أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سرود محمود شاكر - السلام، والعدالة، والمؤسسات القوية: دعائم لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة















المزيد.....

السلام، والعدالة، والمؤسسات القوية: دعائم لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة


سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي

(Surd Mahmooed Shakir)


الحوار المتمدن-العدد: 8333 - 2025 / 5 / 5 - 01:15
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


المقدمة
تُعد التنمية المستدامة هدفًا عالميًا يسعى إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والحفاظ على البيئة، وتعزيز العدالة الاجتماعية لتلبية احتياجات الحاضر دون المساس بحقوق الأجيال القادمة. في عام 2015، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أجندة 2030 للتنمية المستدامة، التي تضم 17 هدفًا، منها الهدف 16 الذي يركز على تعزيز السلام والعدالة وبناء مؤسسات قوية وفعالة[1]. تُعتبر هذه الركائز الثلاث – السلام، والعدالة، والمؤسسات القوية – أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تُشكل بيئة تمكينية للتقدم الاجتماعي والاقتصادي. تهدف هذه المقالة إلى تحليل العلاقة بين هذه الدعائم والتنمية المستدامة، مع الاستناد إلى مصادر موثوقة ووفق المعايير الأكاديمية الدولية.

1. السلام كشرط أساسي للتنمية المستدامة
يُعرف السلام بأنه غياب العنف المباشر (مثل الحروب) والعنف الهيكلي (مثل الفقر وعدم المساواة)، إلى جانب وجود العدالة الاجتماعية والتعايش السلمي[2]. يُشكل السلام أساسًا للتنمية المستدامة لأنه يوفر بيئة مستقرة تمكن الأفراد والمجتمعات من الاستثمار في التعليم، والصحة، والبنية التحتية. وفقًا لتقرير معهد الاقتصاد والسلام (2023)، فإن الدول التي تتمتع بمستويات عالية من السلام الإيجابي تشهد نموًا اقتصاديًا أكثر استدامة بنسبة 2-3% سنويًا مقارنة بالدول التي تعاني من الصراعات[3].

على سبيل المثال، أظهرت تجربة رواندا بعد الإبادة الجماعية عام 1994 كيف يمكن للسلام أن يُمهد الطريق للتنمية. من خلال تعزيز المصالحة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات، حققت رواندا تقدمًا ملحوظًا في مؤشرات التنمية البشرية، حيث ارتفع متوسط العمر المتوقع من 49 عامًا في 2000 إلى 69 عامًا في 2020[4]. ومع ذلك، فإن غياب السلام في مناطق مثل اليمن وسوريا يُعيق التنمية، حيث تؤدي الحروب إلى تدمير البنية التحتية، وتشريد السكان، وتعطيل سلاسل الإمداد الغذائي[5].

2. العدالة كمحرك للإنصاف والشمول
تُعتبر العدالة ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، حيث ترتبط بضمان الحقوق المتساوية، ومكافحة التمييز، وتوفير الوصول العادل إلى الموارد والفرص. تشمل العدالة في سياق الهدف 16 توفير أنظمة قضائية مستقلة، ومكافحة الفساد، وضمان المساواة أمام القانون[6]. بحسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2022، فإن 4.4 مليار شخص – أي ما يقرب من نصف سكان العالم – يعيشون في دول تفتقر إلى أنظمة قضائية فعالة، مما يعيق تحقيق التنمية المستدامة[7].

تُظهر دراسة أجراها البنك الدولي (2021) أن الدول التي تتمتع بمستويات عالية من العدالة الاجتماعية، مثل الدول الاسكندنافية، تحقق أداءً أفضل في مؤشرات التنمية المستدامة، بما في ذلك انخفاض معدلات الفقر وزيادة الابتكار[8]. على النقيض، فإن غياب العدالة في دول مثل جنوب إفريقيا، حيث لا يزال عدم المساواة الاقتصادية مرتفعًا، يُعيق تحقيق التنمية الشاملة[9].

3. المؤسسات القوية كأساس للحوكمة الفعالة
المؤسسات القوية هي تلك التي تتميز بالشفافية، والمساءلة، والكفاءة، والقدرة على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. تُعد هذه المؤسسات العمود الفقري للتنمية المستدامة، حيث تسهم في بناء الثقة بين الحكومات والمواطنين، وتعزز الاستقرار السياسي، وتدعم تنفيذ السياسات العامة. وفقًا لمؤشر الحوكمة العالمية (2023)، فإن الدول ذات المؤسسات القوية، مثل سنغافورة ونيوزيلندا، تحقق أعلى معدلات التنمية المستدامة بفضل فعالية الحكومة ومكافحة الفساد[10].

في المقابل، تُظهر تجارب دول مثل الصومال وجنوب السودان أن ضعف المؤسسات يؤدي إلى الفوضى، وانتشار الفساد، وتدهور الخدمات العامة، مما يجعل تحقيق التنمية المستدامة أمرًا بعيد المنال[11]. تُبرز هذه الحالات أهمية بناء مؤسسات شاملة وشفافة لدعم التنمية.

