أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي إبراهيم آلعكلة - الحكم الأخير














المزيد.....

الحكم الأخير


علي إبراهيم آلعكلة
كاتب

(Ali Ogla)


الحوار المتمدن-العدد: 8302 - 2025 / 4 / 4 - 21:54
المحور: الادب والفن
    


جيء بالرجل مكبلاً بالسلاسل، واقتيد إلى قاعة المحكمة بخطى مثقلة، كأن كل خطوة تقرع أجراس النهاية. وقف أمام القاضي، عينيه غائرتين، وجهه شاحب، وكأن الحياة فيه قد قررت أن تتوارى شيئاً فشيئاً.
كان القاضي مسناً، ذا هيبةٍ يفرضها الصمت قبل الكلمات. حدّق في المتهم طويلاً. القضية وصلت إلى خواتيمها، وكل الأدلة تشير إليه، لكن شيئاً في داخله تردد. لم يكن ارتياباً في الأدلة، بل شعور غامض، كأن قلبه يهمس له: تمهّل.
ثم سأله بصوتٍ متهدّج: – هل أنت حقاً من ارتكب هذه الجريمة؟ الحكم في قضيتك هو الإعدام، لكن... أردت أن أسمعك للمرة الأخيرة.
رفع الرجل رأسه ببطء، وفي عينيه لمعة لم تكن للخوف، بل للراحة، وقال: – سيدي القاضي، وقّع بسرعة. لقد سئمت الحياة، وأنا فعلاً من ارتكب الجريمة.
وقع القاضي، وتم تنفيذ الحكم بعد أشهر، وذهب الرجل إلى مصيره بصمت.
لكن الحياة لا تنتهي عند الأحكام، بل تبدأ أحياناً بعدها.
مرت الشهور، وأُلقي القبض على رجل في جريمة أخرى. وخلال التحقيق، اعترف بجرائم متعددة، بينها جريمة القتل التي أُعدم بسببها الرجل الأول.
توقّف الزمن لدى القاضي حين علم بذلك. ارتجفت يداه، وشحب وجهه. لم يكن السؤال: "لم أخطأت؟" بل: "لماذا اعترف؟ لماذا لم يدافع عن نفسه؟"
بدأ البحث، النبش في الماضي، حتى انكشفت الحقيقة الصادمة: الرجل لم يكن القاتل، بل كان محباً مكسور القلب، أحب امرأة كانت زوجة القتيل، لكنه لم يملك الشجاعة ليبوح، ولم يكن له نصيب فيها يوماً.
وحين علم بمقتل زوجها، حمل ذنبه القديم، مشاعره المكبوتة، وتأنيب ضميره، وتقدّم من تلقاء نفسه إلى الشرطة، مدعياً أنه القاتل. قال إن خلافاً مادياً كان السبب، ليقنعهم. لكن الحقيقة كانت أعمق: أراد أن يُكفّر عن ذنب الخذلان، عن حبٍ ظل حبيس صدره، وعن حياةٍ لم تعد تعنيه.
حين وصلت الحقيقة إلى القاضي، لم يحتمل وطأتها. وفي اليوم التالي، خلع عباءة القضاء، قدّم استقالته، وغادر بهدوء، وهو يهمس في نفسه:
"العدالة لا تُدار بالعقل وحده، بل أيضاً بالرحمة... لكنني وصلت متأخراً."



#علي_إبراهيم_آلعكلة (هاشتاغ)       Ali_Ogla#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لم تقله الأيام
- ورضعنا الحب
- مارد الصمت
- الدنيا فناء والصورة بقاء
- ومات غريباً في غفلة من الزمن
- الحالم الذي لم يشيخ
- الندم لايعيد مامضى
- الأمر سيّان
- ومازال قلبي يُحدثها
- قلب وبحر
- لم يعد أسيراً لليلها
- روح واحدة في امرأتين
- وعانقت الرياح أوراق الشجر
- رشوة في زمن الحب
- معزوفة ابن آوى
- هالة
- هل متنا سابقاً؟
- أنثى في مملكة الصعاليك
- لوحة بلا عنوان
- الحزن عادة ام إختيار؟


المزيد.....




- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي إبراهيم آلعكلة - الحكم الأخير