أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - سيكولوجية العنف والتبرير الجماعي: لماذا يسوغ المجتمع الإسرائيلي تدمير المدن والمخيمات الفلسطينية؟














المزيد.....

سيكولوجية العنف والتبرير الجماعي: لماذا يسوغ المجتمع الإسرائيلي تدمير المدن والمخيمات الفلسطينية؟


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8245 - 2025 / 2 / 6 - 14:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




‎تشهد غزة والضفة حملة تدمير غير مسبوقة تستهدف المدن والمخيمات الفلسطينية، حيث تقوم إسرائيل بهدمها بلا رقابة أو وازع أخلاقي، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف واستشهاد وإصابة المئات منذ بداية العام. هذا التدمير، الذي يأتي كجزء من جريمة تهجير جديدة وإعادة توطين استيطاني ومحاولة القضاء على المقاومة، يتم تسويغه داخل المجتمع الإسرائيلي دون أي شعور بالندم أو الإدانة. في ظل هذا الواقع، وقتل اكثر من خمسين ألف مدني وجرح 120 الفاً وهدم عشرات آلاف المنازل في غزة ، والآن بدأ دور الضفة ، يبرز سؤال جوهري: ما الذي يدفع مجتمعًا بأكمله إلى تبرير العنف المنهجي ضد المدنيين؟ وهل يمكن اعتبار هذا السلوك علامة على اضطراب جماعي في الوعي والضمير؟

الاستعمار كقاعدة نفسية مدمرة

‎المجتمع الإسرائيلي، بتركيبته الاستعمارية، يتبنى ذهنية الإحلال والسيطرة، وهي نفس الذهنية التي حكمت مشاريع استعمارية سابقة عبر التاريخ. يرى المستوطن الإسرائيلي في الفلسطيني عقبة وجودية يجب إزالتها، تمامًا كما كانت الحال في نماذج استعمارية أخرى مثل جنوب إفريقيا أثناء الأبارتهايد أو الاستعمار الفرنسي للجزائر. هذا النمط من التفكير يؤدي إلى تبرير تدمير المخيمات على أنه "ضرورة" وليس جريمة، مما يخلق بيئة نفسية جماعية متبلدة تجاه معاناة الفلسطينيين.

الإنكار الجماعي والتبرير النفسي للجرائم

‎من أبرز السمات النفسية التي تفسر تقبل المجتمع الإسرائيلي لهذا العنف هو الإنكار الجماعي، حيث يتم طمس الحقائق المؤلمة أو إعادة تفسيرها بطرق تجعل الفاعل يشعر بأنه ضحية لا جَلاد. يتم تصوير القصف العشوائي على أنه "استهداف للإرهاب"، ويتم تجاهل أو تقليل شأن الضحايا المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ، مما يخلق انفصالًا نفسيًا يسمح بارتكاب الفظائع دون وخز ضمير.

التبلد العاطفي وفقدان التعاطف

‎عقود من الصراع جعلت المجتمع الإسرائيلي يطور نوعًا من التبلد العاطفي، حيث أصبح العنف ضد الفلسطينيين مشهدًا مألوفًا ومقبولًا في الحياة اليومية. عندما يصبح الدمار والقتل أحداثًا روتينية، يفقد الأفراد القدرة على التعاطف، ويصبح الاستهتار بآلام الآخرين أمرًا عاديًا. في إسرائيل، يتم التفاعل مع صور الدمار في غزة والمخيمات في الضفة إما بلا مبالاة أو باحتفال صريح، كما تعكسه التصريحات الإعلامية وردود الفعل الشعبية التي تحتفي بالضربات العسكرية.

التفكير الثنائي: "نحن ضدهم"

‎يلعب الاستقطاب الثنائي دورًا محوريًا في تشكيل الوعي الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين، حيث يتم تقسيم العالم إلى "نحن" و"هم"، ويتم تصوير الفلسطينيين على أنهم تهديد وجودي يجب القضاء عليه. هذا النوع من التفكير يحول أي جريمة إلى "إجراء أمني"، مما يسمح بقبول العنف كأمر طبيعي. في هذه الحالة، لا يُنظر إلى تدمير المدن والمخيمات على أنه اعتداء على مدنيين، بل كجزء من "معركة ضرورية" للحفاظ على "أمن الدولة"، حتى لو كان الثمن عشرات الآلاف من النازحين والشهداء.

ازدواجية المعايير: عندما يصبح القاتل ضحية

‎من أبرز الظواهر النفسية في المجتمع الإسرائيلي هو الازدواجية المعرفية، حيث يتم تقديم إسرائيل للعالم على أنها الطرف "المحاصر والمهدد"، رغم كونها القوة العسكرية المسيطرة. هذا الخطاب المزدوج يساعد على نزع الصفة الإنسانية عن الفلسطينيين، ويجعل أي انتقاد للجرائم يُعتبر "هجومًا على إسرائيل"، مما يمنع أي مراجعة ذاتية أو إحساس بالذنب تجاه عمليات القتل والتهجير.

