أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بوش.. من -العجز- إلى ارتقاب -معجزة-!















المزيد.....

بوش.. من -العجز- إلى ارتقاب -معجزة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1795 - 2007 / 1 / 14 - 13:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



بوش.. من "العجز" إلى ارتقاب "معجزة"!

جواد البشيتي

إنَّ من حقِّ الشخص، ولو كان قائدا سياسيا، أن يرفض الاستسلام، والتسليم بفشل جهد يبذله من أجل هدف ما، قبل أن يبذل محاولة أخيرة، تشبه، في وجه عام، محاولة استنبات أجنحة للحمير حتى تطير. والرئيس بوش ليس بمستثنى من الحق في التمتُّع بهذا الحق؛ وطالما رفض ذوو ميِّت يحبُّونه كثيرا الاعتراف بموته قبل دفنه!

الرئيس بوش يستمد قوة، هي "قوة الحماقة"، التي هي العاقبة الحتمية لـ "حماقة القوة"، التي تحلَّى بها، سياسيا، زمنا طويلا، من ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة، ومن زمرته (الجمهورية) التي تؤمِن بأنَّ خسارتها العظمى هي الاستسلام، والتسليم بالفشل، وبأنَّ "عربتها السياسية"، وبما تحمله من مصالح شخصية وفئوية ضيقة، يمكنها وينبغي لها الإفادة من "الضوء البرتقالي (في إشارة المرور)"، الذي يسمح لكَ بالمرور إذا لم تخشَ المجازفة بحياتك.

الرئيس وزمرته تلك ما عادا يكترثان حتى للمصالح الانتخابية والسياسية لحزبهما، الحزب الجمهوري، الذي سيَدْخُل، بعد نحو سنتين من الآن، معترك انتخابات الرئاسة وهو يرى الإدارة الجمهورية للرئيس بوش وكأنها توجِّه الرياح الانتخابية بما تشتهي سفينة المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة.

إنَّ تصدُّعا، ومزيدا من التصدُّع، في وحدة الجمهوريين هما عاقبة من عقبات كثيرة ستتمخَّض عنها "الاستراتيجية (العراقية) الجديدة" لتلك الإدارة، التي في الوقت نفسه، بدت غير مكترثة للكونغرس، الذي بات خاضعا لسيطرة الديمقراطيين، ولتقرير "لجنة بيكر ـ هاملتون"، الذي ادَّعت، كما توقَّعنا من قبل، أنَّها أخذت ببعضٍ من توصياته لذر الرماد في العيون، ولمواطنيها الذين أكدوا، في غالبيتهم، أنَّ خطاب الرئيس بوش، الذي ضمَّنه استراتيجيته الجديدة، لم يكن مُقْنِعا لهم بجدوى الاستمرار في الحرب، ومدِّها بمزيد من الوقود البشري (نحو 21 ألف جندي).

قُلْتُ من قبل أنَّ ذاك التقرير ليس بالخيار الذي يمكن أن يأخذ به الرئيس بوش (مع زمرته تلك) لأنه "راية بيضاء"، دعت اللجنة الرئيس إلى رفعها، فالتقرير إنَّما يوصي الرئيس بوش بحل يقوم، ضمنا، على إقراره بالفشل والهزيمة، ولن يفضي أخذه بتوصياته إلا إلى المجيء بخليفة ديمقراطي للرئيس بوش، الذي توهَّم أنَّ "التاريخ" خاطبه قائلا: أنتَ إنْ نطقتَ مُت، وإنْ سكتَّ مُت، فقُلْها ومُتْ.

ولقد قالها الرئيس بوش إذ أعلن استراتيجيته الجديدة، التي جاءت بما يتَّفق مع توقُّعنا: جديدها غير مفيد، ومفيدها غير جديد.. ولا يأتي بها، ويبتدعها، إلا شخص ما عاد يملك من المصالح والأهداف والدوافع إلا ما يتَّفِق تماما مع واقع تجاوُزِه نقطة أو خط اللاعودة، فالبحر من ورائه وقد أحرق بيديه، أو احترقت، سفنه، وليس لديه من خيار سوى المضي قُدُما في الطريق ذاتها، فإما أن ينتحر مع أعدائه (عليَّ وعلى أعدائي) وإما أن تحنَّ عليه السماء بمعجزة، فطالما ولَّدَ العجزُ إيماناً بالمعجزات!

