اليوم العالمي لحرية الصحافة في سياق حرية التعبير وثورة الذكاء الاصطناعي

سرود محمود شاكر
باحث في مجال حقوق الإنسان ومدرب معتمد دولي
(Surd Mahmooed Shakir)

الحوار المتمدن-العدد: 8331 - 2025 / 5 / 3 - 08:49
المحور: الصحافة والاعلام
    

مقدمة
يُحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة في 3 مايو من كل عام، وهو مناسبة أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993 بناءً على توصية من اليونسكو، لإحياء ذكرى إعلان ويندهوك (1991) الذي يدعو إلى صحافة حرة ومستقلة وتعددية. في عام 2025، يركز الموضوع على "تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة"، مما يعكس التحديات والفرص التي تطرحها ثورة الذكاء الاصطناعي على حرية التعبير والإعلام.
1. الإطار التاريخي والقانوني لليوم العالمي لحرية الصحافة
- إعلان ويندهوك (1991): صدر عن مؤتمر اليونسكو في ناميبيا، وأكد على أهمية الصحافة الحرة كركيزة للديمقراطية، مشددًا على استقلالية الإعلام وسلامة الصحفيين.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948): تنص المادة 19 على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، بما يشمل تلقي المعلومات ونقلها دون قيود حدودية". هذا الحق يشكل الأساس القانوني لحرية الصحافة.
- قرار مجلس الأمن 2222 (2015): يدعو إلى حماية الصحفيين في مناطق النزاع، ويؤكد على مسؤولية الدول في التحقيق في الجرائم ضد الإعلاميين.
- أهداف التنمية المستدامة (الهدف 16.10): يركز على ضمان الوصول العام إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك حرية الصحافة.
2. حرية التعبير في سياق الذكاء الاصطناعي
أ. الفرص التي يوفرها الذكاء الاصطناعي
- تسهيل الوصول إلى المعلومات: يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات هائلة من البيانات، مما يمكّن الصحفيين من تقديم تقارير دقيقة وسريعة. على سبيل المثال، أدوات مثل التحقق الآلي من الأخبار تساعد في مكافحة المعلومات المضللة.
- تعزيز التواصل العالمي: منصات الذكاء الاصطناعي تمكّن الأفراد من التعبير عن آرائهم عبر الحدود، مما يدعم حرية التعبير.
- دعم الصحافة الاستقصائية: أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل تلك التي تستخدمها شبكة أريج، تساعد في كشف الفساد وتعزيز المساءلة.
ب. التحديات والمخاطر
- المعلومات المضللة والتزييف العميق: يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج محتوى مضلل، مثل الفيديوهات المزيفة، مما يهدد مصداقية الإعلام. تقرير صادر عن مؤسسة "المادة 19" يحذر من أن هذه التقنيات قد تؤدي إلى "عصر ما بعد الحقيقة".
- الرقابة والمراقبة: تستخدم بعض الحكومات الذكاء الاصطناعي لمراقبة الصحفيين وفرض الرقابة على المحتوى، مما يحد من حرية التعبير.
- التحيز في الخوارزميات: قد تعكس نماذج الذكاء الاصطناعي تحيزات بياناتها، مما يؤثر على تنوع وجهات النظر في الإعلام.
- هيمنة المنصات التكنولوجية: الشركات الكبرى التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتصفية المحتوى قد تصبح "حراس بوابة" المعلومات، مما يحد من التعددية الإعلامية.

3. وضع حرية الصحافة عالميًا في 2025
- تقرير مراسلون بلا حدود (2025): يشير إلى أن حرية الصحافة بلغت أدنى مستوياتها على الإطلاق، حيث يعيش أكثر من نصف سكان العالم في دول تُصنف بيئاتها الصحفية "خطيرة للغاية". المنطقة العربية، بما في ذلك العراق، تواجه تحديات كبيرة بسبب الضغوط السياسية والاقتصادية.
- الشرق الأوسط: تُعد المنطقة الأخطر على الصحفيين، مع تراجع كبير في قطاع غزة والضفة الغربية إلى أسفل التصنيف بسبب النزاعات والقمع.
- أوروبا: تظل المنطقة الأكثر حرية صحفيًا، لكن بعض الدول تشهد تراجعًا بسبب التشريعات القمعية.
4. المعايير العلمية والمنهجية
- منهجية مراسلون بلا حدود: تعتمد على خمسة مؤشرات (سياسي، قانوني، اقتصادي، اجتماعي، وأمني) لتقييم حرية الصحافة في 180 دولة. يتم احتساب الدرجات بناءً على بيانات كمية ونوعية، مع التركيز على الانتهاكات ضد الصحفيين.
- تقارير اليونسكو: توفر بيانات عن سلامة الصحفيين، حيث وثقت مقتل أكثر من 1600 صحفي منذ 1993، مع بقاء 90% من الحالات دون محاسبة.
- تحليل المخاطر التكنولوجية: تستند إلى تقارير مؤسسات مثل "المادة 19" و"الخصوصية الدولية"، التي تحذر من تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية التعبير بسبب نقص الشفافية والمساءلة في القطاع الخاص.
5.الاتفاقيات الدولية ذات الصلة
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966): تنص المادة 19 على حماية حرية التعبير، مع جواز فرض قيود محدودة لأسباب مثل الأمن القومي أو النظام العام.
- إعلان ويندهوك: وثيقة غير ملزمة، لكنها تشكل مرجعًا أخلاقيًا لتعزيز الصحافة المستقلة.(
- خطة عمل الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين (2012): تدعو إلى تعزيز البيئة القانونية والتشريعية لحماية الصحفيين.
- مبادئ اليونسكو للذكاء الاصطناعي (2021): توصي باستخدام الذكاء الاصطناعي بما يحترم حقوق الإنسان، بما في ذلك حرية التعبير، مع ضمان الشفافية والإشراف البشري.

6. التوصيات لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي
- تشريعات وطنية ودولية: وضع قوانين تحمي الصحفيين من المراقبة الآلية وتعزز الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي.
- تطوير أدوات مكافحة التضليل: دعم مبادرات مثل وكالة "سند" للتحقق من الأخبار باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي.
- تدريب الصحفيين: تعزيز المهارات الرقمية لمواجهة التحديات التكنولوجية، بما في ذلك استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بمسؤولية.
- تعاون دولي: تشجيع الدول على الالتزام بقرارات الأمم المتحدة، مثل قرار 2222، لضمان سلامة الصحفيين.
- تنظيم القطاع الخاص: فرض معايير أخلاقية على الشركات التكنولوجية لمنع استغلال الذكاء الاصطناعي في تقييد حرية التعبير.
7. الخاتمة
يُعد اليوم العالمي لحرية الصحافة فرصة لإعادة التأكيد على أهمية الصحافة الحرة كركيزة للديمقراطية وحقوق الإنسان. في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي، تبرز الحاجة إلى توازن بين استغلال الفرص التكنولوجية ومواجهة التحديات التي تهدد حرية التعبير. من خلال تعزيز الإطار القانوني الدولي، وتطوير التشريعات الوطنية، ودعم الصحفيين بالتدريب والأدوات، يمكن ضمان استمرار الصحافة كشريان حياة للمجتمعات الحرة.

المراجع
-موقع لأمم المتحدة
- موقع اليونسكو: https://www.unesco.org[](https://www.unesco.org/en/days/press-freedom)
- تقرير مراسلون بلا حدود 2024 و2025: rsf.org[](https://rsf.org/en/2024-world-press-freedom-index-journalism-under-political-pressure)[](https://rsf.org/ar/index-methodologie-2022?year=2022&=&data_type=general)
- معهد الجزيرة للإعلام: institute.aljazeera.net[](https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/2220)[](https://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/2748)
- مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: https://www.ohchr.org[](https://www.ohchr.org/ar/statements-and-speeches/2023/05/world-press-freedom-day-high-commissioner-statement)[](https://www.ohchr.org/ar/2021/04/world-press-freedom-day)
- منشورات على منصة X: @ARIJNetwork، @UNEgypt

#سرود_محمود_شاكر (هاشتاغ)       Surd_Mahmooed_Shakir#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات