أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد شعباني - لماذا لم تنتهي تجارة الكابتغون في سوريا رغم سقوط نظام الأسد؟















المزيد.....

لماذا لم تنتهي تجارة الكابتغون في سوريا رغم سقوط نظام الأسد؟


محمد شعباني
باحث دكتوراه في الاقتصاد السياسي والعلاقات الاقتصادية الدولية

(Mohammad Shabani)


الحوار المتمدن-العدد: 8354 - 2025 / 5 / 26 - 08:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


كشف سقوط نظام الأسد ما كان يشتبه به الجميع: أن عائلة الأسد نفسها كانت تدير تجارة الكبتاغون في سوريا، لكن إذا كانت عائلة الأسد هي المسؤولة عن تجارة الكبتاغون في سوريا، فكيف يمكن تفسير استمرار ضبط ملايين أقراص الكبتاغون داخل سوريا وعلى طول حدودها مع الدول المجاورة، على الرغم من مرور أكثر من خمسة أشهر على انهيار النظام؟
المنظومة الدولية للاتجار بالكبتاغون: نظام لا يموت
على الرغم من الدور البارز الذي لعبته عائلة الأسد في تجارة الكبتاغون، فإن سقوط نظامهم وفرار كبار المسؤولين إلى الخارج لم يؤدِ إلا إلى قطع حلقة واحدة في شبكة دولية واسعة. لم يفكك هذا النظام نفسه. قُدّرت حصة عائلة الأسد في اقتصاد الكبتاغون بنحو 2.4 مليار دولار. في المقابل، تُقدّر قيمة تجارة الكبتاغون العالمية بحوالي 10 مليارات دولار، مما يعني أن العائلة سيطرت، في أحسن الأحوال، على 30% من السوق.
يُوزّع الباقي على جهات فاعلة إقليمية مختلفة، بما في ذلك شبكات في لبنان (أبرزها حزب الله)، والأردن، ودول الخليج. في الأردن، يُقدّر أن 20% من حبوب الكبتاغون المهربة من سوريا تُباع محليًا، بينما تُحوّل الكمية المتبقية إلى أسواق الخليج المربحة، وخاصة المملكة العربية السعودية - أكبر مستهلك للكبتاغون في العالم. هنا، تضمن عمليات التهريب المعقدة تهريب الحبوب وتخزينها وبيعها بأسعار أعلى أضعافًا مضاعفة. يمكن أن تُباع الحبة التي لا تتجاوز قيمتها دولارًا واحدًا في سوريا بما يصل إلى 20 دولارًا في المملكة العربية السعودية.
إذًا، أعضاء منظومة الاتجار بالكبتاغون ليسوا مجرد موظفين لدى عائلة الأسد ينتهون بنهايتها، بل إن عائلة الأسد لا تشكل بالنسبة لهم إلا موردًا لتجارة تدر عليهم ملايين الدولارات. فقرص الكبتاغون الذي يُباع في سوريا بأقل من دولار واحد، يُباع في السعودية بنحو 14 دولارًا. وعليه، سيكون من المستبعد أن تفرط منظومة الاتجار بالكبتاغون في الخليج العربي والأردن، بل وحتى في أوروبا وتركيا، عن موردها الذي يدر عليها مئات الملايين من الدولارات سنويًا. وقد أثبتت المنظومة ذلك من خلال عودة نشاطها السريع في إنتاج وتهريب الكبتاغون من سوريا بعد إعلان سقوط الأسد بأيام قليلة، واستمرارها حتى بعد أشهر من سقوطه. ففي شهر أيار/مايو 2025، سُجلت عدد من الحوادث التي تدل على نشاط كبير لتجارة الكبتاغون في سوريا، من بينها ضبط السلطات السورية 9 ملايين حبة كبتاغون في حلب، وتنفيذ سلاح الجو الأردني لغارة جوية استهدفت أحد تجار الكبتاغون في محافظة السويداء، واشتباك عدد من عناصر الأمن العام ومقتل وإصابة عدد منهم في اشتباكات مع مهربي كبتاغون في مدينة جرمانا.
قوة شبكة تجارة الكبتاغون في سوريا: احترافية ومرونة
على الرغم من أن تدمير إدارة العمليات العسكرية في سوريا للكثير من مصانع الكبتاغون وملايين الأقراص، إلا أن ذلك لا يعني تدمير شبكة الإنتاج والتهريب في سوريا التي اتخذتها منظومة الاتجار بالكبتاغون الدولية مركزًا لنحو 80% من إجمالي إنتاج وتوزيع الكبتاغون في العالم.
تتكون شبكة الاتجار بالكبتاغون في سوريا من الآلاف من الكوادر البشرية التي تمتهن العمل في هذا المجال، إذ يُقدّر عدد العصابات المسلحة التي تنشط في الجنوب السوري في تهريب الكبتاغون بأكثر من 12 ألف مسلح، يتوزعون على نحو 150 فصيلاً. هذا إلى جانب آلاف آخرين ممن يتولون مهمة الإنتاج والتعبئة والنقل والتوزيع، وصولًا إلى المعنيين بشبكة الاتصال والتواصل محليًا ودوليًا.
