أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - حكومة المالكي عاجزة عن حل الميليشيات ومهددة بالانهيار















المزيد.....



حكومة المالكي عاجزة عن حل الميليشيات ومهددة بالانهيار


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 1799 - 2007 / 1 / 18 - 11:17
المحور: مقابلات و حوارات
    


حذّر الناشط الحقوقي عبد الحسين شعبان من مغبة انزلاق العراق الى محطات دراماتيكية أكثر خطورة، ولا سيما فيما يتعلق بالعنف الطائفي، عادّاً خطة بوش التي وصفها بـ(الجديدة القديمة) استمراراً للاستراتيجية السابقة. وقال في حديث لـ(الزمان) على هامش مشاركته في مؤتمر بشأن " الحرب الأهلية في العراق"، إن (الولايات المتحدة لا تريد أن تعترف بالفشل ولا تريد أن تتراجع ولا تريد أن تعلن انسحاباً أو جدولة زمنية لهذا الانسحاب من العراق)، لافتاً الى أن الصراع الطائفي يعدّ التحدي الخطير الثاني بعد الاحتلال، وذهب الي أن (الطائفية ربما يكون خطرها أكبر، لأن الاحتلال صائر الى زوال لا محال، في الحال أو في الاستقبال، أما الطائفية فإن خطرها سيتكرس ويترسخ داخل المجتمع، خصوصاً في الانشطار العمودي الذي حدث ما بعد الاحتلال). وفي ما يلي نص الحوار:

• ما هي قراءتك للمشهد العراقي بعد خطاب حال الاتحاد للرئيس الأمريكي جورج بوش، الأسبوع الماضي؟
o العراق يعاني الآن تحديات خطيرة، والاستراتيجية الجديدة أو الاستراتيجية القديمة- الجديدة، هي استمرار للاستراتيجية ذاتها، بتغيير في بعض المفردات والتفاصيل، أما من حيث الجوهر فقد ظلت الاستراتيجية القديمة كما هي، أي مزيد من القمع وزيادة في القوات العسكرية بحدود 20 أو 30 ألفاً، وإتهام دول الجوار بأنها مسؤولة مسؤولية مباشرة وكبيرة.
الأمر الجديد ربما في هذه الاستراتيجية هي استخدام ما يسمي (الضد النوعي)، وهنا التركيز على حكومة المالكي أولاً، إذ عليها تصفية جناح جيش المهدي كما يسمي أي جماعة السيد مقتدي الصدر، بهذا المعني فإن الضد النوعي يقول أن تصفي بعض الأطراف الشيعية أطرافاً شيعية أخرى، وهذا الأمر مطلوب أيضاً سنّياً، إذا جاز التعبير، بمعني أن تصفّي بعض الأطراف السنّية الداخلة في العملية السياسية أطرافاً سنّية أخرى غير داخلة في العملية السياسية أو رافضة لها.
أمراء الطوائف
• أتعني أن إشكاليات الوضع العراقي مرشحة لمزيد من التعقيد؟
o من حيث الجوهر، ظلت الإشكاليات كما هي، العراق يعاني الآن تحديات وإشكاليات عدة، أهمها وأكبرها هو الاحتلال، والولايات المتحدة لا تريد أن تعترف بالفشل ولا تريد أن تتراجع ولا تريد أن تعلن انسحاباً أو جدولة زمنية لهذا الانسحاب من العراق، أما التحدي الخطير أو الإشكال الكبير الثاني فهو الطائفية، وهذه ربما يكون خطرها أكبر، لأن الاحتلال صائر الى زوال لا محال، في الحال أو في الاستقبال، أما الطائفية فإن خطرها سيتكرس ويترسخ داخل المجتمع، خصوصاً في الانشطار العمودي الذي حدث ما بعد الاحتلال.
نعم، كانت هناك قبل الاحتلال مشكلات طائفية وتمييز طائفي وقوانين متخلفة للجنسية، إبتداءً من القانون رقم 42 لسنة 1924 ومروراً بالقانون رقم 43 لسنة 1963 وانتهاء بقرار مجلس قيادة الثورة رقم 666، الذي قضي بتهجير عشرات الآلاف من العراقيين وإسقاط الجنسية عنهم بحجة التبعية الإيرانية المزعومة، لكن هذا شيء كان ما بين الحكومة وبين فئات واسعة من المجتمع العراقي.
أما ما حصل بعد الاحتلال فكان نوعاً من الانشطار أو الانقسام العمودي، ذلك الذي تجلي في مجلس الحكم الانتقالي بصيغة بول بريمر السحرية، عندما عدّ الشيعة أغلبية فأعطاهم 13 مقعداً والسنّة أقلية فأعطاهم 5 مقاعد والأكراد 5 مقاعد ومقعداً واحداً للتركمان ومقعداً واحداً للكلدوآشوريين، بهذا المعنى انشقت السلطة والدولة والمجتمع عمودياً من الوزير الى الخفير، وأصبح هناك نوع من الامتيازات حاول أمراء الطوائف تغذيتها بتكريس الاحتقان والتوتر الطائفيين، حتى تحوّل هذا الأمر الي نوع من أنواع الحرب الأهلية.
هذا الخطر سيبقي قائماً وسيهدد الوحدة الوطنية العراقية ما لم تستعيد البلاد عافيتها بمشروع وطني عابر للطوائف والإثنيات والأعراق والأديان، يعترف في الوقت نفسه بهذه التكوينات على أساس من المساواة والمواطنة الموحدة التامة الكاملة لجميع العراقيين.
والخطر الكبير الثالث الذي يهدد العراق هو الإرهاب المنفلت من عقاله، الذي يستهدف الناس المدنيين الأبرياء العزّل من الفريقين، وعندما أقول من الفريقين وعندما أتحدث عن الطائفية والطائفية السياسية تحديداً والطوائفية المجتمعية، فإنني أتحدث عن الفريقين، ورحم الله عالم الاجتماع الكبير علي الوردي عندما وصف هؤلاء " بأنهم طائفيون بلا دين"، لأن المتدّين الصحيح والمؤمن الحقيقي والمسلم الصادق لا يمكنه أن يكون طائفياً، هو عابر للطوائف عابر للإثنيات عابر للتكوينات المصغرة التقسيمية التجزيئية.
والدولة العراقية عندما تأسست، لم تتأسس على أساس طائفي أو مذهبي، وكانت دولة مدنية إحترمت الأديان وقدّرتها في الدساتير العراقية المختلفة، وإعادة الدولة الى مدنيتها ومكانتها، يعني فيما يعنيه ارتكازها على 3 عناصر رئيسة، العنصر الأول المواطنة الكاملة، العنصر الثاني المساواة التامة، والعنصر الثالث احترام حقوق الإنسان، هذه العناصر أساس وحدة للدولة العراقية مع الاحتفاظ والاحترام لحريات التكوينات المختلفة وحقوقها التاريخية.

