أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهير الخويلدي - تطور مشكل الحرية عند هنري برجسن















المزيد.....



تطور مشكل الحرية عند هنري برجسن


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 14:02
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


مقدمة
هذه الورقة هي لمحة عن محاضرات قدمها برجسن في المعهد الفرنسي ، 1904-1905: يُعدّ هذا الإصدار الأول من سلسلة من ثلاث ترجمات إنجليزية لمحاضرات ألقاها هنري برجسن (1859-1941) بين عامي 1901 و1905 في المعهد الفرنسي. وكما ذكر محررا السلسلة، نيلز ف. شوت وألكسندر ليفبفر، فإن القائمة الكاملة للدورات التي قدّمها برجسن خلال فترة عمله التي استمرت أربعة عشر عامًا في أعرق مؤسسة أكاديمية في فرنسا لا تزال مجهولة . ومن المثير للاهتمام، أنه من بين الدورات الأحد عشر المعروفة، لم يُحفظ سوى أربع دورات مكتوبة بمحض الصدفة: فقد وظّف تشارلز بيغي، وهو من روّاد محاضرات برجسن المتفانين، كاتبَي اختزال لتدوين ملاحظات حرفية عندما منعه تضارب في المواعيد من حضور المحاضرات لأربع سنوات لاحقة. هذه النسخ الأربع، وهي السجلات الوحيدة لأسلوب برجسن في التدريس والمواد الدراسية، ظهرت في النهاية مطبوعة بواسطة المنشورات الجامعية بفرنسا بين عامي 2016 و2019. مع نشر الكتاب الأول عن تطور مشكلة الحرية (1904-1905) في عام 2024، من المقرر ظهور الدورتين الأخريين من الدورات الأربع بالترجمة الإنجليزية بحلول عام 2027: تاريخ فكرة الزمن (1902-1903) وتاريخ نظريات الذاكرة (1903-1904). ونظرًا لأن الإصدار الحالي يقدم السلسلة للقراء المحتملين، أود التعليق بإيجاز على تفاصيل المشروع قبل أن أقدم لمحة عامة عن محاضرة برجسن حول مشكلة الحرية. تجدر الإشارة إلى أنه لأسباب غريبة، لا تتبع الترجمات الإنجليزية الترتيب الزمني للدورات. ومع ذلك، يوضح المحررون سبب عدم تضمين الدورة الرابعة المحفوظة حول فكرة الزمن (1901-1902) في السلسلة: تم نسخ الجلسات الأخيرة فقط، وتستند النسخة الفرنسية إلى إعادة بناء الدورة بفضل ملاحظات الطلاب الباقية. تصل الترجمات في الوقت المناسب حيث بلغ الحماس المتجدد لفكر برجسن ذروته في السنوات القليلة الماضية. في العالم الناطق باللغة الإنجليزية، تزدهر دراسات برجسن مع ظهور منشورات جديدة حول جوانب مختلفة من فكره وحياته سنويًا تقريبًا. تعد المحاضرات في الكلية، التي حررها وترجمها علماء برجسن البارزون، بجذب جمهور واسع من القراء. بالنسبة للفلاسفة والمؤرخين الفكريين، وخاصة أولئك الذين يعملون في التراث القاري، تُظهر المحاضرات ثراء رؤية برجسن الفلسفية. لعلّ برجسن أهم فيلسوف في فرنسا في أوائل القرن العشرين، أحدث ثورةً في الميتافيزيقيا، وطوّر تأملاتٍ دقيقةً في العديد من المواضيع ذات الصلة بالفلسفة المعاصرة، مثل طبيعة الزمن، والعلاقة بين الذاكرة والإدراك، وأنواع السببية، وبالطبع، إمكانية الحرية. لحسن الحظ، لا نملك النصوص المحفوظة فحسب، بل إنها مُخصصةٌ أيضًا للموضوعات الرئيسية الثلاثة لفكر برجسن حتى العقد الثاني من القرن العشرين: الزمن، والذاكرة، والحرية. في مواده الدراسية، يُلخص برجسن أو يتوقع الأفكار التي طُوّرت في أعماله الرئيسية الثلاثة، الزمن والإرادة الحرة (1889)، والمادة والذاكرة (1896)، والتطور الإبداعي (1907). تُقرأ المحاضرات بشكلٍ مُكمّل للأعمال المنشورة، حيث تتبع التطور التاريخي لكل موضوع، مُلقيةً نظرةً على اللحظات الحاسمة في الفلسفة الغربية عندما يُحوّل مُفكّر أو مدرسة فكرية المشكلة في اتجاهٍ جديد. هذا التفاعل مع التراث في المحاضرات يُصحّح الانطباع الذي تُثيره كتابات برجسن أحيانًا، وهو أنه "ينبثق من الأرض كما لو لم يسبقه أحد" . والأهم من ذلك، أن المحاضرات تُتيح مدخلًا مُيسّرًا إلى عالم برجسن للجمهور العام المُهتم بالفلسفة وتاريخ الأفكار. صُممت دورات الكلية لتُناسب المُتخصصين وغير المُتخصصين على حدٍ سواء، وكانت مفتوحة للجميع دون أي متطلبات أكاديمية أو تسجيل أو رسوم. وفي هذا الصدد، لا تزال محاضرات برجسن تُؤدي دورها في نشر الأفكار المُعقدة، مع نقل متعة "الفكر في طور التكوين" للجمهور العام.
محاضرات الحرية
الضرورة وأصل فكرة الحرية في العصور القديمة
تتألف دورة برجسن حول مشكلة الحرية من عشرين محاضرة، امتدت على مدى خمسة أشهر (من 6 ديسمبر 1904 إلى 20 مايو 1905). في المحاضرة الأولى، بدلًا من تعريف الحرية تعريفًا مباشرًا، وبالتالي "تفضيل نظرية معينة والحكم مسبقًا على حلها"، يرسم برجسن ملامح الحرية "كمشكلة" في تاريخ الفلسفة. وربما استبق برجسن المستمعين غير الصبورين، فخفّض من شأن هذا العرض التمهيدي، واصفًا إياه بأنه يستدعي "عموميات غامضة"، ولكنه في الحقيقة يُحدد مسار الدورة بأكملها. تبدأ سطوره، " بغض النظر عن النظرية (الناس) التي يتقدمون بها حول موضوع الحرية، هناك نقطة واحدة يتفق عليها الجميع: الحرية هي سمة معينة متأصلة، أو تبدو متأصلة في فعلنا كما تظهر لنا على الفور، كما تُمنح لوعينا المباشر"، تكثف عدة افتراضات، والتي يفككها برجسن في الادعاءات المترابطة التالية. أولاً، هناك قدرتان أساسيتان تختلفان في الطبيعة والوظيفة: "الوعي المباشر" و"الفكر التأملي"، التي تسود على "الفعل" و"التأمل" على التوالي. ثانيًا، تنشأ الحرية كمشكلة في مواجهة هاتين القدرتين المتعارضتين: "إنها المشكلة التي يطرحها فعلنا لتأملنا". لماذا هذا الأمر كذلك؟ على وجه التحديد لأنهما يعملان بشكل مختلف. يواصل برجسن أن أي فعل ارادي "مكتفٍ بذاته": فهو موجود في فحوى قصدية واحدة. من ناحية أخرى، يعمل العقل من خلال أزواج من المصطلحات. فبينما تُعبَّر عن الإرادة في اتجاه واحد يُترجم إلى فعل، يتأرجح العقل بين مصطلحين، ويُنشئ، من خلال إقامة علاقة سببية، توليفة للتأمل. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح سبب ظهور مشكلة الحرية في هذه المرحلة، ويُعمِّق برجسن تفسيره، مُنظِّمًا مفهومي الزمان والديمومة. ادعاؤه الثالث هو أنه بينما يتكشف الفعل بالضرورة في الزمن، فإن الزمن "يفلت تمامًا من قبضة الفكر التأملي". مُلخِّصًا جوهر المواضيع التي تظهر في "الزمان والإرادة الحرة" و"المادة والذاكرة" ومسودات "التطور الخلاق"، يُقدِّم برجسن ادعائه الرابع: ينطلق الوعي المباشر عبر الحدس ويُصبح موقعًا لانكشاف الحياة الداخلية، بينما ينطلق العقل عبر الذهن، وله دور وعلاقة مختلفة تمامًا مع الزمن. يتجنب العقل الديمومة أو مرور الزمن. إنه يُسجِّل نتائج هذا المرور مُرتَّبة في مواقع ثابتة في المكان. حتى لو أدخلنا الحركة لمحاكاة الديمومة، فهي تتكون من عناصر مكانية، وبقدر ما نقوم بتضييق الفواصل بين النقاط، فلن نتمكن من التقاط تدفق الزمن. وفقًا لبرجسن، فإن العلم والميتافيزيقا الفكرية، بالاعتماد تحديدًا على مفهوم مكاني للزمن، لا يدركان إلا "ما هو مُصْنَع" ويتجنبان ما هو "قيد التكوين"، أي الفعل. تاريخيًا، يُطوِّر كل منهما مناهجهما باستمرار، مُطوِّرين نظريات أكثر تعقيدًا لتحديد العلاقات السببية وكشف القوانين الطبيعية، ملتزمين بحتمية أكثر صرامة. ومع ذلك - وهذه هي جوهر هذا العرض التمهيدي - كلما ازدادت نظرتنا الحتمية تشددًا، ازداد التنافر بين قدراتنا الفكرية والحدس. إن الشعور الداخلي بالحرية الفاعلة الذي نشعر به عند الفعل، والذي يشهد عليه الحدس، يستمر رغم تقدمنا الفكري. ومع أن الإرادة، بتوجهها العملي، تُسخِّر العقل وقدرته على إقامة الروابط اللازمة للتنقل عبر عالم فوضوي، إلا أن العقل يظل غافلًا عن حرية الإرادة. من منظور التطور، يسبق الفعل التخمين، وقد تطورت قدراتنا الفكرية لتسهيل الفعل. ازداد استقلال هذه القدرات، وأسّست مجالاتها العلمية والتأملية الخاصة. فعندما يُطرح سؤال الحرية من داخل هذه المجالات، نعتمد بالضرورة الإطار الحتمي الذي يجعل الحرية مجرد وهم. في المقابل، انطلاقًا من المجال العملي للفعل ومنظور الإرادة، تُصبح كلٌّ من الحرية والحتمية قابلة للتفسير بفعالية. بالانتقال إلى التاريخ، يُشير برجسن إلى وجود أسباب وجيهة لهيمنة الآراء الحتمية، ولكون أنصار الحرية "دائمًا في موقف دفاعي". فبما أن جميع عادات التفكير والمنطق، وحتى اللغة، تتوافق مع التفكير الضروري، فإن أنصار الحرية "مُجبرون على اللجوء إلى شعور داخلي"، لا يمكنهم التعبير عنه إلا من خلال مفاهيم جاهزة، وفي معارضة للحتمية. في هذا الصدد، وعلى الرغم من عنوان المقرر "تطور مشكلة الحرية"، فإن النظريات الحتمية هي التي تطورت، بالمعنى الدقيق للكلمة. وقد وُجد تخمين مبكر للضرورة باعتبارها "حركة إيقاعية" تُعيد الأحداث نفسها دوريًا لدى الفلاسفة الأيونيين. مع الرواقيين، تشتد شبكة الروابط السببية، ويتحول ما كان يُفهم على أنه "انتظام غامض للطبيعة" إلى عقيدة كونية "للترابط العالمي لجميع الأشياء". لاحقًا، بينما رفض أفلوطين العقيدة الرواقية، فقد صقلها أكثر. يروي برجسن أن التفكير الحتمي تطور عبر العصور الوسطى وعصر النهضة حتى وجد تعبيره الأكثر صرامة في الحداثة. بينما كانت الضرورة في العصور القديمة تُفهم من حيث النوعية، أي التأثير الذي يُظهر تغييرًا نوعيًا ناتجًا عن السبب، مع ظهور العلم الحديث ورياضيات الطبيعة، أصبحت العلاقات السببية قابلة للقياس الكمي، أي العلاقات بين الأحجام المعبر عنها بالوظائف. ستدخل الميكنة العلمية للضرورة الفلسفة أولاً مع النظام الديكارتي وتبلغ ذروتها في الحتمية المطلقة لسبينوزا ولايبنتز. إذا كانت فكرة الضرورة وليدة ميلنا الفكري لبناء الواقع وفقًا للأسباب والنتائج، فإن فكرة الحرية تنشأ بطريقة مختلفة تمامًا. فالحرية، بوصفها شعورًا مصاحبًا للفعل، تنمو وتتعزز في المقام الأول خارج نطاق الفلسفة. ولا ينشأ التقدم في مفاهيم الحرية من التكهنات أو العلم، بل "من خلال تدخّل عناصر اجتماعية وسياسية معينة في الفلسفة"، وهي نتاج الحدس الجماعي. وتفسر أطروحة برجسن المثيرة للاهتمام الطريقة المتقطعة التي تظهر بها أفكار الحرية وتدّعي صحتها عبر التاريخ الفكري. وقد حدث أول "انفجار" للشعور الحر، وفقًا لبرجسن، في القرن الخامس قبل الميلاد في أثينا في عهد بريكليس، حيث غيّرت التغيرات الاجتماعية مفاهيم المواطنة والحياة الأخلاقية السياسية. لقد وجدت التجربة الجماعية للاضطرابات الاجتماعية تعبيرًا لها في الفكر السقراطي. ومع أن سقراط لم يناقش صراحةً إمكانية الحرية البشرية، إلا أن فكره مشبع بحدس كامن للحرية، والذي سيتضح جليًا عند أفلاطون وأرسطو.
تُقدم المحاضرات التي أُلقيت بين 16 ديسمبر 1904 و10 مارس 1905 - وهي المحاضرات من الثانية إلى الثانية عشرة في هذا المجلد - تطور الحتمية في العصور القديمة: من الفكر اليوناني المبكر إلى الأفلاطونية المحدثة، وصولاً إلى الذرية الرواقية والأبيقورية. وكما ذُكر، يُجادل برجسن بأن التيار القديم من العقائد الضرورية قد تعطل بسبب موضوعات الحرية المتجذرة في الاعتبارات الأخلاقية لسقراط. تتجلى أصالة برجسن بسهولة في تفسيره للشريعة اليونانية. وعلى الرغم من أن المؤرخين - بمن فيهم أرسطو - يعاملون سقراط على أنه حتمية نفسية وأخلاقية، إلا أن برجسن يُجادل بأنه من الواضح أنه حر ناشئ: تركيزه على الفعل البشري، وتشكيكه في نطاق العلوم الطبيعية، ولجوئه إلى التجربة الداخلية، وميله إلى التصوف، كلها سمات للفكر الحر. ووفقًا لبرجسن، فإن الحدس السقراطي للحرية يتجلى في إمكانية اختيار المعرفة المؤدية إلى الفضيلة على الجهل. يُضفي أفلاطون طابعًا دراميًا على هذا الموضوع من خلال صوره الأسطورية والمجازية: ففي سقوط الروح ومجاز الكهف، يكون الخير نوعًا من النور، والحرية تكمن في اختيار الاستنارة. ومع ذلك، فإن الحرية الأفلاطونية مفهوم يصعب تجاوزه أيضًا. وحسب الحوار الذي نتناوله، تتأرجح تأملات أفلاطون في النفس البشرية بين الحتمية والحرية. في الواقع، يطرح في محاورة طيماوس شكلين من الضرورة: ضرورة تُوجِّه العمل نحو الخير بما يتماشى مع العقل، وضرورة مادية عمياء للصدفة المجردة (أنانكي). تكمن إمكانية الحرية بين هذين النظامين السببيين المتمايزين في اختيار الحل الوسط المتمثل في الفضيلة (أريتي). كما يشير برجسن، فإن أفلاطون، كأي مفكر عظيم في الحرية، يكشف عن طبيعتها الإشكالية: " في اللحظة التي نكاد ندرك فيها ذلك، نقول لأنفسنا إنه لا بد من تفسير الإرادة الحرة، وإننا إذا اخترنا، فإننا نفعل ذلك لسبب ما. ثم، بينما نعبّر عن هذا الاختيار، نراه يتلاشى في الهواء". بعد ذلك، ينتقل برجسن إلى تقديم بعض الملاحظات المثيرة للاهتمام حول منهجية أرسطو العامة، من حيث تناولها لمشكلة الحرية في سياق جديد تمامًا. يرى برجسن أن أرسطو ليس مفكرًا منهجيًا بمعنى بناء مشكلات جديدة؛ بل هو محلل بارع: تخصصه هو تحليل الأفكار القائمة إلى عناصرها، وتوضيحها، ودفعها إلى آفاق جديدة. فيما يتعلق بالحرية، لن نجد عند أرسطو تعريفًا أو نظرية، بل شبكة مفاهيم مُطورة بدقة، مثل "الصدفة، والعشوائية، ونظرية عامة للإمكانية، وعلاقة النفس بالعقل الخالص (النوس)"، والتي تُشكل جميعها مكونات مشكلة الحرية. يرى برجسن أن أرسطو هو أول من أقر بأن فكرة الإمكانية تُحبط العقل وتعلقه بالشروط الضرورية، ويناقش بالتفصيل حل أرسطو لمشكلة الإمكانيات المستقبلية. صاغت المدرسة الميجارية هذا الأخير في الأصل، ثم أعاد أرسطو صياغته في كتابه "بيري هيرمينياس" (في التأويل) على النحو التالي: "من بين قضيتين متعارضتين بالنسبة للمستقبل، تكون إحداهما (بالفعل) صحيحة بالضرورة؛ وبالتالي، لا وجود للطوارئ، والمستقبل محدد تمامًا". يرفض أرسطو هذه الصيغة لأن التجربة والحس السليم يُخبراننا بخلاف ذلك: فالمنطق لا يستطيع استبعاد حقيقة المستقبل، وتبقى الصدفة (توخيه) مفتوحة في الحاضر. بدلاً من ذلك، ما يُعتبر حقيقة لقضيتين متعارضتين في المستقبل في الحاضر هو قضية منفصلة تطرحهما كبديلين ("غدًا ستكون هناك معركة بحرية أو لن تكون هناك"). وفقًا لبرجسن، يكشف تحليل أرسطو للقياس المنطقي الميجاري عن المغالطة الكامنة وراء أي شكل من أشكال الحجج الحتمية. على وجه التحديد، ينشأ رفض الاحتمالية من نفيٍ تعسفيٍّ ووهميٍّ للطابع الزمني للحقيقة. إذ يخدعهم ميل العقل الطبيعي للتفكير رياضيًا، يفهم انصار الحتمية الصارمون أن جميع الحقائق الممكنة تُشبه القضايا الرياضية، أي الحقائق الأبدية (حتى اكتشاف الحقائق الرياضية لا يُخفف من وطأة المغالطة). لا يمكن للعقل قبول حقيقة شبه أزلية، أي وجودها: " يبدو لنا أن القضية، التي أصبحت حقيقة، كانت صحيحةً إلى الأبد. ومن خصائص الحقيقة، بمجرد ظهورها لنا كحقيقة، أن تقفز خارج الزمن وتبدو لنا خالدة". علاوة على ذلك، يرى أرسطو أن الاحتمالية عيبٌ متأصل في الطبيعة، ناتج عن المادة، وهو مبدأ عدم التحديد. الحرية امتيازٌ إنساني، تحديدًا لأنها تُشير إلى خيار: عكس مسار الطبيعة نحو عدم التحديد، والارتقاء نحو العقل أو العقل الخالص، والعودة إلى الجوهري والثابت. يتناقض هذا مع فكرة الحرية الإنسانية الحديثة، التي تُصر على الضرورة المطلقة فيما يتعلق بالمادة، بينما يقتصر الاحتمالية على مسائل الأخلاق والفاعلية البشرية.
مُمهّدًا لختام الدورة، يُطعن برجسن في كلا التأويلين، مُجادلًا بأن الاحتمالية والحرية، بمفهوميهما "خلق أفعال غير متوقعة" و"عدم التحديد فيما يتعلق بالأسباب"، موجودتان "في كل مكان يوجد فيه وعي، وبحكم القانون، في كل مكان توجد فيه حياة عضوية". أما المدرسة الفكرية التالية التي ناقشها برجسن فهي الرواقية، التي قدمت مبدأ القدرية الشاملة في "أقوى تعبير لها". بالنسبة لبرجسن، فإن المذهب الرواقي يجسد امتصاص واستيعاب أفكار الحرية في الافتراضات الحتمية الموجودة بشكل شائع في التاريخ: "لدينا هنا أول مثال على حقيقة نجدها في جميع أنحاء تاريخ الفلسفة. ما أسميه الخنق الضروري لمذاهب الحرية من خلال التكهنات المتعلقة بالطبيعة بأكملها". الرواقية، ولا سيما المؤسسون اليونانيون للرواقية، الذين يهدفون إلى "ديمقراطية" الفلسفة، عدلوا جوانب معينة من الفكر الأفلاطوني الأرسطي لجعله أكثر سهولة في الوصول إليه. أهم هذه التحولات هو استبدال مبدأ واحد للوغوس سبيرماتيكوس (العقل المولد) بثنائية المادة والصورة أو الفكرة (هيلي وإيدوس). للكلمة اليونانية "لوجوس" معانٍ مختلفة (كلام، استدلال خطابي، ممارسة مسرحية)، لكنها جميعًا تُشير إلى "فكرة أو صورة واقع ذي وجهين"، "شيءٌ ماديٌّ، سواءٌ أكان متعددًا، أم منبسطًا، أم متراخيًا، أم ممتدًا، وإذا اعتُبر واحدًا، متماسكًا في ذاته، أم غير منقسم، فهو شيءٌ عقلانيّ، وذكيّ، بل وفكريّ". في الفلسفة الرواقية، الكون مادةٌ وذكاءٌ في آنٍ واحد، جسديّ (كل ما هو موجود، هو جسد، سومًا) وعقلانيّ أو ذكيّ. وفقًا لبرجسن، تميل الفلسفات القديمة إلى الاتفاق على أنه إذا كانت الأشياء عقلانية تمامًا، فلن يكون هناك مكان للطوارئ وعدم التحديد وبالتالي الحرية الإنسانية. بالنسبة لأرسطو وأفلاطون، فإن الأشياء ليست كما ينبغي أن تكون: فالعالم عرضة للحركة والتغيير، وهذه العمليات تؤدي إلى تدهوره. الحركة هي الدليل الملموس على عدم الكمال في العالم. بالنسبة لأرسطو، فإن حقيقة الطوارئ تجعل الحرية الإنسانية ممكنة، والغرض منها هو التعويض عن اضطراب النظام العقلاني: "وظيفة إرادتنا هي إعادة الأشياء إلى مكانها، بقدر ما هو ممكن". على النقيض من ذلك، في الرواقية، تكون الأشياء كما ينبغي أن تكون بقدر ما لا يُفهم التغيير والحركة على أنهما عيوب؛ فمبدأهما التفسيري ذاته، وهو المنطق، هو شيء قابل للتغيير بشكل أساسي وفي حالة مستمرة من التطور. يستلزم مبدأ المنطق المسمى بالحركة والتغيير والتحول؛ إنه مبدأ ذكي وعقلاني، ومع ذلك فهو قابل للتغيير. يرى برجسن أن الرواقيين لا يرون أي تناقض بين الأشياء كما هي والأشياء كما ينبغي أن تكون. فالعالم كما ينبغي أن يكون تمامًا ("توافق كل شيء مع كل شيء")، وكماله وتماسكه المطلق يستبعدان العرضية، وبالتالي الحرية في البشر. يُخصص برجسن وقتًا أقل بكثير لمفاهيم الحرية والضرورة المستمدة من الذرية القديمة، التي طورها الأبيقوريون ورسخها لوكريتيوس. وبينما يُخصص محاضرتين لجميع العقائد القديمة الأخرى، فإن مناقشته لأبيقور وإرثه مُختصرة إلى ما يقرب من نصف جلسة. ويرجع ذلك، كما يُجادل، إلى أن "الأفكار الأبيقورية حول موضوع الحرية لم تتطور". ومع ذلك، يُشدد برجسن على الطابع الجذري لنظرية الضرورة الذرية، التي تُشبه في الواقع الحتمية الآلية الحديثة والمعاصرة القائمة على فكرة أن الكون المادي مجال تجريدي من النقاط الرياضية، وحداتٌ نهائية، أو ذرات، غير قابلة للتدمير ولا تتغير، يفصلها الفراغ، ومع ذلك متحركة، تتحد في تجمعات مختلفة، متغيرةً مواقعها النسبية ومولدةً جميع الظواهر الطبيعية. فبينما يفترض الترابط الكوني في الرواقية ضرورةً عقلانيةً تنبع من الكون بأكمله إلى أجزائه، كصورة الكائن الحي، لا تحمل الضرورة في الأبيقورية معنىً شاملاً، وينبثق الكون كمجموع الضرورات الأولية للتركيبات الذرية. ورغم جوهرها الحتمي، تُفسر الفلسفة الأبيقورية الاحتمالية والحرية من خلال مفهوم "paregklisis" (الكلمة اللاتينية clinamen). ولإتاحة إمكانية مساءلة الفعل البشري، منح أبيقور الذرات القدرة على الانحراف قليلاً (paregklinein) عن مسارها المُقدّر سلفًا، عن "المسار الذي يرسمه لها القدر". يختتم برجسن مناقشته للعقائد القديمة بـ "توليف أفلوطين للفكر القديم كله". وكما يقول برجسن ، فإن عقيدة أفلوطين في الحرية هي "الأكثر اكتمالاً، والأكثر بناءً مما تركه لنا القدماء في هذه المسألة". وتُعد مجموعة أفلوطين، بشكل عام، الفلسفة الأكثر منهجية في العصور القديمة، وقد وصلت إلينا سليمة. لقد أنتج توليفة "متماسكة وموحدة تمامًا" لجميع الفكر اليوناني، بهدف عزله عن أفكار عصره (القرن الثالث الميلادي)، التي اعتبرها "بربرية". ويتجلى هذا بشكل خاص، بالنسبة لبرجسن، في نظرية أفلوطين في الحرية، التي تدمج عناصر أفلاطونية-أرسطوية ورواقية. حتى لو "حارب الرواقيين، وتحديدًا جبريتهم"، فإن نقطة انطلاق أفلوطين، وفقًا لبرجسن، رواقية بامتياز، إذ يُقرّ بـ"الانتظام التام لمسار الطبيعة" . يستشهد برجسن بالعديد من أوصاف أفلوطين، وجميعها تُذكّر بالأفكار الرواقية: على سبيل المثال، تصوره للكون ككائن حيّ مُكوّن من أجزاء، مُنفصلة في الفضاء لكنها مُتجاورة، تُحقق تعاطفًا أو قصديةً كونية؛ أو مُقارنته الكون المادي بالتعقيد المُتناغم للرقصة، حيث "لا يُدرك الراقص كثرة الحركات"، بل يُريد الرقص ببساطة. كما يلاحظ برجسن، فإن أفلوطين يعبر عن السعي إلى الحرية بأقصى قدر من الدقة: "يكفي إيجاد حل، من جهة، يحافظ على مبدأ السببية والذي، من جهة أخرى، سيسمح لنا بأن نكون شيئًا ما". بالنسبة لبرجسن، فإن حداثة أفلوطين الخاصة تتمثل في تقديم مشكلة الحرية كمسألة أصل الحياة، وتحديدًا الحياة البشرية. وبتوسيع نطاق التعاليم الأفلاطونية الأرسطية حول علاقة الجسد بالروح، يقدم نظرية حول كيفية دخول الإنسان في نظام الطبيعة كجسد حي و"كسره" في ممارسة إرادته. يجادل أفلوطين بأنه حتى لو تمكنا من التغلب على النظام الطبيعي وتأمين لأنفسنا مجال الفعل، فإن الحرية الحقيقية تعتمد على الانفصال عن الطبيعة والتراجع إلى مستوى المعقول (kosmos noētos). كما يوضح برجسن ، فإن التعليم الأفلاطوني المحدث القائل بأن "الحرية لا تكمن في الفعل بل في العقل" و"أن الإنسان يُنتج الفعل عندما يكون بعيدًا جدًا عن التأمل، وأن الفعل ليس سوى ظل للتأمل" هو التعبير الأسمى عن الاعتقاد اليوناني بأن قدرات الفعل أدنى من العقل. في العصر الحديث، وتحت تأثير اللاهوت اليهودي والمسيحي - يذكر برجسن الجدل بين دون سكوتس وتوما الأكويني حول أولوية الإرادة - ستنعكس هذه العلاقة الهرمية: بدءًا من ديكارت، يُقرّ الفلاسفة المعاصرون ويؤكدون على القوة العجيبة للإرادة في التغلب على الذهن، ومضاعفة قوته، وفي بعض الحالات، أن تكون مصدر العقل. ينتهي النصف الأول (الموضوعي) من الدورة ببرجسن وهو يُحدد الافتراضات القديمة والحديثة المتعلقة بمشكلة الحرية. حتى الآن، كان نقاشه منهجيًا وليس تاريخيًا فحسب، ويتبع الخطوط التفسيرية المعلنة في المحاضرة الأولى: الحرية تُمثل الحد الفاصل بين المجالين النظري والعملي. ينغمس برجسن أحيانًا في استطرادات صغيرة تُثري العرض الرئيسي دون التأثير على بنيته ووضوحه. على سبيل المثال، عندما يوضح أن أتباع الضرورة لا يعارضون نظريات الحرية، بل "يمتصونها" لاستيعاب الحرية بالضرورة، يفعل برجسن ذلك بمقارنة من الجيولوجيا: كل حدس عن الحرية هو "قوة ثوران جيولوجية"، بينما نظريات الضرورة هي قوى "تفكك" و"ترسيب" تعمل على الحدس وتعيد تشكيله ؛ أو، عندما يناقش، في استطرادٍ مُنير، فكرتي "القدر" و"الأنانكي" (الضرورة) في الأدبيات القديمة غير الفلسفية - من الشعر المأساوي والملحمي إلى هيرودوت - بهدف توضيح الجذور العاطفية والوجدانية للتفكير الجبري.
2. الحتمية ومشكلة الحرية في الفلسفة الحديثة
يتألف النصف الثاني من الدورة من سبع محاضرات، من 17 مارس إلى 20 مايو 1905 (المحاضرات من الثالثة عشرة إلى العشرين في المجلد). يتتبع برجسن هنا تداخل الضرورة والحرية في إطار الحداثة الغربية. وكما تم التطرق إليه في المحاضرة الأولى، فإن المعيار الجديد الذي حدّد العلاقة بين المفهومين منذ أوائل القرن السابع عشر فصاعدًا هو ظهور العلم الحديث. ووفقًا لبرجسن، فإن الإطار العلمي يفرض، من جهة، أن العلاقات السببية مرتبطة بالقوانين الفيزيائية، ومن جهة أخرى، أن واقع هذه العلاقات يمكن إدراكه بالكامل من خلال الرياضيات. في هذا الصدد، يتتبع نقاش برجسن الطريقة التي تعالج بها الفلسفة الحتمية العلمية، بدءًا من ديكارت وسبينوزا ولايبنتز، وصولًا إلى الثورة الكوبرنيكية لكانط، ويختتم النقاش باستعراض موجز، وإن كان مُوحيًا، لموقف برجسن (الذي عُرض في "مقدمة إلى الميتافيزيقا" (1903) وطُوّر بالكامل في "التطور الخلاق" (1907)). في حين تتطور المفاهيم الفلسفية للضرورة في مواجهة التطورات العلمية، تلجأ الفلسفة دائمًا إلى مسائل الحرية عندما تُجبرها التطورات في المجال الاجتماعي، ودائمًا من خلال الحدس. في فجر الحداثة، نُعزى "الثورة الثانية للحرية" إلى التحولات التي أطلقتها المسيحية واليهودية في الحياة الاجتماعية والنفسية. هذه المواضيع، التي استمرت طوال العصور الوسطى، أدرجتها فلسفة ديكارت الارادية، ومن ثم انتشرت عبر الحداثة. انبثق الانفجار الثالث من "الأفكار والمشاعر" المرتبطة بثورة 1789، كما تظهر عند روسو، وبشكل أكثر شمولاً عند كانط. يُسلّط برجسن الضوء على عدة جوانب رئيسية في الفلسفة الديكارتية، أولها يُشير إلى "التأثير العميق والقاطع" للمسيحية في منهج ديكارت. ويتمثل التأثير الأوضح في أفكار دونس سكوتس حول موضوع الإرادة الإلهية والارادة الإنسانية. يرتكز مبدأ ديكارت الحرّ على سلسلة من أطروحات الخلق: لم يخلق الله العالم فحسب، بل خلق أيضًا الحقيقة والخير، ومعايير الحكم على خلقه، "بمرسوم من إرادته الحرة". إن فكرة الإله الخالق، الإله المُربد والفاعل المُتدخّل في العالم، غائبة عن الفكر القديم، حيث كان التأمل والفكر أسمى من الفعل وكل ما هو شهواني. على النقيض من ذلك، يؤكد ديكارت أن الإرادة البشرية لا متناهية، على غرار الإرادة الإلهية، وينسب إلى البشر قدرة اختيار مطلقة. الفرق بين الإرادة البشرية والارادة الإلهية هو أن الإرادة البشرية، حتى وإن كانت لا متناهية من حيث المبدأ، مقيدة فعليًا بالعقل، الذي يفرض زمنه الخاص للحكم والتقييم. يرى برجسن أن دافعًا لاهوتيًا يكمن وراء ارادوية ديكارت. ينشأ الخطأ والخطيئة من نقص التنسيق بين الإرادة، المنغمسة بلا حدود في كل فعل وتعمل بكامل طاقتها في الحاضر، والعقل، الذي يأخذ وقته للتدبر. وهكذا، يستطيع ديكارت تفسير وجود الشر من خلال هذا التنافر بين القدرات، دون أن يُرجعه مباشرةً إلى الله. اللافت للنظر عند ديكارت، من وجهة نظر برجسن ، هو أنه يجمع بين الحتمية الصارمة والسعي إلى الحرية. فبينما تتبع الميتافيزيقا الديكارتية المبادئ الميكانيكية الموجودة في الفيزياء والهندسة التحليلية، فإن حدسه الأخلاقي يؤكد الشعور الداخلي بالحرية المتجلي في الفعل. ويسود لدى تلامذة ديكارت - سبينوزا، ولايبنتز، وأطباء وعلماء القرن الثامن عشر المستوحون من الديكارتية - الجانب العقلاني في فكر ديكارت. ويرى برجسن ، على وجه التحديد، في سبينوزا ولايبنتز "عودة جزئية إلى الإغريق" في سعيهما "لتقديم تفسير موحد وبسيط ومتسق ومنطقي لمجموع الأشياء". وقد حلت قصدية توحيد الديكارتية، والتخلص من افتراضاتها الذاتية، وتوفير أرضية ميتافيزيقية محل التأثيرات المسيحية. وبهذا، يرى برجسن أنهم، وإن لم يكن عمدًا، يعودون إلى موضوعات أرسطو وأفلاطونية محدثة. سبينوزا، على سبيل المثال، يتبنى المثل الأرسطي للأثاناتيزين، أي السماح للعقل البشري بإعادة الاتصال بما هو معقول وأبدي محض. يكمن الفرق في تنفيذ خطة الخلود. وبصورة عامة، بالنسبة للقدماء، تكمن الأشكال أو الأجناس الجوهرية والأبدية، مصدر المعرفة الخالصة، إلى حد ما في "ما وراء الوجود"، بينما في ميتافيزيقا سبينوزا، التي تتوافق مع العلم الجديد، فإن المعقول، أي القوانين الفيزيائية الطبيعية، متأصل في الطبيعة. يرى برجسن أن سبينوزا يحوّل الديكارتية "من مذهب الحرية كما كانت إلى مذهب الضرورة، وهو مذهب الضرورة الأكثر جذرية وأقلها مرونة على الإطلاق". مع ذلك، تُحلّ تدخلات سبينوزا تناقض ديكارت أو انقطاعه، كما يُسمّيه برجسن ، أي تأثير الروح على الجسد، الذي يبقى غامضًا عند ديكارت، ويُعطّل نظام الآلية الكونية. يُركّز برجسن على الجزأين الأولين من كتاب الايتيقا، وتتّسم مناقشته للنقطة المحورية في مذهب سبينوزا بالوضوح والعمق: صعوبة تفسير وضع الصفات، ونوع التمييز بين الأنماط، وتناسق النظام بين أنماط الصفات المختلفة. يُجادل برجسن بأنّ كل شيء في نظام سبينوزا يُفضي إلى غاية واحدة: النعيم، ما يُسمّيه سبينوزا الحرية الحقيقية، باعتبارها التحرر من العبودية، ومن جوانبها الاعتقاد الوهمي بالإرادة الحرة. بل إننا نشارك في "حرية الله المطلقة"عندما نُدرك ما هو ضروري، أي الأسباب الأبدية المنقوشة في الطبيعة المُعبّرة عن الله. وبالمثل، سعى لايبنتز إلى إزالة الصدع الديكارتي بين الحتمية والحرية، وقد فعل ذلك على نحوٍ متطرف. يصف برجسن لايبنتز بأنه "مثقفٌ محض" أكثر اجتهادًا من سبينوزا: "إنه مقتنعٌ بإمكانية حلّ الواقع تمامًا في أفكار". إن الجانبين المعرفي والميتافيزيقي لحتمية لايبنتز جامدان على حد سواء، وهما نتاج إعادة صياغة المذاهب القديمة، وتعديلها لتتناسب مع الإطار العلمي الجديد: "وهكذا، بالانطلاق من المفهوم الأرسطي للعلم وباستبعاد الهيلي، نصل تقريبًا إلى المذهب المقدم في "مقال في الميتافيزيقا"، تمامًا كما نصل، بأخذ مذهب أفلوطين، الى نظريته في المعقولات، وباستبعاد الهيلي، إلى مذهب مماثل للمذهب المقدم في "المونادولوجيا". أولاً وقبل كل شيء، يهدف لايبنتز إلى محو الفكرة المقلقة التي وردت عند ديكارت، وهي أن الروح قادرة، بطريقة ما، على التفاعل مع الجسد وتغيير حركته. بتطوير هذا النقد، سيتخلى لايبنتز عن فكرة أن المادة ممتدة في جوهرها لأن الامتداد ينتج عن تجريد، أي تجانس لواقع غير متجانس في جوهره. ومن هنا، يوضح برجسن ، أن لايبنتز قد افترض وجود عناصر غير قابلة للتجزئة تُمثل "نقاطًا ديناميكية"، أو نقاطًا رياضية، وهي مركز القوى التي يُطلق عليها اسم المونادات أو الأرواح. المونادات معزولة عن بعضها البعض، وكل منها "حالة ذهنية"، إدراك يُمثل بشكل غامض مجمل الكون، وبشكل واضح فقط كوجهة نظر لهذا المجمل: "الموناد هو مجمل رؤية الكون؛ مجموع هذه الآراء المتكاملة يُشكل الكون". وفقًا لهذه النظرية، فإن الفضاء هو إسقاط يصنعه العقل البشري، وهو نظام رمزي يسمح لنا بتمثيل وجهات النظر الجزئية أو المونادات، أي "الاختلافات النوعية البحتة، والتي هي وحدها حقيقية"، على شكل أحجام. يؤكد برجسن أن هذا الكون غير المرن والمشبع تمامًا، بالنسبة إلى لايبنتز، لا يدعم الحرية الإنسانية بالمعنى الديكارتي فحسب، بل يدعم أيضًا الاحتمالية الشاملة. يُقسّم لايبنتز الحرية إلى ثلاث خصائص أساسية: العفوية، والذكاء، والاحتمالية، ويجادل بأن كل جوهر في كونه الأحادي يحافظ على هذه العناصر الثلاثة. تُميّز العفوية المونادات لدرجة أنها ذاتية التطور وتحديد مصيرها، معزولة تمامًا عن بعضها البعض. الذكاء كشرط للحرية "يتحقق من خلال النفوس البشرية"، وبالتالي يتم الحفاظ على المفهوم المجسم للحرية. وأخيرًا، تُؤكد الاحتمالية: حتى لو كانت الأفعال محددة تمامًا بمفهوم المونادات، فإن هذه التحديدات ليست ضرورات منطقية، لأن نقيضها لا يعني تناقضًا. إنها إمكانيات حقيقية، بدائل لما هو واقع. هذا الأخير، الذي "نسميه الوجود"، أشبه بمخطط بارز بين جميع المخططات الأخرى المحتملة التي لم تتحقق. وكما يلاحظ برجسن: "الحرية قوة. لا يمكن لمفكر مثل لايبنتز قبول فكرة القوة، ولذلك ينشر جميع الأفعال الممكنة، ويحولها إلى العديد من المصاحبات، كما لو كانت للفعل المنجز فعليًا".
المحاضرات الثلاث الأخيرة، في 5 و12 و19 مايو 1905، تشكل فصلًا دراسيًا ثانيًا أقصر بكثير. يتطرق برجسن إلى العديد من القضايا المهمة، ولكن في بعض المواضع، نظرًا لضيق الوقت، يبدو النقاش غير متكافئ. يبدأ بتلخيص للاختلافات الرئيسية بين المفاهيم القديمة والحديثة للضرورة، وعدم التحديد، والسببية، والحرية، كما تطورت خلال المحاضرات. كما يقدم بعض الملاحظات المنهجية المثيرة للاهتمام حول كيفية إزاحة المفاهيم الفلسفية في النقاشات العلمية. على سبيل المثال، يُقدّم برجسن نقدًا لاذعًا للمواقف الاختزالية والإقصائية في علم النفس الفسيولوجي، مُجادلًا بأن سوء تطبيق الالتزامات المادية الصارمة المزعومة على الظواهر العقلية يُؤدي إلى ميتافيزيقا أقل صرامة بكثير، وتنويعة ضعيفة و"تبسيط للميتافيزيقا الديكارتية". ولهذا السبب، يُشدد برجسن على أنه "يتعين علينا التمييز بوضوح تام بين العلم والفلسفة" ومنهجياتهما، وأن السؤال الفلسفي هو "ما إذا كان بإمكان الحرية أن تجد مكانًا" ضمن الإطار التفسيري الآلي. ووفقًا لبرجسن ، ساد هذا النوع من الحتمية شبه العلمية وشبه الميتافيزيقية في نهاية القرن الثامن عشر، مُغذّيًا معارضته الخاصة كما هو مُعبّر عنه بشكل ملحوظ في فلسفة جان جاك روسو الأخلاقية والسياسية. في الوقت نفسه، في إنجلترا، تُشكِّل أفكار جورج بيركلي اللامادية والاسمية تحديًا لأسس العلم النيوتوني والديكارتي، استنادًا إلى انتقادها بأن الصورة الميكانيكية للطبيعة التي تفترضها هي بناء عقلي أو رمزي. وبينما كانت دوافع روسو أخلاقية، وبينما كانت دوافع بيركلي لاهوتية في المقام الأول، فإن انتقاداتهما أوقفت الآلية غير المقيدة السائدة آنذاك، مما خلق تيارًا فكريًا أعاد الحرية إلى النقاش، وأعدَّ لـ"ثورة الحرية" الكانطية الثالثة. يرى برجسن أن "عبقرية كانط" تكمن في إدراكه أنه "إذا وضعنا الحرية في مكان الواقع، فإننا لا نُساوم على الآلية العلمية ؛ بل على العكس، نستطيع بذلك إرساء هذه الآلية، وإعطائها أساسًا راسخًا". في المحاضرة والنصف المتبقية، يشرح برجسن ماهية الحل الكانطي، وكيف ينبغي لنا أن نفهم مفهوم الحرية الذي ينطوي عليه. فمع ديكارت، تتحدى الإرادة الحرة الآلية، وتصبح قوة إيجابية وإبداعية. إلا أن ابتكار كانط العظيم يتمثل في طرحه القوة الإبداعية للحرية كأساس للنظام الطبيعي الآلي نفسه. انطلاقًا من مفهوم الطبيعة الذي يلتزم بالعلم النيوتني، ينطلق كانط في نقد العقل الخالص من إقامة الصلة بين الفيزياء والرياضيات: فمشكلة الآلية التأسيسية تترجم إلى مسألة الرياضيات التأسيسية. يقدم برجسن ملخصًا مفيدًا لنظرية المعرفة المتعالية عند كانط، التي تجعل الطبيعة متوائمة مع الوعي العلمي وأجهزته المتعالية، بمعنى أن "الطبيعة والعلم هما الشيء نفسه: لا يمكن للطبيعة أن تكون علمية لأنهما الشيء نفسه". وكما يوضح برجسن ، فإن المفهوم الكانطي للطبيعة، عالم الظواهر التي يشكلها العقل البشري، يصبح مقر الآلية: "الحتمية موجودة، باختصار، فقط بالنسبة لعقلنا، كوظيفة لمعرفتنا". يُؤيد كانط الحرية، ولكن ليس كإمكانية للذات التجريبية، إذ يضعها خارج النظام السببي للمعرفة. تشير الحرية الكانطية، في وصف برجسن ، إلى المنظور المتعالي، الذي تبدأ منه الذات الخالصة تجلي الشخصية الأخلاقية. يُشدد برجسن على أنه بينما يكون سلوكنا الأخلاقي مشروطًا بالوضع المتعالي الذي تخلقه "الذات المعقولة" لنفسها وتشغله، إلا أنه يتجلي في سلسلة من الأفعال في الزمن. ومن المشكوك فيه إمكانية دمج هذا التجلي للحرية في النظام الآلي، كما يدّعي كانط. يجب أن نفترض أن أفعالنا "تنحت سطحًا من بقية الطبيعة"، وهو ما يعتمد بالضرورة على مرونة معينة يمنحها النظام السببي . يرى برجسن أن هذا الترابط يعني ضمنًا أن عفوية السلوك الأخلاقي واستقلاليته معرضتان للخطر، ويمكن القول إن الحرية، حتى لو مُنحت، لا يمكن الحفاظ عليها. بحلول الوقت الذي يصل فيه القارئ إلى المحاضرة الأخيرة، تبرز مشكلة الحرية باعتبارها "مشكلة العلاقة بين الفكر والفعل".
في المحاضرة الأخيرة، يتحدث برجسن من منظور الحاضر، وبالتالي، ليس كمؤرخ بل كفيلسوف يطمح إلى تحويل مشكلة الحرية في حد ذاته. بالنسبة لبرجسن ، أعطى كانط لمشكلة الحرية الحديثة صياغتها الأكثر دقة وصرامة، وبالتالي، فإن أي تدخل منهجي يجب أن يبدأ من هناك. كان حل كانط فعالاً لدرجة أنه على الرغم من التطورات الهائلة في القرن التاسع عشر في العلوم والرياضيات، لم يحدث أي إزاحة جذرية لمشكلة الحرية. في هذا النموذج، المعرفة هي "نظام متماسك تمامًا من العلاقات الرياضية" التي تكمن وراء الظواهر الطبيعية، والفعل مجال منفصل يسبق هذا الترتيب: "الفعل هو الواقع نفسه، وما نسميه علمًا هو شيء يدور حول الفعل"، وهو "أساس العلم". لذلك، تتوقف الحرية على مدى صرامة تمسك المرء بأسبقية الفعل على المعرفة. عند كانط، تُشترط أسبقية الفعل بالوعي الكوني، أي العقل البشري المتعالٍ غير الشخصي، الذي "بقدر ما يكون حرًا، يُطلق ظواهر في المكان والزمان تترابط تمامًا، وبقدر ما يعرف نفسه، يُقدم طبيعة يكون فيها كل شيء ضروريًا". يعترض برجسن على حل كانط القائم على الوعي الكوني لأنه يُبطل أهمية الشعور الداخلي بالحرية الذي يُدركه "الوعي التجريبي أو النفسي" فلسفيًا. هذا الأخير، بالنسبة لبرجسن ، يشهد على الظروف المعقدة للفعل ضمن ما يُسميه "الدبمومة". لا يسمح كانط، ولا يستطيع، بـ"السلطة" للوعي التجريبي أو المباشر لأنه يفتقر إلى فهم الزمن كدبمومة، ويتعامل معه من منظور مكاني. يتناول نقد برجسن للمفاهيم المكانية للزمان، كما ألمح إليه في المحاضرة التمهيدية، التناقض بين أسلوب المعرفة المكاني للعقل (الذي يُضفي تماسكًا على عناصر متمايزة تبقى خارجية عن بعضها البعض) وأسلوب الوصول الحدسي، مما يشهد على التغير النوعي في تيار التجربة الداخلية، وهو نوع من المعرفة لا يستطيع العقل تسجيله. بين الاثنين، أي "المعرفة المادية أو الخطابية" و"المعرفة الحدسية"، يرى برجسن أشكالًا وسيطة، مثل النظامية المقابلة للحياة العضوية. بين أوامر المعرفة، ما يتغير هو كثافة أو توتر العلاقات الحتمية: "في العالم المادي، تعني السببية التحديد الضروري، ولكن إلى الحد الذي ننتقل فيه من المادي إلى النفسي، نرى أن الروابط بين السبب والنتيجة تصبح أقل إحكامًا. وعندما نصل إلى النفسي المحض، لا يوجد أي اتصال تقريبًا على الإطلاق، فالسببية ليست علاقة بل كائن، إنتاج. لذا ننتقل تدريجيًا، من خلال انتقال غير محسوس، مما أسماه كانط السببية وفقًا للطبيعة، السببية المادية، إلى ما أسماه السببية بالحرية، وهو الخلق". ينتهي مسار برجسن حول مشكلة الحرية ببيان لمشروعه الفلسفي: تطوير نوع من التجريبية الجذرية التي هي علمية وتأخذ في الاعتبار الحدس أو التجربة الداخلية، وبالتالي إعادة صياغة مشكلة الحرية من جديد.
الخاتمة
هدفي من هذه المراجعة هو بالأساس إطلاع القراء المحتملين على محتوى هذا المنشور. قدّمتُ بعض التقييمات للشكل العام للمحاضرات وأهدافها التعليمية، لكنني تجنّبتُ انتقاد حجج برجسن التاريخية، إذ كان ذلك سيستلزم الرجوع بإسهاب إلى دراساته وأعماله الأخرى. أودُّ أن أختم هذه المهمة ببعض التعليقات الإضافية. أولًا، قد تبدو النسخة المنقولة من محاضرات برجسن ، أحيانًا، مكررة للقارئ، لكن هذا يُلبّي تمامًا أهداف العرض الشفهي، حيث يُضفي التكرار الدرامي تماسكًا ويرسّخ الأفكار في ذهن الجمهور. يُفضّل أن تُلقى محاضرات برجسن ، ربما في سياق مجموعة دراسية، لإنعاش شفهية هذه "الفكرة قيد التكوين". ثانيًا، على القراء المهتمين بتاريخ الفلسفة وتأريخها أن يضعوا في اعتبارهم أن برجسن يُقدّم أفكار المفكرين التقليديين في شكل سردية كبرى، مما يُسهم في إعادة بناء "مشكلة الحرية". ان قراءته انتقائية، وكما يلاحظ، فإنه يحيد أحيانًا عن التفسيرات والتصنيفات المعيارية للمفكرين الموجودة في الدراسات الأكاديمية. على سبيل المثال، يعتمد عرض برجسن لمفهوم الحرية عند كانط حصريًا على نقد العقل الخالص وعلاقته بالمثالية المتعالية، ويغفل تفاصيل نظرية كانط الأخلاقية. ثالثا وأخيرًا، لا يمكن للقارئ المعاصر أن يتجاهل المركزية الأوروبية الواضحة في نقاش برجسن ، الذي يركز حصريًا على الشريعة الفلسفية الغربية. ودون تجاهل توقيت وسياق المحاضرات، قد يعتقد القراء أن برجسن كان بإمكانه الاعتراف بحدود عرضه. ولكن بشكل عام، وكما أبرزت في بداية هذه المراجعة، سيجد كل من المتخصصين وغير المتخصصين محاضرات برجسن عن الحرية تجربة قراءة غنية ومجزية." بقلم كينثيا بلاجيانو (رويال هولواي، جامعة لندن)
كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهابيتوس عند بيار بورديو بين اعادة الانتاج وراس المال
- مشكلة الوعي بالتاريخ وحركة ترجمة الأفكار إلى واقع ملموس
- ديناميكية البراكسيس المقاوم في الوجودية رسالة انسانية عند جا ...
- الاحتفال بالأول من أيار بين بروليتارية الفكر الجذري وماركسية ...
- تقنيات التعليق على النصوص الفلسفية
- دور الثقافة في إنهاء الاستعمار
- جان فرانسوا ليوتار بين نهاية السرديات الكبرى وبداية الوضع ما ...
- فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية
- مشكلة الوعي الزائف وشروط امكان الوعي الحقيقي
- التضامن مع فلسطين في الكتابات الفلسفية
- أجوبة الذكاء الاصطناعي على جملة من الاستفسارات الفلسفية
- أهداف العلم، مقاربة ابستيمولوجية
- نظريات سياسية حديثة ومعاصرة
- نظرية كارل ماركس في التاريخ بين الاغتراب والتغيير
- تعددية روس الإيتيقية والواجبات البديهية
- يورغن هابرماس بين الاتصال التقني والتواصل الانساني
- أنثربولوجيا المقدس واعادة تعريف الديني عند رونيه جيرار
- الإنسان هو راعي الوجود وفقا لمارتن هيدجر
- راهنية الفلسفة في زمن ما بعد الحداثة
- التفلسف يعني التوقع بحسب ميشيل سيريس


المزيد.....




- البندقية تغرق.. مهندس يكشف خطة جذرية قد تنقذ المدينة لبضعة ع ...
- جسور وشجر بلوط وممرات وزنبق.. تصاميم مقترحة لنصب الملكة إليز ...
- تداول فيديو لانفجار مدفع مضاد للطائرات في جنود الهند.. هذه ح ...
- ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف إطلاق النار بالكامل وبش ...
- -العالم على شفا فوضى مع بدء تحولات القوى العظمى- - فاينانشال ...
- مطاعم دمشق القديمة في قبضة الأمن العام: لا غناء ولا حرية ولا ...
- شاهد لحظة إطلاق باكستان صواريخ قصيرة المدى باتجاه الهند وسط ...
- غزة: حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي للقطاع بلغت 52810
- الداخلية الأوكرانية: توقيف 6 من كبار المسؤولين في الحرس الوط ...
- سوريا.. مقتل 6 أشخاص بحادث اصطدام حافلة ركاب وشاحنة على طريق ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - زهير الخويلدي - تطور مشكل الحرية عند هنري برجسن