عقيدة الربوبيين والداروينيين 2

عبدالله محمد الفلالي

الحوار المتمدن-العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 18:23
المحور: قضايا ثقافية
    

الرسالات
لا شأن للملحدين عموما بالرسالات، وشأنها عندهم شأن الدجل والشعوذة، وقد قال شاعر الربوبيين رهين المحبسين "أبو العلاء المعري":
إن الرسالات ألقت بيننا إحنا وعلمتنا أفانين العداوات
والعقل عندهم هو الرسول الأعظم؛ الذي مكن البشرية من التقدم وإقامة حضارات عظمى، كحضارة بلاد ما بين النهرين، التي اخترعت الكتابة، وصنعت العجلة وطورت أنظمة الري والزراعة، والحضارة الفرعونية التي أرست أساس علمي الهندسة والفلك، وأقامت أول مصنع للنسيج والورق البردي، والحضارة الهندية والإغريقية اللتين طورتا علوم الرياضيات والطب وأقامتا المعابد والهياكل الضخمة، وكل الحضارات الأخرى كالحضارة الرومانية والصينية والفارسية والكوشية الحبشية والعربية؛ كان لها إسهام في تطور العلوم والإضافة إليها حتى عصر النهضة، حيث ظهر الفيزيائيون العظام كالإنكليزي "نيوتن" مكتشف قانون الجاذبية، وآدم اسميث مكتشف القاطرة البخارية، و"رينيه ديكارت" مبتكر مناهج البحث الحديثة، وصولا لرسول التطور "داروين" وأديسون وأنيشتاين ونيكولا تسلا، ولازال البشر في تطور مستمر.
أصول المعتقد الدارويني
يرجع الداروينيين في تحديد أصول معتقدهم إلى الأبحاث العلمية الحديثة، وأهم مراجعهم العلمية الأبحاث المجراة حول الفيزياء الفلكية وميكانيكا الكم، وعلوم "الجيولوجيا" و"البيولوجيا" و"الأنثربولجيا" وقد ساهم ظهورهم في تطور الأبحاث العلمية وتقدم التكنولوجيا والعلوم التجريبية، وتداخلها مع العلوم الإنسانية واللاهوتية، ما أدى لإثراء البحث العلمي وظهور معتقدات جديدة وتطور المعتقدات القديمة، التي صارت تعتني بهذه العلوم، وتستدل بها على صحة منهجها.
الفيزياء الفلكية
وتعرفنا على الكواكب والأجرام السماوية، وتعطينا معلومات وافية عن نشأتها، بدءا من الانفجار العظيم وصولا للرتق، ثم يتوسع ليدرس خصائص المادة المظلمة والطاقة المظلمة، وقد أمدت المجتمع العلمي بمعلومات كثيرة، وغيرت نظرتنا القديمة للكون والفضاء.
الجيولوجيا
وتعطينا معلومات تفصيلية عن كوكب الأرض، وكيف تشكل خلال ملايين السنين؟ ومتى ظهرت عليه أولى معالم الحياة؟ ثم يتدرج البحث تدريجيا لنصل لدراسة المستحاثات البشرية الموجودة ضمن طبقات الأرض، لتبين لنا كيف حدث التطور وما هي أبرز حلقاته؟
البيولوجيا
وهي بمثابة الرياضيات لقدماء الفلاسفة، فقد كتب افلاطون على بابه: "من لم يكن رياضيا فلا يطرق بابنا" وقد كان هذا المعتقد نتيجة للأبحاث المجراة فيها، فرحلة داروين لجزر الغالاباغوس ودراسته للأحياء هناك رسخت فيه هذا المعتقد، وبعدها أصدر كتاب "أصل الأنواع" الذي أحدث طفرة في علم الأحياء.
أصول المذهب الربوبي
المذهب الربوبي ضارب في القدم، وقد بدأت أولى ملامحه تظهر مع ظهور الحضارة، فالإنسان يرى حوله هذه الكون الفسيح بنظامه البديع المتقن، ويرى الظواهر الطبيعية والأعراض التي تصيبه، من صحة ومرض وهرم وموت، فيشغل فكره في البحث عن منشإ هذه العلات وتشخيصها، ليتعمق في الفكر ويتساءل هل هناك من حياة أخرى، وكان فلاسفة اليونان أبرز رواد هذا المذهب، وكانت كتاباتهم وما قدموه من بحوث علمية مرجعا اعتمد عليه رواد هذا المذهب المستقدمين منهم والمستأخرين.
أنواع الملحدين
الملحدون ينقسمون إلى فئات ثلاثة.
الربوبيون: المقرون بوجود إله لهذا الكون، وينقسمون إلى:
منكري الرسالات: وهم مؤمنين بوجود خالق قدير كلي العلم مطلق الإرادة، أبدع هذا الكون بقوانين طبيعية لا تقبل التغيير ولا التبديل، إلا أن هذا الخالق البائن عن الخلق لاشأن له بهم، فهم كاملو الإرادة أحرار في التفكير، وهذا الإله في نظرهم جل عن العبث وإرسال الرسل، فالعقل هو رسوله الأسمى وكفى به، ومن هؤلاء الشاعرين: أبو العلاء المعري ومعروف الرصافي، وعالم الفيزياء استيفان هوكينغ -قبل أن ينقلب وينكر وجود الإله- حيث قال: «ربما قضى الله بالقوانين ولكنه لا يتدخل لكسرِ هذه القوانين».
مؤمنين بوجود إله صنع هذا الكون من المادة الأولى،"العلة" و"المحرك الذي لا يتحرك" كما وصفه أرسطو، وهو أزلي مع المادة "الهيولي" والزمان والمكان والروح، وهذا مذهب فلاسفة اليونان وأبي بكر الرازي.
لا أدريين: لا ينفون وجود الخالق ولا يؤكدونه، وهم بانتظار دليل مرجح قوي لينضافوا لإحدى الجبهتين، ومن هؤلاء داروين فقد قال: «لم أكن أبدًا ملحدًا بمعنى أن أنكر وجود إله، حتى في أشد تقلباتي.- على العموم أعتقد (ويزيد اعتقادي بذلك كلما تقدمت في السن) ولكن ليس دائمًا، أن وصف اللاأدري هو الوصف الأصح لحالتي الذهنية».
ملحدين: نافين لوجود إله ويؤمنون أن الكون العظيم حدث بنفسه صدفة، وتطورت الحياة وفقا لقانون الانتخاب الطبيعي العشوائي، وأبرز هؤلاء "ريتشارد دوكينز" الكاهن الأعظم للإلحاد في العصر الحديث، ومؤلف كتاب "وهم الإله" و"صانع الساعات الأعمى"
واستيفان هوكينغ وأغلب علماء الأحياء.

#عبدالله_محمد_الفلالي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات