أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - صراخ باحميد وصمت الجبناء للقاص عبد النور إدريس














المزيد.....

صراخ باحميد وصمت الجبناء للقاص عبد النور إدريس


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 8237 - 2025 / 1 / 29 - 21:37
المحور: الادب والفن
    


صراخ باحميد وصمت الجبناء
الحلقة رقم3
قصص قصيرة للقاص: ادريس عبد النور

1. لقاء على عتبات الضوء

في زاوية أحد "الباركينات" المفتوحة، حيث تلتقي أضواء السيارات المتراقصة مع صدى المدينة المتثاقل، جلس باحميد في سيارته الصغيرة، كعادته، يثبت هاتفه على حامل بلاستيكي، ويبدأ بثه المسائي-الليلي. بوجه مكفهر، وعينين موقدتين، راح يصرخ كعادته:
— "لا لإضافات المتابعة! لا للمجاملات الرقمية! إما أن تتابعني لأنك مقتنع، أو لا تفعل أبدًا!"
كان صوته يقطع الهواء مثل نصل حاد، يقتحم التيارات الرقمية كما لو أنه يثور ضد نظام أزلي غير مرئي. جاءه التعليق الأول سريعًا: "خفف علينا يا باحميد، نحن هنا للمتعة، لا للفلسفة!" لكن باحميد لا يهتم، فهو مقتنع أن الصراخ هو أسلوب حياة، وأن منصات التواصل ليست سوى امتداد لحناجرنا المكبوتة ولعقولنا المهشمة.
على بعد أمتار، عند إحدى طاولات مقهى أمستردام، كان يجلس نوري 19، أستاذ الفلسفة، يتابع بث باحميد وهو يحتسي قهوته ببطء. رفع حاجبه قليلًا، ثم أرسل تعليقًا مستفزًا: "باحميد، أليس انسحابك من المنصة بلا صراخ أشبه بميتافيزيقا الجبناء؟"

2. جدل في الهواء الطلق

لم تمضِ سوى ثوانٍ حتى انفجر باحميد في وجه الكاميرا، كمن تلقى تحديًا وجوديًا:
— "نوري 19! هل تعتقد أن الصراخ ليس فلسفة؟! أنا لا أنسحب؟ لا لا، أنا أقاوم!"
نقر نوري على زر الانضمام للحديث، فظهر وجهه الهادئ، بنظارته المستديرة ولمعان عينيه المتقدتين، وقال بصوت متزن:
— "باحميد، أليس الانسحاب من الضجيج نوعًا من التعبير؟ أليس الصمت شكلًا من أشكال الاحتجاج أيضًا؟"

ضحك باحميد ساخرًا، ثم هز رأسه وقال:
— "الصمت؟ الاحتجاج الصامت؟ تلك رومانسية الجبناء! الحياة ضوضاء، وإن لم تصرخ فأنت غير موجود!"

ابتسم نوري وقال:
— "أنت تقر بأن منصة تيك توك صورة مصغرة للحياة، أليس كذلك؟"
— "نعم، بكل تأكيد!"
— "إذن، إذا كانت الحياة متنوعة، فلماذا تحصرها في الصراخ؟ أليس من حق الآخرين أن يعبروا بأساليبهم؟ ألا يحتوي نظام التفاهة على المنسحبين مع الضجيج"
توقف باحميد لحظة، نظر إلى عدد المشاهدين الذين بدأ يزداد، ثم قال بصوت خافت، لكنه محتد:
— "يا نوري، أليس فيلسوفك نيتشه هو من قال إن الحياة إرادة قوة؟!"
— "بلى، لكنه لم يقل إن القوة هي الصراخ فقط! القوة قد تكون في القدرة على الصمت أيضًا، في معرفة متى تتحدث ومتى تسكت!"
صمت باحميد للحظة، لكنه لم يستطع أن يستسلم، فقال:
— "نوري، تيك توك ليس مكانًا للحكمة، إنه مكان للصراخ، للضجيج، للحياة بكل جنونها!"
رد نوري بابتسامة هادئة:
— "إذن، يا صديقي، نحن متفقان في النهاية… تيك توك، مثله مثل الحياة، يتسع للصراخ والصمت معًا!"

3. النهاية بلا نهاية

انتهى البث، لكن الفكرة لم تنتهِ… جلس نوري يتأمل شاشة هاتفه، ثم أغلق التطبيق بتروٍّ. في الجهة المقابلة، أطفأ باحميد المحرك، لكنه لم يقاوم الرغبة في إعادة البث مجددًا. فالحياة، كما يراها، ليست سوى سلسلة من الصرخات المتكررة، حتى يُسمع صوتك… أو يبتلعك الصمت.



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغامرات باحميد وصراخ التكتوك للقاص عبد النور إدريس
- مغامرات BH ومنصة التكتوك للقاص عبد النور إدريس
- قصيدة - الأناني - للشاعر عبد النور إدريس
- قصيدة -زوبعة المشاعر- عبد النور إدريس
- قصيدة: أَخافُ عَلَيْكِ شعر:عبد النور إدريس
- قصيدة -أغار عليكِ- شعر عبد النور إدريس
- قصيدة غناء النجوم شعر عبد النور إدريس
- قصيدة -دهشة المطر- شعرعبد النور إدريس
- قصيدة الرقص عند الفجر شعر عبد النور إدريس
- قصيدة: الشاعر الفينيكس شعر عبد النور إدريس
- قصيدة:هَمس الطين شعر عبد النور إدريس
- قصيدة : أميرة البنفسج شعر عبد النور إدريس
- قصيدة خريطة التاج شعر عبد النور إدريس
- قصيدة:أحرف تهجٍّ للبدء المقدس شعر عبد النور إدريس
- قصيدة تراتيل صوفية ،شعر عبد النور إدريس
- فِلِيسُ... امرأةٌ بنت الطين شعر عبد النور إدريس
- قصيدة مسرودة الفجر
- قصيدة اختيار شعر عبد النور إدريس
- قصيدة يوم مولد طفل آذار
- قصيدة مثل قهوة الصباح شعر عبد النور إدريس


المزيد.....




- من هارلم إلى غزة.. مالكوم إكس حي في كلمات إبرام كيندي
- -دعوة من فضلكم-... محبون للسينما يطلبون الحصول على تذاكر مجا ...
- -حياتي في خطر-.. فنانة تركية من أصول إسرائيلية تستنجد بأردوغ ...
- مسابقة -يوروفيجن- - النمسا تتربع على عرش الموسيقى الأوروبية ...
- الشاعر ريزنيك: -إنترفيجن- ستتفوق على -يوروفيجن- من حيث التنظ ...
- افتتاح الدورة 28 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة
- حين تصفق السينما للنجم.. -فرسان ألتو- تكريم لروبرت دي نيرو ...
- وفاة مغني الراب الفرنسي من أصل كاميروني ويرنوا عن 31 عاما
- مصر تحقق إنجازا غير مسبوق وتتفوق على 150 دولة في مهرجان كان ...
- ذكرى -السترونية-.. كيف يطارد شبح ديكتاتور وحشي باراغواي ومزا ...


المزيد.....

- اقنعة / خيرالله قاسم المالكي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - صراخ باحميد وصمت الجبناء للقاص عبد النور إدريس