لا تكمن قوة شبكة الاتجار بالكبتاغون في سوريا في عددها الكبير فقط، بل في كونها تضم عناصر إجرامية خبيرة ومحترفة في عملها. ظهرت إمكانيات تلك العناصر في الطرق المبتكرة في إخفاء أقراص الكبتاغون في الأثاث المنزلي والمحولات الكهربائية، بل حتى داخل حبات الفاكهة وغيرها الكثير من الطرق غير التقليدية. كما ظهرت قدرتهم العالية على إيجاد طرق بديلة لتهريب الكبتاغون عبر الحدود منها استخدام طائرات الدرون ومقذوفات الهاون البلاستيكية، بل وصلت إلى استخدام الحمام الزاجل! كما أبدت استعدادًا كبيرًا في خوض اشتباكات ضارية مع حرس الحدود الأردنية، اشتباكات كان بعضها يستمر لساعات طويلة.
يُضاف إلى الشبكة الرئيسية الكثير من المنتجين الذين كانوا يلاحقون من قبل جهاز مكافحة المخدرات في سوريا وعناصر الفرقة الرابعة التي كان يتزعمها ماهر الأسد لمنع وجود منافس له في السوق السورية، وأيضًا معامل الكبتاغون الموجودة في بعض بلدات الشمال السوري التي كانت تقع تحت سيطرة قوات المعارضة السورية. وبالتالي، لا يمكن التوقع أن شبكة بهذا الحجم والمستوى من الاحترافية والتسليح يمكن أن تتفكك ببساطة، هذا إلى جانب المنتجين الآخرين الذين ستُفتح شهيتهم لأخذ حصة من السوق السورية بعد هروب آل الأسد من سوريا.
طبيعة إنتاج الكبتاغون: سهولة التصنيع والتخفي
يتسم إنتاج أقراص الكبتاغون بمرونة كبيرة مقارنةً مع إنتاج مواد مخدرة أخرى، مثل مادة "حشيش الكيف" المستخرج من نبتة القنب. فالمواد الأولية لإنتاج الكبتاغون هي مواد تستخدمها مصانع الأدوية، وبالتالي يمكن إدخالها واستخدامها داخل سوريا دون أن تلفت الكثير من الأنظار كما في حال لو زُرعت مئات الهكتارات من نبتة القنب! أما الآلات المستخدمة في إنتاج الأقراص، فهي تقتصر بالكاد على آلة كبس الأقراص، والتي يُقدّر سعرها بنحو 2500 دولار، وهي أيضًا من الآلات المستخدمة في مصانع الأدوية. المرونة الكبيرة في عملية إنتاج أقراص الكبتاغون تجعل من السهولة بمكان استمرار إنتاجها في بيوت أو مزارع صغيرة بعيدة عن المدن أو حتى في شاحنات متنقلة، الأمر الذي سيجعل من مهمة ضبطها صعبة للغاية.
البيئة الحاضنة لتجارة الكبتاغون: الفقر والفراغ الأمني يغذيانها
لا يمكن أن تُكتب نهاية لتجارة الكبتاغون في سوريا من خلال الحلول الأمنية فقط، وإن كانت أمرًا أساسيًا، إلا أن الجانب الاقتصادي يُعد عاملًا رئيسيًا في استمرارها. ففي ظل الفقر الشديد في سوريا، حيث يعيش نحو 90% من الشعب السوري تحت خط الفقر، لن يكون من الصعب على منظومة الاتجار بالكبتاغون الدولية إيجاد قنوات لاستمرار تجنيد كوادر بشرية للقيام بمهامها داخل سوريا وخارج حدودها.
أمر آخر لا يقل أهمية يتمثل في الاستقرار السياسي وسيادة القانون وقوة إنفاذه، فاستمرار الحالة الفصائلية وانفلات السلاح في سوريا يشكل بيئة حاضنة لإنتاج وتهريب الكبتاغون من سوريا إلى العالم. وهو ما قد يفسر، جزئيًا على الأقل، رفض فصائل مسلحة في الجنوب السوري لتسليم سلاحها للسلطة الجديدة، فالكثير من تلك الفصائل مرتبطة بعمليات تهريب الكبتاغون إلى الأردن.
يتطلب تدمير المنظومة الدولية للاتجار بالكبتاغون جهودًا وتعاونًا إقليميًا ودوليًا، ومزيجًا من الحلول الأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، والتي يجب أن تتركز أولًا في إحلال السلام والاستقرار الأمني والسياسي في سوريا، ودعم عملية تنمية اقتصادية وتوعية مجتمعية من شأنها تفكيك البيئة الحاضنة وشبكة الاتجار بالكبتاغون في سوريا.
نشر هذا المقال باللغة الانكليزية على موقع Medium
href="https://medium.com/@mo.shabani2012/why-syrias-captagon-trade-didn-t-die-with-assad-d912cfc078ab" target="_blank" https://medium.com/@mo.sha" class="aEml">class="aLink">https://medium.com/@mo.shabani2012/why-syrias-captagon-trade-didn-t-die-with-assad-d912cfc078ab



