أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - الجغرافي و صناعة القرار السياسي















المزيد.....

الجغرافي و صناعة القرار السياسي


مضر خليل عمر

الحوار المتمدن-العدد: 8342 - 2025 / 5 / 14 - 14:05
المحور: قضايا ثقافية
    


ترد تساؤلات مشروعة في ذهن الجغرافيين الطموحين : ما هو دور الجغرافي كباحث علمي في عملية صناعة القرارات و اتخاذها كسياسة رسمية للدولة ؟ وفي اية مرحلة من مراحل صناعة القرارات يكون للجغرافي نصيب في المشاركة ؟ وهل في بلدان العالم الثالث فرصا متاحة لمشاركة الباحثين (جغرافيين و غيرهم) في عملية صناعة القرارات ورسم السياسات الوطنية (المحلية والعالمية) ؟ ما الفرق بين صناعة القرار و اتخاذ القرار ؟ و هل الجغرافي كباحث علمي مخول لان يتخذ قرارات سياسية بصفته هذه ؟
من اجل التبسيط و الوضوح افترض ان موضوع القرارات وما يتعلق بها امرا لم يرد ذكره ضمن مناهج دراسة الجغرافيا جامعيا ، لذا فانه بعيد نسبيا عن ذهن الباحث الجغرافي الذي ينحى المنهج التطبيقي ويعتمده Applied Approach . القرار هو عملية عقلية يقوم بها المرء لاختيار طريقة القيام بفعل معين أو قول معين من بين عدّة خيارات ممكنة مع الأخذ بالحسبان في أغلب الأحيان الأهداف المنشودة أو الطرق السليمة أو الاراء المناسبة لشخصية متخذ القرار التي تحدد ماذا يهدف من اتخاذ القرار . فالقرار هو خلاصة ، هو نتيجة تفاعل مجموعة من الاعتبارات و المعطيات الذاتية والموضوعية ، فهو ليس امرا هينا ، خاصة عندما يتعلق الامر بالبلد و مواطنيه . بعبارة ادق ، فان اتخاذ القرارهو الخلاصة التي يتوصل إليها صانع القرار بعد جمع المعلومات ، وتحليلها ، وإيجاد البدائل والحلول . حيث أن عملية اتخاذ القرار تتجسد في اختيار الحل الأمثل بين مجموعة من القرارات المحتملة (البدائل) والعمل على التنفيذ، انها نتاج عملية صنع القرار . تتطلب عملية اتخاذ القرارات تصورًا شاملاً ، واستيعابًا دقيقًا ، ووعيًا عميقًا ، وحكمة بالغة ، مع نظرة موضوعية منطقية ، وخبرة عملية ناضجة ، يمكن من خلالها تقييم البدائل واختيار الأفضل منها ، استنادًا إلى معايير معينة يسترشد بها في عملية اتخاذ القرار .
اما صنع القرار ، فهو عملية تمر بمراحل معينة ، قائمة على معلومات متواجدة فعلية ، وتنبؤ باشياء مستقبلية ، وجمعها وترتيبها وتنظيمها ، وهذا قد يتم من قبل شخص واحد او من قبل مجموعه اشخاص . ولكن اتخاذ القرار قد يكون من قبل شخص واحد ، قد يكون المشرف المباشر او المدير المباشر او الرئيس العام ويكون على ضوء ماقدمه الفريق المكلف بصنع القرار . فعملية صنع القرار تمر بمراحل ، هي : تحديد وتعريف المشكلة أو الموقف ، جمع البيانات والمعلومات ، تحليل هذه البيانات والمعلومات ، طرح الحلول والبدائل المتاحة لعلاج وحل المشكلة أو الموقف ، تقييم كل بديل ومعرفة عواقبه .
هنا يكون للجغرافي مكانا في عملية جمع المعلومات والبيانات و تنظيمها و عرضها بصريا (خرائط ورسوم بيانية و جداول ) و تحليلها احصائيا و استشفاف المستقبل القريب للظاهرة او المشكلة قيد الدرس . والجغرافي الحصيف لا يكتفي بالوصف وحده ، اذ عليه تفسير الاسباب الكامنة واستعراض العوامل المؤثرة ، وتاشير احتمالات التغيرات المتوقعة مستقبلا ، و طرح المقترحات المناسبة للعلاج (ألاني) و لتجنب التكرار والتوطن (مستقبلا) . وهنا يجب و يجب بالضرورة ان لا تكون المقترحات المقدمة عامة (ضبابية) ، بل اجرائية واقعية واضحة . أما في المؤسسات وفرق العمل ، فتقوم خطوات صنع القرار أحيانا على جهود جماعية مشتركة ولا يقوم بها شخص واحد ؛ حيث يكون هناك فريق مسؤول عن جمع البيانات ، وفريق آخر مسؤول عن تحليلها ، وثالث يتولى مهمة طرح الحلول والبدائل وهكذا .
وقد تكون مشاركة الجغرافي في كتابة الابحاث التي تصب في عملية صنع القرار كمبادرة شخصية ، او من خلال انتمائه الى مركز (او وحدة) بحثي . لا فرق ولكن المراكز البحثية تشكل الان مرافقا حيوية في الجامعات و مؤسسات الدولة المختلفة . والمراكز البحثية المهمة هي التي تنبه صناع القرار في الدول لكيفية صناعة القرار بعيدا عن الارتجال الذي يفضي للوقوع في الاخطاء . ان المعلومات التي توفرها هذه المعاهد والمراكز البحثية تمر عبر فلاتر حساسة مكلفة بصناعة القرار السياسي والاستراتيجي ، والتي يطلق عليها اجمالا في الولايات المتحدة المؤسسات وهي : مؤسسة الرئاسة ، والدفاع والخارجية والكونغرس، والشؤون الداخلية ممثلة بوزارات الداخلية والاقتصاد والصحة ، ويأتي الخط الثاني الداعم لهذه المؤسسات الرئيسة وهم : جهاز المخابرات ، ومجلس الامن القومي ، والسلك الدبلوماسي ، والقواعد العسكرية المنتشرة بجميع انحاء العالم ، ثم الاعلام . وبذلك يتم عرض دراسات المراكز البحثية كمورد من موارد مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة الامريكية ، فالكثير من البحوث التي تعتمدها مراكز البحوث تصبح استشارية عندما تتعارض مع الموارد الاخرى . اما تلك التي تتطابق مع الموارد الاخرى فأنها تحال للتطبيق .
تقوم مراكز الدراسات بسد الفجوة بين النطاق الأكاديمي من جهة ، وبين مؤسسات الحكومة من جهة أخرى . ففي الجامعات يتم القيام بالأبحاث بخلفية نظرية ومنهجية بعيدًا عن المشكلات السياسية اليومية . أما في داخل الأجهزة الحكومية ، يغرق الموظفون في المتطلبات اليومية لصناعة السياسات ، بما يصعّب عليهم العودة خطوة إلى الوراء للأخذ بالحسبان المشهد الواسع للسياسة . فتقوم المراكز بدور سد الفجوة بين الفكر والتطبيق .أنّ الأفكار المطروحة من قبل مراكز الدراسات تقوم بدور بناء مفاهيم جديدة للمصالح القومية ، التأثير في ترتيب الأولويات ، توفير خرائط الطريق اللازمة لتنفيذ السياسات ، وبناء تصميم جديد للمؤسسات المتهاوية .
أن عملية صنع القرار السياسي تسبق عملية اتخاذ القرار، إذ إن عملية صنع القرار يتم الاعداد إليها من قبل مؤسسات عدة ، منها رسمية وأخرى غير رسمية ، وإن احد هذه المؤسسات غير الرسمية هي (المراكز البحثية) ، والتي تؤدي دورا فعالا في تحقيق الامن القومي من خلال المشورة اللازمة لمتخذ القرار ، كما إنها تؤدي دورا مؤثرا في نقل البلدان التي ترعاها بشكل منهجي من مرحلة تطور إلى أخرى ، وبقفزات نوعية كبرى على مختلف الصعد ، وذلك لما تمتاز به هذه المراكز من فاعلية واثر في تقدم الشعوب ورقيها ، وعليه يخطئ من يظن ان تكون نهضة الدول وتقدمها في كافة نواحيها السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية دون رعاية ودعم صاحب القرار لهذه المراكز.
والاجابة عن التساؤلات التي استهل بها هذا المقال : عن دور الجغرافي كباحث علمي في عملية صناعة القرارات و اتخاذها كسياسة رسمية للدولة . للجغرافي دور كبير لانه الاعرف بالمكان و فرشته الجغرافية ، وهو مؤهل للمشاركة في فرق العمل البحثية المتعددة التخصصات . فهو مؤهل (او يفترض ان يكون هكذا) للعمل ودراسة مشاريع التنمية المكانية و التخطيط الحضري والاقليمي ، و دراسة المشكلات البيئية ذات البعد المكاني ، والمشكلات الاجتماعية (فقر ، جريمة ، اسكان ، .... الخ) .
والسؤال عن المرحلة التي للجغرافي نصيب فيها للمشاركة في عملية صناعة القرارات ، له فرصة في معظم ان لم يكن جميع المراحل ، بما فيها مرحلة اختيار البديل الانسب . وهل في بلدان العالم الثالث فرصا متاحة لمشاركة الباحثين (جغرافيين و غيرهم) في عملية صناعة القرارات ورسم السياسات الوطنية (المحلية والعالمية) ؟ الجواب مشكوك فيه ، فالظروف المحيطة بالباحث و بمتخذي القرارات متباينة بدرجة كبيرة ، تختلف زمنيا ومكانيا . وقد تم توضيح الفرق بين صناعة القرار و اتخاذ القرار سابقا فلا حاجة للتكرار . و هل الجغرافي كباحث علمي مخول لان يتخذ قرارات سياسية بصفته هذه ؟ اكيد لا ، ما لم يكن في موقع المسئولية المباشرة .
رب سائل يسأل عن سبل زج الجغرافيين في صناعة القرارات في بلدنا . الموضوع ليس سهلا ، فالامر يتعلق بالجغرافي نفسه ومدى تاهيله علميا و فكريا وشخصيا للمساهمة الفاعلة في فرق عمل علمية متعددة التخصصات . وايضا بمدى تقبل الجهات المعنية وثقتها بما يقدمه الجغرافي من طروحات ومقترحات . لتجاوز هذه العقبات ولتحقيق تقدم علمي ، اقترح الاتي :-
- قيام الجمعية الجغرافية بتشكيل مجاميع (كروبات) بحثية متخصصة بجانب جغرافي معين ، يكون واجب اعضائها القيام بدراسات تشترك بها التخصصات العلمية ذات العلاقة . وتحدد هذه المجاميع وتعلن عن : اهدافا استراتيجية لعملها ، ومنهجا بحثيا منظما تتابعه دوريا ، وعقد مؤتمراتها التقويمية بشكل دوري.
- استحداث وحدات بحثية تخصصية و - او متعددة التخصصات ، كوحدة الابحاث المكانية ، وحدة دراسات التنمية ، وحدة دراسات الاحتباس الحراري ، وحدة ابحاث البيئة ، وحدة ابحاث الموارد المائية ، وحدة ابحاث الجريمة ، و العديد غيرها .
- والافضل ان يخطط لتحويل الوحدات البحثية المشار اليها انفا الى مراكز بحثية بعد ان تثبت وجودها العلمي ودورها في خدمة المجتمع ومؤسساته .
- لا يحدث التقدم والتطور فجأة ، وليس بعصا سحرية ، انه يتطلب مثابرة مثيثة وصبرا و عزيمة لا تلين ، يعززها ويكملها قرار سياسي ، والله ولي التوفيق .



#مضر_خليل_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخريطة الذهنية لمصادر القوة والضعف في علم الجغرافيا
- صراع الهوية : -نحن- و -هم-
- نحباني للو الالفية الثالثة
- للثقافة جغرافيتها المميزة
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة
- ارهاصات متقاعد
- الفاصلة الثقافية بيننا و العالم المتمدن
- ثقافة الايفون
- بناء ثقافة البحث العلمي : الممارسات الموصى بها
- تحت الرماد نار حرب مقدسة
- التغييرات الاجتماعية والثقافية : العراق انموذحا
- تقييم نقدي لواقع التعليم الجامعي في العراق
- الجامعة والإبداع الفكري: أمراض تصيب الجامعة فتعيقها عن الإبد ...


المزيد.....




- رئيس الوزراء القطري: إسرائيل غير مهتمة بالتفاوض على وقف إطلا ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران تستهدف برنامجها الصاروخي
- منظمات دولية تحذر من مجاعة في غزة بسبب الحصار المستمر
- مصر تشكل غرفة عمليات لمتابعة التطورات في ليبيا.. وتوجه نداء ...
- أغلبهم تجنس وفق بند -الأعمال الجليلة-.. الكويت تسحب الجنسية ...
- مصر تنقل 250 قطعة أثرية من كنوز متاحفها إلى هونج كونج
- سيناتور أمريكي: يبدو أن ترامب اعتبر العملية ضد الحوثيين مكلف ...
- ترامب لأمير قطر: سيكون هناك عرض جوي غدا بمشاركة أحدث الطائرا ...
- بوتين يجري اتصالا هاتفيا مع رئيس البرازيل خلال توقف تقني لطا ...
- إسرائيل تحتل 35% من مساحة غزة بتوسيع المنطقة العازلة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مضر خليل عمر - الجغرافي و صناعة القرار السياسي