التحيز الجماعي والتجريد من الإنسانية

‎في أي منظومة استعمارية، يتم اللجوء إلى التجريد من الإنسانية كأداة نفسية تتيح تبرير القمع. المجتمع الإسرائيلي تعرض لسنوات من الدعاية التي تصور الفلسطينيين على أنهم "تهديد إرهابي" وليسوا بشرًا عاديين، مما يسهل تقبل أي سياسة قمعية ضدهم. عندما يُنظر إلى مجموعة ما على أنها "أقل شأنًا"، يصبح من السهل تبرير طردها أو تدمير منازلها دون أي إحساس بالذنب.

خاتمة: مجتمع مأزوم أخلاقيًا

‎إن التدمير العشوائي للمخيمات في غزة والضفة ليس مجرد فعل عسكري، بل هو تعبير عن أزمة سيكولوجية جماعية داخل المجتمع الإسرائيلي، حيث أدت عقود من الاستعمار والعنف إلى خلق حالة من اللامبالاة الأخلاقية، والتبرير الجماعي للجرائم، وفقدان القدرة على التعاطف مع الضحايا. إن هذا النمط من التفكير والسلوك ليس مجرد "أيديولوجيا سياسية"، بل هو اضطراب نفسي جماعي يهدد بتحويل المجتمع الإسرائيلي إلى كيان غير قادر على التعايش مع الآخر، ومفتوح دائمًا على تصعيد العنف، مما يجعله في حالة دائمة من العداء والعدوانية.
‎الحل الوحيد للخروج من هذه الحالة هو تفكيك البنية النفسية الاستعمارية، من خلال إنهاء الاحتلال وإعادة تعريف العلاقة مع الفلسطينيين على أساس العدالة والاعتراف بالحقوق الإنسانية، وإلا فإن استمرار هذا النهج لن يؤدي إلا إلى مزيد من الحروب والتدمير والعدوانية .
على العالم ان يتحمل مسؤولياته. ويتصدى لجريمة التهجير الجديدة التي تتجاوز حرية التطهير العرقي كما يقول الحقوقيون على مستوى العالم والأمم المتحدة والتي يقترحها ترامب ويمنحها لنتنياهو والمبنية أصلا على منهجية القتل والتدمير.
على العالم ملقاة مسوؤلية احقاق الحق الفلسطيني وإعلان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ومحاكمة القتلة في امريكا والكيان الاحتلالي وتحديدا محاكمة ترامب ونتنياهو بوصفهما مجرمي حرب، ومحاكمة كل من ساهم ويساهم في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع -ريفييرا الشرق الأوسط-: الأبعاد الاقتصادية والسياسية خ ...
- رقعة الأسياد والبيادق
- ترامب ونتنياهو وترحيل أهل غزة: سيكولوجية المهزومين والمفلسين
- المقاربة الأمريكية الصهيونية في ظل الهدن الحالية: هل تتجه ال ...
- العابرون إلى السراب
- المواطنة بين التخييل السياسي والواقع الكولونيالي: مقاربة نقد ...
- ليلُ الوجودِ وأقمارُ العدم
- العلا
- رحلة بلا مسافات
- حين يصبح التحرير جريمة!
- غير المتوقع: من رماد الدمار إلى أجنحة النصر
- ظاهرة التعميم المعاييري: نقد منهجي وتحليل نظري معمق مع أمثلة ...
- سِفر الوجود
- في سماء الفكر: نصّ فضائي راقٍ
- الموت السريري …أنا الحيلة الكبرى؟
- مدائن في اللازمان
- ‎قراءة متكاملة لاستراتيجية اليمن الإقليمية وتأثيرها على الصر ...
- ‎ مقاربة حول التصعيد في الضفة الغربية ورؤية ترامب لغزة: تناق ...
- صباح الخير
- صرخة الكائن المنهك


المزيد.....




- إسرائيل تعلن شنها غارات -واسعة النطاق- على مواقع عسكرية في إ ...
- الحرس الثوري يعلن استهداف مركز استخبارات إسرائيلي رداً على ا ...
- +++ دخول الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران يومها الرابع++ ...
- إذاعة -يوم القيامة- تبث رسالة جديدة غامضة وسط الصراع الإسرائ ...
- إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلف ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية تصب الزيت على نار الحرب المدمرة بين ...
- الجيش الإسرائيلي يشن هجمات استباقية على منصات صواريخ إيرانية ...
- مستشار خامنئي يهدد بحرمان دول المنطقة من استخدام المنشآت الن ...
- إيران: هذا شرطنا للعودة إلى الدبلوماسية
- هجمات ليلية جديدة.. غارات إسرائيلية وصواريخ إيرانية


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد خليل - سيكولوجية العنف والتبرير الجماعي: لماذا يسوغ المجتمع الإسرائيلي تدمير المدن والمخيمات الفلسطينية؟