أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - الحق في الفهم














المزيد.....

الحق في الفهم


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 8239 - 2025 / 1 / 31 - 22:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحق في الاختيار هو إحدى الإشكاليات التي يعاني منها الفرد المعاصر. يحيلنا ذلك، على إشكالية فلسفية قديمة، سبق أن تناولتها نصوص الفلاسفة الكبار، بدءا من الزمن الفلسفي قبل السقراطي. نعني به بالضبط، فلاسفة الإغريق مثل طاليس وهيروقليطس وأناكسيماندر. كل من هؤلاء الفلاسفة العظام الذين خلفوا بصمتهم الفلسفية في حضارة البشر بعدهم، كان له فهم معين للوجود وأصل الإنسان وحقيقة المعرفة. أي، أن طاليس مثلا، الذي كان يفسر أصل الوجود بالماء، كان يدافع بذلك عن فهمه للوجود، باعتماد جملة من الحجج والبراهين التي يراها قطعية، ولا مجال لدحضها أو الشك في صلاحيتها، حسب فهمه، يعني وفق شروط عصره، وحدود قدرات عقله، بعبارة كانط. كما أن هيروقليطس، عندما يفسر أصل العالم بالنار، وصاحب نظرية التغير والصيرورة، يكون بذلك مدافعا شرسا عن حقه في فهم معين للوجود والكون ككل، حتى وإن كان مختلفا أو مخالفا لفهم طاليس. وأيضا عندما يقدم أناكسيمندر فهمه المميز لأصل الوجود، باعتباره يقوم على أساس ما سماه باللانهائي واللامحدود، المكون من مزيج أضداد كل العناصر. يعني، أنه يفسر أصل العالم، عكس سابقيه بطريقة جديدة في الفهم. أي بتفلسف مختلف. وبالتالي، فهو بذلك يرد على فهم الفلاسفة الذين سبقوه في التفكير الفلسفي، ومنهم طاليس نفسه، أي أستاذه وصاحب نظرية الماء. هكذا، يكون فهم أناكسيمندر لأصل العالم، في سياق نظرية فلسفة الوجود، امتدادا، ومتجاوزا، في نفس الوقت، لفهم أستاذه طاليس ومعاصره هيروقليطس.
من هنا، وبنفس التحليل والرؤية الفلسفية يمكننا الحديث عن الأنساق الفلسفية لفلاسفة كبار آخرين عبر تاريخ الفلسفة، مثل: ديكارت و سبينوزا و هيغل و نيتشه وابن رشد وابن الهيثم، ابن النفيس، الكيندي، وابن طفيل..إلخ.
أليست الفلسفة هنا، بعبارة دولوز المشهورة، في تعريفها العميق: إبداع المفاهيم وليس تشكيل المحتويات، كما فهمها البعض، الشيء الذي سمح للبعض الآخر أن يحكم عليها، في زمن لاحق بانتهاء أجلها، وكأن للفلسفة عمر كالكائن العضوي. أي موت الفلسفة، على غرار موت التاريخ، وموت المؤلف، انتصارا للبنية. أي، لما نعيشه اليوم من زمن التفاهة.
أليس الحق في الفهم هو الحق في الاختيار؟ يعني، الانتصار لحرية الفرد الذي يمكن أن يقود المعارضة الفكرية ضد جماعته الحاكمة بالكذب؟ وعندما نتحدث عن الحق في الفهم والاختيار، يعني الحق في التأويل والتجديد والقراءة، نكون بذلك مشاركين في التأسيس القاعدي الذي ما فتئ ينمو ويكبر، لفكر المحايثة والاختلاف، من أجل التحرر والتجديد والابداع، في سبيل تحقيق التطور الحضاري والرقي بالإنسان، ضد إرث الفكر المُفارق الذي يدعي الشمولية، بمرجعية ثابتة أو مقنعة في جوهرها، لكنه إرث منغمس إلى الحد الأقصى، في الفهم التقليدي لأمور الحياة رغم حجاباته الملفتة والعصرية في شكلها.
إن مسألة الحق في الفهم، الذي هو الوجه الآخر للحق في محبة الحياة والجمال والإنسان، تروم إنزال النظر العقلي للإنسان العملي إلى مستواه الطبيعي، حيث كان منشأه الأصلي. يعني، التداول الفلسفي على مستوى ما هو معيشي في المجتمع الحي، بعيدا عن الفهم الميتافيزيقي الذي لا يمكننا أن ندعي هنا أنه أزّم، وجنا على الفلسفة، بقدر ما يمكننا القول، أنه ثبتها في مكانها، بل حكم عليها بالعطالة والموت المؤجل، كما زعم ذلك أعداءها. وهو طبعا حكم لفهم معين أريد به الشر للفلسفة. لأنه يفكر من خارج محبة المعرفة والعلم وطبيعة الأشياء.



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة ضد مكر التقنية
- مدرسة الريادة بالمغرب، أفقا للتفكير
- سدي فارس.. ذلك الوجع في زمن النسيان
- التجربة التشكيلية عند الفنان المغربي عبد الكبير ربيع
- عن السياسة التعليمية بالمغرب
- انتفاضة الأساتذة بالمغرب
- الكانطيات 2
- كانطيات : كانط ومحكمة العقل (1)
- فلسفة الإنفصال ضد سلطة الاتصال (نسق التعليم نموذجا)
- مسألة الملك والأخلاق والكتابة عند عبد الرحمن بن خلدون
- الفلسفة ضد حراس الميتافيزيقا
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم (2)
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم
- سعيد ناشيد: محنة الفكر المضاد في المغرب
- الفلسفة والحق في العيش المشترك
- كورونا كمنعطف للتفكير الفلسفي
- رهان العلاقة بين التربوي والإداري في المغرب
- الإرتقاء بالفعل القرائي عند المتعلم في السلك الإبتدائي
- نيتشه راقصا على جليد جثامين المدينة
- سوس ماسة في القرن التاسع عشر من خلال كتاب: أخبار ابراهيم الم ...


المزيد.....




- ترامب: إيران لا تربح الحرب مع إسرائيل وعليها إبرام اتفاق قبل ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو لتدميره مقاتلات إيرانية في مطار ...
- -إيرباص- تفتتح معرض باريس بصفقة ضخمة مع السعودية
- معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران: من نسبة 3.67 في المئة إلى ...
- ترسانة إيران الصاروخية: أي منها لم يدخل بعد في المواجهة مع إ ...
- بينهم رضيع.. مقتل 48 فلسطينيًا في قصف إسرائيلي جديد شمال غزة ...
- ترامب في تهديد مُبطّن: على إيران التفاوض قبل فوات الأوان
- العمل لساعات طويلة -يغير من بنية الدماغ-.. فما آثار ذلك؟
- بمسدسات مائية..إسبان يحتجون على -غزو- السياح!
- ألمانياـ فريق الأزمات الحكومي يناقش إجلاء الألمان من إسرائيل ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد بقوح - الحق في الفهم