أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - المجاز بين الحقيقة والحنين














المزيد.....

المجاز بين الحقيقة والحنين


بسمة الصباح

الحوار المتمدن-العدد: 8313 - 2025 / 4 / 15 - 00:46
المحور: الادب والفن
    


المجاز بين الحقيقة والحنين:

رحلة المعنى في النص الأدبي

تسافر بنا الكلمة في دروب البلاغة البعيدة، حيث لا تُقال الحقيقة إلا مواربة، ولا يُسلك إلى المعنى إلا عبر مسالك المجاز.
إنّه تأمّل في جوهر اللغة، وتقصٍ لرحلة الكلمة من سطح الواقع إلى عمق الشعور، حيث يتحوّل النص الأدبي إلى كائنٍ رمزيٍّ يُحييه الحنين، ويُشكّله الخيال، ويُخرجه المجاز في أبهى حلله.

ماالأدبُ إلا وكأنه حياة ثانية تُولد من رحم الأولى، ولكنها تُولد بالكلمة، وتتنفّس بالخيال، وتسير على قدمي المجاز.
فلو كان الإنسان كائناً من لحمٍ ودمٍ، فإن النص الأدبي كائنٌ من شعورٍ وفكرة، يتغذّى على الصور، وينمو في رحم الإحساس، ويتجلّى في حُلَل البلاغة المزخرفة، فتراه حيّاً في القلب، نابضاً في الفكر، خالداً في الزمن.

وما المجاز في النص، إلا تلك النافذةُ المفتوحةُ على الماوراء، يُطِلّ منها القارئ، فإذا به لا يرى الشيء على ما هو عليه، بل على ما يكون عليه في خياله وحنينه.
فحين يقول الشاعر:
"الليل يبكي"
فهو لا يصف ظلمة وسكون الليل، بل يُجسِّد حزنه الكامن في صدر السماء، ويصبغ الوقت بلون نفسه، فيكون الليلُ حزيناً لأن الحزنَ في قلبه هو، لا في الليل.

المجاز إذن ؛
ليس كذباً يُقصد به تزيين المعنى، بل هو صدقٌ أعمق، جاء في لباسٍ آخر، أراد صاحبه أن يبوح به دون أن يفضح نفسه.
فهو الباب الخلفي للحقيقة، لا بابها الأمامي، وهو نداء الحنين في النص، متى تاه المعنى في أزقة العقول، فدلّه المجاز إلى حيث القلبُ يسكن.

النص الأدبي كالسفينة في بحر الوجدان، لا تسير إلا بأشرعة المجاز، ولا ترسو إلا في مرافئ الذكرى والحنين.
وكلّ كلمة تُولد مجازاً، تُولد على هيئةِ طائرٍ يريد أن يُحلِّق بعيداً عن أرض الواقع، ليصل إلى سماء الحقيقة التي لا تُرى بالعين، بل تُبصر بالبصيرة.

فلماذا يكتب الأديب بالمجاز؟!
لأنه لا يملك إلا ذلك، لأن الحقيقة في ذاتها خرساء، لا تتكلّم إلا إذا نُفِخت فيها روح المجاز.
وإنك لترى النص المجازي أبلغ في كشف النفس من النص الواقعي، لأنه لا يقول لك "هذا أنا"، بل يقول: "هذا شبهي، فانظر كم يشبهك".

فالمجاز في الأدب، هو مرآة الحنين، ترى فيها وجهك كما كان، وكما تمنّيت أن يكون.
وهو رجع الصوت الذي سمعته ذات مساء ولم تعرف له مصدراً، وظلّ الأشياء حين تختفي الشمس وتبقى ذكراها.

ورحلة المعنى في النص الأدبي ليست رحلةً من كلمةٍ إلى أخرى، بل من نفسٍ إلى نفس، ومن حنينٍ إلى حنين، ومن مجازٍ إلى حقيقةٍ لا يُمسك بها، بل يُعاش فيها.

ختاماً:
فليكتب الكُتّاب بالمجاز، ولينصت القرّاء بقلوبهم، فإن المجاز ليس لعبة بلاغية، بل هو صوتُ الروح حين تعجز اللغة عن النطق.
وإنه لَيَجعل من النصِّ الأدبي سفينةً تمخرُ عبابَ القلب، وتُرسِي في موانئ الحنين.



#بسمة_الصباح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ندم
- مفترق الكرى
- من إلاكَ قصيدة
- محمود البريكان بين العزلة والتأمل الجزء الاول
- الرواية بين القمع والحرية
- نقاء
- سراب
- رؤية نقدية لقصيدة كاظم حسن سعيد ابو مسلم الخرساني الزهروي
- محمود البريكان بين العزلة والتأمل
- حار القصيد
- عربية أنا
- قراءة نقدية لنص روح في علبة سردين
- تراتيل العشق الأزلي
- ربما
- آيات الحب
- عناقيد الأماني
- صغيرة مشاغبة
- العشق البدائي
- حلم جميل
- سلطان الحب


المزيد.....




- سميرة توفيق في أبوظبي: الفن الأصيل ورمز الوفاء للمبدعين العر ...
- -الخارجية- ترحب بانضمام الخليل إلى شبكة اليونسكو للمدن الإبد ...
- جمعية الصحفيين والكتاب العرب في إسبانيا تمنح ‏جائزتها السنوي ...
- فيلم -Scream 7- ومسلسل -Stranger Things 5- يعدان بجرعة مضاعف ...
- طبيبة نرويجية: ما شاهدته في غزة أفظع من أفلام الرعب
- -ذي إيكونومست- تفسر -وصفة- فنلندا لبناء أمة مستعدة لقتال بوت ...
- لن تتوقع الإجابة.. تفسير صادم من شركة أمازون عن سبب تسريح نح ...
- حزب الوحدة ينعى الكاتب والشاعر اسكندر جبران حبش
- مسلسلات وأفلام -سطت-على مجوهرات متحف اللوفر..قبل اللصوص
- كيف أصبح الهالوين جزءًا من الثقافة السويسرية؟


المزيد.....

- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسمة الصباح - المجاز بين الحقيقة والحنين