سناء عبد القادر مصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 8352 - 2025 / 5 / 24 - 22:16
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
يحتوي كتاب الصديق العزيز رياض عبد الكريم أبو طيبة - الدولة الغريقة على 36 مقالة نشرها في الصحافة العراقية وفي مختلف المواقع الإعلامية، عكس فيها رأيه في كل ما حدث وجرى في العراق منذ خريف (22 تشرين الثاني) العام 2008 والى تولي محمد شياع السوداني رئاسة مجلس الوزراء في العام 2023، عارضا وملخصا المشاكل المهمة التي يمر بها الشعب العراقي. فمن مشاكل تشكيل مجلس النواب العراقي (البرلمان) التي تسبقها عملية الترشيح الى الانتخابات وشراء أصوات الناخبين وسير عملية التصويت الى تزوير النتائج وانخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات. ومن ثم تشكيل الحكومة ونشاط حضور أعضاء مجلس النواب الضعيف، هذا من جهة وانخفاض المستوى العلمي لأعضائه وتزوير شهاداتهم الدراسية من جهة أخرى.
تعشم السيد عبد الكريم خيرا بوزير الداخلية السابق جواد البولاني حينما دعاه للتعاون والعمل معه في تيار أئتلاف وحدة العراق ومن ثم في تيار بدأنا. كتب ونشر عدة مقالات تدعمه، ولهذا كتب رياض التالي: " كما ينبغي على تيار بدأنا ان يفكر جديا في قضيتين اساسيتين، الاولى هو ان يطرح مشروعا ناضجا للإصلاح، والثانية هي ان يفكر في آلية جديدة بطبيعة التحالفات وتشكيل تكتل وطني كبير يضم كل النسيج الاجتماعي العراقي دون اية محددات او اشتراطات، وأن يلعب دورا فعالا في تفعيل العمل السياسي بالاتجاه الوطني وتفكيك كل العقد والخلافات لأنها متجهة لا محال في حالة عدم تحقيق ذلك الى الصراعات العنيفة التي يمكن ان تؤجج الارهاب والجريمة المنظمة ". ولكن مع الأسف باءت جميع الجهود بالفشل لأن القوى السياسية الأخرى لم تساند البرنامج الانتخابي في تيار بدأنا الذي شكله جواد البولاني. ولم يستطع البولاني من إيجاد صيغة تعاون مع عمار الحكيم على الرغم من وجود كثير من القواسم المشتركة بينهما.
كثيرا ما نردد ونسمع عبارة الشعب مصدر السلطات ولكن في العراق العكس هو الصحيح أن الحكام هم الذين يفرضون ارادتهم على الشعب بواسطة أذرعهم وأحزابهم السياسية. وحاولت بعض الشخصيات المستقلة في مجلس النواب العراقي تطبيق هذا الشعار ولكنها لم تفلح في ذلك.
ولم تنجح محاولات الدكتور اياد علاوي زعيم القائمة العراقية في مشروعه لورقة الإصلاح الوطني في شهر أيلول سنة 2012 في جمع شمل الأحزاب السياسية لإيجاد صيغة حل للخروج من الركود السياسي كما ورد في مقالة العزيز رياض عن المؤتمر الصحفي للدكتور اياد علاوي.
تناول الأخ رياض في كتابه الكثير من المواضيع التي تهم العراقيين وتشغل بالهم يوميا من
الوضع الأمني الى الفساد المستشري في معظم مفاصل الدولة الى تقييم الكادر الوظيفي وإتاحة الفرص أمام الكوادر الإدارية التي تتمتع بكفاءات جيدة وتتمكن من إدارة العراق بشكل جيد.
تطرق رياض الى المواضيع التي من شأنها أن تقدم حلولا لمشاكل يعيشها العراقيون يوميا وهي محاربة البيروقراطية والروتين الإداري، والاهتمام بالإنسان الذي هو أثمن رأسمال كما قال كارل ماركس. كما أن الإصلاح الاقتصادي من المسائل التي يجب أن تهتم بها الحكومة وتعطيها أهمية خاصة ولهذا أخذ حيزا كبيرا في الورقة البيضاء في زمن حكومة مصطفى الكاظمي. كما أولى المؤلف اهتماما خاصا لمناقشة مهام وعمل الرقابة البرلمانية في مراقبة عمل الوزارات العراقية وتنفيذ برامجها للصالح العام.
وناقش رياض العديد من الافكار التي من شأنها الحد من البطالة التي تهدد مستقبل الشباب وضرورة إيجاد حل لهذه المشكلة من خلال برامج وخطط خاصة لاستيعابهم في مشاريع إنتاجية وخدمية يستفاد منها العراق. وكذلك من الضروري ارجاع العمل بمراكز الشباب بشكل جدي حتى تعطي ثمارها بما يفيد المجتمع العراقي واستثمار طاقات الشباب على الوجه الصحيح كي لا يتوجهوا الى الأعمال الرذيلة وكذلك محاربة استعمال وانتشار المخدرات بين أوساط الشباب بناة المستقبل الزاهر للعراق لأن بناء الوطن يعتمد عليهم.
وبحث رياض في كتابه ظاهرة العنف الاسري من تعنيف الزوجة والبنت والولد والبنت، كونها ظاهرة سلبية تؤدي الى دمار وانهيار المجتمع العراقي ولازالت تراوح في مساحة الجدل المتناقض كما ورد في كتابه وعلى الرغم من قيام شبكات الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة بتخصيص برامج خاصة وساعات بث كثيرة لهذا الموضوع الذي يؤرق بال المتخصصين في العلاقات الأسرية.
أما النظام السياسي والمنظومة السياسية في البلد فقد أولاها المؤلف اهتماما كبيرا بسبب تأثيرها على سير العراق في ركب الدول التي تسعى نحو الحياة الحرة الكريمة لشعبها.
ولم يفت بال العزيز رياض مناقشة موضوعة عمل دور الاعلام في المجال السياسي والذي أطلق عليه: "استراتيجيات مبعثرة في فضاء اعلامي مضطرب في مجال السياسات العامة" وهل تساهم في خدمة المصلحة الوطنية؟؟؟!!! ويمكن أن نطلق عليها اسم صناعة الاعلام والتي تقام على أسس مهمة مثل الشفافية والعفة والضمير الحي وتهدف الى خلق إيجابية للحوار الواقعي بين الأطراف التي تهمها مصلحة الوطن العراقي.
صراعات من اجل البقاء، بهذه الكلمات بدأ المؤلف احدى مقالاته المهمة:
" ان الصراعات السياسية اذا استمرت دون حلول جذرية فأنها ستكون العامل الرئيسي الذي سوف ينهي كل مصالح الشعب ويشتت آمالهم ويخلق طبقة خارج حدود التنظيم الاجتماعي المعروف تندرج تحت اسم الطبقة السياسية التي ستبقى محصورة في نطاق ضيق من مساحة المجتمع العامة، تلك المساحة التي لاتزال تحتفظ بكل قيم الآخاء والمحبة والتضحية والاجماع الوطني المطلق".
ولم تنجح القوى الجديدة المستقلة في توحيد صفوفها والوقوف بوجه القوى السياسية المسيطرة على الساحة السياسية "ضمن ائتلاف انتخابي واحد يتبنى رؤى متماسكة تمكنه من خوض الانتخابات بقوة ومنافسة القوى التقليدية المسيطرة" وإنما على العكس تم كسبها من قبل القوى التقليدية بالمال والمناصب الإدارية.
"العراق الجديد .... الوهم والخديعة ... وخيال المعتقدات الجوفاء"
انتشر مصطلح العراق الجديد في أواسط العام 2003 في الكثير من الأدبيات السياسية والاقتصادية التي صدرت في تلك الحقية من الزمن وكان المروجين لهذا المصطلح الجديد من القوى السياسية التي استولت على إدارة البلد. وبعد مرور ردح من الزمن اكتشف الناس خديعة هذا المصطلح الذي لم يطعم العراقيين خبزا ولم يوفر لهم الحياة الحرة الكريمة وإنما على العكس انتشر الإرهاب والانقسام والحرب الطائفية وخصوصا في الفترة الزمنية 2005-2008.
مشاريع متلكئة
انتشر هذا المصطلح في العراق بعد العام 2003 ما يسمى بالعراق الجديد وهي المشاريع التي لم تنجز في الوقت المحدد وتتراوح نسبة التلكؤ أو عدم الإنجاز من 50-85 %. وتنتشر هذه المشاريع في مختلف مدن العراق وقصباته من بغداد الى البصرة والموصل وإقليم كردستان العراق. وأعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عن نسب المشاريع المتلكئة إن "فريق متابعة المشروعات المتلكئة والمتوقفة المشكل في دائرة التنسيق الحكومي وشؤون المواطنين في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، يواصل الجولات الميدانية لمتابعة مراحل العمل ونسب الإنجاز المتحققة في المشروعات المدرجة ضمن الخطة، والتي تشمل القطاعات الحيوية والخدمية المهمة في جميع المحافظات". حيث أجرت الفرق الهندسية والفنية خلال الشهر الماضي، "زيارات ميدانية إلى عدد من المشروعات في محافظات (بغداد، وواسط، والبصرة) حيث اطلعت على نسب الإنجاز المتحققة ضمن مشروعات (ماء الزهور المركزي، ومشروعي العزيزية وزرباطية السكنيين، والممر الثاني لطريق الكوت – بدرة – جصّان، وماء الكوت الكبير، ومحطة حمدان للصرف الصحي، ومجمع شط العرب السكني)". كما أكد الفريق، على "ضرورة بذل الجهد ومضاعفته خلال المرحلة المقبلة، والالتزام بالتوقيتات الزمنية المعدة، ومطابقة جداول تقدم العمل المقدمة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، على أرض الواقع، مضيفاً، أن نسب الإنجاز للمشروعات المذكورة تتراوح بين 50-85 % ". (المصدر الفرات نيوز 24/10/2023)
وهناك الكثير من المسائل المهمة التي تهم مستقبل العراق تطرق لها أبو طيبة في مقالاته الخمس والثلاثين وبالدرجة الأولى تطور قطاعات الاقتصاد الوطني العراقي من حيث استثمارات الدولة فيها وتوفير فرص عمل للشباب والمساهمة في حل مشكلة البطالة المنتشرة بينهم بنسبة تقدر بحوالي 24%.
أما من حيث الفساد وشراء المناصب الإدارية في الحكومة وإعطاء الفرص لتمادي المجرمين واللصوص والتهم الكيدية وتهريب العملة الى خارج العراق لاستثمارها في البنوك والمصارف الأجنبية بدون رقابة كلها تؤدي الى عدم استفادة العراق منها وهذا يؤثر على قيمة صرف الدينار العراقي.
أشار الأخ رياض في كتابه الدولة الغريقة الى أن الاعلام في العراق يتبع التيارات السياسية في العراق وهناك الصحف والمجلات والإذاعات وقنوات التلفاز التي تملكها الأحزاب السياسية وهي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على تفكير ووعي المواطن العراقي سلبا أو إيجابا.
ومن المواضيع التي تناولها الكتاب هي الجمعيات التعاونية بين موظفي القطاع العام بالدرجة الأولى وكذلك الأسواق المركزية التابعة للدولة والتي كانت تساهم في تقليل العبء على كاهل العوائل ذات الدخل المحدود والفقيرة والتي من الضروري إعادة العمل بهما. وهناك مسألة قانون التقاعد المعدل الذي يمس ثلاثة ملايين متقاعد وكذلك تأخير دفع وصرف المعاشات التقاعدية بعد نهاية كل شهر بثلاثة او اربعة أيام وحتى في بعض الأحيان أسبوعين.
وأخيرا وليس آخرا مسألة الحوار الوطني الصادق بين كافة أطراف العملية السياسية في العراق وفي مقدمتها الأحزاب السياسية التي يهمها بصدق مستقبل العراق وتقدمه على جميع الأصعدة. أن هذا الأمر يهم كل عراقي وطني غيور ولهذا فالشعب العراقي ينتظر من قادة هذه الأحزاب الجلوس الى طاولة الحوار والخروج بنتائج إيجابية.
أن كتاب الدولة الغريقة يستحق التقدير والثناء وسوف يأخذ مكانته في المكتبة العربية نظرا لأهميته الكبيرة.
#سناء_عبد_القادر_مصطفى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