|
ذكريات أيام زمان
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 00:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال زيارة لي الى برلين – الغربية – عام ١٩٦٨ ، لتفقد أحوال منظمة حزبنا ( آنذاك ) التي كانت تقوم بدور اعلامي بارز ، وكانت تنشط في العديد من المجالات بالإضافة الى علاقاتها السياسية الواسعة ، وخلال اقامتي هناك علمت بتواجد الاميرة السيدة روشن بدرخان في منزل نجلها الأمير الدكتور جمشيد بدرخان في برلين ، فقمت بزيارتها ، والترحيب بها ، والتحدث معها لمرات عديدة ، وقد تعرفت أيضا على د جمشيد ذلك الرجل الودود المضياف الذي كانت قسمات وجهه مطابقة لصورة والده الأمير جلادت بدرخان الذي يحظى بالاحترام الكبير لدى شعبه في كل مكان لماقدمه هو وافراد عائلته من خدمات تجاه القضية الكردية وماحققوه من إنجازات ثقافية ، وإعلامية خلدها التاريخ . تزامن وجودي ببرلين مع تفاقم مااطلق عليه بحرب – بيافرا – " التي نشبت نتيجة نزاع مسلح استمر من ١٩٦٧ حتى ١٩٧٠ ، في محاولة من ولايات الجنوب الشرقي النيجيري للاستقلال عن الدولة الاتحادية في نيجيريا ، واعلان جمهورية – بيافرا – وكان نزاعا ذي طابع قومي ، وديني ، حيث الحكومة المركزية يحكمها المسلمون ، ووقف الغرب عموما الى جانب – بيافرا - ، وظهرت نشاطات سياسية ، ودبلوماسية ، وعقدت مؤتمرات بذلك الاتجاه ، " ، وفي احد الأيام جاءني د جمشيد واخبرني ان مؤتمرا سيعقد في العاصمة – بون – لنصرة شعب بيافرا ، وطلب مني القيمون على المؤتمر ان يشارك الكرد أيضا ، والان ليس هناك غيرك موجودا في المانيا لذا اقترح ان نذهب سوية ، وللوهلة الأولى وافقت على مقترحه مع التوضيح له انني لاامثل الحركة الكردية ، فقط استطيع تمثيل حزبي . وصلنا الى مكان المؤتمر وكانت المشاركة فيه واسعة ، وبعد الجلسة الافتتاحية ، ثم انتهاء اليوم الأول الذي تكلم فيه المندوبون ، وكانت لنا كلمة أيضا شملت بمعظمها وضع الكرد ومعاناتهم في ظل الأنظمة الشوفينية وبالأخص النظام البعثي السوري ، مع ابداء التعاطف مع إرادة شعب بيافرا في الحرية ، وقبل مغادرتنا المكان اخبرني د جمشيد ان مندوب إسرائيل ، وهو بالوقت ذاته سفيرها في المانيا الاتحادية ، دعانا الى مادبة العشاء الليلة ، ووسط دهشتي اجبته بالرفض ، شارحا له انني لست هنا ممثلا مخولا من الحركة الكردية ، فقط امثل حزبي ، ومن منظورنا كحزب ، ليس من مصلحة شعبنا الكردي والسوري تلبية دعوة سفير تحتل دولته جزء من ارض وطننا ، وفي حالة حرب مع بلادنا ، وأتمنى عليكم تفهم الوضع ، وبما انني علمت الان بوجود مندوب اسرائيلي بالمؤتمر اقترح ان نغادر ولا نستمر باليوم الثاني فمارايك ؟ فكان جوابه : كماتريد فلست سياسيا وانت ادرى ، وكم كبر د جمشيد امام نظري على هذا الموقف المتفهم النبيل . وطيلة ساعات العودة تبادلنا الحديث حول الموضوع ذاته ، وابديت له وجهة نظري كمناضل كردي سوري يعيش بالوطن ، موضحا ان إسرائيل بحكم موقفها الرافض للحقوق الفلسطينية المشروعة تعيش في بيئة معادية ، وهاجسها الوحيد حماية نفسها ، واستراتيجيتها منذ عهد باني الدولة اليهودية – بن غوريون – هي الحفاظ على امنها عبر العمل دون استقرار الدول العربية التي تعتبرها معادية ، خصوصا القريبة منها ، وبناء الجسور – التكتيكية - مع المكونات القومية والدينية غير العربية وغير المسلمة ، واستثمار ماتعاني من اضطهاد على ايدي أنظمة شوفينية ودكتاتورية عجزت عن إيجاد الحل الديموقراطي ، وبناء دولة المواطنة لشعوبها ، وان محاولات الحكومات الاسرائيلية لم ترمي الى إيجاد حلول بقدر ماكانت تسعى الى تعميق الخلافات بين شعوب المنطقة حتى تبقى هي الأقوى . ولان إسرائيل تمثل مصالح الولايات المتحدة الامريكية ، والغرب عموما بالمنطقة ، فلديها مكانة خاصة ، وتحظى بالدعم العسكري ، والاقتصادي بشكل مفتوح ، الى درجة ان الكثيرين بالشرق الأوسط يعتقدون ان ( الطريق الى واشنطن ، وعو اصم الغرب الأخرى يمر من تل ابيب ) . وكما تعلم ( ومازال الحديث مع د جمشيد ) هناك بعض الكرد أيضا الذين يبحثون عن خلاص الشعب بالاعتماد على رضى إسرائيل عسى ولعل ان تقوم بدور الشفيع لدى دوائر الغرب ، ولكن من المؤسف فان إسرائيل باستراتيجيتها المرسومة منذ عهد بناتها الأوائل ليست بوارد المساهمة بإيجاد حلول سلمية للقضية الكردية ، بل ان دوائرها ، واوساطها المقررة في واد آخر ، وتخطط لتعميق الخلافات بين شعوب المنطقة وخصوصا بين الكرد والعرب . بين الامس واليوم بعد مضي نحو ستين عاما من تواجدي ببرلين الغربية ، ومحادثتي مع د جمشيد بدرخان ، ومؤتمر نصرة – بيافرا – تغيرت الأمور بشكل دراماتيكي ، فقبل كل شيئ افتقدنا بكل اسف تلك القامة الوطنية النبيلة واعني الأمير جمشيد ، الذي وافته المنية وهو في مقتبل العمر ، وتحولت برلين الغربية الى برلين عاصمة المانيا الاتحادية ، وتبدلت أحوال إسرائيل بشكل عميق ، فلم تعد مدللة الغرب كماكانت ، ولاممرا للوصول الى واشنطن ، وفيما يتعلق الامر بالكرد وإسرائيل فبعد الاطلاع على كتاب ( الموساد في العراق ودول الجوار للكاتب : شلومو نكديمون ) يظهر بوضوح مدى تعلق الطبقة الحاكمة بمصالحها ، والاستعداد للتضحية بمصالح الشعوب الأخرى وبينها الشعب الكردي . ومن اجل ان أكون موضوعيا أقول : نعم إسرائيل لها الفضل في سقوط الأسد ، وتوجيه ضربات لجماعات الإسلام السياسي الراديكالية واضعاف اذرع ايران ، ولكنها قامت بذلك من اجل نفسها أولا وأخيرا ،فليس هناك في المنطقة دولة تعرف مصالحها وتعمل من اجل صيانتها اكثر من إسرائيل . هناك أيضا في المجتمع الاسرائلي حسب شهادة الأصدقاء الفلسطينيين قوى ، ومنظمات مجتمع مدني تعمل من اجل السلام ، وتؤيد الحقوق الفلسطينية بالرغم من ان كارثة غزة طغت على كل شيئ بمافي ذلك عزلها ، واضعاف دورها . وفي سياق متصل وخلال المؤتمر الصحفي لاعلان بيان المؤتمر التاسيسي لجمعية الصداقة الفلسطينية الكردية عام ١٩٩٩ ، في ( البيرة – رام الله ) ، وجهت الي مراسلة صحيفة – يدوعوت احرونوت – الإسرائيلية السؤال التالي : لماذا تشكلون جمعيات الصداقة مع الفلسطينيين وليس مع الاسرائليين ؟ فاجبتها : الفلسطينييون شكلوا الجمعية ودعونا لحضور هذا المؤتمر فاستجبنا ، وتفضلوا شكلوا جمعية صداقة وادعو الكرد فسترون من يحضر حتى لولم اكن انا شخصيا . هل خيبت إسرائيل امل البعض ؟ بعد سقوط نظام الاستبداد ، حاول البعض من المتضررين الساعين الى التغطية على عوراتهم ، او الطامحين بادوار اكبر من احجامهم ، وبينهم البعض باسم الكرد ، استثمار الوضع ، والاستقواء ، واستغلال إسرائيل لخدمة اجنداتهم ، عبر اللقاءات والتواصل مع مسؤولين بارزين في الحكومة الإسرائيلية ، هؤلاء سمعوا وعودا سخية ، ولكن مالبثت إسرائيل ان أعلنت رسميا انها لاتتدخل في شؤون سوريا ، ولاتتعامل مع أي طرف خارج الحكومة السورية السيادية ، هذا من دون ان نسمع تفسيرا حتى الان من هؤلاء المتورطين باسم الكرد ، ومايعلمه شعبنا ان التيار الكردي الذي يغامر عسكريا طيلة أربعين عاما ليس غريبا عليه الاقدام على مغامرات سياسية من أي نوع كانت .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من دفتر يومياتي عودة الى ازمة العلاقات ( الكردستانية )
-
هل سيكون حل القضية الكردية على ايدي الإسلاميين ؟
-
لقاء مع صلاح بدرالدين 2
-
مقابلة موسعة مع صلاح بدرالدين
-
عودة العلاقات بين واشنطن ودمشق
-
من جديد في خصوصية الحركة السياسية الكردية السورية
-
مشروعنا ومشروعهم
-
رسالة كردية سورية الى رئيس الجمهورية
-
التقرير السياسي الدوري عن اللقاء الخامس والتسعي
...
-
كل نوروز وانتم بسلام
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا
...
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا ( ١٢
...
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا ( ١
...
-
مخرجات واستخلاصات اللقاء الدوري
-
دعوة اوجلان خطوة بالاتجاه الصحيح
-
أيها الكرد السورييون اتحدوا
...
-
المجتمع السوري متعدد الاقوام والثقافات
-
أيها الكرد السورييون اتحدو ( ٩ )
-
مخرجات واستخلاصات اللقاء الدوري اللقاء الثالث والتسعون
...
-
من دفتر يومياتي : في الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لرحيله
...
المزيد.....
-
مسلسل -Scrubs- يعود بنجومه الأصليين
-
بحضور الشرع.. سوريا توقع اتفاقية -امتياز- مع موانئ دبي العال
...
-
ماذا قال نتنياهو عن موقف -حماس- من صفقة وقف إطلاق النار والر
...
-
-حنظلة- تشق طريقها من صقلية إلى غزة.. محاولة جديدة لكسر الحص
...
-
عقيدة بيغن: -حق إسرائيل في أن تملك وحدها السلاح النووي-
-
الاتحاد الأوروبي يطالب بـ -حلٍّ عادل- في قضية الرسوم الجمركي
...
-
ألمانيا: 300 كيلوغرام من الكبتاغون في محل بيع خضروات
-
مارايكه ماير.. اسم نسائي لامع في سباقات الأربعة جياد
-
روسيا تعلن السيطرة على بلدتين بدونيتسك وزيلينسكي يدعو الغرب
...
-
إعادة فتح الحدود بين أوغندا والكونغو تثير جدلا بشأن تمويل ال
...
المزيد.....
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|