الإرهاب والمقاومة
• قلت إن الإرهاب هو الخطر الكبير الثالث، لكن المجتمع العراقي بات منقسماً بشأن توصيف الإرهاب، في ظل خلط الأوراق، حتي بات يتعذّر عليه التمييز بين المقاومة والإرهاب والجريمة المنظمة وعمليات الخطف والقتل والسلب، كيف يمكن تفكيك هذه الارتباكات علي نحو ينتصف للمقاومة ويعرّي الإرهاب؟
o دعني أميّز أولاً بين المقاومة والإرهاب.. إن الشعب الذي تُحتّل أراضيه ولا يقاوم الاحتلال، هو شعب من العبيد إذا جاز الوصف، ووفقاً لجميع الأعراف والشرائع والقوانين والأديان، فإن أي شعب في الدنيا تُحتل أراضيه لا بد أن يقاوم المحتل، والمقاومة لا تعني الإرهاب، ولا تعني القتل العشوائي، بل تعني إرغام قوات الاحتلال على الانسحاب واستعادة السيادة العراقية كاملة غير منقوصة.
الإرهاب هو قيام مجاميع إرهابية لأغراض سياسية أو غير سياسية بالقتل المتعمد لأسباب طائفية أو إثنية أو لأسباب أنانية ضيقة ساديّة إجرامية إقصائية إلغائية على أساس العزل للآخر، للسكان المدنيين الأبرياء العزّل خارج إطار العمليات العسكرية.
هناك فرق بين هذه العمليات الإرهابية وأعمال المقاومة.. الجثث مقطوعة الرؤوس مجهولة الهوية، السيارات المفخخة، القتل العشوائي، القتل على الهوية، التطهير المذهبي والطائفي و(الديني) من قبيل ما أصاب المسيحيين وهو شيء كبير بالمناسبة، تفجير الكنائس، تهجير مئات العوائل من البصرة والموصل، إرغام المسيحيين علي ارتداء زي معين، أرغامهم علي منع بيع الخمور مع أن دينهم يسمح بذلك، إرغامهم علي القيام بطقوس لا يرتضيها دينهم، هذا أيضاً نوع من الإقصاء والإلغاء والإكراه وإملاء الإرادة.
الإرهاب مدان بجميع المعايير أخلاقياً، ودينياً، وسياسياً، وقانونياً، وبالتالي لابدّ من مقاضاة الناس المتهمين بالإرهاب وملاحقتهم وتمييزهم عن القائمين بأعمال المقاومة المشروعة التي يقرّها القانون الدولي بموجب اتفاقيات جنيف لعام 1949 وملحقيها لعام 1977 (بروتوكولي جنيف الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة والثاني الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية) وهذه الاتفاقيات تجيز لأي شعب يتعرض للاحتلال أن يقاومه بجميع الوسائل بما فيها الوسائل المسلحة.

• لكن كيف تفسّر التداخل الذي حصل في العراق بين المقاومة والإرهاب؟
o في جميع الثورات وفي جميع حركات التحرر الوطني أصبح هناك نوع من التداخل بين العمليات الإرهابية وأعمال المقاومة المشروعة، والحالة العراقية ليست استثنائية، ثم أنه بحكم أن أطرافاً من القوى السياسية العراقية تعاونت مع المحتل أصبح هذا الاشتباك الكبير بين هذه القوى السياسية، التي لها تاريخ سياسي وهوية سياسية ومارست عملاً وطنياً في سنوات سابقة، وبين حالة رفض الاحتلال، حصل هذا في الثورة الجزائرية والثورة الفرنسية وفي عمليات المقاومة ضد الاحتلال الألماني لفرنسا وفي عدد من دول أوربا الشرقية التي تعرضت للاحتلال، هناك نوع من التداخل، والحالة العراقية نموذجية بامتياز إذا جاز لي التعبير.
فرقاء العنف
• ما الذي يجعلها نموذجية بامتياز؟
o هناك 5 جهات تمارس العنف في العراق، الجماعة الأولى تتمثل في أتباع النظام السابق الذين تضرروا بزواله، أي أن مصالحهم قد تضررت، بهذا المعني وجد 350 ألف عسكري أنفسهم في الشارع، من دون رواتب وأي حقوق، قسم من هؤلاء تحول الى المقاومة والى العنف، سواء ضد المحتل وفي أحيان أخرى ضد بعض أدوات المحتل مما يستتبع نوعاً من التداخل، قسم كبيرمن ضباط مخابرات وعسكريين سابقين متدربين لديهم خبرات، وفي الوقت نفسه لا يريدون للاحتلال أن يبقي في العراق.
• ومن هي المجموعة الثانية؟
o هي من الذين اتجهوا للدين بطريقة انغلاقية وقسم منهم نأي بنفسه عن سلطة النظام السابق فإتجه الى الدين مستفيداً من الحملة الإيمانية التي أطلقها الرئيس السابق.
• وماذا عن المجموعة الثالثة؟
o هي ممن لا يرتضون تغيير معادلة الدولة العراقية بالقوة.
o المجموعة الرابعة هي خليط من الوطنيين العراقيين من ماركسيين وقوميين عرب وبعثيين واسلاميين ومن تيارات مختلفة.
• بقيت مجموعة خامسة، فمن هي؟
o هي من التكفيريين، الذين قدم قسم منهم من الخارج.
• المليشيات وفرق الموت لكن هناك من يتهم الاحتلال بممارسة العنف أيضاً؟
o نعم، العنف في الأساس يُمارس من جانب الاحتلال، وأول جهة تمارس العنف في العراق ومسؤولة عنه بشكل مباشر هي قوات الاحتلال، بموجب القانون الدولي الإنساني، الجهة الثانية هي الحكومة العراقية كونها حكومة وكونها مسؤولة وبحكم أن قسماً من فرق الموت تشتبك مع قوات وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع أو كليهما معاً في تداخل عجيب وغريب، الفرق المسلحة الأخرى خارج السلطة رسمياً وإن اشتبكت مع السلطة من جيش المهدي الى قوات بدر الي الجهات المسلحة الأخرى تمارس عنفاً نيابة عن السلطة بإسمها أحياناً أو بدونها أحياناً أخرى، لذلك هذه الحالة أنتجت ردود أفعال في الجهة المقابلة أيضاً لممارسة عنف فاشتبك المشهد.
وأعتقد أنها هيأت لاندلاع الحرب الأهلية منذ قرار الأمم المتحدة 1546 الصادر في 8 حزيران 2004 القاضي بـ (نقل السيادة الي العراقيين) هذا كان بدايات الحرب الأهلية الحقيقية التي بدأت في العراق، فبدأ هناك نوع من الاصطدام الكبير وأصبح الأمر ليس فقط بين قوات الاحتلال من جهة والشعب الذي يقاوم الاحتلال من جهة أخرى، وإنما أصبح بين أطراف في العملية السياسية وأطراف خارج العملية السياسية، وهذا الاشتباك كان نوعاً من أنواع الحرب الأهلية.
• وماذا عن التحديات الأخرى؟
o المليشيات، فحكومة المالكي غير قادرة على حل المليشيات، لأنها جاءت بتفاهم معها، ولولا جيش المهدي أو جماعة السيد مقتدي الصدر، الذين عددهم في البرلمان 30 نائباً لما كان المالكي قد وصل الى رئاسة الوزراء، بعد إصرار الولايات المتحدة على عدم التجديد لولاية ثانية للجعفري، على خلفية ملاحظات كانت قد أبديت من جانب الحركة الكردية أو من جانب الدكتور اياد علاوي أو من جانب أطراف سياسية أخرى في جبهة التوافق او في غيرها، لذلك فالمالكي مدين للصوت الواحد الذي جعله يفوز علي الدكتور عادل عبد المهدي، وبهذا المعني ليس لديه قوة لتصفية المليشيات، كما أن قوات وزارتي الداخلية والدفاع هي اتحاد مليشيات، فكيف يستطيع المالكي أن يصفي مليشيات بمليشيات، الأمر غير ممكن، لكن خطة بوش تريده أن يصطدم بمقتدي الصدر، فإن استطاع تصفيته خير على خير، وإن لم يستطع فقد تأتي قوى أخرى تصّفي الاثنين معاً، أو يُطاح بحكومة المالكي، وهناك كلام كثير عن الإتيان بحكومة قوية ربما يكون رئيسها السيد عادل عبد المهدي، أو حكومة تصريف أعمال لعام أو عامين، يُحلّ البرلمان ويعاد تشكيل هذه الحكومة، وربما يُستعان بأطراف دولية كالأمم المتحدة أو غيرها لتمشية الأمور للحيلولة دون الإعلان عن موت المشروع الأمريكي في العراق، وإنما اتخاذه شكلاً آخر جديداً مختلفاً، وقد صرّح وزير الدفاع الأمريكي، بعد 24 ساعة من إعلان خطة بوش، بأنه إن لم ينفّذ المالكي تعهداته لتصفية العنف الطائفي سوف يكون لنا كلام آخر فيما يتعلق بالقوات وفيما يتعلق بتنفيذ بنود الاستراتيجية.

• ما السبيل الأمثل في نظرك لحل المليشيات؟
o مشكلة المليشيات لا يمكن حلها إلاّ بتقوية الدولة، وتقوية الدولة غير ممكنة إلاّ بحل المليشيات، فهناك إذاً معادلة مضطربة متداخلة متناقضة مشتبكة مع بعضها بعضاً، ولا سيما إذا كانت أطراف مؤثرة في الحكومة العراقية هم من المليشيات أو من إمتدادات المليشيات، أو جاءوا بموافقتها أو بدعمها، هذه مشكلة خطيرة وستبقي.
• الفيدرالية وأزمة الهوية ثمة من يُضيف الي لائحة التحديات والمخاطر، قضية الهوية،
كيف تري الي هذا التحدي؟
o العراق الآن يراد له أن يتحول الى مجموعة أقليات، العرب ليسوا أغلبية، وهناك أقلية كردية، وأقلية سنية وأقلية شيعية، وأقلية تركمانية وأقلية مسيحية وأقلية آشورية وأقلية صابئية وأقلية يزيدية وهكذا! هو مجموعة أقليات، ولا وجود للون واحد أو هوية موحدة للعراقيين، لذلك فإن الخطيئة الكبرى التي تتحملها الولايات المتحدة، وأرى أنها كانت نصيحة إسرائيلية، هي حلّ الدولة،، إلغاء المؤسسة العسكرية والأمنية .. مما جعل الناس يتجهون الي الهويات التجزيئية التقسيمية: الدينية، المذهبية، الطائفية، الإثنية، العشائرية، الجهوية، المناطقية والمحلية، هويات مصغرة بل أستطيع أن أقول إنها هويات مجهرية، أي لا ترى بالعين المجردة.
وهذا الخطر ينجم من فكرة صحيحة من حيث الإطار العام، لكنها سيئة جداً من حيث الجوهر والتطبيق، وأعني موضوع الفيدراليات أو الأقاليم كما سُمّي، فالفيدرالية نظام عظيم ومتطور وهناك 43 بالمئة من سكان العالم يُدارون عبر النظام الفيدرالي، وهناك أكثر من 25 بلداً في العالم يطبقون تجربة فيدرالية ناجحة، وللفيدرالية أركان معروفة، وأفقها معروف أيضاً، وخصائصها وقوانينها العامة معروفة، وإن كان هناك تمايز أو فروق أو اختلافات بين فيدرالية وأخرى، من حيث الصلاحيات: صلاحيات السلطة الاتحادية أو صلاحيات الأطراف.
لكن الفيدرالية التي نحن بصددها والتي كُرّست في قانون الأقاليم الذي جري تأجيل تنفيذه 18 شهراً، غريبة عجيبة، ومن هذه الغرائب والعجائب: أولأً،، إذا جري اختلاف بين سلطة الإقليم والسلطة الاتحادية أي المركزية، ستخضع السلطة الاتحادية أو القانون الاتحادي الي القانون الإقليمي المحلي، ثانياً،، إن من حق كل إقليم، وأنت تعرف أنه من حق محافظة واحدة أن تصبح إقليماً، من حق كل إقليم أن يفتح مكاتب في الممثليات والسفارات العراقية في الخارج لمتابعة شؤونه الإنمائية والاجتماعية والثقافية، ثالثاً،، توزيع الثروات.. الثروات الطبيعية غير المستخرجة تكون ملكاً للأقاليم، والثروات الطبيعية المستخرجة مثل النفط حالياً في بعض المناطق، تُدار من السلطة الاتحادية بالتعاون مع سلطة الإقليم، رابعاً،، إذا افترضنا أن طائرة ما تريد أن تطير من مطار السماوة ، إقليم السماوة، نفترض أن السماوة إقليم، عليها أن تأخذ موافقات من إقليم الديوانية على سبيل المثال أو الحلة وبغداد والرمادي حتي تخرج خارج الحدود، لأن الفضاء الجوي هو من حق الإقليم وليس من حق السلطة الاتحادية المركزية، وهذا شيء غريب.
لذلك فإن ما تقدم يسيء الي مفهوم الفيدرالية ويبتذله، والهدف الرئيس هو تعويم سلطة الدولة، أي الإجهاز علي شيء اسمه العراق وإبقاؤه كياناً ضعيفاً عليلاً، موحداً شكلياً لكنه منقسم من الناحية الفعلية، وفقاً للتقسمات التجزيئية المصغرة المجهرية، التي جري الحديث عنها ولاعتبارات تتعلق بالهويات المصغرة التي جرت الإشارة اليها، هذا موضوع خطير وتحدٍّ خطير للدولة العراقية في الحال وفي الاستقبال.
• عيوب قانون الأقاليم وماذا عن إقليم كردستان العراق؟
o الشعب الكردي له خصوصية، له حقوق تاريخية أيضاً، والدولة العراقية اعترفت بهذه الحقوق تاريخياً ولا سيما بعد عام 1958، فدستور 1958 إعترف "بشراكة العرب والأكراد"، ودستور عام 1970 أكد أن "العراق يتكون من قومتين رئيستين هما العرب والأكراد"، قبله بيان 11 آذار أيضأً، ثم صدر قانون الحكم الذاتي عام 1974، وتأسس مجلسان تنفيذي وتشريعي، وكردستان تكاد تكون قد حصلت على نوع من الاستقلال الذاتي بعد حرب الخليج الثانية عام ،1991 عندما سحبت الدولة العراقية قواتها وإداراتها المدنية والإدارية من كردستان ليدير الأكراد شؤونهم بأنفسهم، وحكم الإقليم نفسه بنفسه منذ أواخر 1991 وحتى عام 2003، فضلاً عن وجود لغة وأرض مشتركة وسلطة مشتركة، هذا كله يعطيها نوعاً من الخصوصية.
أما الحديث عن أقاليم جنوبية بحجة وجود مظلومية، فإن المظلومية لا تؤسس كيانات بهذا المعنى، لكن للأسف الشديد أقول إن بعض أمراء الطوائف من الطامعين بالحصول على مواقع والضالعين في عملية التقسيم الوظيفي الطائفي والمذهبي، يريدون لقانون الأقاليم أن يمرّ بهذه الطريقة، أنا لست حتى ضد قانون الأقاليم، لكن أقول لكي يُتخذ قرار مصيري لقيام اتحاد فيدرالي ثابت وراسخ في العراق، فلا بد من توفر 3 عناصر: الأول،، جلاء قوات الاحتلال، أي أن يكون العراق مستقلاً، ثانياً، أن تُعطي فترة زمنية كافية للناس لكي تتعرف علي حقيقة ما يجري، ثالثاً، أن تتم انتخابات شفافة في ظروف سلمية وطبيعية وأن يُتخذ قرار في البرلمان، وعند ذاك يمكن أن نتبع تقسيمات إدارية فيدرالية اتحادية أو لا مركزية أو شكل من أشكال الحكم الذاتي، لكنني أصرّ في الوقت نفسه على بقاء السلطة الاتحادية قائمة وقوية ومتينة وتمسك بثلاث مرافق رئيسة: جيش عراقي موحد يمتد الي جميع أرجاء البلاد، علاقات خارجية دبلوماسية ودولية للدولة العراقية وليس لأقاليم أو كما لاحظنا هناك اتفاقات علي نطاق أكبر من نطاق الدولة أحياناً، يعني كيف لإقليم *(مثل السماوة مثلاً أن يبرم عقدا للنفط مع شركات دولية عملاقة ، في حين أن العراق يكاد يكون صغيراً أمام هذه الشركات، فضلاً عن نقص الخبرة والتراكم) أما القضية الثالثة المركزية التي ينبغي أن تكون بيد الدولة الاتحادية فهي الميزانية العامة للدولة والامور المالية وخصوصاً الخطط الاقتصادية، وما عدا ذلك مثل قضايا التعليم والصحة والادارة المحلية والبيئة والبلديات وغيرها، يمكن أن تكون من اختصاصات الفيدراليات على أساس نظام لا مركزي وتعاون بين الاقاليم والسلطة الاتحادية ؟! *
معوقات المصالحة
• الي أي مدي يمكن لمشروع المصالحة أن يؤثّر سلباً أو إيجاباً في العنف الطائفي؟
o قد يكون المالكي طرح شعارات صحيحة، وبخاصة فيما يتعلق بدعوته للمصالحة الوطنية، وعندما تحدث عن أولويات الأمن، وعندما تحدث عن ضرورة إنهاء أو تطويق العنف الطائفي، لكن هذه شعارات ظلت معلقة في الهواء، وعلي أرض الواقع يجري شيء آخر، مثلاً عندما طرح مشروع المصالحة الوطنية، مَن الذي واجهه؟، واجهه وجود قانون يُسمي قانون اجتثاث البعث، هذه قضية رقم واحد، استثني التكفيريين والصداميين والمرتكبين الى آخره، بمعني من المعاني استثنى مَن يُفترض أن تجري المصالحة معهم، وإلا فالمصالحة مع مَن إذاً، طيب بعض الأطراف في الحكومة تقول إن هؤلاء مرتكبون ومجرمون وتكفيريون وإرهابيون لا نمدّ يدنا اليهم، وبعض أطراف المقاومة أو الجماعات المسلحة تقول إن هؤلاء في الحكومة مجرمون مرتكبون، عملاء جاءوا مع الأجنبي بالدبابة الأمريكية كيف سنتعاون معهم، إذاً بين من ومن تجري المصالحة؟
دعني أحوّل المسألة الى ملعب آخر، ملعب الحكومة العراقية التي لا توجد بينها وبين الأطراف الداخلة في العملية السياسية مصالحة، جبهة التوافق تقول: نحن في الحرب الأهلية، ترى بين من ومن هذه الحرب، بين الأطراف الطائفية أصلاً والتي هي موجودة في العملية السياسية، الحركة الكردية على لسان أحد قادتها وكبار مسؤوليها تقول إننا عند مشارف الحرب الأهلية، الائتلاف الشيعي يقول: هذا نزاع لا يمكن التوقف فيه بيننا وبين الجماعات الإرهابية المسلحة، وهكذا يتوصل المراقب الى شكل من أشكال عدّ كل ما جري الحديث عنه عن المصالحة، لم يكن ليتعدّى القاعات التي جري الحديث فيها، وحتى في القاعات أحياناً هناك اتهامات صارخة بين الأطراف المشتركة في العملية السياسية!
وإذا أراد الجميع أن يحققوا مصالحة لا بد أن تكون اللقاءات بدون أية اشتراطات مسبقة، أولاً، وأن تلغي كل مجموعة اعتراضاتها على المجموعة الأخرى، وتجلس المجموعتان على طاولة للحوار، ربما بتعاون مع آخرين سواء من غير المحسوبين على الطرفين، ليتفقوا ربما مع بعض عقلاء القوم علي تمضبة فترة زمنية لحكومة تكنوقراط أو لحكومة قوية أو لحكومة فيها كفاءات ليست علي أساس طائفي أو مذهبي أو إثني بالتقاسم المعروف، وإنما على أسس عراقية وطنية أخرى، لكن هذا كله لن يتم من دون وضع حد لجدولة الاحتلال، وهذه مسألة مبدئية، وثم يمكن للاتفاقات الأخرى أن تندرج بناء علي تصّورات الفريقين، ولا شك أن هناك في كلا الفريقين صقوراً وهم الغالبية كما يبدو أو هم في الأقل النتوءات البارزة أو المؤثرة، وهناك أيضاً حمائم ربما، ولهذا إذا أريد تحقيق شيء أن يكون هناك مؤتمر وطني عراقي عام يجمع هذه التيارات والألوان المختلفة علي أساس المكون الوطني ومن دون حصص ونسب ومواصفات تقسيمية، ويمكن أن يكون هذا المؤتمر بإشراف الأمم المتحدة أو الجامعة العربية أو بأشراف كليهما، أو بوساطات أخرى عربية وإقليمية، بمشاركة سوريا، بمشاركة إيران بمشاركة تركيا بمشاركة السعودية بمشاركة ما سمي بدول الاعتدال وهي دول مهمة.
الدور العربي
• على ذكر دول الاعتدال، طالبها بوش في خطابه الأخير، بالتعاون، لكن اللافت أن طلبه هذا جاء تحذيرياً تهديدياً، كيف تفسّرون ذلك؟
o يبدو لي أن لغة الرئيس جورج دبليو بوش لا تحسن غير الاستعلاء والتهديد والوعيد، حتى مع أصدقائه يتحدث بهذه الطريقة، وأنا أرى أن الدور العربي مطلوب ومفيد جداً، ولا سيما دول الاعتدال كما سُمّيت، الأردن والمملكة العربية السعودية ومصر، لكن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب دول جوار أخرى، كسوريا وإيران وتركيا بالطبع، لأن لتركيا دوراً مهماً بالمناسبة، هذه الدول يمكن أن تساعد في إيجاد تسوية للوضع العراقي، المشكلة العراقية ليست عراقية وليست فقط بين الولايات المتحدة والعراق، هي مشكلة إقليمية ودولية، لا بد أن تسهم دول الجوار الإقليمي في حل هذه المشكلة.
التحذير الذي قاله بوش، أنا أنظر اليه من زاوية أخرى، من امتداد نار الطائفية السياسية الى الدول المجاورة، قد يكون الأمر لا يستبعد سوريا والمنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية ولا يستبعد تكريس الأمر في لبنان ولا يستبعد امتداده الى فلسطين وهكذا الحال بالنسبة للكويت والبحرين، ولا سيما بعد الانتخابات الأخيرة في البحرين، وهذا الأمر ليس بعيداً عن إيران، أيضاً، ففي داخل إيران احتقانات وتوترات عرقية ولغوية وإثنية وطائفية يجري تسخينها حالياً علي نار هادئة، ارتباطاً بالاستراتيجية الكبرى المتمثلة بالمشروع النووي الإيراني، مع إذكاء نار مشكلات وإشكاليات في الداخل الإيراني.
وهذا الأمر قد يكون له علاقة بالاستراتيجية الأمريكية بعيدة المدى في موضوع ضرب إيران، ومفاعلاتها النووية تحديداً، وبالمناسبة فإن هذه المفاعلات منتشرة وممتدة، وليس من السهولة بمكان ضربها، وقد يطول الأمر، لذلك فإن الولايات المتحدة تريد أن تنجح تجربتها في العراق ولو بالقوة والإكراه والإرغام، بأي شكل من الأشكال، ولو على حساب مئات آلاف جديدة من العراقيين، لكي تنتشل 150 ألف جندي من جنودها المنتشرين في العراق حاليا،ً والذين سيصبحون بعد خطاب بوش 170 ألفاً أو 180 ألفاً، وتسحبهم الي خارج العراق كي لا يصبحوا أسرى للإيرانيين، فيما لو حصلت ضربة عسكرية أمريكية مغامرة لإيران.
لذا أقول ليكن الله في عون العراقيين إذا أن ولاية الرئيس بوش ستنتهي بعد سنتين، وعلينا أن نتصور كيف يمكن أن يكون الأمر لو أن هذه هي الولاية الأولى لبوش وليست الثانية، بمعني أن لديه 6 سنوات وليست سنتين، ولا سيما أن بوش ليس مغامراً فحسب بل هو مقامر من الدرجة الأولى ويجهل كثيراً من حقائق المنطقة وسايكولوجيتها، كيف يمكن أن يكون الأمر وكيف سيتصرف لو كان ما تبقي له في الرئاسة 6 سنوات وليس سنتين؟

المؤتمر الإقليمي

• في خطابه، أيضاً، رحّب بوش بمؤتمر إقليمي عن العراق، وبدا ضمنياً أنه لا يرحب بمؤتمر دولي، وهو ما يشكل توافقاً في الموقف بينه وبين أطراف عراقية نافذة في السلطة الراهنة، عارضت بشدة فكرة المؤتمر الدولي الذي اقترحته أطراف برلمانية عراقية قبل أن يتبناه الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان فرنسا وروسيا وأطراف عربية ودولية أخرى، وقبل أن يصبح مثل هذا المؤتمر أحد أبرز توصيات لجنة بيكر هاملتون، كيف تفسّر عدم ترحيب بوش بهذا المقترح؟
o بوش لا يريد أن يقول إن المشكلة كبيرة في العراق، يريد أن يقول إن الأمر مجرد مصاعب وعقبات وعراقيل تضعها القوى الإرهابية ويمكن القضاء عليها بزيادة القوات وبالمزيد من العنف وبإعطاء امتيازات بعض الأطراف العراقية أو توسيع دائرة امتيازاتها في السلطة مما سيؤدي الى جرّ أوساط واسعة وإبعادها عن العنف في بعض المناطق، وتحدَّثَنا عن نظرية الضد النوعي.. أيضاً، فإن اعترافه بالحاجة الي مؤتمر دولي سيعني أن الولايات المتحدة ستكون طرفاً،، وإن كانت طرفاً كبيراً ومؤثراً،، بين أطراف أخرى، وهذا لا يريده بوش، ولا حتى مؤتمراً إقليمياً موسعاً، وكانت هناك اجتماعات قبل ذلك لدول الجوار العراقي على مستوى وزراء الخارجية 6 دول،+ 2 لكنها كانت اجتماعات أقرب الى أنها روتينية وشكلية واستعراضية أو لتبادل بعض العبارات أحياناً بتخاشن ما بين بعض الأطراف وينتهي الأمر.
ومن جهتها فإن الحكومة العراقية لا تريد هي الأخرى أن تقول إن لديها مشكلة كبيرة، تريد أن تعدّ نفسها حكومة حتى وإن لم تستطع أن تبسط سلطانها على نصف بلدية، هي المنطقة الخضراء، وهذه الحكومة حتي لو أنها كانت منتخبة وجاءت برغبة الناخبين وإرادتهم، فإنها حكومة غير جديرة غير كفء، غير قادرة على تمشية الأمور، لأن وظيفة أية حكومة في الدنيا تندرج في إطار مسألتين رئيستين هما ضبط النظام العام وحفظ الأمن، وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، ولما كانت الحكومة العراقية الحالية لا تستطيع أن تحمي نفسها فكيف سيكون في مقدورها ضبط النظام العام وحفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم؟
المسألة لا تتعلق بكون هذه الحكومة منتخبة أم لا، فيها عناصر وطنية أم لا، لنترك هذا النقاش جانباً، ولنقل إنها حكومة غير جديرة غير كفء، غير مؤهلة، ليس لديها قدرة سياسية على ضبط النظام وحفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم، لذا فإن عليها أن تتحّلى بالشجاعة لتقول: إننا وصلنا الي طريق مسدود ولذلك نقدم استقالتنا جماعياً ونعيد الأمر الي الشعب علّه ينتخب من هو أجدر منا، والأجدر بمعنى من يستطيع ان يفاوض المحتل علي الانسحاب، على وضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال، وعلى ضبط النظام العام وحفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم.

مستقبل الحكومة والبرلمان
• أيعني ذلك تأييدك فكرة حلّ البرلمان الحالي واللجوء الي انتخابات مبكرة؟

o أنا أريد أن أقول إن على الحكومة أن تعترف أولأً ، وجميع العاملين في الحقل السياسي، بفشل العملية السياسية وأنها وصلت الي طريق مسدود، حتى محاولة السيد المالكي، وإن سلّمنا بأنها طيبة وحسنة النية، لكنها وصلت الي طريق مسدود، المصالحة فشلت، خطة أمن بغداد الأولى والثانية والثالثة فشلت، العنف الطائفي استشرى، الطائفية السياسية تكرست، الميليشيات تعيث في الأرض فساداً، الفساد والرشوة انتشرا على نحو شديد، إذأً لماذا هي حكومة، لماذا أنت تعدّها حكومة إن لم تكن قادرة علي أن تحميك وتحمي ممتلكاتك وتضبط النظام العام، لماذا هي حكومة إذاً، وسبق أن قلت، وأكرر، إن وظيفة أية حكومة في الدنيا على مرّ التاريخ هي ضبط النظام وحفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم !؟
• لكن الحكومة، وأطرافاً رئيسة كثيرة فيها، تلقي الكرة في ملاعب خصومها، فتتهم المعارضة بالتآمر والسعي الي انقلاب عسكري، وتتهم المقاومة بأنها انزلقت الي خندق الإرهاب، وبالتالي فإن المعارضين والمقاومين والإرهابيين يسعون الي إفشال العملية السياسية و..؟
o مع ذلك، هي الحكومة، والمسؤولية تقع عليها، ومسؤولية ضبط النظام العام وحفظ الأمن وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم لا تقع علي عاتق المعارضة والمقاومة والجماعات المسلحة والجماعات الإرهابية، تلك مسؤولية الحكومة ووظيفتها، عليها أن تؤدي وظيفتها وتتحمل مسؤوليتها وتنفذ الواجبات المنوطة بها، وبعدها يمكن محاسبة الأطراف الأخرى، وخصوصاً الخارجين عن القانون الذين يقومون بإعمال الإرهاب أو الجريمة المنظمة أو أعمال الخطف والسلب والسرقات وتبديد المال العام الى آخر ما تنطوي لائحة الإرهاب والجريمة المنظمة، أما المقاومة فإن لها الحق في التصدي للاحتلال، بحسب ما يقول القانون الدولي الإنساني، وبحسب ما تقرّه اتفاقيات جنيف والشرائع السماوية أيضاً.
عـام قـاس
• بعد ما تقدم، كيف تري 2007 عراقياً؟
o أرى أنه سيكون عاماً قاسياً، لأننا ابتدأنا به ونحن نتبيّن عقم الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، وابتدأنا به مع موجة عنف طائفي وتطهير تقضم بغداد من الرحمانية الى الدورة وإمتّدت الي مناطق ديالى وخصوصاً القرى الحدودية، ثم إنها لم تكد تنقضي سوى أيام قلائل من 2007، وقد بلغ عدد الضحايا العراقيين 600 الى 700 ضحية،، والاستراتيجية الأمريكية ستزيد من عمليات العنف وربما ردود الأفعال، حتى انهيار حكومة المالكي أو إطاحتها، قد يأتي دراماتيكياً أيضاً، بمعني أنه قد يترك تأثيراته لحمامات دم أخرى أيضاً، ولذلك تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية كبيرة، مسؤولية قانونية ودولية، هي مسؤولة ليس أمام المجتمع الدولي فحسب، بل وأيضاً أمام الشعب الأمريكي، الرأي العام الأمريكي، وخصوصاً بعد أن بلغ عدد القتلى الأمريكان أكثر من 3 آلاف، وعدد الجرحى أكثر من 18 ألفاً، وهم المسجلّون رسمياً كجنود، أما المتعاقدون والمرتزقة والفنيون وغيرهم فإن أعدادهم كبيرة أيضاً، لذلك لا أدري الي أين ستقودنا مقامرة بوش في عام 2007.
• والى أين سيقودنا التعاطي العربي مع الملف العراقي، في حال تم تفعيله، ولا سيما في ظل دعوة حكومة المالكي الي دور عربي مؤثر؟
o بالنسبة للعرب لا يستطيعون فعل شيء من دون إرادة الولايات المتحدة، لسبب بسيط أنها لا تزال تحتل العراق، يمكن أن يكون هناك تعاون عربي- أمريكي، إذا ما أرادت الولايات المتحدة ذلك، حتى لمصلحتها، لتخرج من الورطة والمأزق وتتخلص من هذا الكابوس الذي يقضّ مضاجعها، وتنقذ نفسها من المستنقع العراقي، وإذا أرادت ذلك يمكن أن تتعاون مع دول إقليمية لإيجاد تسوية.
• لكن هناك الآن حتى في أطراف الحكومة العراقية الرئيسة من يطالب بدور عربي مؤثر قوي.
o تبقي هذه مناشدات أو دعوات محدودة على الفعل، من الصعب بمكان تحقيقها من دون موافقة الولايات المتحدة.

النفوذ الإيراني
• حسناً، وكيف تري 2007، بالنسبة للعراق، إيرانياً؟
o أرى أن الأمور ستبقي كما هي حالياً، الدور الإيراني باقٍ، النفوذ الإيراني باقٍ، ربما سيكون بحذر أكثر بسبب الضغط الأمريكي، إذ كلما تصاعد الضغط الأمريكي على إيران وعلى أطراف داخل الحكومة العراقية، ابتعد الدور الإيراني عن أن يأخذ الصفة المباشرة، لكن من حيث الامتداد والنفوذ والأهداف والاستراتيجيات سيبقى كما هو من دون تغيير.
• وكيف تري مستقبل التحالفات السياسية في 2007، ولا سيما أن المجلس الأعلى ودّع عام 2006 وهو يعتزم الانتقال الي (كتلة صلبة) مع الحزب الإسلامي والحزبين الكرديين؟
o جميع التحالفات مهددة بالتفكك، وهي ائتلافات قلقة أصلاً، ذات أهداف محددة، انتخابية، ليس إلا، هناك ما صنع الحداد بين الكتلة الصدرية والمجلس الأعلى، هناك أيضا عُقَد تاريخية بين حزب الدعوة والمجلس الأعلى، وهناك ضغوط أمريكية لدفع كتلة الدعوة،، ونوري المالكي تحديداً،، لتصفية الكتلة الصدرية، وهناك تحفزات من الجانب الآخر وهكذا...، كتلة التوافق هي الأخرى كتلة قلقة، اجتمعت على هدف رئيس هو الحصول على أكبر قدر من المقاعد الانتخابية في مواجهة الائتلاف الطائفي الآخر، أي ائتلاف طائفي مقابل ائتلاف طائفي آخر، وهكذا صُوّر الأمر، أو هكذا تم النظر اليه، والجبهة الوحيدة التي تكاد أن تكون موحدة هي الجبهة الكردستانية، فما يزال التحالف بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني،، برغم ما يجري من نار تحت الرماد،، متماسكاً أو هو الأكثر تماسكاً مقارنة بالتحالفات الأخرى، إذ أن جبهة القائمة العراقية الوطنية تكاد أن تكون قد تفككت، وخصوصاً بعد أن صرّح الدكتور اياد علاوي ضد قانون الأقاليم وذهب أربعة من أعضاء القائمة الذين فازوا بدعمه في الانتخابات، الى التصويت لصالح قانون الأقاليم الذي أثار ضجة، كما أن العديد منهم بدأ يصرّح وكأنه خارج إطار كتلة علاوي الى درجة صرنا لا نعرف من هو مع علاوي، حتى ان علاوي قد لا يكون مع علاوي لأنه بدأ يصرّح خارج كثير من منطلقاته وقناعاته.
• وماذا عن القوى المقاطعة للعملية السياسية؟
o هي الأخرى ضعيفة ومشتتة، التيار القومي الناصري ما يزال ضعيفاً وغير مؤثر وأرى أن جميع الذين لم يدخلوا العملية السياسية يصعب الحديث عند دور كبير له، إن لم يكن دوراً سرياً أو عسكريأ أو مسلحاً،
هيئة علماء المسلمين الى حد غير قليل هي هيئة متماسكة قوية، أطروحتها واضحة، تلقي بعض الاستقطاب، حتى أن بعض العلمانيين،، أعني من غير المتدينين،، بدأ يقترب منها، ومع ذلك تجري محاولات لملاحقة زعيمها الشيخ حارث الضاري أو طلب من دول عربية عدم تسهيل مهماتها أو شيء من هذا القبيل، والجماعات المسلحة ما تزال متناقضة أيضاً، على الرغم من أنه يُفترَض أن الذي يوحدّها هو مقاومة الاحتلال، لكن حتى المقاومة بشكل عام، وإن كانت مشروعة تهدف الى إنهاء الاحتلال، إلا أننا لم نقرأ لها برنامجاً وطنياً ديمقراطياً واعداً يستطيع أن يستقطب الشارع العراقي، لذلك ظلت معزولة وسرية وغامضة أحياناً، واختلطت بعض عملياتها بالإرهاب، أو جرت عمليات لتشويهها ودمغها بالإرهاب، مما يضعف من فاعليتها وتأثيرها.
مع ذلك أرى ان ما قامت به المقاومة شيء كبير أرغمت من خلاله الاحتلال على التفكير بإعادة النظر في استراتيجيته، حتى وإن اتخذ المنهج ذاته في إستراتيجيته السابقة، لكن مجرد اضطرار الاحتلال الى إعادة النظر باستراتيجيته أمر مهم، وكذلك جعل الرأي العام الأمريكي والأوربي والدولي يتحرك ليس فقط للتنديد بالحرب، وإنما ليطالب الولايات المتحدة بالانسحاب من العراق، وفضلاً عن ذلك انكشفت لا أخلاقية المشروع الأمريكي بافتضاح كذبة أسلحة دمار شامل وحجة علاقة العراق بتنظيم القاعدة، والأكثر من ذلك فإن المشروع الأمريكي الذي صوّر أن ربيع الديمقراطية ونعيم الحرية سيسودان ليس في العراق وحده بل في الشرق الأوسط الكبير أو في الشرق الأوسط الجديد، انتهي الي كوابيس وأشباح ونزيف دم ما يزال مستمراً حتي هذه اللحظة.

شعبان في سطور
ولد في مدينة النجف في 21 آذار 1945 لعائلة آل شعبان، وهي عائلة عربية حميرية تعود أصولها القديمة إلى اليمن و هي بطن من حمير القحطانية.أكمل دراسته الإبتدائية والثانوية في مسقط رأسه، وأكمل دراسته الجامعية بجامعة بغداد عام 1967 فيما انهى في تشيكوسلوفاكيا دراسة الماجيستير والدكتوراه(مرشح علوم) في القانون (دكتوراه فلسفة في العلوم القانونية)، واختص بالقانون الدولي. إنخرط في وقت مبكر من حياته في العمل السياسي، وعمل في تنظيمات إتحاد الطلبة منذ أواخر الخمسينات وأصبح فيما بعد أحد أبرز قادته وأمينه العام قبل اضطراره إلى مغادرة العراق إثر صدور أمر بإلقاء القبض عليه...إعتقل مراراً منذ عام 1963 وتغرّب مراراً وانشق عن أحزاب وحركات يسارية عدّة، وانشغل بقضايا حقوق الإنسان وتفرغ لها، وصدرت له مولفات عدّة في القانون وحقوق الإنسان والثقافة.

Azzaman International Newspaper-Issue 2595 -Date 16/1/2007
صحيفة الزمان- العدد رقم 2595 – تاريخ 16/1/2007





#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احتمالات الحرب الاهلية في العراق
- خيارات الرئيس بوش في العراق
- الائتلاف والاختلاف في ستراتيجيات وتاكتيكات المقاومة العربية! ...
- الازمات والنزاعات الاقليمية وأثرها على عملية التغيير والاصلا ...
- عام بريمر العراقي في الميزان
- المحكمة الجنائية الدولية
- هل سيتمكن المالكي من حل المليشيات ؟
- ما بعد العدوان الاسرائيلي
- العراق وتحديات المستقبل
- الطبعة السيستانية لولاية الفقيه
- الائتلاف والاختلاف في ستراتيجيات وتاكتيكات المقاومة العربية
- الدكتورعبدالحسين شعبان دعم امريكا لاسرائيل لايشجع على الثقة ...
- التسامح والاسلام
- حرية التعبير
- بول بريمر العراقي في الميزان
- العاشق الذي يلاحقه الشعر ويبكيه العراق
- العالم العربي ما بعد العدوان الاسرائيلي على لبنان
- هل تستطيع حلّ العقدة العراقية والسورية اللبنانية ؟!! جامعة ا ...
- بيئة العنصرية وكراهية الآخر هل نحن في مواجهة مع الغرب!؟
- مفارقات - الالتباس- الحضاري مسيحيو العراق والاساءة الى النبي ...


المزيد.....




- الحرس الثوري يُهدد بتغيير -العقيدة النووية- في هذه الحالة.. ...
- شاهد كيف تحولت رحلة فلسطينيين لشمال غزة إلى كابوس
- -سرايا القدس- تعلن سيطرتها على مسيرة إسرائيلية من نوع -DGI M ...
- تقرير للمخابرات العسكرية السوفيتية يكشف عن إحباط تمرد للقومي ...
- حرب غزة: لماذا لم يطرأ أي تحسن على الأوضاع الإنسانية للغزيين ...
- كيف تُقرأ زيارة رئيس الوزراء العراقي لواشنطن؟
- الكرملين: الدعم الأمريكي لكييف لن يغير من وضع الجيش الأوكران ...
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...
- بريطانيا توسع قائمة عقوباتها على إيران بإضافة 13 بندا جديدا ...
- بوغدانوف يؤكد لسفيرة إسرائيل ضرورة أن يتحلى الجميع بضبط النف ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الحسين شعبان - حكومة المالكي عاجزة عن حل الميليشيات ومهددة بالانهيار