أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خليل الشيخة - كتاب: أصل العائلة والملكية والدولة















المزيد.....



كتاب: أصل العائلة والملكية والدولة


خليل الشيخة
كاتب وقاص

(Kalil Chikha)


الحوار المتمدن-العدد: 8337 - 2025 / 5 / 9 - 20:47
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


مقدمتي:
أتت ترجمة هذا الكتاب في الفترة الناصرية، ولذلك يبدأ المترجم ويقول في أول صفحة: " إلى العروبة المكافحة وإلى أصدقائها وأعدائها، أقدم هذا الكتاب، فإن العروبة لا تضمر عداء لأحد ". وهنا أتساءل: وهل هذا الأحد كان أمريكا أم إسرائيل. وهنا أ طرح سؤالا بخصوص ذهنيتنا نحن العرب والمترجم بشكل خاص رغم تعبه في ترجمة هذا العمل: هل كان يترجم كتاباً في التاريخ وفهم النشاطات البشرية أم كان يريد أن يلقي خطابات في العروبة والناصرية.
قبل البدء، لدي ملاحظتان حول هذا الكتاب هما: أولاً بأن هذا الكتاب يجمع الاف الصفحات من أعمال مؤرخين وانثر وبولوجين كثر وهو مختصر وعلمي أما الملاحظة الثانية أنه كتاب يقدمه صاحبه بتلك المعلومات لينتهي به الأمر إلى نتائج أظن في غالبيتها خاطئة، هذه النتائج دونتها في الأسفل عندما يقول في إلغاء سلطة الدولة وانهيارها بسبب أنها سلطة قاهرة أو نشأت في ظروف القهر، وهذه النظرة الماركسية أخمن أنها موازية (وليست منقوشة) من المسيحية، لأن المسيحية تؤمن بعودة المسيح إلى الأرض وعندها يتعايش الذئب مع الحمل، ويسود العدل في أرجاء المعمورة. رغم أن النظرة المسيحية هذه تبدو في غاية السذاجة لأن من يرددها لم يفكر بأن الأشياء أو الكائنات على هذه الأرض محكومة بطبيعتها، فالذئب لا يعادي الحمل أو الغزال، بل هو يأكل (وهذا الأكل يسبب آلام للمؤكل وأعضاء عائلته) كي لا يموت، وبناء على ذلك لا أظن أن سلطة الدولة هي هيئة زائلة، بل هي باقية لأن الكائنات الحية محكومة بالخضوع لقيادة ما سواء كانت هذه القيادة حكيمة أو غبية. يبدأ هذا من خلية النحل إلى الطيور حتى الإنسان كلهم يتبعون طبيعة جيناتهم المبرمجة سلفاً في كل خلية في اجسامهم.
لقد اعتمد هذا الكتاب بشكل عام على أعمال العالم الأمريكي الفذ لويس هنري مورغن (Lewis Morgan) (1818 – 1881) الذي بدأ محامياً في السكك الحديدية عندما شكلت هذه القطارات ثورة في العالم، ثم تابع دراسة العلاقات الاجتماعية عند الهنود الحمر ليكتشف من خلال اهتمامه بعلم الأنثروبولوجيا أن أصل القرابة في التاريخ لم تكن من خلال الأب، بل كانت من خلال الأم. وربما أفضل مثال على ذلك في المجموعات البشرية هم اليهود، فهم حتى الآن ينسبون الأولاد للأم وليس للأب، فأولاد الأم هم يهود بالولادة، والسبب هو أنهم عاشوا حياة القبائل البدائية ككل المجتمعات البشرية وتجمد عندهم هذا النسب بسبب انتقال هذه العادة إلى معتقد ديني وقومي فيما بعد. ومن شدة أهمية بحوث هذا العالم، استشهد به كل من ماركس وانجلس وسيغموند فرويد. عندما كتب انجلس هذا الكتاب المختصر، استعار بحوث مورغن ووظفها في قالبه الإيديولوجي كما قلنا سابقاً، فقد بحث في جذور ملكية الأفراد والأصل في نشأة الدول والحكومات. أظن أن كل من يريد الاطلاع على تاريخ العائلة البشرية عليه الرجوع إلى مورغن إذا كان باحثاً، أما إذا كان قارئاً، فيمكن أن يقرأ هذا الكتاب ليكوّن فكرة عن الأصول التاريخية لتطور البشرية والصرعات التي مرت بها.
أفكار الكتاب الرئيسة مع رقم الصفحة:
قسم لويس مورغن عصور التطور إلى ثلاث عصور هي الوحشية والبربرية والمدنية. أما الوحشية فهي تعتمد على قطف الثمار والصيد واختراع السهم والقوس، والعصور البربرية بدأت باختراع الأواني (10). نظراً لعدم توفر الطعام في مرحلة التوحش، انتشر أكل اللحوم البشرية، إذ مازال الاستراليون يعيشون هذه المرحلة. بدأت مرحلة التوحش العليا باختراع القوس والسهم حيث أصبح الصيد اساساً في الطعام، أما المرحلة البربرية فهي تتميز باستئناس الحيوانات وزراعة النباتات عن طريق الري واستخدام الطوب والأحجار بالبناء (12). عندما دخل الأوروبي إلى أمريكا، كان الهنود الحمر يعيشون المرحلة الدنيا من البربرية، حيث كانوا يزرعون الذرة وثمار أخرى ويعيشون في مساكن خشبية وحولها اسوار وحيوانات (14). قد يكون سر تفوق الآريين والساميين عن غيرهم هو الفائدة العظيمة لأكلهم اللحم والحليب ورعي الحيوانات (15). وهذا يؤكد أن بعض الهنود الحمر الذين يأكلون اللحم لديهم مخ بشري أكبر من هنود المكسيك، حيث اختفى أكل اللحوم البشرية في المرحلة الوسطى من البربرية وبقي في الطقوس الدينية لدى السحرة، أما المرحلة العليا للبربرية، فهي تبدأ باختراع الحروف الكتابية والتدوين. في هذه الرحلة، ينتمي إغريق العصر البطولي والقبائل الإيطالية قبل التأسيس والألمان بعد التأسيس (16). الوحشية ببساطة، هي ما تنتجه الطبيعة دون جهد أو رعاية، والبربرية هي تبدأ بتربية الحيوانات وزراعة الأرض، أما المدنية هي مرحلة تعلم الإنسان في الإنتاج بمجهود إضافي وشيوع الفنون (17).
الفصل الثاني – العائلة: قضى مورغان الشطر الأكبر من حياته بين قبائل الأيروكيوس في أمريكا حيث تبنته إحدى القبائل وقد وجد نظاماً للقرابة يتعارض مع علاقتهم العائلية القائمة ضمن قاعدة الزواج، فعند قبيلة الينيكاس روابط عائلية غريبة، فإذا كان أولادهم ذكوراً يعتبرون أبناء وبنات أخوتهم. المرأة تعتبر أولاد أخوتها الإناث اولادا لها بعكس أولاد اخوتها الذكور فهي عمة أو خالة لهم (19). في النظر إلى الطبيعة، فهناك أنثى الطيور التي تبحث عن الزوج المخلص لمساعدتها في حضانة البيض، أما دودة الخنفساء، فهي ليست بحاجة لذلك لأنها تملك جهازين للتناسل، ولذلك تلقح نفسها (24). أما الحيوانات العليا، فهي لا تعرف إلا الزواج المنفرد للذكر، فهناك الغوريلا والشمبانزي التي تعيش الزواج الفردي (26). هناك قبائل بدائية تعيش حالة الزواج الجماعي، جماعة من النساء وجماعة من الرجال (27). فإن الشعور بالغيرة هو شعور حديث عند الإنسان، فهناك شعوب ما زالت تسمح مباشرة الأخ وأخته، بل بين الوالدين والأولاد أيضاً، فقد ذكر بانكرفت وجود هذه العلاقات في مضيق برنج والكادياك قرب الاسكا ووسط كندا عند التدينهي وبعض قبائل الهنود الحمر من النشيبوا والكاكاس كما انه هناك في الهند الصينية ومجتمع الفرس القديم (28). كتب مورغان عن الظروف الجنسية البدائية والزواج الجماعي الذي ينتج عنه اشكال من العائلة: العائلة المرتبطة بالدم. أي كل المجموعات الزوجية مقسمة حسب الأجيال، فكل الأجداد والجدات هم أزواج وزوجات مشتركين. وهنا نجد أن الأصول والفروع ممنوعين من ممارسة الزواج مع بعضهم، أي هناك سلالة أخوة وأخوات وأزواج مشتركين في نفس الوقت، لأن العائلة على أساس الدم قد انقرضت والدليل هو النظام القائم في جذر (هاواي) (29). فإذا كانت الخطوة الأولى هي منع الفروع الأبناء من ممارسة الزواج من الأصول، فإن الخطوة الثانية هي منع الأخوة من الزواج، لقد كان منع الزواج الأخ من أخته هو السبب في ظهور القبيلة، فقد كان نظام القبيلة هو النظام الاجتماعي عبر مرحلة البربرية (30). فلدى الهنود الحمر، يعتبر أبناء الخالة أخوة، لكن أبناء العم والخال عكس ذلك (31).
يوكد سيزر عن الرومان القدماء أنه كان هناك زواج جماعي (في بريطانيا) في المرحلة البربرية الوسطى وأنه كان هناك زوجات مشتركات وأزواج هم أخوة وأبناء وأباء، ولذلك كلما وجد زواج جماعي لا يمكن التأكد من الأب، لكن جزماً هو ينسب للأم، وانتشر الزواج الجماعي بين سكان استراليا الأصليين (33). ظهر التحريم عندما ظهرت القبيلة، أي الزواج من أولاد العم والخالة عند بعض الهنود الحمر، وهكذا أنشأت القبيلة من أصول نسائية حيث يمنع المعاشرة بين الأخوة والاخوات لانحدارهم من أصول نسائية واحدة أي خرجت القبيلة من العائلة البوتنالوانية ( (Punaluu Family (أي عائلة برابطة الدم) (34). يقسم الأستراليون الزواج لطبقتين هما كروكي والكوميت وهذا معناه أن أي رجل من الموميت يعتبر زوج لكل امرأة من الكروكي، حتى لو كانت أخته أو ابنته لأن النسب يذهب للأم وليس الأب (35). في هذا المعنى، فإذا خطف شاب فتاة، وهرب معها بمساعدة أصدقاءه، فالجميع يمارسون الجنس معها لكن تبقى زوجة الخاطف، وإذا هربت الفتاة وضبطها رجل آخر تصبح زوجة هذا الآخر (37). نحن نعد أن الزواج بين طبقتين في استراليا هو شكل بدائي للزواج الجماعي (38).
- العائلة المكونة من فردين - أي يكون للرجل زوجة رئيسية ضمن زوجاته العديدات: عند النظر في قبيلة الايروكيوس الهندية الامريكية نجدها بأنها في مرحلة البربرية الدنيا وكان قانونهم يحرم الزواج بين جميع الأقارب وعددهم يبلغ عدة مئات. يقول مورغان أن الزواج بين القبائل غير الأقارب في الدم، كان يميل إلى خلق تكافؤ أقوى من الناحيتين الجسمانية والعقلية بسبب الزواج المتباعد (39). عند الانتقال إلى الزواج الفردي، أصبح عدد النساء قليلاً، وهنا بدأ الاغتصاب وبدأت العلاقات غير مشروعة كما بدأ ستر العورة كطريقة صريحة لامتلاك النساء، فقد سمى الباحث الأسكتلندي ميكلتان ستر العورة طبقة من طبقات الزواج سماها (الزواج بالاغتصاب أو زواج الخطف)، بحيث ينظم الزواج الأم والأب وليس للفتاة أي استشارة وهذا ما كان عند الهنود الحمر حيث لا يعرف العروسان بعضهم البعض إلا قبل الزواج بفترة وجيزة (40). قديماً، كانت النساء تشغل في زمن البربرية الوسطى والدنيا، مركزاً محترماً لدى الشعوب وأيضاً في عصر الوحشية، وممكن أن تأمر الزوجة زوجها بالرحيل أي وقت دون أي مقاومة من الزوج (41). من أصل اربعين قبيلة في أمريكا الشمالية، فالرجل إذا تزوج من الأخت الكبرى في عائلة يعتبر زوجاً لباقي أخواتها لمجرد أن يبلغن ويذكر ان في أعياد معينة بين الهنود الحمر تتجمع عدة قبائل بقصد ممارسة العلاقات الجنسية دون قيود كما أن هذه الممارسة تذكّر بالأيام المظلمة عندما كانت كل نساء القبيلة تملك كل رجال قبيلة أخرى (42). يذكر التاريخ أن نساء بابل ملزمات بالاستسلام مرة واحدة كل عام في معبد ميليتا بحيث يستطعن معاشرة من يخترن من الرجال قبل أن يسمح لهن بالزوج، وهذه الظاهرة انتشرت بكل المنطقة (43) ولم يكن لهم أي شعور بالذنب من ولادة الأولاد غير الشرعيين (44). لقد كان الزواج الفردي هو رغبة النساء وليس الذكور (46). منذ بدء التاريخ المكتوب، نجد أن القطعان ملكاً خاصاً لزعيم العائلة، ومنذ تلك الفترة التي وجد فيها القطعان، وجد نظام الرق، أما في المرحلة الدنيا من البربرية، كان العبد عديم الفائدة، ولذلك كان الهنود الحمر إما يقتلون الأسرى الرجال أو يتبنوهم ويلحقون بالقبيلة كأخوة والأسيرات من النساء يتزوجن من المنتصرين (47).في مرحلة الزراعة وتربية قطعان الحيوانات وظهور المعادن، أصبحت الزوجة التي كان الحصول عليها سهلاً تشترى وتدفع قيمتها، وكانت هذه الثروات الجديدة المملوكة للعائلة سبباً في تحطيم المجتمع المؤسس على عائلات مكونة من فردين وقبائل منتسبة للأم. وطبقاً لتقسيم العمل، كان الرجل هو المسؤول عن انتاج الطعام ووسائل الإنتاج التي كان يملكها، لكن لم يستطع الأولاد وراثة الأب لأن الانتساب كان للأم، فكان أقارب الرجل يرثون من يموت من القبيلة كي تبقى الثروة داخل القبيلة (48). عندما حدثت ثورة التوريث وسيطرة الرجل على الأسرة، انهزمت سيطرة المرأة وأصبحت مجرد شهوة للرجل بشكل أصبح يسمح للرجل بتعدد الزوجات والهدف من التعدد هو العناية بالقطعان الحيوانية في أرض محدودة، فقد تميزت روما بهذا الشكل من العائلة بحيث عنت في روما مسمى العائلة بأنها مجموعة من العبيد في الأسرة (49). ملاحظة: هناك أيضاً كتاب " الشكل الخارجي لأصل وتطور العائلة والملكية لمكسيم كوفانفيكي (1890) يتكلم عن الجنس السامي حيث كان رب الأسرة مسموح له بتعدد الزوجات وكان هدفه أيضاً العناية بقطعان الحيوانات بأرض محدودة (50). فيما بعد أصبح لا يسمح في العرق السامي، بتعدد الزوجات إلا للأغنياء ويحدث ذلك عبر شراء الإماء (54). تعدد الأزواج في الهند -التبيت، أصله يكمن في الزواج الجماعي، حيث يكون لمجموعة من الرجال ثلاث أو أربعة زوجة واحدة (55). انتقلت العائلة من التعدد إلى الزوجة الواحدة وهذا تبعاً لسيادة الرجل وهدفها إنجاب أطفال غير مشكوك في ابوتهم كي يرثوا ثروة الأب، ففي فرنسا، وضع نابليون قانون يقول إنه يحق للرجل خيانة الزوجة مادام لا يحضر الأخرى إلى منزل الزوجة الأولى، لكن الزوجة تعاقب أشد العقوبات إن فعلت ذلك (56). في سبرطة كان لعدة أخوة أن يتخذوا زوجة مشتركة وكان الشخص يستطيع مشاركة صديقه في زوجته إذا كان له رغبة (58). في تلك الأزمنة، لم يكن للزنا بمعناه الخيانة الزوجية، وكان رقيق الأرض يعيشون منعزلين في المزارع، ومع ذلك، تمتعت النساء الإغريقيات والبغايا باحترام في تلك الفترة (58). بهذا المعنى، لم يظهر الزواج باعتباره توافقاً بين الرجل والمرأة، بل عبارة عن خضوع المرأة للرجل وفي هذه الفترة، ظهر أول تقسيم للعمل بين الرجل والمرأة في التاريخ (60). يقول مورغن أنه ظهر في المدينة العلاقات غير الشرعية بين الرجال والنساء خاصة بين الرجال المتزوجين وبين النساء غير المتزوجات، بحيث تطورت حتى تحولت إلى بغاء علني، وترجع هذه العلاقة إلى تاريخ الزواج الجماعي، فقد كان في معبد أرمينيا (أناتيس) إماء كما أن ذلك كان موجود في معبد (أثرودت) ومعهم فتيات للرقص الديني، وهؤلاء الفتيات من الملحقات بالمعبد ويمارسون البغاء الديني ومثل ذلك في المعابد الهندية (61). ينص قانون نابليون في المادة 312 أن الطفل الذي يولد في الزواج يعتبر أبناً للزوج، حتى ولو لم يكن أبنه الشرعي (62). كانت المرأة عند الرومان أكثر حرية من المرأة اليونانية وأكثر احتراماً، بحيث يمكن حل الرابطة الزوجية برغبة أحدهم (63). كان الألمان فقراء، ولذلك أقتنع الرجل بزوجة واحدة، حيث تعيش في سياج العفة.
كان تعدد الزوجات موجود لأصحاب الألقاب ورؤساء القبائل الأغنياء فقط (64). ما يسمى الآن بالحب الجنسي قبل عهد الزواج، لم يكن معروفاً بين الافراد (65). فيما بعد أمكن للحب الجنسي أن يصبح قاعدة بين الفقراء لأن الملكية معدومة بينهم (67). الآن لدينا ثلاث أنواع للزواج تمثل التطور الإنساني هي: المرحلة الوحشية الذي كان فيه الزواج جماعي والمرحلة البربرية التي كانت العائلة المكونة من أثنين هي الشكل السائد، ثم المرحلة المدنية للعائلة الحديثة الذي يسود فيها الزنا والبغاء. لكن رجوعاً للمرحلة العليا للبربرية، كانت علاقة الرجل المالك للإيماء وكان فيها تعدد للزوجات (70). إن مفهوم الحب الجنسي ومفهوم الجمال والعواطف والصداقة الوطيدة أظهرت الرغبة في الدخول في علاقات جنسية مع أشخاص معينين (71). وهنا نؤكد أن الزواج بالشراء اختفى في العهد الحديث (75). ومنذ أن ظهرت حركة مارتن لوثر كينغ الإصلاحية أصبحت مسؤولية الإنسان كاملة عن أفعاله، لأنه يتمتع بالحرية الكاملة، فالحب بين الزوج والزوجة هو الشكل البرجوازي لحب الفروسية (76).
- الفصل الثالث – السلالة الايروكيوسية : كانت دراسة مورغان على روابط القبيلة الامريكية تسمى بأسماء الحيوانات وهذه تماثل تنظيم السلالة عند الإغريق والرومان (81). يقول مورغان عن قبائل الأيروكيوس في أمريكا أن لديهم 8 فروع في القبيلة تسمى على أسماء الحيوانات مثل الذئب، الدب، السلحفاة، كلب البحر، الغزال، ملك الحزين والصقر وجميع هؤلاء يتبعون للأم (82). علماً أنهم يمتلكون مجلس للقبيلة ويستطيعون عزل زعيم القبيلة فيعيش كفرد مثل غيره في القبيلة 083). الثأر عندهم يظل ضد القاتل، وإذا لم يتم الصلح بين السلالتين يتتبع القاتل ويقتل وينتهي الثأر عند هذا الحد، وكانت قبيلة السينسكا تتبنى أسرى الحرب الذين لم يقتلوا حيث يحصلون على حقوقهم في القرابة ويعتبرون أخوة وأخوات في القبيلة (84). تعتبر قبيلة الشيروكي أكبر قبيلة ويصل عددهم إلى 26 الفاً وهي أكبر مجموعة تتكلم لهجة واحدة، لكن في العادة لا يتعدى عدد القبيلة أكثر من 2000 فرد ويكون لها لهجة خاصة بها (90). كان الرقص عندهم جزء هام في الاحتفالات الدينية وكان العداء بين القبائل امر عادي إذا لم يعقدوا سلم بينهم (92). لقد تطور القائد العسكري عند الهنود الحمر أو حتى في حضارات أخرى حتى أصبح فيما بعد رئيس دولة أو ملك (93). وعندما انقسمت هذه القبائل إلى فروع وابتعدت عن بعضها تغيرت اللغة لأصلية إلى حد أصبح التفاهم مستحيلاً عندهم (94). لكن في هذا النظام، لم يوجد بينهم فقيراً أو محتاجاً لأن السلالة تعرف التزاماتها تجاه الشيوخ والمرضى ومشوهي الحروب، فالجميع احرار متساوون، إلى درجة انه عندما قهر قبائل الأيروكيوس الأمم المجاورة عام 1651 دعوهم إلى المشاركة في الاتحاد على قدم المساواة مع بقي اتحاد القبائل (97). وكان هؤلاء يعتزون بأنفسهم مثلهم مثل قبائل الزولو في جنوب افريقيا فقد كانوا يهاجمون الجيوش الأوروبية المسلحة بالمدافع والبنادق وهم لا يحملون إلا الرماح ويركضون على الأقدام تحت طلقات المدافع ليخترقوا تحصينات القوات البريطانية (98). أما في المجتمع المدني، فقد نمت القسوة والأنانية والمصلحة الشخصية وأصبحت سمة للمجتمع المتمدن كما نمت السرقة والخيانة، فقد تشكلت أقلية حاكمة لأكثرية محكومة (99).
الفصل الرابع – السلالة الإغريقية: كان الاغريق قديماً مثل الهنود الحمر منظمون بشكل قبلي، لكن حل الانتساب للأب مكان الانتساب للأم وأصبح الرجل يرث زوجته في حال ماتت وليس أهلها (100). كان اليونانيون القدماء يحتفلون مع كهنتهم بالإله وهم يعتقدون أنه أصل سلالتهم (101) عندما منع الزواج داخل السلالة الإغريقية، انتسبت العائلة للأب وأصبحت الزوجة تمارس معتقدات زوجها وليس معتقداتها، لكن لم تكن العائلة وحدة تنظيمية لأن الزوج والزوجة ينتميان لسلالتين مختلفتين (102). عندما زادت قطعان المواشي وزرعت الأرض وتشكلت الحرف اليدوية، زاد عدد السكان في القرية والمدينة (106). لقد دخلت هذه الشعوب اليونانية الصغيرة في حروب مع بعضها في سبيل امتلاك الأراضي والغنائم والعبيد (107). كان لدى الإغريق مجلس ينعقد لتقرير الأمور الهامة وكان لكل رجل الحق بالكلام والتصويت برفع الأيدي أو الهتاف (108). لقد عرف الهنود الحمر الزعامة من خلال الانتخاب من نفس سلالة الزعيم، ثم أصبح الأخ وابن الأخت يرشحون أنفسهم لشغل المنصب في حال وفاة الزعيم (109). أما في اليونان فقد كان القائد العسكري منتخباً ليتحول فيما بعد إلى ملك، لكن قبل التحول، كان القائد العسكري زعيماً عسكرياً ورجل دين في الوقت ذاته ( (110). تطور الرق في المجتمعات البشرية، فقد كان محدوداً بأسرى الحرب لكنه مهد ا لطريق لاستعباد الزملاء في القبيلة والسلالة نفسها. لقد برزت سلطة الدولة من خلال حماية نظام الطبقة الحاكمة من نبلاء ورجال دين (111).
- الفصل الخامس- قيام الدولة في أثينا: عند قيام الدولة، استبدل الرجال المسلحون في كل قبيلة من أخوة وفروع بقوة مسلحة تخدم السلطة الحكومية، ولذلك يمكن استخدام القوة ضد الشعب نفسه وهكذا قامت الدولة في أثينا القديمة، عندها تحولت تجارة بحر إيجة تدريجياً من أيدي الفنيقين إلى أيدي أهل أتيكا الأثنية (112). وعند ذلك، خطى الأثينيون خطوة لم يخطها شعب آخر، حيث استبدلوا الإتحاد البسيط بين القبائل باندماج هذه القبائل على هيئة شعب واحد حيث قام نظام قانوني أعلى من نظام القبيلة (113). وانقسم الشعب إلى ثلاث طبقات هي النبلاء وملاك الأراضي وأصحاب الحرف. حيث أصبحت الطريقة الرئيسية للسيطرة على الآخرين هي المال والربا، فكان يعمل النبلاء في التجارة البحرية والقرصنة وهذا ما أتاح فتح الطريق أمام نظام النقد (114). ثم اخترعوا نظام الرهن لأن النظام القديم لم يعرف شيئاً عن القروض أو الديون النقدية وعند ذلك غرقت أحياء اتيكا الريفية في رهانات الفلاحين لحساب ملاك الأرض (115). لكن كان الفلاح يعتبر نفسه سعيداً إذا خسر ارضه للمرابي وسمح له هذا المرابي البقاء في الأرض كمستأجر نظير خمس إنتاج الأرض الذي ينالها من السيد، أما إذا كانت الأرض لا تساوي قيمة الرهن، كان على المدين بيع أولاده كعبيد كي يعوض عن القرض للنبيل وإذا لم يكن عنده أولاد، كان الفلاح يبيع نفسه للسيد،
هكذا بدأت أثينا السعيدة (115). عندما قام نظام التبادل في المنتجات والسلع، فقد المنتج السيطرة على انتاجه، فقد تحول حتى المنتج إلى سلعة للمقايضة (116). لكن عندما ظهرت النقود في أثينا، زاد عدد العبيد حتى أصبحوا أكثر عدداً من الأثينيين وتطورت التجارة لأن هذا النقد جلب معه تجاراً أجانب لسهول كسب النقود ومحدودية حجمها، ومنذ ذلك التاريخ عرف اهل أثينا بأنهم ملاحين وتجاراً ماهرين (117). لقد ضحت الثورة الفرنسية بالملكية الإقطاعية في سبيل الملكية البرجوازية، لكن ثورة سولون الإغريقي (560-640 ق.م) كانت تضحية ملكية الدائنين في سبيل الملكية المدينين حيث ألغيت الديون ببساطة وألغى سولون حقوق الرهن (119). عندما نشأت علاقة البشر بمساحة محددة بالأرض، أتت معها بحقوق المواطنة مما سهل دحر علاقات الدم ونظام القبيلة (120). وعندما توقفت عملية الربا في الأراضي وأصبحت التجارة والحرف اليدوية والفنون هي الفروع المسيطرة في الحياة، زاد عدد الأجانب المهاجرين الذين بدأوا يتمتعون بصفة المواطنة وحماية الدولة (121). عندما حدثت ثورة كليتينس عام 509 ق.م والتي اسقطت النبلاء وأسقطت معها النظام القبلي. فقد قسم كليتينس المواطنين نسبة إلى المكان، فأصبح المواطن ينتسب إلى الأقاليم والأحياء بدلاً من القبيلة. وكان لكل منطقة رئيسها ينتخبونه ومعها ثلاثين قاضياً ولها معبدها الخاص وإلاهها الخاص أيضاً (122). تألفت قوة المشاة والخيالة المسلحين من العبيد حيث كان الأثيني يعتبر الخدمة في البوليس أو الجيش عملاً مهيناً. عندها أصبح الصراع بين العبيد والأحرار وليس بين النبلاء وعامة الشعب، ، لم يتعد عدد الأحرار في ذلك الوقت أكثر من 90 ألفاً بينما عدد العبيد تعدى 365 ألفاً، أما المهاجرين كانوا 145 ألفاً بينهم العبيد المعتقين، فكان بمعدل 18 عبداً لكل مواطن حر حسب القسمة (124). وهذا ما سبب في انهيار الدولة الأثينية لأن الرق حط من شأن عمل الأحرار ولم تكن الديمقراطية سبب الانهيار (125).
- الفصل السادس – السلالة والدولة الرومانية: يذكر أن الأسطورة الخاصة في تكوين روما هي أن الفروع المئة توحدت في قبيلة واحدة (126). فقد كان الانتساب للأب هو السائد، ولذلك ورث المالك أقاربه وبقي المتاع في السلالة وبقيت ذرية الإناث مستبعدة (127). كانت المرأة في روما تفقد حقوقها الموروثة عندما تترك سلالتها ولم يستطع أولادها وراثة ممتلكات أبيها (128). إلا أنه كان يسمح للعبيد المعتقين في روما القديمة من حمل سلالة سادتهم دون أن يكون لهم حقوق في السلالة، ويمكن أيضاً للمواطن الروماني أن يتبنى الأجانب في سلالته ويتم ذلك عبر بعض العائلات كما عند الهنود الحمر (129). كما يعرف أن روابط السلالة عند الرومان بقيت قوية حتى بعد 700 سنة من تكوين روما وكان الشعب الروماني يتكون من القبائل الثلاثة، أما مجلس الشيوخ يتكون من 300 فرع من كبار السن من كل فرع في القبيلة (ملاحظة: ومن هنا أتى مجلس الشيوخ الأمريكي بالاسم) (134). قد خصصت روما منصب يسمى ركس وهو القائد العسكري وكبير الكهنة ورئيساً لمحاكم معينة (136). لقد ازداد عدد السكان نتيجة الهجرة ونتيجة خضوع إقليم مجاورة لروما وكان هؤلاء الخاضعين خارج نطاق الفروع والقبائل القديمة (137). عندما كانت الطبقات المؤلفة من الفرسان والنبلاء يتحدون كانت قراراتهم تصدر دون سؤال الطبقات الأخرى (138). عندما تقدمت روما القديمة، تحطم النظام الاجتماعي المبني على رابطة الدم وحل محله الدستور الجديد المبني على الأقاليم واختلاف الثروة (139).
الفصل السابع – السلالة عند السلتس والألمان: تظهر السلالة عند السلتس وخاصة في أيرلندا بعد أن حطمها الإنكليز بالقوة، أما في اسكتلندا استمرت حتى القرن الثامن عشر ولم تستسلم إلا لأسلحة وقوانين ومحاكم الإنكليز (140). كانت المرأة في ويلز تطلب الطلاق لأتفه الأسباب، فتقول إن رائحة زوجها كريهة، كان هناك فدية (في اسكتلندا) يدفعها العريس لرئيس القبيلة لقاء تنازله عن حق الليلة الأولى مع العروس (141). بدأ انهيار مفهوم القبيلة والسلالة في اسكتلندا عندما اخضع ثوار عام 1745 بحيث كان أبناء الرجل ينتسبون للقبيلة بينما ينتقل أبناء المرأة إلى قبيلة أخرى، لكن قديماً كان الانتساب للأم كبقية الشعوب الأخرى (144). ومن المستغرب أن زعيم القبيلة في اسكتلندا استمر في حق الليلة الأولى للعروس حتى العصور الوسطى إذا لم تدفع الفدية وهو مثل صريح على ما تبقى من الزواج الجماعي (145). هناك أثر عند الألمان للانتساب للأم وهو احترام الجنس المؤنث حيث كانت فتيات العائلات الأرستقراطية أحسن رهائن لضمان تنفيذ الالتزامات لدى الألمان حيث كانوا يشنون حروبا من أجل زوجاتهم وبناتهم إذا وقعوا في الأسر (149). إن نظام السلالة هو الذي ورث الشخص وراثة عداوات وصداقات ابيه وأقاربه وحتى نظام الفدية بدل الثأر (150). ظل العبيد المعتقون يشغلون مركزاً منحطاً في المجتمع لأنهم لا ينتسبون للسلالة، لكنهم كانوا يحصلون على المراكز والثروات من خلال التودد والتقرب من الملوك الجدد (155). ولذلك بعد هزيمة الإمبراطورية الرومانية، تحالف الملك مع الأرقاء والحاشية الرومانية المكوّنة من الأرستقراطية (156).
- الفصل الثامن – تكوين الدولة عند الألمان: كان عدد الألمان قديماً لا يتعدى 180 الفاً، بينما الأيروكيوس الأمريكيين لم يزد عددهم عن 20 الفاً حيث شكلوا مصدر رعب للأقاليم حولهم 158). لم تبد اللغة الاغريقية أية مقاومة عندما حلت محلها اللغة اللاتينية حيث سيطرت على كل اللغات القومية المجاورة (159). في أواخر الحكم الروماني، كان الاستغلال قاسياً للولايات الخاضعة لها، وكلما اقتربت من الفناء ازدادت الضرائب وخدمات السخرة وكان الموظفون يسرقون الشعب بواسطة انتشار الفساد (161). وعم الفقر في أرجاء الإمبراطورية الرومانية وانحطت الزراعة من خلال السيادة الرومانية على العالم حيث كان الفلاحون يحصلون على سدس أو حتى تسع المحصول السنوي حيث ارتبطوا بالأرض رغم أنهم ليسوا عبيداً، ولكنهم ليسوا أحراراً وظلوا غير قادرين من الزواج من المواطنين الأحرار (162). عندما اختفى نظام العبيد في المزارع بقي في بيوت الأغنياء لكن أتت المسيحية ولم تمنع الرق وتجارة العبيد (163). توقف الرق في روما بينما ظل عمل الأحرار عاراً من الناحية الأدبية وهذا ما جمد الأعمال164). وصل الحكم الروماني من الانحطاط إلى أنه أصبح يخيف المواطنين ولذلك كانوا يهربون إلى الأماكن البعيدة ووصل الحال بهم إلى بيع أطفالهم كرقيق من شدة الفقر رغم صدور قانون بمنع بيع الأطفال وهذا الوضع سهل على الألمان الاستيلاء على ثلثي الأراضي الرومانية ثم قسموها فيما بينهم وهذا ما سرع التحول من نظام قبلي إلى نظام إقليمي (165). لقد تمتع القائد العسكري بمعاملة عظيمة لأنه فتح الأراضي وقاد الجيش ولذلك تحول إلى ملك (166). عندما ضعف الملك وافتقر الفلاحون، أصبحوا يبحثون عن حماية، فكانوا ينقلون ملكية أراضيهم إلى النبلاء وهكذا تكونت طبقة إقطاع من النبلاء في بلاد الغال (168). بعد فتح فرنسا من قبل الدولة الرومانية بواسطة جيش من الفلاحين الذين كانوا فقراء، شكلوا غالبية شعب فرنسا، فكان عليهم طلب الحماية من رجال الدين الكنسي والسادة لأن الملك كان ضعيفاً ولذلك تحتم عليهم نقل ملكية أراضيهم للسادة النبلاء ثم استئجارها ثانية بحيث فقدوا حريتهم الشخصية وأصبحوا تدريجياً من رقيق الأرض (169). لقد أستطاع الألمان من تخفيف نظام الرق في الإمبراطورية الرومانية حيث عملوا فيما بعد إلى الغائها تدريجياً بحيث لم يعرف التاريخ القديم أي الغاء للرق رغم الثورة عليه في بعض الأحيان والسبب أن الألمان جلبوا الحيوية للعالم الروماني وهم أتوا من المرحلة البربرية ليبعثوا الحياة في حضارة ميتة (172).
- الفصل التاسع – البربرية والمدنية: كنا قد وجدنا أن الهنود الامريكيون مثلوا المرحلة الدنيا من البربرية، فكانت القبيلة عندما تكبر تنقسم إلى قبائل آخرى وقد تتشكل بعد ذلك في اتحاد قبائل مرتبطة برابطة الدم (174). أما فيما يتعلق بالمشاكل الخارجية، فكانت تسوى بالحرب التي تنتهي بإفناء إحدى القبائل بدل إخضاعها (175). أما من ناحية أدوات المنزل، فكانت مشاعيه عند الهنود الحمر، بحيث أن ما ينتجه الجميع، يظل ملكاً للجميع (176). عندما دخلت الماشية والقطعان إلى القبائل، أصبحت هي السلعة الهامة للتبادل بالسلع الأخرى وأصبحت أيضاً بمقام النقود (177). إلا أنه عندما بدأ تقسيم العمل، وتواجد العبيد من خلال الحروب، انقسم المجتمع إلى سادة يشرفون على العمل ولا يعملون وعبيد يعملون (178). لقد كان الصياد والمحارب قانعاً في عصر الوحشية لأنه كان يشغل المكان الثاني في بيته ويترك الرئاسة للمرأة 179). تميزت المرحلة البربرية العليا بالسيف الحديدي والمحراث والفأس بشكل أصبح الحديد أهم المواد التي لعبت دوراً هاماً في الحياة (180). تشكلت المدن عندما تشكل اتحاد للقبائل وأصبحت المدينة المركز للثروة المملوكة للأفراد (181). عندما تجمعت المجتمعات في المدن زاد السلب بين الأقاليم المجاورة وبهذا زادت قوة القائد العسكري حتى تحول إلى ملك ومن ثم أصبح المنصب وراثي (182). خلقت المدينة طبقة لا تشترك في الإنتاج، ولكنها تعمل في التبادل وهي طبقة التجار، ولما استقوت سيطرت على الإنتاج وبقيت طفيلية وهي التي اوجدت الأزمات الاقتصادية الدورية في المجتمعات الحديثة (184). لكن قبل ظهور طبقة التجار، ظهرت النقود المعدنة والعملة المسكوكة، ثم ظهرت بعد ذلك القروض والربا بسبب الغنى الذي تمتع به التجار وهذا النشاط لم تشرع له أثينا أو روما القديمة (185). الثروة النقدية قادت أيضاً إلى الثروة العقارية التي ارتبطت بمسألة رهن الأرض للرجل الثري وهنا ظهر الزواج الحديث كي يكفل للرجل انتقال الثروة إلى الأبناء وظهر البغاء أيضاً وأخذ المجتمع يقسم الرجال الأحرار طبقاً لثروتهم (186). كان عدد العبيد في أثينا وكورنث 460 ألفاً وفي أيجينا 470 ألفاً، في كلا المدينتين يساوي عدد العبيد 10 أضعاف السكان (187). نشؤ الدولة هو اعتراف بأن المجتمع أصبح يتعارض مع بعضه وكي لا تدفع هذه الصراعات والخلافات إلى الموت وفناء الجميع، كان ضرورياً أن تجد قوة تقف فوق المجتمع تشرع وتحل الخلافات، وهنا أصبح المجتمع منظم على أساس الأقاليم وليس القبيلة والدم. لقد كان 90 الفاً من الأحرار في أثينا يسيطرون على 365 ألفاً من العبيد ولذلك كانت الدولة تنظم هذا الخليط (190). ولكي يتم المحافظة على هذه القوة التي تنظم المجتمع والدولة كان لابد من الحصول على العطايا من المواطنين وهي الضرائب (191). وفي النظر إلى معظم الحالات في التاريخ، نرى أن حقوق المواطنين تتناسب مع ثروتهم، وهذا ما يؤكد أن الدولة هي أداة للطبقة المالكة (193). نحن نقترب من مرحلة التطور الإنتاجي حيث لا فائدة لوجود طبقات وهذا بالضرورة سينهي ما يسمى بالدولة التي كانت سبباً لظهور الطبقات وسيضع الدولة في متحف الآثار مع العجلة والفأس البرونزي (194). أوجد انتاج السلع طمعاً عند الأفراد لأنه لم يعد من أجل إشباع المرء لكنه من أجل المبادلة من يد إلى يد (196). أنقسم المجتمع مع ظهور الرق، أي من طبقة تستغل العبيد وطبقة لا تملك شيئاً، وهذا الرق كان أول استغلال في العالم القديم ثم أعقب العبيد رقيق الأرض في العصور الوسطى ثم العمال الأحرار في هذا العصر (197). تميزت العصور الثلاثة للمدينة بأنها تنكرت في أشباه العبودية ومن ثم رقيق الأرض ثم العمال وتتميز مرحلة إنتاج السلع في المدينة إلى:
- وجود النقود المعدنية والفائدة الربوية.
- قيام التجار بدور الوسيط بين المنتجين.
- ملكية خاصة في الأرض والرهن.
- عمل العبيد في الأرض باعتباره الشكل الممتاز للإنتاج. (198).
ختاماً يقول مورغان عن المدينة: " منذ قدوم المدينة تضخم نمو الثروة وتمددت أشكالها وتحسنت إدارتها لمصلحة مالكيها، ولذلك سيرتفع الذكاء الإنساني ليسود الملكية ويحدد علاقة الدولة بالملكية التي نجمعها وتضع الالتزامات على حدود الملكية، إن الديمقراطية والاخاء والمساواة في الحقوق والمزايا والتعليم سيظلون الخطة العليا للمجتمع" (201).
.............................
- أصل العائلة والملكية الخاصة – فريدريك أنجلس – ترجمة أحمد عز العرب – تأليف 1888 – نشر 1957 -الصفحات – 202
- المجتمع القديم – لويس هنري مورغان – 1877 عدد الصفحات



#خليل_الشيخة (هاشتاغ)       Kalil_Chikha#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصل العائلة (5)
- أصل العائلة (4)
- أصل العائلة (3)
- أصل العائلة (2)
- كتاب أصل العائلة
- كتاب البعث الشيعي
- كتاب: الهزيمة والايديولوجيا المهزومة
- كتاب البعث – كاملاً
- كتاب البعث - الجزء الثاني
- كتاب البعث – سامي الجندي (1)
- كتاب الصراع على السلطة في سوريا كاملاً
- كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (4)
- كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (3)
- كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (2)
- كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (1)
- اجتهادات ابو عبدو
- من أجل الخبيّزة
- سوريا والعراق: سياسة النقائض
- انقلب مركب الأسد
- إحد عشر يوماً هزت سوريا


المزيد.....




- البنتاغون يدرس نقل غرينلاند إلى القيادة الشمالية الأمريكية.. ...
- -سي إن إن-: إجراء أول اتصال هاتفي بين الهند وباكستان منذ اند ...
- -جيروساليم بوست-: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعو ...
- هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي -أكثر غباء-؟
- جدل مُتصاعد.. أزمة الإيجار القديم في مصر تُهدد بفوضى عقارية ...
- لماذا يجتاح -جنون البروتين- عالم التغذية في 2025؟
- العلماء يكتشفون طفرة جينية قد تفسر سبب تفاوت ساعات النوم
- ابنة ماسك العابرة جنسيا تخطف الأنظار خلال حدث بارز (فيديو)
- كوريا الشمالية مستعدة لدعم روسيا إن تعرضت لعدوان غربي
- الصين تدعو الهند وباكستان للتهدئة وضبط النفس


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خليل الشيخة - كتاب: أصل العائلة والملكية والدولة