أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد بقوح - سدي فارس.. ذلك الوجع في زمن النسيان














المزيد.....

سدي فارس.. ذلك الوجع في زمن النسيان


محمد بقوح

الحوار المتمدن-العدد: 7992 - 2024 / 5 / 29 - 02:47
المحور: سيرة ذاتية
    


ما تبقى من "سدي فارس" هو شموخه الصامد في وجه أناقة الشارع الطويل.. أقنعة ملفتة.. من قبيل محطة الوقود.. والمقهى والمطعم.. وكثير من حفريات لعنة معارك الزمن الراهن.
وأنا قادم من الشارع الأنيق، الرابط بين ملتقى تاسيلا شمالا، وملتقى بلدية الدشيرة الجهادية جنوبا، شعرت كما لو دخلت في صلب ذاكرتي الطرية، أو اقتربت من فضاء ميغناطيسي جذبني إليه بقوة. بدأت اردد جهرا، وبطريقة شعرية فيها الكثير من الإيقاع، الدعاء المشهور لدى جماعة الدوار، حين يمشون، بصيغة صرخة موحدة، متجهين إلى "سدي فارس"، لأداء صلاة العيد (ص. ع. الفطر مثلا)، وكنت طفلا محشوا فيهم وضمنهم مختارا. توقفت بالسيارة فجأة، مقابل مكان ضريح "سدي فارس" الذي وصفته لي أمي ذات يوم، بالعالم المبجل المتجول. بدأت أنظر، وادقق نظري هل بالفعل هو مكانه الذي عرفته ام أخطأت، بسبب هرمي، في خضم التغير العمراني الكبير الذي طرأ في محيطه. مرت لحظات كنت فيها كالمخمور، أو المرفوع عن فيزياء العالم، وصلني من داخلي صوت، أو اشتعل في عقلي ضوء، يشير إلي بالنزول من آلة السيارة، فنزلت. وقطعت الشارع الواسع عرضا، متجها نحو مكان "سدي فارس"، كما لو كان لي معه موعد مهم. وجدته في حال تراجيدي قل ما يوصف به: مهملا، عاريا، مشوها، ومكانا شبه مهجور. خراب في خراب. ليس من شيم الأخلاق نسيان الأمكنة الرمزية في حياة اية جماعة. لكن، حصل ذلك بالنسبة لهذا الرمز الدشيري العظيم. كانت بوابة الضريح مقفلة بقفل عادي. وكأن المنع بات عنوان الحضور التاريخي. تذكرت "سدي فارس" كجزء من ذاكرتي الطفولية.. او لنقل، كواجهة مرجعية للطقس الديني بالدشيرة في زمنها البدوي العريق، قبل جهادها الحالي بانفجارها المتمدن الذي حولها إلى مدينة كل الممكنات، حتى على مستوى طمس رموز الذاكرة الجمعية لساكنة الدشيرة الأصيلة.. تذكرت، في الامس البعيد، حضوري الرمزي، رفقة جماعة دوارنا وأنا طفل يكتشف، في فضاء "سدي الفارس" الواسع، سواء داخل غرفة الضريح المزين بأقمشة روحية، أو خارج جدرانه البيضاء الطلاء، حيث كنت أقف مصطافا شاهدا مع الآخرين، بعد صلاة كل عيد، على جانب مغربي من أخلاق ساكنة الدوار، بتضامنهم المادي والمعنوي مع شخص فقيه الدوار الغني عن التعريف، على حصير من الخزف التقليدي..
واخيرا، وليس آخرا، لماذا يجد البعض لذته في اغتيال الإرث الرمزي، في الوقت الذي يفترض أن توجه سهام الحرب إلى سماسرة الرموز..؟
هو سؤال نطرحه بصوت "سدي فارس" المدوي في وجه الطغاة، و الذي لا أعرف عنه، شخصيا سوى أنه رمز وليس مجرد مكان، وجزء من ذاكرة الدشيرة الثقافية، مثله مثل باقي رموز أهل المنطقة، كملعب فانا الرائع.. و ظاهرة بوجلود الدهشة.. و إيقاعات الروايس أو إزنزارن عبد الهادي.. الشامخة.. إلخ ؟!



#محمد_بقوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجربة التشكيلية عند الفنان المغربي عبد الكبير ربيع
- عن السياسة التعليمية بالمغرب
- انتفاضة الأساتذة بالمغرب
- الكانطيات 2
- كانطيات : كانط ومحكمة العقل (1)
- فلسفة الإنفصال ضد سلطة الاتصال (نسق التعليم نموذجا)
- مسألة الملك والأخلاق والكتابة عند عبد الرحمن بن خلدون
- الفلسفة ضد حراس الميتافيزيقا
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم (2)
- الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم
- سعيد ناشيد: محنة الفكر المضاد في المغرب
- الفلسفة والحق في العيش المشترك
- كورونا كمنعطف للتفكير الفلسفي
- رهان العلاقة بين التربوي والإداري في المغرب
- الإرتقاء بالفعل القرائي عند المتعلم في السلك الإبتدائي
- نيتشه راقصا على جليد جثامين المدينة
- سوس ماسة في القرن التاسع عشر من خلال كتاب: أخبار ابراهيم الم ...
- كورونيات (9)
- كورونيات (8)
- كورونيات (7)


المزيد.....




- ضابط روسي: تحرير -أوليانوفكا- ساهم بانهيار خط دفاع أوكراني ب ...
- تصريح غريب ومريب لماكرون عن سبب عدم فرنسا من مشاركة إسرائيل ...
- طهران للوسطاء: لا تهدئة قبل استكمال الرد الإيراني على إسرائي ...
- فيديو.. الأمن الإيراني يطارد -شاحنة تابعة للموساد-
- إسرائيل تقلص قواتها في غزة لأقل من النصف.. ما علاقة إيران؟
- إسرائيل.. ارتفاع عدد القتلى بعد انتشال جثتين من تحت الأنقاض ...
- -منتدى الأعضاء السبعة-.. متى وكيف قررت إسرائيل ضرب إيران؟
- فيديو.. قتلى ومصابون في هجوم إيراني جديد على إسرائيل
- فيديو.. صاروخان إيرانيان يشعلان النار بمحطة طاقة في حيفا
- تقرير -مخيف- عن الدول التسع المسلحة نوويا.. ماذا يحدث؟


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد بقوح - سدي فارس.. ذلك الوجع في زمن النسيان