ما أصعب الكتابة عن غزة

طارق فتحي

الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 02:56
المحور: القضية الفلسطينية
    

يقال ان الآثاريين عثروا على أقدم سجل مكتوب عن الدموع على الواح طينية كنعانية مؤرخة في القرن الرابع عشر قبل الميلاد، والكنعانيون هم سكنة منطقة بلاد الشام، والتي من ضمن شعوبها سكان فلسطين.

سموتريش، وزير مالية إسرائيل يقول: سنحشر اهل غزة في محور موراج، هناك حيث يتم قتلهم بهدوء أكثر، أو هروبهم الى بلدان أخرى.

انتهى الطعام والماء والدواء، لم يتبق شيء يأكلوه، انهم ينهارون، يتساقطون واحدا تلو الاخر من الجوع، من القصف، من المرض، من العطش، من الخوف، من التعب والارهاق؛ أقفلت جميع الأبواب في وجوههم، لا مهرب او ملجأ، تحوم عليهم الطائرات، تقبض ارواحهم وتحرق أجسادهم.

ترامب اعطى الضوء الأخضر الكامل والتام لنتنياهو لاستكمال حرب الإبادة، قال له اقتل ما شاء لك ذلك، فلن يتحدث أحد عنهم بعد الان، لا وسيلة اعلام مقروءة او مسموعة او مرئية، لا مواقع تواصل، لا مؤتمرات او ندوات، لا مظاهرات او تجمعات او اعتصامات، سنعاقب كل من سيأتي بذكرهم.

يذهب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الى بولندا ليشارك ذكرى معتقل اوشفيتز، ويلقي كلمة عن تلك المحرقة، ويضع باقة ورد على اثار ذلك المعتقل؛ لكن هل تساءل هرتسوغ ماذا يفعل جيشه في غزة؟ الا يمكن مقارنة تلك المحرقة بمحرقة غزة؟ هل هناك فرق بين نازية هتلر ونازية هرتسوغ ونتنياهو وسموتريش وعلمحاي وبن غفير؟

نذهب الى العمل صباحا او مساءً، نشاهد كرة القدم ونستمتع بها، نستمع الى اغنية ما ونطرب معها، نشاهد فيلما او حفلا موسيقيا، نجلس في المقهى او النادي، نزور هذا الصديق او ذاك، نحيا بشكل طبيعي، ونسمع خبرا قصيرا عن غزة: "مقتل العشرات من الفلسطينيين في غزة عند تجمعهم على شاحنة مساعدات"، ويذهب الخبر ونذهب نحن لنكمل حياتنا.

يقال ان هناك أنواع عديدة من الدموع، فهناك دموع الفوز او الخسارة، وهناك دموع الفرح، وهناك الدموع المقدسة، لكن تبقى دموع الحزن هي الأشد قساوة، فعندما لا تملك شيئا لتوقف به مجزرة بشرية مستمرة منذ أكثر من عام، لناس لا يملكون حولا ولا قوة، امام وحش بربري همجي، يقتل بدم بارد، وتشاهد صور الناس مقطعة الاشلاء ملقاة في الشوارع، تنهش بها الحيوانات السائبة؛ عندما تشاهد الأطفال وهم يموتون جوعا بالحصار الليبرالي، عند ذاك لا تملك الا الدموع المؤقتة.
#

#طارق_فتحي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل