أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هيفاء أحمد الجندي - البورجوازية العربية البيروقراطية الهرمة والركود التاريخي















المزيد.....

البورجوازية العربية البيروقراطية الهرمة والركود التاريخي


هيفاء أحمد الجندي

الحوار المتمدن-العدد: 8344 - 2025 / 5 / 16 - 14:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


البورجوازية العربية البيروقراطية الهرمة والركود التاريخي هيفاء أحمد الجندي


اعتبر ابن خلدون أن الدولة القائمة على العصبية هي دولة آسيوية ، قائمة بدورها على قاعدة مستقرة من علاقات إنتاج تتميز بغياب الملكية الخاصة ، وفكرة ابن خلدون هذه تتطابق مع تحليل ماركس لهذا النمط والذي اعتبر الدولة هي الحائز الأول على الفائض والمنظم لعملية الإنتاج في المجتمعات الاسيوية ، كما حلل أيضا كيفن أندرسون هذه البنية و كما ورد في كتابه "في الدولة الاستبدادية" ،معتبرا الطبقة الرئيسية للسيادة هي حق السلطان المطلق في استثمار كافة موارد الثروة داخل مملكته والحياة والثروة ارتبطا بالدولة وكانت المنزلة الاجتماعية ، لا تخرج عن نطاق المناصب وكان ثمة ارتباط بين غياب الملكية الخاصة وبروز ملكية الدولة ، ويدفع الريع لها بوصفها مالكة للأرض في المجتمعات الآسيوية والتي تتميز بدرجة عالية من التطور لجهة بناءها الفوقي، حيث يلعب الدين والايديولوجية دورا هاما في مجال إدارة العملية الانتاجية والتوزيعية وتقوم بتحصيل الخراج ، الذي يأحذ شكل الضرائب وفي العصر العباسي قام الخلفاء باعادة توزيع الأرض على ذويهم ومحاسيبهم وبيروقراطيتهم ، واكتمل في هذا العهد مفهوم الدولة الجابية المالكة ، اذ كان يرأس الولايات أميرا للجيش تنحصر مهمته في جباية الضرائب ، و كانت الدولة مالكة للأراضي الخراجية والتي كانت تسمى بالضياع السلطانية وهي أملاك لكبار البيروقراطيين وكانت هذه البيروقراطية ، تقوم بامتصاص دم شعب مكبل بجميع حبال الاستبداد وكان الالتزام هو النمط السائد في جباية الدولة لخراج أراضيها ، ولم يكن الملزم اقطاعيا بل بيروقراطيا ملتزم بجباية ضريبة الخراج وشراء الأراضي من بيت المال من قبل التجار وقادة الجيش، و شكل كبار الموظفين ورجال الدين العمود الفقري لما سمي فيما بعد بالبورجوازية العقارية ، والمصادرة والضرائب كانتا وسيلة البيروقراطية الشرقية لتركيد قوى الانتاج ، ومنع تعاقب الطبقات على السلطة وألغت المصادرة الملكية الخاصة وتطوير القوى المنتجة وقطعت الطريق على البورجوازية الوسطى والحضرية والتي كان بالامكان ان تكون رائدة البورجوازية الحديثة كما حصل في أوربا ..
وإذا كانت الطبقة تتحدد بدخلها، فدخل الطبقة السائدة العربية لم يكن الريع الاقطاعي بل الضرائب البيروقراطية ، التي أطاحت بفائض انتاج الفلاجين ورؤوس أموال صغار تجار المدن وكبارهم، ونمط الانتاج الذي عرفه العالم العربي هو الرأسمالية البيروقراطية الراكدة ،وهذا الركود كان سببا لعدم ولادة بورجوازية حديثة ، تطلق العنان للصراع الطبقي بين طبقتين أساسيتين، و تثورالقوى المنتجة وتنتقل الى مرحلة جديدة على غرار ما حصل في الغرب عندما تحول الرأسمال التجاري الى صناعي ضمن نمط انتاج ديناميكي، وكان الصراع الطبقي محركا للتاريخ في نمط انتاج مؤهل ذاتيا للانتقال من بنية الى بنية ، ولذلك يمكن القول بان بيروقراطية البلدان العربية المتخلفة والرثة ،لا تمت بصلة الى البيروقراطية التي اقترنت باسم مفكر الرأسمالية والبورجوازية ماكس فيبر، والذي جعل من هذا المفهوم محور اجتماعيات السياسة وعلامة دالة على اكتمال الدولة العصرية ، وكانت هذه البيروقراطية الوسيلة الوحيدة لتحويل العمل الجماعي الى عمل اجتماعي منظم ، والموظفين في دولة حديثة وديمقراطية يتحولون الى جيش مدني ، وفق ما رأه ماكس فيبر الذي ربط ربطا محكما بين الدولة الحديثة والبيروقراطية العقلانية والجيش ، وليس مستغربا انحيازه الى الدولة البسماركية والبونابرتية وهذه الأخيرة عممت سياسة كولبير والتي تمثل الشكل الأعلى من الميركنتيلة ، وكانت هذه المرحلة تتطلب وجود جيش وتعليم عال واقتصاد رأسمالي موحد للسوق وتوجيهي..
لا ضير من القول من أن الدولة في البنية الاجتماعية الرأسمالية الغربية ، كانت عامل توحيد على عكس الدولة التابعة والتي ثبتت اركانها القوى الاستعمارية في البنى العربية والتي كانت عاملا لتفكيك المجتمع ، والتي حافظت على الأشكال الانتاجية الما قبل رأسمالية وعلى البنى المجتمعية الماقبل دولتية كالبنى الاهلية والعصبوية والبدوية والعشائرية القبلية، وهذا يفسر من منظور المادية التاريخية التداخل بين الفوارق الاجتماعية الطبقية والطائفية ، وعندما يكون التقسيم الاجتماعي للعمل متخلفا وغير متطور ، فإن التمايز الاجتماعي يأخذ شكل تمايز في المراتب والمهن ، وحتى ماركس استخدم مفهوم الطبقة بالمعنى الواسع الذي يشمل الطرق والطوائف في المجتمعات ما قبل الرأسمالية ، وحتى مفهوم الأعيان لا يخرج عن كونه تعبيرا عن أحد جماعات المكانة بالمعنى الفيبري..
في الوطن العربي لا توجد حداثة ولا عقلانية ولا بيروقراطية بالمعنى الفيبري في ظل وجود الأشكال الانتاجية والاجتماعية المفوتة تاريخيا، ولذلك ينظر الى التوظيف كهبة لا كخدمة والعلاقات بين الموظفين هي علاقات إحسان وولاء، وبهذا الحالة تتحول البيروقراطية الى وسيلة خاضعة للتقاليد المتعارف عليها ، والى مجموعة أمناء على مصالح الخزينة العمومية وتستخدم لصالح القمع ، وهذه البيروقراطية متآتية من إرث الدولة السلطانية الاستبدادية المملوكية ، حيث كان الجيش هو يد السلطان يحارب به في الداخل أكثر مما يواجه في الخارج والضريبة هي غرامة تقدر بما يحتاج اليه الأمير لا لما تحتاجه الرعية، فتؤخذ غصبا من التاجر والصانع والموظف، والادارة هي في الغالب هم أفراد يؤتمنون على مال السلطان، والتوظيفات ليست تعويضات على خدمات انما هي رمزللانقياد والطاعة ، وبهذا المعنى كانت الدولة تعني الغلبة والقهروالاستغلال والتصرف الحر في بيت المال ، والخزينة والبيروقراطية والجيش هم ملك للسلطان، ولو كانت الدولة كلها عدلا وعمرانا لكانت دولة عقلية وفق تعبير ابن خلدون وهي ليست دولة الاسلام ايضا ، بل هي دولة الطبقة المسيطرة البيروقراطية الراكدة وما يظهر بانه قائم بالشرع ، هو قائم بالنظام الاجتماعي التاريخي كنظام استبداد سلطاني، وسبق أيضا لابن خلدون أن خصص القسم الأعظم من مقدمته لبحث ظاهرة العجز الكامن في بنية المجتمعات العربية ، عن بناء دولة مستقرة مستمرة وطرح على نفسه سؤالا اساسيا، لماذا في المجتمعات العربية الاسيوية الكولونيالية ينغلق الزمن على الزمن ضمن حركة دائرية ،ما ان تنهض دولة ملتحمة بعصبية ، حتى تتصدع وتتعفن وتحل محلها عصبية أخرى ، وكأنها محكومة بلعبة دائرية لا فكاك منها ، أي استبدال عصبية بعصبية لها الطابع نفسه وما كان بمقدور ابن خلدون أن يفسر هذا السكون والركود ، لأنه يفتقد للأداة النظرية الضرورية لتفسيره لأن التاريخ السياسي للشرق مقفلا ولا يحتوي على تطورديناميكي تصاعدي، بسبب ثبات نمط انتاجه ولذلك يتم حتى اليوم استبدال طبقة بطبقة مهيمنة ، تختلف شكل ايديولوجيتها ضمن ثبات التناقض الاساسي ، وهذا ما أطلق عليه مهدي عامل بالاستبدال الطبقي والانتقال من بنية الى بنية يكون رهنا بالنفي التناقضي وليس التماثل الهيغلي ،الذي يحافظ على الركود ويساهم بتأبيده والتعايش معه على عكس النفي التناقضي الذي يهدم القديم ويبني الجديد ....



#هيفاء_أحمد_الجندي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهدي عامل وأسباب فشل الإصلاح الشهابي
- هيمنة امبريالية جماعية جديدة لإدارة أزمة الرأسمالية الاحتكار ...
- مهدي عامل -مفهوم الدولة - الجزء الثالث
- مهدي عامل ومفهوم الدولة ....الجزء الثاني
- مهدي عامل و -مفهوم الدولة-
- التعيين الواقعي للطبقات والشرائح الاجتماعية المتضررة من الرأ ...
- كيف نفهم الامبريالية اليوم
- صندوق النقد الدولي ... مفقر للشعوب ومحفزعلى الثورات..
- بحث في بنية التركيب الاقتصادي-الاجتماعي للمجتمعات الكولونيال ...
- التغيير الجذري من منظور أزمنة البنية الاجتماعية الكولونيالية ...
- الامبريالية والتطور اللامتكافىء
- الميركنتيلية الجديدة
- رأسمالية الدولة الاحتكارية تحتضر والبديل لم يولد بعد!!
- إعادة إنتاج للرأسمالية المالية أم انتقال إلى الاشتراكية؟!
- الإنتفاضات الشعبية العربية من منظور قانون تفاوت التطور اللين ...
- الأسس الفكرية للانتهازية الثورية والإصلاحية الوسطية
- هل ستتحقق نبوءة زعيم الثورة البلشفية وتندلع ثورة اشتراكية عا ...
- مفهوم الإمبريالية بين الأمس واليوم
- دفاعاً عن النضال الإشتراكي والصراع الطبقي
- سمير أمين.. المنتج للتمرد


المزيد.....




- ليبيا.. نواب المنطقة الغربية في مجلس النواب يعلنون دعمهم لمط ...
- الحزب الشيوعي العراقي: شاعر الشعب موفق محمد.. وداعا
- حلّ حزب العمال الكردستاني .. ما دلالات الخطوة داخل تركيا؟
- الإمارات ترحب بقرار حزب العمال الكردستاني حل الحزب وإلقاء ال ...
- في الذكرى 77 “للنكبة”: البندقية الفلسطينية ما تزال تتحدى وتق ...
- حول زيارة دونالد ترامب لدول الخليج
- وفاة الشاعر العراقي الكبير الأستاذ موفق محمد أبو خمره
- الدولة الاجتماعية “تلك الشجرة التي يحاولون عبرها إخفاء غابة ...
- غزو واحتلال أمريكي صهيوني تركي لسوريا بتمويل ومباركة من الأن ...
- تركيا تؤكد مواصلة عملياتها العسكرية ضد قوات حزب العمال الكرد ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان
- قراءة ماركسية عن (أصول اليمين المتطرف في بلجيكا) مجلة نضال ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسائل بوب أفاكيان على وسائل التواصل الإجتماعي 2024 / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - هيفاء أحمد الجندي - البورجوازية العربية البيروقراطية الهرمة والركود التاريخي