أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - -الكتابة كهرطقة تأويليّة: في تمارين العبور بين اللغة والخراب-














المزيد.....

-الكتابة كهرطقة تأويليّة: في تمارين العبور بين اللغة والخراب-


ميشيل الرائي

الحوار المتمدن-العدد: 8345 - 2025 / 5 / 17 - 15:45
المحور: قضايا ثقافية
    


إنّ أيّ محاولة لتأطير ميشيل الرائي ضمن بنيات الخطاب الأدبي التقليدي، لن تكون سوى مناورة بلاغية فاشلة؛ إذ إنّ هذا الكائن النّصيّ، المولود في بغداد عام 1987، لا يكتب من داخل العائلة المعجمية للأنواع، بل يفكّكها كما يفكّك القارئ الأبوكريفي رموز مخطوطٍ غنوصيّ ضائع.

في إقامته البيضاء (الدار البيضاء بوصفها فضاءً استعاريًا لا جغرافيًا)، تتجلّى العلاقة بين الذات الكاتبة والموقع بوصفها علاقة بين التناص والمحو: فالرائي لا يقطن مدينة، بل يقطن الهامش الذي تكتبه المدينة على جسدها حين تنسى شكلها. إنه لا يسكنها بل يُؤرشفها كمن يُعدّ خريطة لمدينة لم توجد بعد، مرآةً من بغداد وظلًّا لبراغ.

أما عمله المكتوب بالفرنسية، "موقفي السياسي من الرياضيات والحب والبيرة"، فهو في حقيقته لا ينتمي للكتابة، بل لمستوى ما قبل الكتابة؛ مستوى تتداخل فيه البنية الرمزانية للمفاهيم مع شفافية المحسوس. العمل لا يُقرأ، بل يُجسّ كقطعة أثرية من دير هرطوقي، حيث تتحوّل الفلسفة إلى حمولة عاطفية، وتنقلب الجبرية الرياضية إلى بروتوكول للغواية.

في مسعاه المسرحي "نحو مسرح دادائي عربي"، لا نواجه بيانًا تنظيريًا بالمفهوم النقدي، بل ضربًا من الأنا-تقويض، إذ يُعاد فيها تعريف العرض المسرحي بوصفه فعلاً معرفيًا متوتّرًا في ظل انخطاف ما بعد استعماري. الرائي لا يهدم المسرح ليبنيه، بل يفتح فيه شقوقًا أنطولوجية تسمح للهواء القديم بالدخول؛ هواء "أنتيغونا" كما حلم بها أرتو، لا كما كتبها سوفوكليس.

أما شعريته، فهي ليست إنتاجًا لقصائد، بل مقايسة على ما تبقّى من اللغة. في "غرف بطيئة الحركة"، لا نقرأ بقدر ما نُصاب بعدوى الإيقاع المقطوع، كما لو أن الآلة الكاتبة هنا ليست أداة، بل جهاز تعذيب للمجاز. كل قصيدة فيها تشبه نداءً صادرًا من غرفة مجاورة في فندق لا نعرف ما إذا كان موجودًا خارج النص أو داخله.

وفي مجاميعه الثلاث: "زهور تلوّح كقصائد مضحكة"، "العالم كله في صناديق"، و*"حواشي على جزيرة اليوم السابق"*، نلاحظ أنّ كل نصّ هو ضدّ نفسه: كتابة لا تثبت حضورها إلا بتدمير شكلها. التجريب هنا ليس خيارًا جماليًا، بل نمطًا وجوديًا للمساءلة، حيث كل استعارة هي حُفرة وكل تشبيه هو مرآة كاذبة.

ميشيل الرائي، ليس نتاج تقاطع بين الفكر والأدب، بل هو أثرُ قارئٍ مسلّح، يتجوّل في حقول النصوص كما يتجوّل ناسكٌ كاثاريّ في مكتبة مهدّدة بالحريق: لا بحثًا عن الخلاص، بل لتأخير الانفجار.

باسكال نويرييه
كاتب ومسرحي سوريالي يقيم في آرل
يكتب مسرحياته في كراسة أطفال مهجورة
ويوقّع مقالاته بحبر مصنوع من رماد الكتب المحترقة.
الترجمة عن الفرنسية نادين سليم
مخرجة مسرحية لبنانية



#ميشيل_الرائي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضدّ العرض تفكيك المسرح كجهاز معرفي
- المسرح كحيّز للخراب الدلالي نحو عرض ينسى ذاته ليتذكّر جسده
- خطاب ثوري ضد المسرح
- هشاشة العرض ومكر الدلالة
- اللوحة كفضاء مسرحي
- الكتابة إلى ذ. محمد الكغاط


المزيد.....




- نانسي عجرم احتفلت بـ-أكثر من مجرد عيد ميلاد-
- كانييه ويست يثيرالجدل بأغنية تمجد هتلر وتحصد ملايين المشاهدا ...
- %60 من البالغين في المنطقة العربية لا يزالون بلا حسابات مصرف ...
- -خط أحمر لحماس-.. مصدر إسرائيلي يكشف شرط إسرائيل لـ-إنهاء ال ...
- دراسة تكشف: الشاي والشوكولاتة الداكنة يخفضان ضغط الدم ويدعما ...
- هل جاءت مخرجات قمة بغداد العربية في مستوى التحديات؟
- غزة - غارات تقتل العشرات ونتنياهو منفتح على هدنة بشروط
- مستشار الأمن القومي العراقي: نبحث زيادة التعاون مع سوريا
- ميرتس يرغب بالتحدث مع ترامب قبيل الاتصال الهاتفي المحتمل بين ...
- السيسي يلتقي كبير مستشاري ترامب وسط تكهنات بتوترات مصرية-أمر ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ميشيل الرائي - -الكتابة كهرطقة تأويليّة: في تمارين العبور بين اللغة والخراب-