والعجز يَعْظُم، وتتحوَّل مأساته إلى مهزلة، عندما نرى فاقِد الشيء يحاوِل أن يعطيه بالتعاون مع فاقِدٍ آخر للشيء ذاته، أي عندما نرى بوش الغارِق حتى أُذنيه في المستنقع الفيتنامي في العراق يَطْلُبُ إنقاذا ولو من غارِقٍ آخر هو المالكي وحكومته!

المالكي وعد بوش بأن يطلِّق ثلاثاً مقتدى الصدر مع "جيشه (جيش المهدي)"، و"فِرَق الموت"، وكل جماعة شيعية تقوم إيران عبرها بتهريب نفوذها في العراق.. ووعده، أيضا، بأن يُغيِّر، ويتغيَّر، بما يمكِّنه من النجاح في خطب ود السنة من عرب العراق، على أن تكون الفاتحة هي قطع رأس صدام حسن كما قُطِعَت، فرئيس الوزراء العراقي لا يستطيع التأسيس لحكومة جديدة من النمط "البونابرتي"، تخوض مع إدارة الرئيس بوش حربا لا هوادة فيها على "العدو المشترَك"، في الداخل وفي الخارج، إذا لم يُضَحِّ أولا بصدام حسين، آخر رئيس للعراق.

وقبل، ومن أجل، أن يُظْهِر المالكي "بونابرتيته" الكامنة، لا بد من أن يُرْسِل إليه الرئيس بوش 21 ألف جندي، تقيم غالبيتهم وتعمل في بغداد حيث مسرح "أمُّ المعارك"، وتمد له يد العون والمساعدة وهو ينفصل عن بعض حلفائه القدامى، ويؤسِّس لتحالف جديد مع بعض القوى السنية العربية، التي ينتمي بعضها إلى "بعثيين جدد"، تطهروا من "الصدَّامية"، و"الصدَّاميين".

وتوصُّلا إلى هذه "الغاية النبيلة" لا بأس من "تأليف قلوب" أولئك من السنة العرب عبر رشاوى مالية واقتصادية وسياسية ودستورية وانتخابية، فتنتهي حرب "الراشي والمرتشي والرائش" إلى ترجيح كفَّة "الاعتدال" و"المعتدلين" من شيعة وسنة وأكراد على الكفة الأخرى.. كفَّة "العدو المشترَك"، بقديمه وجديده.

وهذا التعزيز للوجود العسكري للولايات المتحدة في العراق، وفي العاصمة على وجه الخصوص، ينبغي له أن يفضي، أيضا، إلى إنشاء وتطوير قوة عسكرية وأمنية حكومية عراقية جديدة، تنتصر عسكريا مع "المارينز" على هذا "العدو المشترَك"، فلا يحل تشرين الثاني المقبل إلا وكل المحافظات العراقية خاضعة للسيطرة السياسية والعسكرية والأمنية لحكومة المالكي في حلتها "البونابرتية"، التي باعت مقتدى الصدر (وأشباهه) بثلاثين من الفضة بعدما أهدته على طبق من فضة رأس صدام حسين، والتي عرفت كيف تُكْسِب "الخيانة".. خيانتها لبعض من حلفائها القدامى، معنى "الفضيلة".

وعلى هذه الحكومة، أيضا، أن تُثْبِت لإدارة الرئيس بوش أنها أهل لـ "التحدي الكبير".. تحدي تحويل العراق من "جسر" للنفوذ الإيراني إلى "حاجِز" و"برزخ" بينه وبين العراق، وبينه وبين الجوار الإقليمي للعراق انطلاقا من العراق، فهزيمة الولايات المتحدة في العراق ستؤدي، بحسب خطاب بوش، إلى انهيار "الحكومة العراقية المركزية"، أي حكومة المالكي القديمة ـ الجديدة، وتقسيم العراق، وجعله مسرحا لحرب، ولحروب، أهلية، تأتي نيرانها حتى على جواره الإقليمي، وتوسيع وزيادة النفوذ الإيراني، عراقيا وإقليميا، واشتداد ساعد "الإرهاب الدولي"، وجعل أمن واستقرار العالم، والأمن النفطي العالمي، عُرضة لمخاطر لم نعهدها من قبل.

أمَّا الهدف الكامن في هذا التخويف فهو اجتذاب مزيد من التأييد الإقليمي ـ العربي لحكومة المالكي، التي بمعونة الولايات المتحدة، ومن غير شن حرب على إيران أو سورية، مدعوة إلى تحويل حدود العراق مع إيران وسورية إلى سدٍّ منيع في مواجهة مساعيهما ضد الاستراتيجية الجديدة للرئيس بوش، وامتدادها العراقي، وهو الخطة الأمنية الجديدة لحكومة المالكي.

