|
تعقيب على مداخلة السفير الأمريكي في تركيا
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 18:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السيد توماس باراك ، سفير الولايات المتحدة في انقرة ، والمبعوث الرئاسي الخاص الى سوريا ، والصديق المقرب الى الرئيس الأمريكي ، صرح قبل أيام لوسائل الاعلام عن التوجهات الامريكية الجديدة حيال سوريا ، وللاهمية الفائقة لمضمون مداخلته الإعلامية المعمقة ،أرى من الفائدة التعقيب عليها ، ومناقشة المفاصل الأساسية التي تطرق اليها . " قبل قرن من الزمان فرض الغرب خرائط وانتدابات ، وحدودا مرسومة بالقلم ، وحكما اجنبيا ..." والمقصود كما أرى الاتفاقية التي ابرمت عام ١٩١٦ بين كل من فرنسا وانكلترا ، وروسيا القيصرية ، لتقسيم تركة الإمبراطورية العثمانية من البلدان والشعوب في الشرق الأوسط بشكل خاص ، حيث حلت السيطرة الأوروبية على شكل استعمار ، وانتداب ، بدلا من الحكم العثماني ، وقامت دول وكيانات جديدة . وقسمت بلدان " من اجل المكاسب الامبريالية ، وليس لتحقيق السلام ..." بحسب السيد باراك . وحرمت شعوب ، و استبعد الكرد والفلسطينييون من من ذلك الكرم الأوروبي ! وخرجوا دون سائر شعوب المنطقة ( من المولد بلا حمص ) . " هذا الخطأ كلف اجيالا ولن نكرره مرة أخرى ..." . من الواضح ان الولايات المتحدة الامريكية لم تكن شريكة الأوروبيين خلال التقسيم الاستعماري للشرق ، ولم يكن حلف الناتو موجودا آنذاك ، ولم يكن للامريكيين أي دور يذكر في المنطقة . " عهد التدخل الغربي قد انتهى ..." . وهو امر واضح ، فالقارة العجوز في اضعف حالاتها ، حتى ان دولا افريقية من بقايا الاستعمار الفرنسي ، ومن اقرب الموالين لباريس على سبيل المثال بدات بالابتعاد ، وحتى طرد الجنود الفرنسيين من أراضيها ، واغلاق القواعد العسكرية الفرنسية ، وقطع العلاقات الدبلوماسية معها ، حتى الولايات المتحدة الامريكية الحليفة المفترضة لبلدان أوروبا وفي ولاية الرئيس ترامب بدات تتعامل مع قضايا الشرق الأوسط بمعزل عن الدول الأوروبية بل وفي معظم الأحيان تتضارب المصالح ، والمواقف ، بينها . " المستقبل سيُبنى على حلول إقليمية، وعلى شراكات، ودبلوماسية تقوم على الاحترام " لم يعد هناك معسكران كما كان في القرن الماضي ، وحلفان عسكريان ، واصطفاف ثنائي عالمي آيديولوجي ، وقد كان الرئيس الجورجي – شيفارنازدة – سباقا في توصيف العالم مابعد سقوط الثنائية ( الاشتراكية – الراسمالية ) بعبارة – توازن المصالح – المؤدي الى السلام والاستقرار ، والحفاظ على مصالح الجميع من خلال الشراكة العادلة . "ولّت الأيام التي كان فيها التدخليون الغربيون يأتون إلى الشرق الأوسط لإلقاء المحاضرات عن كيف يجب أن تعيشوا، وكيف يجب أن تحكموا أنفسكم ..." . وهذا بحد ذاته اعتراف ضمني بالاساليب الملتوية ، والمضللة التي اتبعها الغرب – الولايات المتحدة الامريكية ، والبدان الأوروبية – تجاه شعوب العالم باسم حقوق الانسان ، والديموقراطية ، والعدالة ، وبالشعارات البراقة الخالية من أي مضمون التي اطلقها المسؤولون الغربييون تجاه المنطقة مثل – الشرق الأوسط الجديد – و – السلام العادل – و – حرية الشعوب - ، من جهة أخرى اعتراف أيضا بان شعوب العالم وخاصة بالشرق الأوسط أصبحت واعية لمصالحها ، وتستطيع إدارة شؤونها ، وبلغت سن الرشد ، ولاحاجة بعد اليوم لاستعمار ، وانتداب ، وانقلابات عسكرية مخططة لها . سوريا " ولدت مأساة سوريا من الانقسام، ويجب أن تأتي ولادتها الجديدة من خلال الكرامة، والوحدة، والاستثمار في شعبها. ويبدأ ذلك بالحقيقة وتحمل المسؤوليات ،وبالعمل مع أهل المنطقة، وليس من حولها ..." . حصل الانقسام في ظل حكم نظام البعث الذي بدا باسم القومية ، وانتهى بالاحادية الحزبية ، والإدارية ، والطائفية ، والعائلية ، وقامت الثورة السورية من اجل استعادة الحرية والكرامة ، واجراء التغيير الديموقراطي ، وكانه يشير الى ماجرى من استغلال لثورة السوريين من قريب وبعيد ، ومحاولات استثمارها من اجل النفوذ والمصالح الخاصة ، الى درجة ان بعض النظم السياسية الإقليمية ، والعالمية تعاملت مع فصيل عسكري هنا ، ومجموعة ميليشياوية هناك على أساس مناطقي ، او طائفي ، مما عمق الخلافات البينية ، وزرع الفتنة التي تحولت الى اقتتال في اكثر من مكان ، مما دفعت الثورة الثمن على حساب اجهاضها ، وظهور القوى المضادة للمعارضة الحقيقية . تركيا " نقف إلى جانب تركيا، ودول الخليج، وأوروبا، لكن هذه المرة ليس بالقوات العسكرية والمحاضرات أو الحدود الوهمية، بل جنبًا إلى جنب مع الشعب السوري نفسه " . والترجمة كانت بغاية السرعة ، فمن اللقاء بين الرئيس الأمريكي – ترامب – والسوري – الشرع – في الرياض وبوساطة سعودية ، الى قرار رفع جميع العقوبات عن سوريا ، انتهاء بتطبيع وتعزيز العلاقات الامريكية السورية ، والتفاهم الأمريكي الكامل مع تركيا بخصوص الملف السوري ، والاعتراف بالدور التركي الى جانب السعودي والخليجي عموما في إعادة بناء الدولة السورية ، ودعمها اقتصاديا ، وسياسيا ، وعسكريا ، وامنيا ، وبالحقيقة هذا هو الطريق للوقوف الى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة بالذات ، اما الإشارة ان الدعم لن يكون بالقوات العسكرية فهي تأكيد على الانسحاب العسكري الأمريكي من قواعدها بسوريا حيث تمركزت بعهد نظام الاستبداد للضغط عليه أولا ، ومعالجة متطلبات محاربة الإرهاب ثانيا ، ومواجهة النفوذين الروسي والإيراني أخيرا ،و ومعظم هذه الأسباب لم تعد قائمة ، وحتى التواجد العسكري للتحالف بالمستقبل سيتم بالتنسيق مع الدولة السورية التي نالت اعتراف الجميع . " ومع سقوط نظام الأسد، أصبح الباب مفتوحًا أمام السلام، ومن خلال رفع العقوبات، نتيح للشعب السوري الفرصة لفتح ذلك الباب واكتشاف طريق نحو الازدهار والأمان من جديد " . نعم بات تحقيق السلام الداخلي سهل المنال بعد اسقاط الاستبداد ، واعتراف المجتمع الدولي بالعهد الجديد ، وبعد ان شعر جميع القوى الإقليمية ، والعالمية المعنية بالملف السوري مدى خذلانها للثورة السورية ، وشعورها بالذنب في تدخلاتها العشوائية بالشان الداخلي السوري ، حيث ظهرت النتائج الكارثية للعيان ، حتى نحن الكرد اصبحنا ضحية تدخلات – الاشقاء – التي أدت الى انقسام ، وتفكك حركتنا السياسية الوطنية ، وفقدت استقلاليتها ، وحملت الشراذم المتبقية والوافدة اجندات الاخرين على حساب القضية القومية ، والشخصية الكردية السورية المستقلة ، فنحن الكرد السورييون سنكون بخير ، واكثر امانا برفع الهيمنة عن كاهل شعبنا ، وانسحاب المسلحين ، والوكلاء من مناطقنا ، وعدم التدخل بشؤوننا الخاصة ، وتركنا لنداوي جراحنا بانفسنا ، ولنتفق على توفير شروط عقد مؤتمرنا الجامع ، وإنجاز مهامه ثم الاتفاق مع شركاء الوطن بدمشق .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ذكريات أيام زمان
-
من دفتر يومياتي عودة الى ازمة العلاقات ( الكردستانية )
-
هل سيكون حل القضية الكردية على ايدي الإسلاميين ؟
-
لقاء مع صلاح بدرالدين 2
-
مقابلة موسعة مع صلاح بدرالدين
-
عودة العلاقات بين واشنطن ودمشق
-
من جديد في خصوصية الحركة السياسية الكردية السورية
-
مشروعنا ومشروعهم
-
رسالة كردية سورية الى رئيس الجمهورية
-
التقرير السياسي الدوري عن اللقاء الخامس والتسعي
...
-
كل نوروز وانتم بسلام
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا
...
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا ( ١٢
...
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا ( ١
...
-
مخرجات واستخلاصات اللقاء الدوري
-
دعوة اوجلان خطوة بالاتجاه الصحيح
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا
...
-
المجتمع السوري متعدد الاقوام والثقافات
-
أيها الكرد السورييون اتحدو ( ٩ )
-
مخرجات واستخلاصات اللقاء الدوري اللقاء الثالث والتسعون
...
المزيد.....
-
شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس
...
-
ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
-
مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط
...
-
كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
-
في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ
...
-
الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو
...
-
موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
-
العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع
...
-
-مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
-
-الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو
...
المزيد.....
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|