هل بعث محمد صلى الله عليه وسلم ليبشر بنظرية التطور؟

عبدالله محمد الفلالي

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 23:55
المحور: قضايا ثقافية
    

من يتابع محاضرات بعض الإسلاميين المؤيدين لنظرية التطور يكاد يجزم أن محمدا صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليبشر بداروين ونظريته المعروفة علميا بنظرية النشوء والارتقاء "التطور"، كما بشر به وبرسالته الخاتمة من سبقه من الرسل والأنبياء، لكن الذي أحال بينه وبين ذلك أن عقول أهل زمانه لم تكن مهيأة ولا قادرة على استيعاب وفهم تلك الفكرة ولا غيرها من الأفكار العلمية العظيمة -التي هي ليست من قواعد الدين ولا أركانه الأساسية- فأرسى لها الدعائم وأعطى الإشارات المبشرة بها وترك الأمر حتى يحين أوانه.
حسب هؤلاء الإشارات عديدة، ولا تقتصر على أثر واحد أو أثرين بل هي كثيرة ومتنوعة، منها آيتان في سورة العنكبوت هما على التوالي الآيتان رقم (19-20)، ودلالة هاتين الآيتين في زعمهم لا تتم إلا بالبحث الأحفوري، ودراسة المستحاثات البشرية، التي نفهم منها كيف بدأ الخلق، وإلا يكون الأمر بالسير بلا فائدة ولا معنى وهو ما لا يمكن قبوله، والآية رقم 7 من سورة السجدة، حيث يفسرون الطين الذي ابتدئ به خلق الإنسان بالبكتيريا الأولى، التي يرى الداروينيون أنها كانت النواة الأولى التي بدأت منها الحياة ونشأ الخلق، والآية رقم 14 من سورة نوح، حيث يفسرون الأطوار الواردة في الآية الكريمة، بالحلقات التي مر بها الإنسان قبل ان يصير بشرا منتصب القامة عاقلا، وأثر آخر عن عبدالله بن عباس قال: (كان قبل خلق آدم آدم كثير)، وهؤلاء من يسمونهم بأشباه البشر "homonina" وهذا يدل عندهم على وجود البشر قبل آدم، وأن آدم عليه السلام تم اصطفاؤه بتعليمه الكلام، لذا هو أول إنسان عاقل عندهم، وليس أول إنسان سكن الأرض، فقد سبقه أناسي كثير، لكن هل هذا هو الرأي الديني السائد أم انه مجرد افتراض وتخمين؟.
الذي يمعن النظر في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة يتوصل لنتيجة؛ أن قصة الخلق محسومة لا لبس فيها ولا اختلاف، وأن آدم عليه السلام هو أول بشري هبط إلى الأرض بعد الخطيئة مع زوجه حواء، وعدويهما إبليس والحية، وقد خلق خلقا مستقلا كما هو مفصل في سفر التكوين والآيات التي بيننا آنفا، ومحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن بدعا من الرسل كما بينت الآية:9 من سورة الأحقاف، وهو مصدق لما بين يديه من الرسالات، الآية (92) من سورة الأنعام، وقصة الخلق كما بيننا في مقالة سابقة تكاد تكون متطابقة عند الأديان الإبراهيمية الثلاث، وتختلف فقط في جزئيات وتفاصيل قليلة، فلماذا هذا الشطط والتأويلات البعيدة؟ وهل يمكن اعتبار هذا التفسير نقطة وسط تلتقي فيها النظرية بالدين؟.
في رأيي لا يمكن الجمع بين التفسيرين، إلا إذا اجتمع الماء والنار والليل والنهار في آن واحد، فالبون شاسع والاختلاف جوهري وعميق، وكلتا النظرتين تلغي الأخرى، والمرء حر الإرادة والاختيار، فآمن بأي التفسيرين شئت بعد أن تنظر في أدلته وتقارن بينها وبين الأدلة الأخرى وتفكر في العاقبة، دون أن تلبس الحق بالباطل.
ويبقى الأمر المجمع عليه عند عامة المحققين أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل والنبيين، لم يبعث ليبشر بنظرية داروين، وإنما بعث رحمة للعالمين، لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين.

#عبدالله_محمد_الفلالي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل