أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد علي سليفاني - عيد العمال: صيغة الجمع ومحنة الفرد














المزيد.....

عيد العمال: صيغة الجمع ومحنة الفرد


خالد علي سليفاني
شاعر وكاتب ومترجم

(Khaled Ali Silevani)


الحوار المتمدن-العدد: 8329 - 2025 / 5 / 1 - 18:47
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


في الأول من مايو من كل عام، يحتفل العالم بـ"يوم العمال"، اليوم الذي يُفترض أن يكون مناسبة لتكريم أكبر طبقة في المجتمع، تلك التي لا تعرف الراحة ولا تدرك السكون، طبقة العمال الذين تُبنى على أكتافهم معظم الإنجازات الإنسانية. ومع أهمية هذا اليوم، يبقى هناك تساؤل يلوح في الأفق: هل نكرّم هؤلاء العمال فعلاً بما يليق بتضحياتهم؟ أم أن الاحتفال بهم تحوّل إلى مجرد طقس شكلي، لا يتعدى كونه إشارة رمزية بعيدة عن واقعهم المعيشي؟

المفارقة اللغوية: صيغة الجمع... احتفاء أم اختزال؟
من اللافت أن يُطلَق على هذا اليوم اسم "يوم العمال" أو "عيد العمال" بصيغة الجمع، في حين أن أعياد الفئات الأخرى في المجتمع تُسمّى بصيغة المفرد: عيد الأم، عيد المعلم، عيد الأب، عيد الطفل... وحتى حين يُحتفى بالطبيعة، يُقال "عيد الشجرة". وحدهم العمال يُحتفى بهم بصيغة الجمع، وكأن الجمع هنا لا يعبّر فقط عن كثرتهم، بل عن طبقة يُنظَر إليها كمجموعة، لا كأفراد ذوي تميّز.
في هذا الاختلاف اللغوي مفارقة لافتة، بل لعلها تنطوي على تمييز ضمني: فبينما يُحتفى بالآخرين كأفراد ذوي قيمة خاصة، يُكرَّم العمال ككتلة، كفئة اجتماعية، يُغيب فيها التميز الفردي وتُذوَّب فيها الهويات الخاصة.
فهل يعكس هذا الجمع تكريمًا للقوة الجمعية للعمال؟ أم أنه اختزال يحرمهم من الاعتراف بشخصياتهم الفردية؟

احتفال لا يشملهم: حين يُكرَّم العامل بالعرق لا بالورود
المفارقة الأكبر في هذا اليوم أن الجميع يتوقف عن العمل… إلا العمال أنفسهم. هؤلاء الذين يُحتفى بهم، يواصلون العمل تحت شمس لا ترحم، في المزارع والمعامل والمصانع، دون إجازة ولا راحة. بينما يحصل الآخرون -المعلمون والأمهات والآباء- على تقدير يوميهم بالتهنئة والتفرغ، يبقى العمال في الميدان، كأنما يُكرَّمون بعرقهم بدل أن يُحتفَى بهم بحق.

عبر التاريخ: من الظل إلى هامش الخطاب
وإذا عدنا إلى الوراء، نجد أن العمال نادرًا ما كانوا في موقع التقدير. منذ فجر التاريخ، شكّلوا الطبقة التي تعمل في الظل، بعيدًا عن الأنظار والاهتمام، يُنتظر منهم أن ينتجوا بصمت، دون أن تُسلَّط عليهم الأضواء.
ولا يزال هذا المشهد حاضرًا في كثير من دول العالم: حيث لا ينال العامل إلا القليل من الحقوق، ويغيب عن السياسات الجادة، وتبقى الاحتفالات به حبيسة الرموز والشعارات.

اليوم العالمي للعمال: فرصة لا ينبغي أن تُهدر
ورغم كل هذا التناقض، يظل الأول من مايو فرصة ثمينة لإعادة فتح النقاش حول العدالة الاجتماعية، وحقوق العمال، وكرامتهم الإنسانية.
إن هذا اليوم لا يُعد إنجازًا حقيقيًا ما لم يصاحبه تحرك فعلي من الحكومات والمجتمعات لضمان بيئة عمل إنسانية، عادلة، وآمنة.

وفي الختام، أود أن أوجه تحية تقدير وامتنان لكل عمال العالم، وخاصة عمال كوردستان، الذين يواصلون العمل في ظروف شاقة، بإصرار وتفانٍ نادرين.
أنتم الركيزة التي يقوم عليها المجتمع، والدرع الواقي الذي يحميه من الانهيار. فكل الاحترام لكم في يومكم، وفي كل يوم.



#خالد_علي_سليفاني (هاشتاغ)       Khaled_Ali_Silevani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وسائل التواصل الاجتماعي: مرآة القلق الجمعي وتجليات الذات الم ...
- الرواية الخالدة: حين يصبح الأدب فخًا نفسيًا وتجربة وجودية
- من أجل واقع أقل وحشية
- العراق وكوردستان: تجليات الدولة المأزومة في فضاء الجغرافيا ا ...
- تغريد الإبداع أمام تهريج الجهلة
- إنتاج الغباء
- حين يشكر الكاتبُ الناشرَ: أزمة التقدير في عالم الكتب – تفكيك ...
- فساد بالتقسيط... حتى إشعار آخر!
- الشخصية الكوردية بين إرث الصراعات وغياب الرؤية الاستراتيجية
- وهم المجد ومجد الوهم
- التكوين الفلسفي للهوية الكوردية في كتاب -كوردستان القديمة-
- بين -حانة- الحداثة و-مانة- التراث
- سلاسل من حرير
- التاريخ بين السرديات المتباينة وإشكالية التزييف
- جدلية الحقيقة: بين الإدراك والواقع
- لا وجه له
- الاحتفال بين الهروب والتحدي: تساؤلات حول معنى الفرح في ظل ال ...
- دور المهرجانات السينمائية في دعم القضايا القومية والوطنية: د ...
- الأنظمة القمعية تسقط، لكن الفكر القمعي يبقى إرثًا متجذرًا
- سارع إلى تعلم السباكة قبل غيرك: متغيرات قادمة والمستقبل مجهو ...


المزيد.....




- وقفة احتجاجية أمام رئاسة الوزراء في لندن
- موعد صرف رواتب المتقاعدين للمستفيدين في السعودية دفعة شهر يو ...
- صرف مرتبات الموظفين قبل العيد وجدول الحد الأدنى للأجور هيفاج ...
- المالية العراقية تُعلن صرف رواتب المتقاعدين قبل عيد الأضحى
- بيرو: عمال النقل يطالبون بإجراءات حكومية لمواجهة عمليات الس ...
- مليونير العراق.. صرف 25 مليون دينار لجميع الموظفين والمتقاعد ...
- بناء ملاعب كأس العالم بالسعودية: تحذيرات من مخاطر وانتهاكات ...
- اشتباكات ليبيا.. أمن طرابلس يدعو الموظفين إلى العودة لأعماله ...
- محمد عادل يعود للإضراب عن الطعام بعد حرمانه للمرة الثانية من ...
- “15.000 د.ج“ www.anem.dz تجديد منحة البطالة 2025 بالجزائر وا ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - خالد علي سليفاني - عيد العمال: صيغة الجمع ومحنة الفرد