#محمد_شعباني (هاشتاغ)       Mohammad_Shabani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد السوري في التسعينيات وقانون الاستثمار رقم 10: المتغ ...
- التمييز بين مستويات التحليل: حدود التنمية في الاقتصاد السعود ...
- دور الجوار الجغرافي في التبادلات التجارية الدولية
- تحولات البنية الصناعة السورية في حقبة الجمهورية العربية المت ...
- انعكاس التبادلات الاقتصادية الدولية على بنية القطاع الصناعي
- بنية الصناعة السورية منذ الاستقلال وحتى عشية الوحدة السورية- ...
- الصناعة السورية منذ القرن التاسع عشر وحتى عام 1946
- دور البنية الاقتصادية في تحديد التخصص والتقسيم الدولي الجديد ...
- دفاعاً عن النيوليبرالية


المزيد.....




- كالكاليست: 26 ألف إسرائيلي من سكان الشمال مشردون
- البنك المركزي: استمرار حرب غزة 6 أشهر يهدد اقتصاد إسرائيل
- فتح: الاحتلال يشن حربا ممنهجة على الاقتصاد الفلسطيني بالضفة ...
- لا تتفاجأ! كل ما يخص حدود السحب اليومي من البنوك وATM وإنستا ...
- -غلوبس-: العجز المالي لإسرائيل يتسع بسبب تمويل حرب غزة
- محمد صلاح رفع راس مصر .. جائزة الحذاء الذهبي الأوروبي 2025
- منتدى روسي سعودي لتعزيز التعاون في المجال الزراعي
- بغداد تقاضي -كردستان العراق- بشأن عقود غاز مع شركتين أميركيت ...
- لماذا توسّع الجزائر مساهمتها في المؤسسات المالية الدولية؟
- مشروع ترامب لـ-القبة الذهبية-: كوريا الشمالية تصفه بـ-تهديد ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد شعباني - لماذا لم تنتهي تجارة الكابتغون في سوريا رغم سقوط نظام الأسد؟