أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الجسار - في حضرة الوطن.. تأملات في تعزيز الهوية الوطنية العراقية














المزيد.....

في حضرة الوطن.. تأملات في تعزيز الهوية الوطنية العراقية


احمد الجسار
كاتب وباحث

(Ahmed Al-jassar)


الحوار المتمدن-العدد: 8308 - 2025 / 4 / 10 - 17:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بلادٍ تئنُّ من ثقلِ الذاكرة وتنوءُ تحتَ أعباءِ الانقسام، ينهضُ السؤال الأزلي: من نحن؟ وما الذي يجمعنا في عراقٍ تتقاطع فيه الطوائف، وتتداخل فيه القوميات، وتتعدد فيه اللغات واللهجات؟ ألسنا أبناء الرافدين، أول من خطَّ حرفًا وغرسَ نخلةً وشادَ حضارةً؟

ليست الهوية الوطنية شعارًا يُرفع في مواسم الانتخابات، ولا علمًا يُلوَّح به في ملاعب كرة القدم، بل هي شعورٌ داخليٌ أصيلٌ بالانتماء، إحساسٌ بأنك جزءٌ من كلٍّ أكبر، وأن جراحاتك الشخصية تجد صداها في جراحات الوطن. إنَّ الهوية الوطنية هي ذاك الجسر اللامرئي الذي يربطنا، رغم اختلافاتنا، برائحة التراب، وملحِ الخبز، وحكايات الجدّات.

وكي نعيد تشكيل هذا الجسر الممزق، ونرأب صدعه، لا بدّ من ممارسات تُبنى على الحب، والمعرفة، والعمل المشترك.

أولًا: التعليم بوصفه الحاضنة الأولى للانتماء

في مقاعد الدراسة، يتشكل وعي الطفولة، ويُصاغ وجدان الإنسان. فمناهج التاريخ التي تُغفل بعض الحقائق، أو تُحمِّل طرفًا دون آخر وزر المآسي، إنما تُعمِّق الشروخ بدل أن تُرممها. لا بد من مناهج تروي حكاية العراق بعيون الجميع، من زاخو إلى الفاو، من ميسان إلى الأنبار. نريد كتبًا تتحدث عن الحضارة، لا الحروب، عن النخيل والأنهار، لا فقط عن المذابح والدمار.

ثانيًا: الإعلام.. بين المرآة والمحرّك

الإعلام، حين يصدق، يصير مرآةً للأمة؛ وحين يكذب، يصبح سكينًا في ظهرها. نحن بحاجة إلى خطاب إعلامي يرتقي إلى هموم المواطن العراقي، ويُبرز ما يجمع لا ما يفرّق. نحتاج إلى دراما تُبرز الحب بين فتاةٍ كردية وشابٍ عربي، إلى فيلمٍ يحتفي بمقهى بغدادي تتشارك فيه كل اللهجات، إلى نشرة أخبار تبدأ بقصة أمل لا بمجزرة جديدة.

ثالثًا: الفنون والآداب.. الوطن في صورة وقصيدة

الفنُّ هو الذاكرة الجميلة التي لا تبهت. كم نحتاج اليوم إلى لوحاتٍ تُبرز وجوه العراقيين جميعًا، إلى قصائد تُنشد للهوية الجامعة، لا للمذهب أو العِرق. على الكُتّاب أن يحفروا في اللغة لاستخراج لؤلؤة الوطن، وعلى الشعراء أن يُعيدوا للرايات معناها النبيل.

رابعًا: المجتمع المدني.. جسور فوق هاوية الانقسام

كلُّ مبادرةٍ تطوعية، كلُّ مهرجانٍ يجمع أبناء المحافظات، كلُّ حملةٍ بيئية أو إنسانية تضمُّ شبابًا من طوائف مختلفة، إنما تُعيد كتابة حكاية العراق، ولكن هذه المرّة بلغة اللقاء لا الصراع. المجتمع المدني هو صوتُ الناس حين يصمت السياسيون.

خامسًا: السياسة.. حين تكون بوابة للإنصاف

لسنا سذّجًا لنتجاهل دور السياسة. فالهوية الوطنية لن تترسخ في ظل محاصصة تفرز المواطن حسب هويته الفرعية، بل في دولة قانونٍ تُعامل الجميع بمقياس الكفاءة والعدل. المواطن يجب أن يشعر أن صوته مسموعٌ، وأنه ليس ضيفًا في وطنه.

خاتمة: في انتظار فجرٍ عراقي جديد

تعزيز الهوية الوطنية ليس مشروعَ سنةٍ أو مبادرةَ وزارة، بل هو حراكٌ طويلٌ، يبدأ من القلب، ويمرُّ بالمدرسة والشارع والمسرح، ويستقرُّ في الروح. قد يبدو الطريق طويلاً، لكن لا وطن يُبنى بلا أمل، ولا عراق ينهض بلا عراقيةٍ صافيةٍ تسكن القلوب.

فلنحمل الوطن في قلوبنا كما نحمل أسماءنا، لا نختلف عليه، ولا نساوم فيه، ولا نتركه في مهبّ الريح.

فالعراق ليس خريطةً، بل روحٌ... ولن تموت الأرواح.



#احمد_الجسار (هاشتاغ)       Ahmed_Al-jassar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي اتخاذ قرارات أخلاقية؟
- لماذا نقرأ؟
- رحلة البحث عن العم سامي - قصة قصيرة
- لماذا نكتب؟
- العلاقة بين الأدب والسياسة في العالم العربي
- حلم كاتب... من أوراق الحلم إلى -أرض بلا أكاذيب-
- الأدب الرقمي: هل هو امتداد للأدب التقليدي؟
- أدب التصوف: تجربة روحية وفنية
- الموت يزورنا مرتين - قصة قصيرة
- تأثير الجوائز الأدبية على حركة الإبداع العربي
- القيم الاجتماعية في المعلقات الجاهلية
- كيف يغير الأدب حياتنا؟
- هل الفصحى والعامية تمثلان لغة تقاطع أم لغة تكامل؟
- في الشعر الجاهلي: بين النقد والتحليل لطه حسين
- العقلية السياسية الإسرائيلية: تحليل علمي سياسي
- علم الاجتماع الرقمي وتأثيره على المجتمع العراقي
- حيادية الدولة: مفتاح المساواة والاستقرار للجميع
- الدولة: مفهومها، إدارتها، ومهامها الأساسية
- مخاطر تقييد الحريات الشخصية وتأثيرها على الشعوب
- التحليل السكاني وفقاً للنتائج الاولية للتعداد العام للسكان ل ...


المزيد.....




- ترامب عن أعداء أمريكا: إذا هددتم الشعب الأمريكي فجنودنا قادم ...
- العيوب بدل الكمال ومصير الألماس.. لماذا يلجأ صناع المجوهرات ...
- إسرائيل تهاجم مستودعات شهران لتخزين النفط في إيران
- إسرائيل تفعل كامل أنظمتها الدفاعية أمام ضربات إيران.. إليك ك ...
- مستشار سابق للبنتاغون يحذر: الحرب ضد إيران قد تجر واشنطن إلى ...
- السلطات المصرية تحيل 4 سودانيين إلى المحاكمة الجنائية
- اكتشاف غامض في القارة القطبية الجنوبية: موجات راديو غريبة قا ...
- -فارس-: إيران تسقط 44 مسيرة إسرائيلية على الحدود
- شركة -بازان- الإسرائيلية تعلن إصابة أحد أنابيب مصافي التكرير ...
- السلطات الإيرانية تتخذ خطوة انتظرها المصريون لتعزيز العلاقات ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد الجسار - في حضرة الوطن.. تأملات في تعزيز الهوية الوطنية العراقية