أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد شعباني - دفاعاً عن النيوليبرالية















المزيد.....

دفاعاً عن النيوليبرالية


محمد شعباني
باحث دكتوراه في الاقتصاد السياسي والعلاقات الاقتصادية الدولية

(Mohammad Shabani)


الحوار المتمدن-العدد: 7607 - 2023 / 5 / 10 - 09:11
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


يعامل مفهوم النيوليبرالية بازدراء شديد، بسبب ارتباطه بأحداث وسياسات سيئة سمعة، فقد ارتبطت النيوليبرالية بانقلاب تشيلي 1973، وسياسات تاتشر- ريغان المعادية لنموذج دولة الرفاه في السبعينيات، كما ارتبطت بسياسات "الإصلاح الاقتصادي" لصندوق النقد الدولي التي طبقت في عدد كبير من دول النامية منذ تسعينيات القرن العشرين. ومنذ ذلك الحين ومسؤولية الأزمات الاقتصادية، سيما في الدول النامية، تحمل لتطبيق السياسات النيوليبرالية، فهل حقاً تتحمل النيوليبرالية مسؤولية تلك الأزمات؟ أم إن مصدر الأزمات يكمن في مكان آخر؟
الأصول المنسية للنيوليبرالية
"رأينا كيف جلبت قوى السوق غير المضبوطة الرأسمالية إلى الهاوية..لا الحكومات ولا الشعوب التي يمثلونها لديهم ثقة بعد الآن في الأسواق غير المنظمة لنظام الرأسمالية المتطرفة" قد يعتقد القارئ لهذا الاقتباس بأنه لأحد ناقدي السياسات النيوليبرالية، لنقل مثلا ديفيد هارفي أو نعوم تشومسكي، لكن في الحقيقة هذا الاقتباس لمبتكر مفهوم النيوليبرالية نفسها، أي للاقتصادي الألماني ألكسندر روستو. ولنبين كيف من المعقول أن تنتقد النيوليبرالية نفسها لا بد من العودة إلى مشهد الكساد الكبير، والسياسات الاقتصادية التي جاءت النيوليبرالية كرد فعل مضاد لها.
نحن الآن في العقد الثالث من القرن العشرين والعالم يعيش أسوأ أزمة اقتصادية عرفها التاريخ؛ أكثر من 100 مليون عاطل عن العمل. مئات الآلاف من المنشآت الاقتصادية تشهر إفلاسها، والناتج الإجمالي القومي في الدول الصناعية المتقدمة قد تراجع ما بين 40 إلى 60 بالمائة.
أمام مشهد الكساد الكبير أعلن الرئيس الأمريكي روزفلت عن "الصفقة الجديدة" (New Deal) وهو برنامج يهدف إلى إنعاش الاقتصاد وخفض معدلات البطالة عبر تدخل جهاز الدولة في الاقتصاد من خلال زيادة الإنفاق الحكومي على الاشغال العامة (بناء طرق وجسور ومطارات..)، وتوسيع التوظيف في القطاع العام، ومنح الإعانات. ولقد امتدت السياسات الاقتصادية الجديدة إلى القارة الأوروبية، حيث نفذت الحكومات برامج للإنعاش الاقتصادي كان لجهاز الدولة دور القيادي فيه.
هذا على صعيد السياسات الاقتصادية، أما على صعيد الفكر فكانت هنالك اتجاهات فكرية جديدة تتبلور، ففي بريطانيا، حيث ستبزغ من هناك ما سيعرف لاحقاً "بالسياسات الكينزية"، كان جون مينارد كينز منكباً على إنجاز كتابه "النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقد" الصادر عام 1936؛ والذي حمّل فيه السياسات الاقتصادية التي تركت الأسواق دون ضوابط مسؤولية ازمة الكساد الكبير، حيث رأى كينز ضرورة للدور التدخلي للدولة لإصلاح اختلالات السوق واستباق الأزمات الاقتصادية. وقد تحول كتابه إلى مصدر إلهام ومرجع لرسم السياسات الاقتصادية في العالم الغربي، خلال الفترة الممتدة بين نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى سبعينيات القرن العشرين، التي تعرف "بالربع القرن المجيد للرأسمالية".
النيوليبرالية كطريق ثالث
بعد مرور عامين على صدور كتاب كينز وتطبيق السياسات الاقتصادية الجديدة، عقد 25 من مثقفي أوروبا اجتماعاً في باريس لمناقشة كتاب "The Good Society" للكاتب الأمريكي والتر ليبمان. انتقد ليبمان في كتابه السياسات الليبرالية التي تشدد على عدم التدخل الدولة في الاقتصاد والتي عدها سبباً في أزمة الكساد الكبير، كما كان معارضاً لجميع أشكال الفكر الجماعي مثل الاشتراكية والقومية- الاشتراكية، والفاشية، وكذلك سياسات "الصفقة الجديدة" لروزفلت. وهو ما كان متفقاً عليه إلى حد كبير بين المجتمعين، الذين أكدوا على ضرورة الدعوة لمشروع ليبرالي جديد. واقترحوا لهذا المشروع العديد من الأسماء منها "الليبرالية الإيجابية" و"الليبرالية الاجتماعية"، إلا أنهم في النهاية استقروا على المسمى الذي اوصى به ألكسندر روستو؛ النيوليبرالية. إذاً ما ندعوه اليوم نيوليبرالية لا يشبه على الإطلاق النيوليبرالية كما طرحت للمرة الأول، فهي طريق ثالث ترفض السياسات المفرطة لعدم تدخل الدولة في الاقتصاد كما ترفض الاقتصاد المخطط وكل أشكال الاشتراكية. إذاً كيف ألبس هذا المفهوم السياسات الاقتصادية المعروفة اليوم بالنيوليبرالية؟
نيوليبرالية بدون نيوليبراليين
من المعروف أن الناشطين/ات في عمل فكري عادة ما ينسبون أنفسهم إلى مدرسة أو تيار فكري معين، إلا أن هذا الأمر لا ينطبق على النيوليبرالية، إذ من الصعوبة بمكان أن تجد شخصاً يصف نفسه بنيوليبرالي/ة، بل إن المفكر الاقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان، الذي يصفه منتقدي النيوليبرالية بأنه المؤسس والداعم للأفكار النيوليبرالية، يرفض هذه التسمية، فهو يعد نفسه ليبرالياً، ويعتبر أن ما يدعوا إليه هو الليبرالية نفسها التي يرفضها الليبراليين الحديثين. يشترك فريدريك هايك رائد المدرسة النمساوية في الاقتصاد، والموصوف أيضاً بالنيوليبرالي، يشترك مع ميلتون فريدمان باعتقاده أن الليبرالية قد انحرفت عن مسارها منذ ثلاثينيات القرن العشرين، أي مع بداية "الصفقة الجديدة"، وأن ليبرالية القرن التاسع عشر هي التي جلبت التقدم الذي تنعم به الدول الصناعية المتقدمة. إذاً ما يدعوا إليه فريدمان وهايك هو الحفاظ على القيم والأسس الليبرالية الاقتصادية التي وضعها الاقتصاديون الكلاسيكيون. وهي السياسات التي أعيد تطبيقها في سبعينيات القرن العشرين الذي شهد نهاية للسياسات الكينزية، بعد أن دخل الاقتصاد العالمي بأزمة ركود تضخمي. ومنذ ذلك الحين باتت السياسات الاقتصادية الليبرالية التي طبقت في الدول الرأسمالية المتقدمة في حقبة "تاتشر- ريغان"، بالسياسات النيوليبرالية. كما الصقت التسمية ذاتها بإجراءات إعادة الهيكلة والتكيف التي طبقت في عدد كبير من الدول النامية بدفع وإشراف من صندوق النقد الدولي.
في البدء كانت النيوليبرالية
في الحقيقة إن النقد الموجهة للسياسات للنيوليبرالية ليس إلا نقداً لليبرالية الاقتصادية نفسها، فأطروحات ميلتوون فريدمان وفريدريك هايك عن الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة ليست من ابتكارهما، بل سبق وأن قدمها مؤسس الاقتصاد الليبرالي آدم سميث في كتابه "ثروة الأمم" عام 1776، الذي يرى حدود دور الدولة في حماية الملكية الخاصة للأفراد، وحرية ممارسة العمل والتجارة ومنع الاحتكار، وحصر دور الدولة الاقتصادي- الاجتماعي في تنفيذ المشروعات التي تسهل من النشاط الاقتصادي، وتوفير حد معقول من التعليم لجميع الأفراد. بل يمكن القول إن فريدمان "أقل ليبراليةً" من سميث، فقد دعا في كتابه الرأسمالية والحرية (1968) إلى تطبيق "ضريبة الدخل السالبة" (إعانة مالية يتلقاها الأفراد الذين يقل دخلهم عن الحد الأدنى المفروض على دافعي الضرائب)، وللمفارقة تعد هذه الضريبة اليوم مطلباً لعدد من الأحزاب المحسوبة على اليسار كجزء من سياسة دولة الرفاه. وبالنتيجة فإن النيوليبرالية- كما نعرفها اليوم- ليست إلا الليبرالية التي وجدت مع تبلور النظام الاقتصادي الرأسمالية في أوروبا.
أزمة النيوليبرالية أم أزمة الرأسمالية؟
بعيداً عن الجدال التسميات (نيولبيرالية أم ليبرالية)، أو من يمثل الليبرالية الصحيحة (دولة الرفاه أم دولة "الحارس الليلي") بعيداً عن كل هذا الجدال الذي لا يبدو أنه سينقطع، فإن المشكلة باتت تكمن في تصنيم نقد السياسات النيولبيرالية، وجعلها السبب في الأزمات الاقتصادية والتراجع في الأوضاع المعيشية، واعتبار أن مجرد العودة للسياسات الكنزية سيكون مخرجاً للأزمات الاقتصادية، في تعامي عن الأزمات الاقتصادية التي وقعت بها الدول الرأسمالية في عقد السبعينيات، وما يعنيه ذلك من محدودية إمكانات السياسة الكنزية في تجنب الأزمات الدورية للرأسمالية. يعد سمير أمين تصنيف أزمة النظام الرأسمالي بأنها أزمة "نيوليبرالية معولمة" بأنه تصنيف "خادع ويخفي ما هو جوهري"، ونقول هنا إن أزمة النظام الرأسمالي هي أزمة النظام نفسه، وليست أزمة إرادات سياسية، وعليه فإن التمسك بنقد السياسات الحالية "النيوليبرالية" دون نقد الرأسمالية نفسها، يعني ضمناً التخلي عن السعي لتقديم نموذج اقتصادي من خارج صندوق الرأسمالية المليء "بالليبراليات".



#محمد_شعباني (هاشتاغ)       Mohammad_Shabani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد شعباني - دفاعاً عن النيوليبرالية