4. التكامل بين السلام والعدالة والمؤسسات القوية
تتفاعل الركائز الثلاث بشكل مترابط لتحقيق التنمية المستدامة. فالسلام يوفر بيئة مواتية لتطبيق العدالة، بينما تُعزز العدالة الثقة في المؤسسات. بدورها، تدعم المؤسسات القوية استدامة السلام والعدالة من خلال ضمان الحوكمة الرشيدة. على سبيل المثال، ساهمت لجنة الحقيقة والمصالحة في جنوب إفريقيا بعد الفصل العنصري في تعزيز السلام والعدالة، بينما دعمت المؤسسات الديمقراطية استدامة هذه المكتسبات[12].

الخاتمة
يُظهر التحليل أن السلام، والعدالة، والمؤسسات القوية ليست مجرد أهداف مستقلة، بل هي دعائم متكاملة تشكل أساس التنمية المستدامة. بدون السلام، تتوقف عجلة التنمية؛ وبدون العدالة، تتفاقم الفجوات الاجتماعية؛ وبدون مؤسسات قوية، تُهدر الموارد وتضعف الحوكمة. لذلك، يتعين على الحكومات والمنظمات الدولية الاستثمار في تعزيز هذه الركائز من خلال سياسات شاملة تركز على المصالحة، ومكافحة الفساد، وبناء مؤسسات شفافة. فقط من خلال هذا التكامل يمكن تحقيق أجندة 2030 وضمان مستقبل مستدام للجميع.

المراجع
[1] United Nations. (2015). *Transforming Our World: The 2030 Agenda for Sustainable Development*. https://sdgs.un.org/2030agenda
[2] Galtung, J. (1969). Violence, Peace, and Peace Research. *Journal of Peace Research*, 6(3), 167-191.
[3] Institute for Economics and Peace. (2023). *Global Peace Index 2023*. https://www.visionofhumanity.org
[4] World Bank. (2022). *Rwanda: Country Profile*. https://data.worldbank.org/country/rwanda
[5] United Nations Development Programme. (2021). *Impact of Conflict on Sustainable Development in Yemen*. https://www.undp.org
[6] United Nations. (2022). *The Sustainable Development Goals Report 2022*. https://unstats.un.org/sdgs/report/2022/
[7] Ibid.
[8] World Bank. (2021). *World Development Report 2021: Data for Better Lives*. https://www.worldbank.org
[9] Oxfam. (2023). *Inequality in South Africa: A Persistent Challenge*. https://www.oxfam.org
[10] World Governance Indicators. (2023). *Worldwide Governance Indicators*. https://info.worldbank.org/governance/wgi/
[11] Transparency International. (2023). *Corruption Perceptions Index 2023*. https://www.transparency.org
[12] Tutu, D. (1999). *No Future Without Forgiveness*. Random House.



#سرود_محمود_شاكر (هاشتاغ)       Surd_Mahmooed_Shakir#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليوم العالمي لحرية الصحافة في سياق حرية التعبير وثورة الذكا ...
- اليوم العالمي للعمال وحقوق العمال
- اليوم العالمي للسلامة والصحة في مكان العمل في ظل ثورة الذكاء ...
- اليوم العالمي للملكية الفكرية: مقالة وفق مصادر رصينة و الاتف ...
- اليوم الدولي للفتيات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: ...
- اليوم الدولي لتعددية الأطراف والدبلوماسية من أجل السلام: أهم ...
- اليوم العالمي للكتاب: جسر المعرفة وحقوق الإنسان في عصر التكن ...
- يوم الأرض العالمي: أهميته في تعزيز الاستدامة البيئية وعلاقته ...
- عملية اختيار بابا الفاتيكان: دراسة للتقاليد والإجراءات
- الانتخابات النزيهة وفق الاتفاقيات والمبادئ والإعلانات الدولي ...
- اتفاقية مناهضة التعذيب والبروتوكول الاختياري - الالتزامات ال ...
- قراءة في قانون حماية المعلمين والمدرسين والمشرفين والمرشدين ...
- إصلاح الاقتصاد العراقي وفق المادة 25 من الدستور
- حقوق الإنسان في سياق مكافحة الأرهاب
- اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف.
- جريمة الإتجار بالبشر بين النصوص الدولية والقانون العراقي
- حرية التعبير في الاتفاقيات الدولية والتشريعات العراقية
- نشأة المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان
- الفصل بين السلطات بين الواقع والطوح في الدول العربية
- اليوم العالمي لحرية الصحافة


المزيد.....




- الحوثيون يعلنون عزمهم فرض -حصار جوي- على إسرائيل
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- ترامب يقول إنه لا يسعى للترشح لولاية رئاسية ثالثة
- بوتين يؤكد.. نملك كل ما يلزم لتحقيق هدفنا
- انفجار الوضع في السويداء مجددا.. اشتباكات وقصف بـ-الهاون- (ف ...
- رومانيا.. سيميون يتصدر الانتخابات الرئاسية بعد فرز 90% من ال ...
- لـ-أطفال غزة-.. وصية الراحل فرنسيس الأخيرة (صور)
- الأردن.. إحباط محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخ ...
- الحوثيون يخطرون منظمة الطيران الدولي والاتحاد الدولي للنقل ا ...
- مسيرة الفوج الخالد تجوب شوارع بيروت


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - سرود محمود شاكر - السلام، والعدالة، والمؤسسات القوية: دعائم لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة