|  | 
                        
                        
                        
                            
                            
                                
                             
                                
                                    الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
                                
                            
                               
                                    
                               
                                
                                
                                   
                                     
 
                                        حمودة المعناوي
 
       الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 18:01
 المحور:
                                            الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
 
 
 
 
 
                                   
                                        
                                            
                                              _ مَفْهُومُ الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة
 الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة (Applied Ethics) هِيَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ فَلْسَفَة الْأَخْلَاق تَهْتَمّ بِتَطْبِيق الْمَبَادِئ وَالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى الْقَضَايَا وَالْمُشْكَلَات الْمَلْمُوسَة وَالْوَاقِعِيَّة فِي الْحَيَاةِ الْعَمَلِيَّة. تُرْكَز الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة عَلَى تَحْلِيلِ وَتَقَييم الْأَفْعَالُ وَالْمَمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَيَادِين وَالْقِطَاعَات كَالطِّبِّ وَالْبِيئَة وَالسِّيَاسَة وَالِإقْتِصَاد وَالتِّكْنُولُوجْيَا وَالْإِعْلَام وَ غَيْرِهَا. فَهِيَ تَهْدِفُ إِلَى تَقْدِيمِ تَوْجِيهَات وَحُلُول عَمَلِيَّة لِلْمُعْضِلَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات فِي وَاقِعِ الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ. ظَهَرَ مُصْطَلَح "الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة" فِي الْخَمْسِينِيَّاتِ مِنْ الْقَرْنِ الْعِشْرِينَ، كَرَدِّ فِعْلٍ عَلَى ظُهُورِ قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة جَدِيدَةٍ لَمْ تَكُنْ تُبْحَثُ مِنْ قَبْلْ فِي الْفَلْسَفَةِ الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. وَقَدْ أَدَّى التَّقَدُّمَ الْعِلْمِيَّ وَالتِّكْنُولُوجِيّ السَّرِيعُ إِلَى ظُهُورِ مُشْكِلَات أَخْلَاقِيَّة لَمْ يَسْبِقْ لَهَا مَثِيل، مِثْل قَضَايَا الْإنْجَاب التِّقَنِيّ وَالْهَنْدَسَة الْوِرَاثِيَّة وَالتَّجَارِب الطِّبِّيَّة عَلَى الْبَشَرِ وَإِنْهَاء الْحَيَاة وَغَيْرِهَا. بِالتَّالِي بَاتَ مِنْ الضَّرُورِيِّ إعَادَةِ النَّظَرِ فِي الْمَبَادِئِ وَالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة وَ تَطْوِيعِهَا لِتَتَنَاسَب مَعَ هَذِهِ التَّحَدِّيَات الْجَدِيدَة. وَ فِي هَذَا السِّيَاقُ، ظَهَرَتْ مَجَالَات مُتَّخَصِصَّة فِي الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة كَأَخْلاَقِيَّات الْبَيُولُوجْيَا وَأَخْلَاقِيَّات الْبِيئَة وَ أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَام وَأَخْلَاقِيَّات الْأَعْمَال وَغَيْرِهَا. يُعْتَبَر الْفَيْلَسُوف الْبِرِيطَانِيّ بِيتْرْ سِينْجَرْ (Peter Singer) مِنْ أَبْرَزِ رَوَّاد الْأَخْلَاق الْمُعَاصَرَةُ. حَيْثُ قَدَّمَ نَظَرِيَّة أَخْلَاقِيَّة مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَبْدَأِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ جَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الْحَيَّةِ الْقَادِرَةَ عَلَى الشُّعُورِ بِالْأَلَم وَالسُّرُور. وَدَعَا إلَى إعَادَةِ النَّظَرِ فِي مُعَامَلَةِ الْحَيَوَانَات وَالتَّوَجُّهِ نَحْوَ النَّبَاتِيَّة كَنَمَط حَيَاةً أَخْلَاقِيّ. كَمَا سَاهِم الْفَيْلَسُوف الْفَرَنْسِيّ إيمَانْوِيل لِيفِينَاسَ (Emmanuel Levinas) فِي تَطْوِيرِ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة، مِنْ خِلَالِ دَعْوَتِهِ إِلَى جَعْلِ الْأَخْلَاق هِي الْفَلْسَفَة الْأُولَى، وَضَرُورَة الِإهْتِمَام بِالْآخَر وَوَاجِبَاتِنَا نَحْوَه كَأَسَاس لِلتَّفْكِير الْفَلْسَفِيّ. فِي الْوَطَنِ الْعَرَبِيِّ، بَدَأ الِإهْتِمَام بِالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ، حَيْثُ ظَهَرَتْ مُؤَلَّفَات وَدِرَاسَات تَتَنَاوَل هَذَا الْمَجَالِ مِنْ مَنْظُورٍ إِسْلَامِيٍّ. وَ يُعَدّ الدُّكْتُور بَهَاءُ الدِّينِ دَرْوِيش مِنْ أَبْرَزِ الْمُفَكِّرِينَ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْمَجَالِ، وَاَلَّذِي يُنَادِي بِضَرُورَة جَعَل الْأَخْلَاق فَلْسَفَة أَوْلَى تَسْبِق الْمِيتَافِيزِيقَا وَالْمَعْرِفَة النَّظَرِيَّة. وَ بِشَكْلٍ عَامّ، تُعَدُّ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة مَجَالًا حَيَوِيًّا وَ مُتَشَعِّبا يَجْمَعُ بَيْنَ الْمَعْرِفَةِ الْفَلْسَفِيَّة وَالْخِبْرَة الْعَمَلِيَّة، بِهَدَف تَطْوِير مُمَارَسَات أَخْلَاقِيَّة سَلِيمَةً فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ الْمُعَاصِرَةِ.
 
 _ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة مِنْ وِجْهَة نَظَر الْفَلْسَفَة
 
 الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة هِيَ أَحَدُ فُرُوعِ الْفَلْسَفَة الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُرَكِّزُ عَلَى تَطْبِيقِ الْمَبَادِئ وَالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى الْقَضَايَا وَ الْمُشْكَلَات الْعَمَلِيَّة وَالْوَاقِعِيَّة الَّتِي تُوَاجِهُ الْإِنْسَانَ فِي حَيَاتِهِ الْيَوْمِيَّةِ وَالْمِهْنَيَّة. بِعِبَارَةِ أُخْرَى، الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة هِيَ التَّطْبِيقُ العَمَلِيُّ لِلْفَلْسَفَة الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى الْمَوَاقِف الْحَيَاتِيَّة وَ الْمِهْنَيَّة الْمُخْتَلِفَة. يُنْظَر الْفَلَاسِفَةُ إلَى الْأَخْلَاقِ التَّطْبِيقِيَّة كَإمْتِدَاد طَبِيعِيّ لِلْفَلْسَفَة الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة، حَيْثُ تَقُومُ عَلَى تَحْلِيلِ وَتَقَييم الْأَفْعَالُ وَالْمَمَارَسَات الْأَخْلَاقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ الْعَمَلِيَّةِ. وَبِذَلِك فَهِي تَسْعَى إِلَى الرَّبْطِ بَيْنَ الْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة وَالْمُشْكَلَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَنْشَأُ فِي السِّيَاقَات الْمُحَدَّدَة لِلْمُمَارَسَات الْمِهَنِيَّة وَالِإجْتِمَاعِيَّة. مِنْ أَبْرَزِ مَجَالَات الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة مَا يَلِي :
 . أَخْلَاقِيَّات الْبَيُولُوجْيَا وَالطِّبِّ: وَتَتَنَاوَل الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِالْمُمَارَسَات الطِّبِّيَّةُ وَ الْبُحُوث الطِّبِّيَّة وَالْبُيُولُوجِيَّة، مِثْلُ قَضَايَا الْإِجْهَاضِ وَالْمَوْتِ الرَّحِيم وَالتَّجَارِب عَلَى الْكَائِنَاتِ الْحَيَّة.
 .أَخْلَاقِيَّات الْإِعْلَامُ وَالِإتِّصَالَات: وَتَتَنَاوَل الْمُشْكِلَات الْأَخْلَاقِيَّة فِي مَجَالَاتِ الْإِعْلَام وَالْإِعْلَان وَ الْعَلَاقَات الْعَامَّة وَالتَّسْوِيق.
 . أَخْلَاقِيَّات الْبِيئَةِ : وَتَتَنَاوَل الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِحِمَايَة الْبِيئَة وَالتَّنْمِيَة الْمُسْتَدَامَة.
 . أَخْلَاقِيَّات الْأَعْمَالُ وَالْمُنَظَّمَات : وَتَتَنَاوَل الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة فِي مَجَالَاتِ الْأَعْمَال وَالْإِدَارَة وَ الْقِيَادَة.
 .أَخْلَاقِيَّات الْعُلُومُ وَالتِّكْنُولُوجْيَا : وَتَتَنَاوَل الْمُشْكِلَات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُرْتَبِطَة بِالتَّطَوُّرَات الْعِلْمِيَّةِ وَ التِّكْنُولُوجِيَّة.
 تُعْتَبَر الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة حَقْلًا مُهِمًّا فِي الْفَلْسَفَةِ الْمُعَاصِرَة، حَيْث تَسْعَى إِلَى تَقْدِيمِ إرْشَادَات عَمَلِيَّة وَوَاقِعِيٌّة لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْمُشْكِلَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي يُنْتِجْهَا التَّطَوُّر الْمُتَسَارِع فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ. فَبَدَلًا مِنْ الِإكْتِفَاءِ بِالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُجَرَّدَة، تَسْعَى الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة إلَى وَضْعِ هَذِهِ النَّظَرِيَّات مَوْضِع التَّطْبِيقِ العَمَلِيِّ وَإخْتِبَار مَدَى قُدْرَتِهَا عَلَى مُعَالَجَةِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمَلْمُوسَة وَمَعَ ذَلِكَ، هُنَاكَ جَدَل فَلْسَفِيّ حَوْل عَلَاقَة الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة بِالْفَلْسَفَة الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة، فَبَيْنَمَا يَنْظُرُ الْبَعْض إلَيْهَا كَإمْتِدَاد طَبِيعِيّ لِلنَّظَرِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة، يَرَى آخَرُونَ أَنْ هُنَاكَ فَجْوَةً كَبِيرَةٌ بَيْنَ النَّظَرِيَّةِ وَ التَّطْبِيقِ، وَإِنْ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة تَسْتَدْعِي مَنْهَجِيَّة مُخْتَلِفَةٌ عَنْ تِلْكَ الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي الْفَلْسَفَةِ الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة وَبِالتَّالِي، فَإِنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة وَالنَّظَرِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ مُعَقَّدَة وَ مُثِيرَّة لِلْجَدَل. يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ التَّطْبِيقِيَّة تُمَثِّلُ مَجَالًا هَامًّا فِي الْفَلْسَفَةِ الْمُعَاصِرَة، حَيْث تَسْعَى إِلَى تَطْبِيق الْمَبَادِئ وَالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى الْمُشْكِلَات الْوَاقِعِيَّةَ الَّتِي تُوَاجِهُ الْإِنْسَانَ فِي مُخْتَلَفٍ جَوَانِبِ الْحَيَاةِ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ الْجَدَلِ الْفَلْسَفِيّ حَوْل طَبِيعَةِ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ، إلَّا أَنَّهَا تُعَدُّ إمْتِدَادًا طَبِيعِيًّا لِلْفَلْسَفَة الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة وَتُسَاهِمُ فِي تَطْوِيرِهِا وَتَطْبِيقِهَا بِشَكْل عَمَلِي مَلْمُوس.
 
 _ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة
 
 فِي الْبِدَايَةِ، يَجِبُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة. الْأَخْلَاقِ النَّظَرِيَّة هِيَ فَرْعٌ الْفَلْسَفَة الَّذِي يَتَنَاوَلُ الْبَحْثِ فِي الْأُسُس وَالْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة الْعَامَّةِ، مِثْلُ مَا هُوَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَمَا هِيَ الْفَضَائِلُ وَالرَّذَائِل، وَكَيْفَ يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ. الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة تَسْعَى إِلَى تَأْسِيسِ مَبَادِئ عَامَّةٌ وَشَامِلَةٌ لِلسُّلُوك الْأَخْلَاقِيَّ. فِي الْمُقَابِلِ، الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة تَتَنَاوَلُ تَطْبِيقُ هَذِهِ الْمَبَادِئِ النَّظَرِيَّةِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْأَخْلَاقِيَّة الْمَلْمُوسَة وَالْوَاقِعِيَّة الَّتِي تُوَاجِهُ الْبِشْرُ فِي حَيَاتِهِمْ الْيَوْمِيَّة وَالْمِهْنَيَّة. مِنْ هَذَا الْمُنْطَلَقِ، تَكُونُ الْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة عَلَاقَةُ تَكَامُلِيٍّة. فَالْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة تَوَفُّر الْأُسُس الْمَفَاهِيمِيَّة وَالفَلْسَفِيَّة لِلْأَخْلَاق، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة تَسْعَى لِتَرْجَمَة هَذِهِ الْمَفَاهِيمِ إِلَى وَاقِعٍ مَلْمُوسٍ مِنْ خِلَالِ مُعَالَجَة الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُحَدَّدَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، مَبْدَأُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ هُوَ مَفْهُومُ نَظَرِيّ أَسَاسِيٍّ فِي الْفَلْسَفَةِ الْأَخْلَاقِيَّة، وَلَكِنْ تَطْبِيقُهُ عَلَى قَضَايَا مِثْل الْإِجْهَاضَ أَوْ الرِّشْوَةِ هُوَ عَمَلُ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة لَيْسَتْ دَائِمًا بَسِيطَة أَوْ مُبَاشَرَةٍ. فَبَعْض الْفَلَاسِفَة يَنْتَقِدُون نَمُوذَج "الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة" الَّذِي يَنْطَوِي عَلَى فَرْضِ نَظَرِيَّة أَخْلَاقِيَّة عَلَى مَشَاكِلَ أَخْلَاقِيَّةٍ وَاقِعِيَّة. هَؤُلَاء الْمُنْتَقَدون يُشِيرُونَ إلَى أَنْ الْوَاقِع الْأَخْلَاقِيّ الْمُعَقَّد قَدْ لَا يَنْسَجِمُ بِسُهُولَةٍ مَعَ النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُجَرَّدَةِ، وَإِنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ إلَى مُقَارَبَة أَكْثَر حَسَاسِيَة لِلسِّيَاق فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْعَمَلِيَّةِ. فِي الْمُقَابِلِ، يَرَى مُؤَيِّدو نَمُوذَج "الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة" إنْ النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّةَ لَا غِنَى عَنْهَا كَنُقْطَة إنْطِلَاق، وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مَرِنَّة بِمَا يَكْفِي لِتَتَكَيَّفَ مَعَ الْحَالَات الْفَرْدِيَّة وَالسِّيَاقَات الْمُخْتَلِفَةِ. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، فِي مَجَالِ الْأَخْلَاق الطِّبِّيَّة، يُمْكِن لِلنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة كَنَظَرِيَّة الْمَنْفَعَةُ أَوْ أَخْلَاقِيَّات الْوَاجِبُ أَنْ تَوَجَّهَ تَحْلِيل الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَقَّدَة كَالْإنْعَاش الْقَلْبِيِّ الرِّئَوِيّ أَوِ التَّحَكُّمِ فِي نِهَايَةِ الْحَيَاةِ. وَلَكِنَّ هَذِهِ النَّظَرِيَّات يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُسْتَعِدَّةً لِلتِّكيف مَعَ ظُرُوفٍ كُلُّ حَالَةٍ عَلَى حِدَةٍ، وَالِإعْتِرَاف بِالِإعْتِبَارَات الْأُخْرَى كَالسَّيَّاق الثَّقَافِيّ وَ الدِّينِيّ لِلْمَرِيضِ. فِي النِّهَايَةِ، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة هُمَا وَجْهَانِ لِعُمْلَة وَاحِدَة. فَالْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة تَوَفُّر الأَطْر الْمَفَاهِيمِيَّة وَالفَلْسَفِيَّة الضَّرُورِيَّة، بَيْنَمَا الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة تَضْمَنُ مُلَاءَمَة هَذِهِ الْمَفَاهِيمِ لِلْوَاقِع الْمَعَاش. وَ يَتَطَلَّب التَّعَامُل الْفَعَال مَع الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَاصِرَة التَّوَازُنِ بَيْنَ هَذَيْنِ المُسْتَوِيَيْنِ مِنْ التَّحْلِيلِ الْأَخْلَاقِيّ. إنْ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ مُعَقَّدَة وَلَيْسَتْ بِالْبَسِيطَة. فَالْفَلَاسِفَةُ هُمُ الْقَائِمُون الرَّئِيسِيون عَلَى مَبْحَثِ الْأَخْلَاق، وَهُمْ كَثِيرًا مَا يَنْظُرُونَ إلَى حَقْلًهم المَعْرِفِيّ عَلَى أَنَّهُ حَقْل نَظَرِيّ بِالضَّرُورَة. وَ إِذَا تَوَجَّهَ أَحَدٌ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ بِسُؤَال عَنْ دُورِ النَّظَرِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة فِي مَجَالِ البْيُّوإِثِيقَا (الْأَخْلَاقِ الْحَيَوِيَّة)، فَإِنْ مَوْقِفِهِمْ الطَّبِيعِيّ هُوَ الِإعْتِقَادُ بِأَنْ لِلنَّظَرِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة دُورًا شَدِيد الْأَهَمِّيَّة، إنْ لَمْ يَكُنْ دَوْرًا أَسَاسِيًّا. فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، يُشَكِّك الْبَعْضِ فِي صِحَّةِ نَمُوذَج "الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة" فِي مَجَالِ البْيُّوإِثِيقَا، وَهُوَ بِشَكْل تَقْرِيبِيّ نَمُوذَج يَفْرِضُ نَظَرِيَّة أَخْلَاقِيَّة مُعَيَّنَةٍ (سَوَاءٌ نَظَرِيَّة الْمَنْفَعَةِ أَوْ الكَانْطِيَّة أَوْ أَخْلَاقِيَّات الْفَضِيلَةُ) عَلَى الْمَشَاكِل الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة الْمَعْرُوضَة، أَمَلًا فِي إيجَادِ حُلُول لَهَا. وَ يَقْدَح هَؤُلَاء الْمُشَكِّكِون فِي الْمُبَالَغَةِ فِي تَأْكِيدِ الْفَصْلُ بَيْنَ مَا هُوَ نَظَرِيٌّ وَمَا هُوَ تَطْبِيقِيّ فِي هَذَا النَّمُوذَجَ، فِي حِينِ يَرَوْنَ أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ تَعْقِيدًا وَتَشَابُكًا وَيَرَى الْبَعْضُ أَنَّ الْأَخْلَاقَ التَّطْبِيقِيَّة هِيَ بِبَسَاطَة تَطْبِيق النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّةِ عَلَى قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة مُحَدَّدَة، بَيْنَمَا يَرَى آخَرُونَ أَنْ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة تَتَطَلَّبُ مَزِيدًا مِنَ الْعَمَلِ التَّحْلِيلِيّ وَ التَّفْكِير النَّاقِد لَا يَتَوَفَّرُ دَائِمًا فِي النَّظَرِيَّاتِ الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة. فَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْحَالَاتِ، تَطْرَح الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة تَحَدِّيَات وَ مُشْكِلَات لَا يُمْكِنُ التَّعَامُلُ مَعَهَا بِسُهُولَةٍ بِإسْتِخْدَامِ مَبَادِئَ أَخْلَاقِيَّةٍ نَظَرِيَّة جَاهِزَة، مِمَّا يَتَطَلَّب مَزِيدًا مِنَ التَّحْلِيل وَ الْبَحْث وَالنَّقَّاش. وَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، فِي مَجَالِ البْيُّوإِثِيقَا، هُنَاكَ الْعَدِيدِ مِنَ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَقَّدَة وَالْمُتَشَابِكَة الَّتِي لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهَا بِسُهُولَةٍ بِإسْتِخْدَامِ نَظَرِيَّات أَخْلَاقِيَّة نَظَرِيَّة بَسِيطَة، مِثْل قَضَايَا الْإِجْهَاض، وَالِإسْتِنْسَاخ الْبَشَرِيِّ، وَ إسْتِخْدَام تِقْنِيَات الذَّكَاء الِإصْطِنَاعِيّ فِي الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ، وَ غَيْرِهَا. فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ، يَتَطَلَّب الْأَمْر مَزِيدًا مِنَ التَّحْلِيل وَ النَّقَّاش الْمُعَمَّق لِإسْتِكْشَافِ مُخْتَلَف الْجَوَانِب الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَدَاخِلَة وَالْوُصُولُ إلَى حُلُولِ مَقْبُولَةٌ. كَمَا أَنَّ الْأَخْلَاقَ التَّطْبِيقِيَّة تُوَاجِهُ تَحَدِّيَات أُخْرَى، مِثْلَ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِيِّ وَ الدِّينِيّ وَتَأْثِيرِهِ عَلَى الْأَحْكَامِ الْأَخْلَاقِيَّة، وَالصَّرَّاعَات بَيْنَ الْقَيِّمِ الْمُتَنَافِسَة، وَالتَّوَازُن بَيْنَ الْمَصَالِحِ الْفَرْدِيَّة وَالْمَصَالِح الْمُجْتَمَعِيَّة. وَهَذِه التَّحَدِّيَات لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهَا بِسُهُولَةٍ بِإسْتِخْدَامِ نَظَرِيَّات أَخْلَاقِيَّة جَاهِزَة، مِمَّا يَتَطَلَّب مَزِيدًا مِنَ التَّفْكِيرِ النَّقْدِيّ والْحِوَار الْبِنَاءِ. فِي الْوَاقِعِ، هُنَاكَ إتِّجَاه مُتَزَايِد نَحْو الِإعْتِرَافِ بِأَنَّ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة لَا تَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ تَطْبِيق النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّةِ، بَلْ تَتَطَلَّب مَزِيدًا مِنَ الْمَعْرِفَةِ وَالْخِبْرَةُ فِي الْمَجَالَاتِ الْمُحَدَّدَة الَّتِي تَتَنَاوَلُهَا، بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمَهَارَات التَّحْلِيلِيَّة وَالتَّفَاوِضِيَّة وَالتَّوَاصُلِيَّة اللَّازِمَةِ لِمُعَالَجَةِ هَذِهِ الْقَضَايَا فِي سِيَاقَاتِهَا الْوَاقِعِيَّة. وَ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ هَذِهِ التَّحَدِّيَات، فَإِنَّ الْأَخْلَاقَ التَّطْبِيقِيَّة لَا تَنْفَصِلُ تَمَامًا عَنْ الْأَخْلَاقِ النَّظَرِيَّة، بَلْ إنَّهَا تَسْتَمِدُّ مِنْهَا أَسَاسُهَا الْمَفَاهِيمي وَالْمَنْطِقِيّ، فَالنَّظَرُيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة تَوَفُّر الْإِطَار الْمَفَاهِيمي وَالْمَنْطِقِيّ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَنِدَ إلَيْه الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة فِي مُعَالَجَةِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُحَدَّدَة. وَ لَكِنْ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ، فَإِنْ الْمُمَارَسَة الْعَمَلِيَّة لِلْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة قَدْ تُؤَدِّي إلَى إِثْرَاء النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة وَ تَطْوِيرِهَا، مِنْ خِلَالِ طَرْحِ تَسَاؤُلَات وَتَحَدِّيَات جَدِيدَةٍ لَا يُمْكِنُ مُعَالَجَتُهَا بِسُهُولَةٍ بِإسْتِخْدَامِ الْمَفَاهِيم وَالْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة النَّظَرِيَّة التَّقْلِيدِيَّة. وَبِالتَّالِي، يُمْكِنُ الْقَوْلُ أَنَّ الْعَلَاقَةَ بَيْنَ الْأَخْلَاق النَّظَرِيَّة وَالْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة هِيَ عَلَاقَةٌ تَكَامُلِيٍّة وَ تَفَاعُلِيَّة، حَيْث تَسْتَمِدُّ الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة أَسَاسِهَا مِنْ الْأَخْلَاقِ النَّظَرِيَّة، فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَثْرِي فِيهِ الْمُمَارَسَة التَّطْبِيقِيَّة لِلْأَخْلَاق النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة وَ تَطَوُّرِهَا. وَهَذَا التَّفَاعُلِ الْمُسْتَمِرِّ بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ النَّظَرِيّ وَالتَّطْبِيقِيّ هُوَ مَا يُضْمَنُ تَطَوُّرِ الأَخْلَاقِ وَقُدْرَتِهَا عَلَى مُعَالَجَةِ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَقَّدَة فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ.
 
 _ أَهَمِّيَّة الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر
 
 الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة تُعْنَى بِتَطْبِيق الْمَبَادِئ وَالنَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى قَضَايَا وَمُمَارَسَات الْحَيَاةِ الْيَوْمِيَّةِ. فَهِي تَسْعَى إِلَى تَزْوِيد النَّاس بِالْأَدَوَات وَالْمَهَارات اللَّازِمَةِ لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْمُشْكِلَات الْأَخْلَاقِيَّة الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُهُمْ فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ كَالطِّبّ، وَالْبِيئَة، وَالتِّكْنُولُوجْيَا، وَالسِّيَاسَة، وَ الْأَعْمَال، وَغَيْرِهَا. مِنْ أَهَمِّ مُمَيِّزَات الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة أَنَّهَا تَأْخُذُ فِي الِإعْتِبَارِ السِّيَاقَات الْمُحَدَّدَة وَالظُّرُوف الْفِعْلِيَّة لِلْمَوَّاقِف الْأَخْلَاقِيَّة، بَدَلًا مِنْ التَّعَامُلِ مَعَهَا كَمُجَرَّدَات نَظَرِيَّةٌ. كَمَا أَنَّهَا تَسْعَى إِلَى تَطْوِيرِ إرْشَادَات وَسِيَاسَات أَخْلَاقِيَّة يُمْكِنُ تَطْبِيقُهَا عَلَى الْمُمَارَسَات الْمِهَنِيَّة وَالْمُجْتَمَعِيَّة. وَ فِي عَالَمِنَا الْمُعَاصِرِ، أَصْبَحْت الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة أَكْثَرُ أَهَمِّيَّةً مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. فَالتَّطَوُّرَات السَّرِيعَةِ فِي الْمَجَالَاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَ التِّكْنُولُوجِيَّة، وَظُهُور قَضَايَا أَخْلَاقِيَّة مُعَقَّدَة فِي مَجَالَاتِ الطِّبّ وَالْهَنْدَسَة وَالِإقْتِصَاد وَالسِّيَاسَة، تَتَطَلَّب الِإنْتِقَالِ مِنْ الْمُنَاقَشَاتِ النَّظَرِيَّة لِلْأَخْلَاق إلَى تَطْبِيقُهَا عَلَى مَشَاكِل الْحَيَاة الْوَاقِعِيَّة. وَعَلَيْهِ، تُعَدُّ الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة ضَرُورِيَّةٌ فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر لِأَنَّهَا تُسَاعِد عَلَى تَطْوِير إرْشَادَات وَسِيَاسَات أَخْلَاقِيَّة لِمُعَالَجَة التَّحَدِّيَات الْمُسْتَجَدَّة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات الْحَيَاتِيَّة. كَمَا أَنَّهَا تَقَوّمُ بِتَزْويد الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات بِالْمَهَارات اللَّازِمَةِ لِإتِّخَاذ قَرَارَات أَخْلَاقِيَّة سَلِيمَةً فِي ظِلِّ الظُّرُوف الْمُتَغَيِّرَة. وَتُسَاهِمُ فِي إِرْسَاء مَبَادِئَ أَخْلَاقِيَّةٍ تَحَكُّم الْمُمَارَسَات الْمِهَنِيَّة وَالتَّنْظِيمِيَّة، مِمَّا يُعَزِّز الثِّقَة وَالْمَسْؤُولِيَّةِ فِي الْمُجْتَمَع. أَيْضًا تَعْمَلُ عَلَى الْمُسَاهَمَةِ فِي بِنَاءِ مُجْتَمَعٍ أَكْثَر عَدْلًا وَ تَسَامُحًا، مِنْ خِلَالِ تَطْبِيق الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ عَلَى الْقَضَايَا الِإجْتِمَاعِيَّةُ وَالسِّيَاسِيَّة وَالبِيئِيَّة. أَنْ تَزَايَد الِإهْتِمَام بِالْإِخْلَاقِيَّات التَّطْبِيقِيَّة يَعْكِسَ إدْرَاك الْمُجْتَمَع الْمُعَاصِر بِأَهَمِّيَّة الْأَخْلَاقِ فِي تَوْجِيهِ الْمُمَارَسَات الْعَمَلِيَّة وَ مُعَالَجَة التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة الْمُعَقَّدَةِ الَّتِي يُوَاجِهُهَا. فَهِيَ أَدَاةُ لَا غِنَى عَنْهَا لِبِنَاء مُجْتَمَع أَكْثَر إسْتِقْرَارًا وَعَدَالَة وَإزْدِهَاراً
 
 _  التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر.
 
 أَبْرَزَ التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِهُ الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر. إزْدِيَاد التَّعْقِيدِ فِي الْمَشَاكِل الْأَخْلَاقِيَّة. بِحَيْثُ أَصْبَحْت الْمَشَاكِل الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تُوَاجِهُ الْمُجْتَمَعَات الْمُعَاصِرَة أَكْثَرَ تَعْقِيدًا نَتِيجَة التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجْيّ وَالْعِلْمِيِّ السَّرِيع، مِمَّا يَصْعُبُ تَطْبِيق النَّظَرِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة التَّقْلِيدِيَّة عَلَيْهَا. كَمَا أَنَّ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْمُتَعَدِّدَة الثَّقَافَات وَالدِّيَانَات، تَزْدَاد إحْتِمَاليَّة تَضَارَب الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ، مِمَّا يَصْعُبُ الْوُصُولِ إلَى إجْمَاعٍ بِشَأْن الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ السَّائِدَة. فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَمِيلُ الْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر إلَى وَضْعِ مَصَالِحِهِمْ الشَّخْصِيَّة وَالْحِزْبِيَّة فَوْقَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، مِمَّا يَتَنَاقَضُ مَعَ مَبَادِئ الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة. كَمَا أَنَّ غِيَاب الرِّقَابَة وَالمُسَاءَلَة الفعَالَة وَإفْتِقَار الْمُجْتَمَعَات إلَى آلِيَّات رَقَابِيَّة قَوِيَّةً وَشَفَّافَة لِلْمُسَاءَلَة الْأَخْلَاقِيَّة عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْفَرْدِيَّة وَ الْمُؤَسَّسِيَّة يُسْهِمُ فِي إنْتِشَارِ الْمُمَارَسَات غَيْر الْأَخْلَاقِيَّة. إضَافَة إلَى مَسْأَلَةِ ضَعْف التَّكَامُلَ بَيْنَ النَّظَرِيَّةِ وَ التَّطْبِيقِ وَعَدَمِ قُدْرَةِ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى تَطْوِير نَظَرِيَّات أَخْلَاقِيَّة قَابِلَة لِلتَّطْبِيق الْعَمَلِيّ فِي ظِلِّ الْأَوْضَاع الْمُعَقَّدَة، وَتَبَاعَد حَلْقة الْوَصْلِ بَيْنَ التَّنْظِير الْأَخْلَاقِيّ وَالْوَاقِع التَّطْبِيقِيّ. وَ بِالتَّالِي، تُوَاجَه الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْمُعَاصِر تَحَدِّيَات هَامَّةٍ مِثْلُ إرْتِفَاعِ دَرَجَةِ تَعْقِيد الْمُشْكِلَات الْأَخْلَاقِيَّة، وَتَنَوُّع الْقَيِّم وَالْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة وَالصِّرَاع بَيْنَهَا، وَ هَيْمَنَة الْمَصَالَحُ الذَّاتِيَّة، وَ ضَعَّف آلِيَّات الْمُسَاءَلَة وَالرَّقَابَة، وَإفْتِقَار التَّكَامُلَ بَيْنَ الأُطُرِ النَّظَرِيَّة وَالْمُمَارَسَةِ الْعَمَلِيَّةِ. وَتَتَطَلَّب هَذِه التَّحَدِّيَات جُهُودًا مُكَثَّفَةً مِنْ قِبَلِ الْفَلَاسِفَة وَالْمُجْتَمَع لِتَطْوِير نَظَرِيَّات أَخْلَاقِيَّة أَكْثَر مُلَاءَمَة لِلْوَاقِع وَ آلِيَّات تَطْبِيقِهَا بِفَاعِلِيَّة.
 
 _ كَيْفَ يُمْكِنُ تَعْزِيز الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة
 
 الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة لَعِبَتْ دُورًا مُحَوَّريا فِي تَعْزِيزِ الْقِيَمِ وَ الْأَخْلَاقِ فِي الْمُجْتَمَعِ، حَيْثُ إنَّهَا تُؤَثِّرُ عَلَى تُنْشِئُة الأَجْيَال الْقَادِمَة وَغَرَس الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لَدَيْهِمْ. وَتُعْتَبَر الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة فِي هَذَا الْمَجَالِ مِنْ الْأَهَمِّيَّة بِمَكَان، وَذَلِكَ لِمَا لَهَا مِنْ تَأْثِيرِ مُبَاشِرٌ عَلَى سُلُوكِ الطُّلَّاب وَكَيْفِيَّة تَعَامُلِهِمْ مَعَ الْقَضَايَا الْأَخْلَاقِيَّة الْوَاقِعِيَّة. هُنَاك عِدَّةِ طُرُقٍ لِتَعْزِيز الْأَخْلَاق التَّطْبِيقِيَّة فِي الْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة :
 . إدْمَاج تَعْلِيم الْقِيَمِ وَالْأَخْلَاقِ فِي المَنَاهِجِ الدِّرَاسِيَّة : حَيْثُ يَتِمُّ تَضْمِين دُرُوس وَمُقْرِّرَات تَهْدِفُ إِلَى تَعْزِيزِ الْمَفَاهِيم الْأَخْلَاقِيَّة وَالتَّدْرِيب عَلَى تَطْبِيقِهَا فِي مَوَاقِفِ الْحَيَاة الْمُخْتَلِفَة.
 . تَعْزِيز ثَقَافَة النَّزَاهَة وَالصِّدْق الأَكَادِيمِيّ: مِنْ خِلَالِ مُكَافَحَةِ الْغِشِّ وَالِإنْتِحَال الْعِلْمِيُّ، وَتَشْجِيع الطُّلَّاب عَلَى الِإلْتِزَامِ بِالنَّزَاهَة فِي أَعْمَالِهِمْ.
 . مُعَالَجَة الْمُعْضِلَات الْأَخْلَاقِيَّة وَالْقَضَايَا الْحَقِيقِيَّةِ : مِنْ خِلَالِ تَحْلِيل الْحَالَات الدِّرَاسِيَّة وَإِشْرَاك الطًّلابُ فِي مُنَاقَشَةِ التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي يُوَاجِهُونها.
 . تَعْزِيز ثَقَافَة الشُّمُولِيَّة وَالتَّنَوُّع : عَبَّر تَشْجِيع إحْتِرَام الِإخْتِلَافَات وَ تَقَبُّل التَّعَدُّدِيَّة فِي الْمُجْتَمَعِ الْمَدْرَسِيّ.
 . تَشْجِيع التَّعَاوُن وَالْعَمَل الْجَمَاعِيّ : لِغَرْس قَيِّم الْمَسْؤُولِيَّة الْمُشْتَرَكَة وَالتَّضَامُن بَيْنَ الطُّلَّاب.
 . تَوْفِير بِيئَة دَاعِمَة لِلْقَيِّم الْأَخْلَاقِيَّة : مِنْ خِلَالِ نَمْذَّجَة السُّلُوكِيات الْأَخْلَاقِيَّة مِنْ قِبَلِ الْقِيَادَات وَالْمُعَلِّمِين.
 . تَفْعِيلَ دَوْرِ الْحِوَارِ وَالنِّقَاشِ : بِإتِّاحَة الْفُرْصَةُ لِلطُّلَّاب لِلتَّعْبِيرِ عَنْ آرَائِهِمْ وَ قَنٍّاعَاتِهِمْ بِحُرِّيَّة.
 . تَقْدِيمُ التَّوْجِيهِ وَالْإِرْشَاد الْمُسْتَمِرّ : لِتَعْزِيز إلْتِزَام الطُّلَّاب بِالْقِيَمِ وَالْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّة وَتَصْحِيح السُّلُوكِيات غَيْرَ الْمَرْغُوبَة.
 وَبِتَطْبِيق هَذِهِ الِإسْتِرَاتِيجِيَّات وَالْأَسَالِيب، يُمْكِن لِلْمُؤَسَّسَات التَّعْلِيمِيَّة أَنْ تَكُونَ نَمُوذَجًا لِلإِلْتِّزَام بِالْإِخْلَاقِيَّات التَّطْبِيقِيَّة، وَ تُسَاعِدُ فِي إعْدَادِ أَجْيَال مُؤْمِنَة بِالْقِيَم وَقَادِرَةً عَلَى التَّعَامُلِ بِحِكْمَة مَع التَّحَدِّيَات الْأَخْلَاقِيَّة فِي مَسِيرَتُهَا الْمِهَنِيَّة وَ الشَّخْصُيَّة.
 
 _ الْمَعَايِير الَّتِي يَتِمُّ الِإعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي تَحْدِيدِ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة
 
 الْأَخْلَاقَيَّات التَّطْبِيقِيَّة هِيَ فَرْعٌ مِنْ فُرُوعِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تُرَكِّزُ عَلَى تَطْبِيقِ الْمَبَادِئ وَالْمَفَاهِيم الْأَخْلَاقِيَّة فِي الْمَجَالَاتِ وَ الْمَمَارَسَات الْمُخْتَلِفَةِ لِلْحَيَاة الْعَمَلِيَّة. هُنَاك الْعَدِيدِ مِنَ الْمَعَايِير الَّتِي يَتِمُّ الِإعْتِمَادِ عَلَيْهَا فِي تَحْدِيدِ هَذِهِ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة.
 . الْمَعَايِير الدِّينِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّةِ : تُعْتَبَر الْمَرْجِعِيَّات الدِّينِيَّة وَ النَّظَرِيَّات الْفَلْسَفِيَّة الْأَخْلَاقِيَّة، كَالْإِسْلَام وَالمَسِيحِيَّة وَالْبُوذِيَّة وَالْفَلْسَفَات الْأَخْلَاقِيَّة الْغَرْبِيَّة، مَصْدَرًا أَسَاسِيًّا لِتَحْدِيد الْمَبَادِئِ وَالْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّة الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تُشَكِّلُ الْأَسَاس لِوَضْع الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات. فَهَذِه الْمَرْجِعِيَّات تُقَدِّمُ إِطَارًا مَرْجِعِيَّا فَلْسَفِيًّا وَأَخْلَاقِيًّا لِتَقْيِيم السُّلُوك وَالْمَمَارَسَات وَالْقَرَارَات فِي الْوَاقِعِ الْعَمَلِيّ.
 .الْمَعَايِير الْقَانُونِيَّة وَالتَّشْرِيعِيَّة : تَلْعَبُ الْقَوَانِين وَالتَّشْرِيعَات الْوَطَنِيَّة وَالدُّولَيَّة دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَحْدِيدِ الْإِطَار الْعَامّ للأَنِظَمِة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي مَجَالَاتِ مُحَدَّدَة، كَالطِّبّ وَالْبُيُولُوجِيَا وَالْبَحْثُ الْعِلْمِيّ وَالْإِعْلَام وَالتِّجَارَة وَالْمَال وَغَيْرِهَا. فَهَذِه
 الْقَوَانِين وَالتَّشْرِيعَات تُحَدِّد الحُقُوقِ وَالوَاجِبَاتِ وَالْمَسْؤُولِيَّات الْأَخْلَاقِيَّة لِلْأَفْرَاد وَالمُؤَسَّسَات فِي هَذِهِ الْمَجَالَات.
 . الْمَعَايِير الْمِهَنِيَّة وَالتَّنْظِيمِيَّة : تَلْعَبُ الْمُنَظَّمَات وَالْهَيْئَات الْمِهَنِيَّة دُورًا حَيَوِيًّا فِي وَضْعِ مُدَوَّنات أَخْلَاقِيَّة وَآدَاب سُلُوك مِهْنِيَّة تُحَدِّد الْمَعَايِير وَالْقَوَاعِد الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى أَعْضَاءِ الْمِهْنَة الِإلْتِزَامَ بِهَا فِي مُمَارَسَاتهم الْمِهَنِيَّة. وَتُسَاهِم هَذِه الْمُدَوَّنَات فِي تَعْزِيزِ الثِّقَة الْمُجْتَمَعِيَّة بِالمهن وَالْحُفَّاظُ عَلَى مَكَانَتِهَا وَإحْتِرَامِهَا.
 . الْمَعَايِير الْمُجْتَمَعِيَّة وَالثَّقَافِيَّة : تَتَأَثَّر الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة بِالْقِيَمِ وَالْمُعْتَقَدَات وَالتَّقَالِيد وَالْأَعْرَاف السَّائِدَةِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ وَالثَّقَافَات الْمُخْتَلِفَة. فَالسِّيَاق الِإجْتِمَاعِيّ وَ الثَّقَافِيّ يَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَحْدِيدِ مَا هُوَ مَقْبُولٌ أَوْ مَرْفُوض أَخْلَاقِيًّا فِي الْمُمَارَسَات وَالسَّلْوَكَيَّات الْمُخْتَلِفَة.
 . الْمَعَايِير الْعِلْمِيَّة وَ الْبَحْثِيَّة : فِي مَجَالِ الْبَحْثِ الْعِلْمِيِّ وَ التَّطْبِيقَات التِّكْنُولُوجِيَّة، تَلْعَب الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالنَّزَاهَة وَالْمَوْضُوعِيَّة وَالدِّقَّة وَالشَّفَّافِيَّة وَالْمَسْؤُولِيَّة الِإجْتِمَاعِيَّة دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَحْدِيدِ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّةِ الَّتِي تَحْكُمُ هَذِه الْمُمَارَسَات.
 . الْمَعَايِير البِيئِيَّة وَالِإقْتِصَادِيَّة : فِي ظِلِّ التَّحَدِّيَات البِيئِيَّة وَ الِإقْتِصَادِيَّة الْمُعَاصِرَة، تَبْرُز أَهَمِّيَّة الْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة الْمُتَعَلِّقَة بِالْمَسْؤُولِيَّة تُجَاهَ الْبِيئَةِ وَالْمُجْتَمَعِ وَالْأَجِيال الْقَادِمَةِ فِي تَحْدِيدِ الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي مَجَالَاتِ الصِّنَاعَة وَ التِّجَارَة وَالتَّنْمِيَة.
 أَنَّ تَفَاعَلَ هَذِهِ الْمَعَايِيرَ الْمُخْتَلِفَة وَمَدَى تَوَافُقَهَا أَوْ تَعَارُضَهَا يُشْكِل الْإِطَار الْمَرْجِعُيّ الَّذِي يَتِمُّ عَلَى أَسَاسِه تَحْدِيد وَبِنَاء الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات، مَعَ مُرَاعَاةِ الْخُصُوصِيَّات وَالسِّيَاقَات الْمَحَلِّيَّة وَالدُّولَيَّة. كَمَا أَنَّ هُنَاكَ جُهُودًا مُسْتَمِرَّة لِتَطْوِير وَتَحْدِيث هَذِه الأَنْظِمَة الْأَخْلَاقِيَّة لِمُوَاكَبَة التَّطَوُّرَات وَالتَّحْدِيَات الْمُعَاصِرَة.
 
 _ كَيْفَ تُؤَثِّرُ الثَّقَافَة وَالْمُعْتَقَدَات الدِّينِيَّةِ عَلَى النَّظْمِ الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة
 
 النَّظْمِ الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي أَيِّ مُجْتَمَعٍ تَتَأَثَّر بِشَكْلٍ كَبِيرٍ بِالثَّقَافَة وَالْمُعْتَقَدَات الدِّينِيَّة السَّائِدَةِ فِي ذَلِكَ المُجْتَمَعُ. هَذِهِ الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الثَّقَافَة وَالْأَخْلَاقُ هِيَ عَلَاقَةٌ وَطِيدَة وَتَبَادُلِيَّة، حَيْثُ تُشْكِل الثَّقَافَة الْإِطَار الْمَرْجِعُيّ لِلْقَيِّمِ وَالْمَعَايِير الْأَخْلَاقِيَّة, وَبِالْمُقَابِل تُؤَثِّر الْأَخْلَاقِ فِي نَمَطٍ الْحَيَاة الثَّقَافِيَّة وَ تَوَجَّهَاتِهَا. تَعْمَلُ الثَّقَافَة بِمُخْتَلَف مُكَوِّنَاتِهَا - الْمُعْتَقَدَات وَالْقَيِّم وَالْعَادَات وَالتَّقَالِيد - عَلَى تَشْكِيلِ الرُّؤْيَة الْأَخْلَاقِيَّة لِلْأَفْرَاد وَ المُجْتَمَعَات. فَالثَّقَافَة تَوَفُّر الْمَرْجِعِيَّة الْأَسَاسِيَّة لِمَا هُوَ مَقْبُولٌ أَخْلَاقِيًّا وَمَا هُوَ مَرْفُوض. فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، فِي الْمُجْتَمَعَاتِ ذَاتِ الثَّقَافَة الْأُسَرِيَّة الْقَوِيَّة، تَكُون الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَلَاءِ وَالتَّضْحِيَةُ مِنْ أَجْلِ الأُسْرَّة أَكْثَر بُرُوزًا وَأَهَمِّيَّة مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ الْفَرْدِيَّة. كَمَا أَنَّ الْمُعْتَقَدَات الدِّينِيَّة وَالرُّوحِيَّة تَلْعَبُ دَوْرًا مُحَوَّريا فِي تَشْكِيلِ النَّظْم الْأَخْلَاقِيَّة السَّائِدَة، حَيْثُ تُقَدِّم مَرْجِعِيَّة قِيَمِيَّة وَأَخْلَاقِيَّة رَاسِخَة. فِي الْمُجْتَمَعَاتِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، تُشْكِل الْمَبَادِئِ الْأَخْلَاقِيَّةِ لِلْإِسْلَام - كَالْعَدْل وَ الْإِحْسَان وَ الصِّدْقِ وَ الأَمَانَةِ - أَسَاسًا مَتِينًا لِلْقَيِّم وَالسَّلْوَكَيَّات الْأَخْلَاقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ مَنَاحِي الْحَيَاة. بِالْمُقَابِل، تُؤَثِّر الْأَخْلَاقِ أَيْضًا فِي تَشْكِيلِ وَتَطْوِير الثَّقَافَة السَّائِدَة. فَالْقَيِّم وَالْمَبَادِئ الْأَخْلَاقِيَّة تَنْعَكِسُ عَلَى أَنْمَاطٍ السُّلُوك وَالتَّفَاعُلِ الِإجْتِمَاعِيِّ، وَبِالتَّالِي عَلَى طَبِيعَةِ الْحَيَاةِ الثَّقَافِيَّة. فَعِنْدَمَا تُصْبِح الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ كَالنِّزَاهَة وَ الْمَسْؤُولِيَّةُ الِإجْتِمَاعِيَّة جُزْءًا مِنْ الثَّقَافَة السَّائِدَة، فَإِنَّهَا تُؤَثِّرُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى مُؤَسَّسَات الْمُجْتَمَعُ الْمُخْتَلِفَة - السِّيَاسِيَّةِ وَ الِإقْتِصَادِيَّةِ وَ التَّعْلِيمِيَّة - وَتَوَجَّه سَلُوكِيَّاتِهَا وَمُمَارَسَاتِهَا. كَمَا أَنَّ الْأَخْلَاقَ تُؤَثِّرُ عَلَى التُّرَاث الثَّقَافِيّ لِلْمُجْتَمَعِ مِنْ خِلَالِ إنْتَاج الْأَعْمَال الفَنِّيَّة وَالْأَدَبِيَّة وَالْفِكْرِيَّة الَّتِي تَعْكِس الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ السَّائِدَة. إذْن، الْعَلَاقَةِ بَيْنَ الثَّقَافَة وَالْأَخْلَاقُ هِيَ عَلَاقَةٌ تَفَاعُلِيَّة مُسْتَمِرَّة، حَيْث تُشْكِل الثَّقَافَة الْإِطَار الْمَرْجِعُيّ لِلْمَنْظُومَة الْأَخْلَاقِيَّة، بَيْنَمَا تُؤَثِّر الْأَخْلَاقِ فِي تَطْوِيرِ وَتَشْكِيل الثَّقَافَة السَّائِدَة. وَهَذَا التَّفَاعُلِ الْمُسْتَمِرِّ بَيْن الثَّقَافَة وَالْأَخْلَاق يُؤَدِّي إلَى تَكْوِين النَّظْم الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي مُخْتَلَفٍ مَجَالَاتِ الْحَيَاةِ وَلِذَلِكَ، فَإِنَّ فَهْمَ هَذِهِ الْعَلَاقَةِ الْحَيَوِيَّة بَيْن الثَّقَافَة وَالْأَخْلَاق أَمْرٌ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّة لِفَهْم وَتَحْلِيل النَّظْم الْأَخْلَاقِيَّة التَّطْبِيقِيَّة فِي أَيِّ مُجْتَمَعٍ.
 
 _ التَّوْفِيقُ بَيْنَ المَبَادِئِ الأَخْلَاقِيَّةِ الْمُتَعَارِضَة أَحْيَانًا فِي مُوَاجَهَةِ قَضَايَا مُعَيَّنَةٍ
 
 إنْ التَّوْفِيقُ بَيْنَ المَبَادِئِ الأَخْلَاقِيَّةِ الْمُتَعَارِضَة أَحْيَانًا فِي مُوَاجَهَةِ قَضَايَا مُعَيَّنَةٍ هُوَ تَحَدٍّ كَبِير يُوَاجِه فَلَاسِفَة الْأَخْلَاق وَالْمِهَنِيِّين فِي مُخْتَلَفٍ الْمَجَالَات. هُنَاك عِدَّة إعْتِبَارَات وَ أَسَالِيب يُمْكِن إتِّبَاعُهَا لِمُحَاوَلَة التَّوَازُنِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَبَادِئِ الْمُتَضَارِبَة. فِي البَدَأ، يَجِبُ تَحْدِيد المَبَادِئِ الأَخْلَاقِيَّةِ الْمَعْنِيَة بِالْقَضِيَّة الْمَطْرُوحَة بِدِقَّة. هَلْ هُنَاكَ تَعَارَض حَقِيقِيٌّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَبَادِئِ أَمْ مُجَرَّدُ إشْكَالِيَّة فِي التَّطْبِيقِ العَمَلِيِّ؟ قَدْ يَكُونُ التَّعَارُضُ ظَاهِرِيًّا فَقَطْ، وَيُمْكِنُ إِيجَادِ حُلُولٍ مِنْ خِلَالِ فَهْمِ أَعْمَق لِلْمَبَادِئ وَسِيَاقِهَا. وَ يَنْبَغِي تَحْلِيل الْقَضِيَّة بِعُمْق مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهَا وَ الْأثَار الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى كُلِّ خِيَارُ. مَا هِيَ الْمَصَالِح وَ الْحُقُوق الْمُتَضَارِبَة؟ مَا هِيَ النَّتَائِجُ المُتَرَتِّبَةُ عَلَى كُلِّ قَرَار مُمْكِنٌ؟ هَذَا التَّحْلِيلَ الشَّامِل سَيُسَاعِد فِي الْوُصُولِ إلَى قَرَارِ أَكْثَر إنْصَافًا وَ مَسْؤُولِيَّة. ثُمّ قَدْ يَكُونُ مِنْ الضَّرُورِيِّ إيجَاد طُرُق لِلتَّوْفِيقِ بَيْن الْمَبَادِئ الْمُتَعَارِضَة. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، يُمْكِن تَطْبِيقُ مَبْدَأِ الْحَدِّ الْأَدْنَى مِنْ الضَّرَرِ، بِحَيْثُ يَتِمُّ إخْتِيَار الْخِيَارُ الَّذِي يُقَلِّلُ مِنْ الْأضْرَارِ وَ الْأثَار السَّلْبِيَّةُ إلَى أَقْصَى حَدٍّ مُمْكِنٍ. أَوْ إتِّبَاعِ مَبْدَأ الْمَصْلَحَة الْأَعَمّ، وَ اَلَّذِي يَتَطَلَّب تَقْيِيم النَّتَائِج عَلَى نِطَاقٍ أَوْسَع وَ تَحْدِيد الْخِيَار الْأَفْضَل لِلصَّالِح الْعَامّ. فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ قَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ حَلٌّ مِثَالَيْ يُرْضِي جَمِيعُ الْأَطْرَاف الْمُعْنِيَة. فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ، قَدْ يَكُونُ الْأَمْرُ مُتَعَلِّقًا بِالْمُوَازَنَة بَيْن الْمَبَادِئ الْمُتَضَارِبَة وَ التَّوَصُّلُ إلَى حِلِّ وَسْطَ. هَذَا الْأَمْر يَتَطَلَّب قَدْرًا كَبِيرًا مِنْ التَّفَاوُض و الْحِوَار الْبَنَاءِ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ الْمُعْنِيَة. كَمَا يَجِبُ التَّأَكُّدِ مِنْ أَنَّ الْقَرَارَ النِّهَائِيّ يَتَمَاشَى مَعَ الْقَوَانِين وَ الْأَنْظِمَة السَّائِدَةِ. وَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، قَدْ تَكُونُ هُنَاكَ تَشْرِيعَات أَوْ لَوَائِح مُحَدَّدَة تَفْرِضُ قُيُودًا عَلَى الْخِيَارَاتِ الْمُمْكِنَة، وَ بِالتَّالِي يَجِبُ مُرَاعَاةُ ذَلِكَ عِنْدَ مُحَاوَلَةِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْمَبَادِئ الْمُتَعَارِضَةِ. وَ فِي حَالَاتِ الصِّرَاع الْأَخْلَاقِيّ الشَّدِيدَ، قَدْ يَكُونُ مِنْ الضَّرُورِيِّ اللُّجُوءَ إِلَى الْخُبَرَاء وَالمُؤَسَّسَات الْمُخْتَصَّة لِمُسَاعَدَة فِي إتِّخَاذِ الْقَرَار الْأَخْلَاقِيّ الْأَنْسَبُ. عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، اللِّجَان الْأَخْلَاقِيَّة فِي الْمَجَالِ الطِّبِّيّ أَوْ لِجَان الْأَخْلَاقَيَّات فِي مُؤَسَّسَات الْعَمَل. فِي الْخِتَامِ، التَّوْفِيقُ بَيْنَ المَبَادِئِ الأَخْلَاقِيَّةِ الْمُتَعَارِضَة هُو تَحَدٍّ مُعَقَّد وَلَا يُوجَدُ حَلّ سَحْرِي لَهُ. وَلَكِنْ مِنْ خِلَالِ التَّحْلِيلِ المُتَعَمِّق لِلْقَضِيَّة، والْحِوَار الْبَنَاءِ بَيْنَ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ الْمَعْنِيَة، وَ الِإسْتِعَانَة بِالْخَبَرِات الْمُتَخَصِّصَة عِنْدَ الضَّرُورَةِ، يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَى قَرَارَات أَخْلَاقِيَّة مُتَوَازِنَة وَعَادِلَة قَدْرِ الْإِمْكَانِ. هَذَا التَّوَازُنِ الدَّقِيق أَمَرَ بَالِغٌ الْأَهَمِّيَّة لِضَمَان النَّتَائِج الْأَخْلَاقِيَّة الْأَفْضَلُ فِي مُوَاجَهَةِ الْمَوَاقِف الْمُعَقَّدَة.
 
 #حمودة_المعناوي (هاشتاغ)
       
 
 ترجم الموضوع 
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other 
languages
 
 
 
الحوار المتمدن مشروع 
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم 
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. 
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في 
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة 
في دعم هذا المشروع.
 
       
 
 
 
 
			
			كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية 
			على الانترنت؟
    
 
 
 
                        
                            | رأيكم مهم للجميع
                                - شارك في الحوار
                                والتعليق على الموضوع للاطلاع وإضافة
                                التعليقات من خلال
                                الموقع نرجو النقر
                                على - تعليقات الحوار
                                المتمدن -
 |  
                            
                            
                            |  |  | 
                        نسخة  قابلة  للطباعة
  | 
                        ارسل هذا الموضوع الى صديق  | 
                        حفظ - ورد   | 
                        حفظ
  |
                    
                        بحث  |  إضافة إلى المفضلة
                    |  للاتصال بالكاتب-ة عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
 
 | - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءُ الثَّالِثُ- - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الثَّانِي-
 - 
                    
                     
                        
                    البْيُّوإِثِيقَا : -الْجُزْءِ الْأَوَّلِ-
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي فَلْسَفَةِ الِإخْتِلَاف
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : رِهَان الدِّرَاسَات المُسْتَقْبَلِ
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَحَدِّيَات الْعَوْلَمَة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : أَسَاسِيًّات التَّقَدُّمُ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : إنْتِقَادَات مَا بَعْدَ الْحَدَاثَة
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَسَاؤُلَات الْحَدَاثَةِ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق : تَشْكِيلَات الْحَضَارَةُ
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق: الْمَنْظُور الْفَلْسَفِيّ التَّارِي
                        ...
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: رَمَزَيات الْمَيثولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق: جُذُور الْمُعْتَقَدَات السِّحْرِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق : تَجَاوُزَات الْأَيْدُيُولُوجِيَّا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْم وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْغَنُوصِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي الْحِكْمَةِ الْهَرْمُسِيَّة
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ مَبَاحِث الْآكْسِيُّولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ إشْكَالَيْات الْكُوسْمُّولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق فِي سِيَاقِ الثَّيُولُوجْيَا
 - 
                    
                     
                        
                    الْعِلْمُ وَالْأَخْلَاق؛ تَصَوُّرَات الِأنْطولُوجْيَا
 
 
 المزيد.....
 
 
 
 
 - 
                    
                     
                      
                        
                    قرد يهرب في متجر هالوين من مالكته ويتعلق بالسقف.. شاهد ما حد
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    -حضور غير مسبوق-..مصر تكشف عن قائمة الدول المشاركة بحفل افتت
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    مصر.. نجيب ساويرس يرد على سؤال مستخدم عن تبرعه بمليار جنيه ك
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    ترامب ينفي خططًا عسكرية ضد فنزويلا.. ومادورو -يستنجد- بروسيا
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    حزب الله يدعو الحكومة إلى وضع خطة تمكّن الجيش اللبناني من ال
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    بعد سنوات من التأجيل، المتحف المصري الكبير يفتتح أبوابه لزوا
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    إسرائيل.. استقالة المدعية العسكرية إثر تسريب فيدو تعنيف معتق
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    الشرع يهدّد بالتحقيق مع موظفين بالدولة بسبب سياراتهم الفارهة
                        ...
 - 
                    
                     
                      
                        
                    لماذا يتسبب الخريف في جفاف البشرة أكثر من الصيف؟
 - 
                    
                     
                      
                        
                    احتفال في جيبوتي بالذكرى الـ25 لمؤتمر عرتا.. رمز للمصالحة ال
                        ...
 
 
 المزيد.....
 
 - 
                    
                     
                        
                    من تاريخ الفلسفة العربية - الإسلامية
                     / غازي الصوراني
 - 
                    
                     
                        
                    الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
                        ...
                    
                     / فارس كمال نظمي
 - 
                    
                     
                        
                    الآثار العامة للبطالة
                     / حيدر جواد السهلاني
 - 
                    
                     
                        
                    سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي 
                     / محمود محمد رياض عبدالعال
 - 
                    
                     
                        
                    -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
                        ...
                    
                     / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
 - 
                    
                     
                        
                    المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
                     / حسنين آل دايخ
 - 
                    
                     
                        
                    حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
                     / أحمد التاوتي
 - 
                    
                     
                        
                    قتل الأب عند دوستويفسكي
                     / محمود الصباغ
 - 
                    
                     
                        
                    العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
                        ...
                    
                     / محمد احمد الغريب عبدربه
 - 
                    
                     
                        
                    تداولية المسؤولية الأخلاقية
                     / زهير الخويلدي
 
 
 المزيد.....
 
 
 |