أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - من الكولوسيوم إلى ساحات الحرب الحديثة: هل عادت مصارعة الوحوش بثوب جديد














المزيد.....

من الكولوسيوم إلى ساحات الحرب الحديثة: هل عادت مصارعة الوحوش بثوب جديد


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 20:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عند زيارتك للمعلم الاثري السياحي الشهير في روما (الكولوسيوم) يخيل اليك انك عدت آلاف السنين إلى الوراء، حيث يقف هذا الصرح الأثري شامخًا، شاهدًا على واحدة من أكثر الفصول دموية في
التاريخ البشري. ففي أروقته وغرفه السفلية، التي تُعرف بـ"الهيبوغيوم" (Hypogeum) – وهي كلمة يونانية (υπόγειος) تعني "تحت الأرض" – كانت تُحتجز الحيوانات المفترسة
والمصارعون، قبل أن يُطلقوا إلى ساحة القتال وسط صيحات الجماهير.
كانت هذه الممارسات الوحشية جزءًا من ثقافة تسلية دموية اتبعتها العديد من الحضارات، إلا أن الحضارة الرومانية تفننت في تحويلها إلى طقس جماهيري منتظم، تجسده رياضة "فيناتيو"
(Venatio)، حيث يخوض الإنسان معارك مميتة ضد الأسود والنمور والدببة، وسط مدرجات الكولوسيوم الممتلئة بالمتفرجين. وكان المصارعون، أو "البيستياريوس" (Bestiarius)، في
الغالب عبيدًا أو أسرى، محكوم عليهم بالإعدام يُجبرون على القتال حتى الموت إرضاءً لنزوات الحكام وتسلية الجماهير.
لكن، ماذا عن عصرنا الحديث؟ هل طُويت صفحة مصارعة الإنسان للحيوان؟ أم أن هذه الثقافة الدموية عادت بشكل آخر؟
صحيح أن مشهد المصارعة العلنية مع الأسود والنمور قد اختفى من الساحات العامة، لكن التاريخ – كما يبدو – لا يموت، بل يعيد نفسه بأساليب مختلفة. ففي بعض مناطق العالم اليوم، نجد صدىً
معاصرًا لتلك المصارعة، حيث لا يُجبر الناس على قتال الوحوش، بل يُدفعون إلى ساحات صراع أكثر وحشية، يُقاتل فيها الإنسان أخاه الإنسان.
هذا القتال يجري في ثوبٍ جديد. ففي أحد أركان العالم المعاصر، عادت ثقافة "مصارعة الوحوش"، لا بأسلوب الرومان القديم، بل بوحشية حديثة: إجبار أفراد الميليشيات المسلحة على خوض معارك دموية، لا من أجل الشرف، بل لصالح أمراء الحرب وأصحاب القرار، الذين يملكون المال والسلاح والنفوذ.
في دول مزقتها الصراعات والحروب، يتحول الأفراد إلى أدوات قتل بأيدي أمراء الحرب، يُدربون على العنف لا من أجل البقاء أو الشرف، بل لخدمة أجندات سياسية واقتصادية.
المقاتل اليوم لم يعد أسيرًا في زنزانة تحت الكولوسيوم، بل ضحية لواقع مفروض من الفقر، والسلاح، والتطرف، يُقاتل لا من أجل البقاء، بل من أجل مصالح لا يفهمها.
الوحش في زمننا المعاصر لم يعد نمرًا أو أسدًا، بل إنسانًا هشًا كُسر تحت وطأة الحروب، درّبوه على القتل، ثم جعلوه وسيلة لكسب المزيد من النفوذ والسلطة والتحكم في البشر
ومع أن الساحة تغيرت، إلا أن الدماء ما زالت تسيل، والأصوات – وإن اختلفت – ما زالت تهتف، في عالم لا يزال يستهلك العنف، وإن غيّر قناعه.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم اليوم في حاجة الى برتراند راسل جديد
- الرابطة الرقمية الافتراضية حلت محل الروابط الاجتماعية
- الكتب الصوتية والكتب الورقية
- الحريات المدنية في عهد ترامب في خطر
- الدراما العربية والمجتمع الذكوري
- تكوين اللجان والضحك على الذقون
- تطوير المدن القديمة ما بين تحقيق الأرباح والمحافظة على الترا ...
- التحول من دولة امنة الى دولة ملغومة
- الكوارث الطبيعية والشماتة
- انتهى الدرس..
- مترو ثيسالونيكي...مزيج فريد من التاريخ والتكنولوجيا
- البيت هو ركننا في هذا العالم
- أثينا و بنغازي.. التشابه والتنافر
- شبابكم...عنصر الحياة
- حكاية عبد المتعال محجوب.. ادانة صريحة لكل الانظمة
- ماذا وراء انفجار شقة في حي اثيني مزدحم؟
- أمريكا وأسرائيل وجهان لعملة واحدة
- الحقيقة البشعة هي دائما حقيقة واحدة
- علاقة الفقر مع سوء الأخلاق
- افلاطون.. افكاره قادت إلى مستقبلنا اليوم


المزيد.....




- كثافة التواصل ووسائل هزيمة الشعور بالوحدة
- من هو الأجدر بجائزة نوبل للسلام أكثر من ترامب؟
- قتلى وجرحى بينهم أطفال إثر غارة قرب نقطة توزيع مياه وسط غزة، ...
- ترامب يقول إن الولايات المتحدة سترسل صواريخ باتريوت الدفاعية ...
- ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- مقتل العشرات في اشتباكات مسلّحة جنوب سوريا
- وفاة محمد بخاري رئيس نيجيريا السابق عن 82 عاما بعد مسيرة حكم ...
- سوريا: اشتباكات دامية بين الدروز والبدو في السويداء تسفر عن ...
- قتلى وجرحى خلال اشتباكات طائفية في السويداء، فماذا يحدث في ا ...
- ماكرون يقرر زيادة الإنفاق الدفاعي بـ4 مليارات دولار في 2026 ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد السلام الزغيبي - من الكولوسيوم إلى ساحات الحرب الحديثة: هل عادت مصارعة الوحوش بثوب جديد