لقد قال بوش للمالكي في استراتيجيته الجديدة: قِفْ معنا، أي مع إدارة الرئيس بوش، ضد النفوذ الإيراني (والسوري) في العراق، وضد منافذه ومجاريه وقنواته وأدواته بين الشيعة من عرب العراق، وقف معنا في سعينا إلى ترجيح كفَّة "الاعتدال" و"المعتدلين" بين السنة من عرب العراق، فنقف معك، عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا، ونأتيك بمزيد من الحلفاء الإقليميين الذين لهم مصلحة حقيقية في جعل العراق حاجِزا في مواجهة نفوذ إيران الشيعية، الفارسية، النووية.

إذا نجح بوش، ونجح المالكي في إنجاح بوش، فإنَّ حاجة الولايات المتحدة إلى إنهاء وجودها العسكري ـ الاستراتيجي في العراق ستنتفي، عندئذٍ، وستشتد الحاجة لديها إلى تنظيم هذا الوجود بما يجعله مشابها لوجودها العسكري ـ الاستراتيجي في ألمانيا واليابان.

أمَّا إذا انتهت الاستراتيجية الجديدة لإدارة الرئيس بوش إلى عاقبتها الحتمية، على ما نعتقد، وهي الفشل الأعظم، والهزيمة العسكرية والسياسية التي لا ريب فيها، فسوف يَصْدُق توقُّعنا وهو أن يُصدِّر الرئيس بوش أزمته العراقية إلى خليفته الديمقراطي، الذي لا يمكنه، إلا إذا فقد عقله، أن يكون العطَّار الذي يحاول أن يصلح ما أفسده الدهر، وأن يقي نفسه، بالتالي، شرَّ رفع الراية البيضاء، التي أبى سلفه، الذي ما عاد لديه من شيء يخسره إذا ما جازف وغامر، أن يرفعها.

هذا الذي توقَّعناه، وما زلنا نتوقَّعه، أيَّده القيادي الديمقراطي البارز جوزيف بايدن إذ قال: "حكومة بوش تسعى فحسب إلى تأجيل إعلان الخسارة في العراق.. الرئيس بوش مقتنع بأنَّ غزو العراق قد فشل؛ ولكنه لا يريد الإقرار بذلك، وسيتْرُك لخليفته في البيت الأبيض مهمة إنزال مروحية في المنطقة الخضراء كتلك التي أُنْزِلت في سايغون"!




#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي
- درءا لنصر يُهْزَم فيه الشعب!
- في الدياليكتيك
- هذه هي -الاستراتيجية الجديدة-!
- المرئي في -المشهد- ومن خلاله!
- موت كله حياة!
- حَظْر الأحزاب الدينية!
- أوْجُه من الفساد!
- حذارِ من -حيلة الهدنة-!
- ملامح -التغيير- كما كشفها غيتس!
- قصة -الروح-!
- ما ينبغي ل -حماس- قوله وفعله!
- -المقارَنة- و-التعريف-
- بعد خطاب عباس!
- قبل خطاب عباس!
- الفيزياء تنضم إلى الفلسفة في تعريف -المادة-
- وللعرب سياسة -الوضوح اللانووي-!
- ما قبل -الخيار الشمشوني-!
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. حديث خرافة وكذب!
- -تقرير- اختصر الطريق إلى جهنم!


المزيد.....




- وسائل إعلام: تفاصيل مقتل طالب سعودي طعنا في الرقبة في بريطان ...
- تشيلي: انتشال جثث عمال قضوا بعد انهيار نفق في أكبر منجم نحاس ...
- صدى -يوم الضمير العالمي- دعما لغزة يتردد في البقاع اللبناني ...
- شهادة مؤثرة: في غزة لجأنا إلى شرب الماء المالح حتى لا يغمى ع ...
- إل باييس: صناديق الموت من السماء مساعدات لغزة تجمّل الجريمة ...
- إيران تؤسس مجلس دفاع وطني بعد حربها الأخيرة مع إسرائيل
- هل يشتعل الصراع بين تركيا والهند في المحيط الهندي؟
- 90 ألفا تظاهروا بأستراليا تعاطفا مع غزة وإسرائيل غاضبة
- ترامب: على إسرائيل أن تطعم الناس في غزة
- إيران تعلن تأسيس -مجلس الدفاع الوطني- لتعزيز قدراتها


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - بوش.. من -العجز- إلى ارتقاب -معجزة-!