، ولكن لم ينهاه عن شرب الخمر، ولم يحرمها، بل نهى المسلم عن أن يقترب من الصلاة وهو في حالة سكر. ثم أتى في سورة المائدة قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون)، وهنا في هذه الآية هناك أمر بتجنب عادات معينة ومن ضمنها الخمر، ولكن اللغة العربية واضحة والنص واضح، وهو دعوة لتجنب الخمر وليس تحريماً.
ونلاحظ أنه حتى الآن ليس هناك آية قرآنية واحدة تحرم الخمر بشكل واضح، وإنما هناك دعوة لتجنبها وأحيانًا نهي عن الصلاة في حالة السكر، لكن المصدر القرآني لم يحرم الخمر، بل دعا لتجنبها. بينما يعتمد المسلمون على حديث يُقال إنه من السنة النبوية للاعتماد على تحريم الخمر الذي لم يُذكر في القرآن. وتفسير تحريم الخمر في الحديث المنسوب للسنة النبوية يعتمد في مبدأ التحريم على مفهوم "الحماية من الضرر"، فيما يتعلق بالخمر، على سبيل المثال، يُقال "ما أسكر قليله فكثيره حرام".
إضافة إلى أن النهج الإسلامي لديه تقييم لعقل الإنسان الذي يميزه عن الكائنات الأخرى، وحث الإسلام مرارًا وتكرارًا على "الحفاظ على العقل وحمايته" باعتباره ميزة عليا وكنزًا ثمينًا. وفي النصوص الإسلامية، على عكس مفهوم المتشددين ، تحث الإنسان على تمرين عقله وتشغيله "أفلا تفكرون؟ أفلا تعقلون؟ أفلا تتأملون؟". في الإسلام، نجد حرصًا شديدًا على حماية العقل البشري، ويبدو من خلال التعمق في المفهوم الإسلامي "ما أسكر قليله فكثيره حرام" وجود تفسير منطقي وعلمي لأثر وتأثير ذلك على وظائف العقل والسلوك البشري، تحسبًا لحالات "الوقاية خير من العلاج" وحماية من المخاطر المحتملة.
إذًا، طالما أن قليله يمكن أن يسكر الدماغ، فإن كثيره حرام، تحسبًا لأي مخاطر محتملة. والدليل على ذلك تحريم أو النهي عن الميسر، أي لعب القمار. وعملية النهي هنا تعكس نفس المنطلق المتمثل في الحرص على عدم تأثر الدماغ البشري سلبًا. إذ إن الدراسات العلمية تتحدث عن إدمان لعب القمار وإدمان ألعاب الفيديو، وهناك دراسات كثيرة تسلط الضوء على "الإدمان"، ومعروف ما هو الإدمان.
وقد يكون في ذلك تفسير لتوضيح الإسلام للخمر والميسر، أي لعب القمار، في مستوى واحد من التحريم، أو لنكون أكثر دقة، النهي اعتمادًا على مبدأ الضرر. أما إذا أردنا التعمق في البحث العلمي حول أضرار الخمر علميًا، فإن ضررها مثبت. والدليل على ذلك حتى في التحضير لاختبار قانون المرور وقيادة السيارة، نجد أن هناك قوانين يجب الالتزام بها تعبر عن مدى استعدادنا لتحمل المسؤولية المدنية الفردية، ليس فقط نحو ذاتنا ولكن أيضًا لحماية الذات والمجتمع.
من أول ما يتم تدريسه في قوانين المرور هو عدم القيادة في حالة السكر، ويفرض حتى اختبارات ملزمة لفحص نسبة المسكرات في أجسادنا. وفي ذلك دليل على أنه طالما أن القليل منها مسكر، فإن الكثير منها قد يكون خطرًا على الفرد والمجموعة. كذلك، هناك منع إجباري في مناطق التجمعات الكبيرة في فرنسا من أخذ المسكرات أو حتى إدخالها، كما هو الحال في أولمبياد فرنسا في استاد فرنسا الدولي، حيث يُمنع بيع المسكرات أو إدخالها، مما يتطلب تشديدًا أمنيًا شديدًا عند المداخل الرسمية.
إنه من الواضح أن هناك اعترافًا علميًا بتأثيرها السلبي على سلوك الإنسان وتغييره، مما قد يتسبب في أضرار على المستوى الفردي والجماعي. كما أن الإدمان هو احتمالية واردة، فهناك من يقولون إن لديهم قدرة على التحكم في الكميات التي يتناولونها من المسكرات بحيث لا يقعوا في فخ الإدمان. لكن بالنسبة للبعض، يعتبر هذا مغامرة، ومن منظور إسلامي، يُفضل إغلاق الباب على أي خطر، بغض النظر عن حجمه.
لذا، الحديث عن أن طالما أن قليله يمكن أن يسكر، فإن كثيره محرم. والحديث عن المسكر يذهب بالعقل، وهنا الحديث عن ذهاب العقل لا يعني فقدانه كليًا، بل التأثير السلبي على وظائفه. ويظهر ذلك في سلوك بعض الأشخاص الذين يشربون ويصلون إلى مرحلة الضحك الهستيري، وفي بعض الأحيان، يصل بهم الأمر إلى التبول في أنفسهم، مما يمثل إهانة لإنسانيتهم.
هناك أيضًا من يقعون في جرائم مثل الاغتصاب والقتل وممارسات أخرى بسبب تأثير الخمر. لذلك، تتحدث دراسات علمية وبحوث عن أن جرائم كبيرة المسؤولية فيها تعود لتعاطي المسكرات والمخدرات، وكذلك حوادث المرور. فالمسكر والمخدر كلاهما يؤثران سلبًا في وظائف الدماغ والسلوك البشري.
لذا، من خلال اطلاعي على الإسلام، أرى أن مبدأ النهي عن الخمر هو دعوة لتجنبها، وليس تحريمًا، لأن ليس هناك نص قرآني واحد يحرم الخمر. بل إن عملية النهي والدعوة لتجنب الخمر تهدف إلى تجنب أضرارها. وهناك من لا يسكرون بغرض الالتزام بالوصايا السماوية، ولكن هناك أيضًا من لا يفعلون ذلك نسبة لقناعتهم بأضرار الخمر والمسكرات علميًا.
ختامًا، من خلال اطلاعنا على محتوى الأديان الثلاثة وغيرها من العقائد الأخرى والثقافات وأنماط الحياة المختلفة لبعض الأشخاص والشعوب، إذا نظرنا لها بتسامح وعقلانية، يمكن أن نجد في محتواها ما يمكن الاستفادة منه لمصلحة البشرية، وأن نبتعد عن جعلها سببًا من أسباب التفرقة البشرية.
وإيمانًا منا بالدور المهم للعملية التثقيفية والتعليمية، ندعو المهتمين للاطلاع على صفحة "أهل الكتاب" على فيسبوك للحاخام الشاب إلحنان ميلر، الذي يعرض فيديوهات تثقيفية وتنويرية بإمكانها أن تلعب دورًا كبيرًا في التأكيد على أن ما يجمع اليهود والمسلمين هو أكثر مما يفرقهم. كما أن الحوار الثقافي والاجتماعي يسمح لنا بالتعرف على الآخر عبر المشتركات والاختلافات، مما يلعب دورًا كبيرًا في التقريب بين الثقافتين والديانات السماوية.
إضافة إلى أن الحاخام يمتاز بمحتوياته الهادفة والمسؤولة والمهنية قبل كل شيء، فالمعلومات دائمًا موثقة ومبنية على معرفة واجتهادات أكاديمية وشخصية للحاخام إلحنان ميلر. بفضل إتقانه للغة العربية وإلمامه بالمحتوى القرآني، يتحدث حديث الإنسان العارف بالمحتوى الإسلامي واليهودي على حد سواء. ويتميز بأن المحتويات التي يعرضها دائمًا ما تهدف وتركز على القواسم المشتركة بين الديانتين، بينما يشرح الفوارق بتسامح وعقلانية.
وإذا سئلت يومًا من أرشح لجائزة نوبل للسلام، لكان الحاخام الإنسان، رجل السلام والمحبة، الحاخام إلحنان ميلر.
#عبير_سويكت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإعلان عن البابا ليون الرابع عشر، في سياق دولي مليء بالصراع
...
-
بمناسبة الأول من مايو عيد العمال “ لا لن نحيد عن الكفاح لن ن
...
-
حول حادثة مقتل رجل مسلم في مسجد بغارد وفتح تحقيق بتهمة القتل
...
-
تعزية في رحيل فقيد الإنسانية جمعاء والعدالة خورخي ماريو بيرج
...
-
أسئلة لم تجد أجوبة حول جدلية المسجد الأقصى والآية سبعة من سو
...
-
دول ومدن عربية وإسلامية تتزين بزينة أعياد الميلاد في أجمل لو
...
-
ما هكذا تورد الإبل في سوريا المتنوعة الأبية يا ماتيلد بانوت
...
-
الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، دعواتنا لأهل
...
-
حول موت الحاخام تسفي كوجان بن ألكسندر هكوهين واستهداف مشروع
...
-
بين الماضي والحاضر جريمة تمجيد الإرهاب في قفص الاتهام وعاصفة
...
-
قراءة في التحليل النقدي لمجدي خليل حول قرار المحكمة الجنائية
...
-
-أن تكون يهودياً- في مصر، قصة الفنان الإنسان رضا عبدالعزيز م
...
-
جدلية بيت المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين، والفروقات التا
...
-
يريدونه إسلاماً اختيارياً أو توريثياً؟ ما من مولود إلا يولد
...
-
الحرب و النزوح و تحريم زواج المسلمة من المسيحي؟ ما هو مصدره
...
-
تناقضات وتخبطات خالد سلك في حديثه عن الملف السوداني اليمني.
...
-
مرافعة محامي الشيطان في التحريض على عدم نزع سلاح مليشيا الدع
...
-
يسألونك عن الحركة الإسلامية ثم يسألونك عن الإخوانية، ثم يسأل
...
-
السودان ومأزق البيوتات الانتهازية والأحزاب الأسرية، برز الثع
...
-
كلمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام الجمعية العامة للأم
...
المزيد.....
-
ضجة يشعلها المستشار الألماني بكشف -وثيقة- عن جد ترامب بلقاء
...
-
بعد تصريحات ماسك الصادمة.. شاهد كيف رد ترامب مع استمرار السج
...
-
ذكّر بهروبه من سوريا.. أول رد من محمود خليل أمام القضاء الأم
...
-
فيديو يظهر لحظة وقوع غارات إسرائيلية عنيفة في الضاحية الجنوب
...
-
المناخ يهدد المواشي، فهل يصبح الأضحى بلا أضحية؟
-
لماذا تضاعفت الاعتداءات المعادية للسامية في ألمانيا؟
-
-التزاوج القاتل-.. سلاح غير تقليدي يقضي على البعوض ويحارب ال
...
-
-هدية العيد- من السلطات السورية الجديدة لعوائل جنود وضباط من
...
-
الشرطة الأمريكية تعتقل تمساحا للاشتباه بكونه ديناصورا! (صور)
...
-
فولودين: زيلينسكي شخصيا مسؤول عن الهجمات الإرهابية ضد المدني
...
المزيد.....
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال
...
/ منذر خدام
-
أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول
...
/ منذر خدام
-
ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
/ مضر خليل عمر
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|